الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشخصية الفلسطينية المعاصرة -٧

سليم النجار

2024 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الشخصية الفلسطينية المعاصرة "٧"
هل العقل السياسي الفلسطيني قلق؟

سليم النجار

سيظل ضياع فلسطين بعدا ماثلا وشرطا أسياسيا في الوعي العربي والفلسطيني الذي ما زال يبحث عن ولادة نقدية، بعيدا عن التبريرات المتطفلة على الوعي.

فالقول أن العقل ينزع بطبيعة تكوينه نحو البحث عن كل أنواع المعرفة الإنسانية، وهو من أجل ذلك يتجول في كل من مجالات المعرفة، وهو في هذا النشاط يضم ويجمع ويربط فما بينهم في وحدة عضوية واحدة بحيث لا يفصل عضو عن عضو آخر إلا بالقضاء عليه.

والسؤال إذن:
هل العقل السياسي الفلسطيني قام بهذا الدور؟ أو بصياغة أخرى هل خضع هذا العقل لمنهجية اقتناص شذرات العقل العربي السياسي الذي تناول قضية ضياع فلسطين؟ على سبيل المثال معظم من كتب في هذا الشأن ركز على ثلاث مفاصل أولا: انهيار الأمبرطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، والذي استثمرته أيدي المستعمرين الإنجليز والفرنسيين الذين باعوه إلى الحركة الصهيونية، ثانيا: والبعد الآخر من الكتاب ذهب إلى أبعد من ذلك وكتب أن قرونا طويلة من التخلف والاستبداد والتبعية والاستلاب كانت كافية لاضعاف الحضارة العربية، الأمر الذي أدى لنمو فكر الانغلاق على الذات٠ ثالثا: كان هناك اصرار عجيب من بعض الكتاب على التمسك الأعمى بمقولة استحضار التراث على عجل لمواجهة الكارثة التي حلت في فلسطين.

هذه المفاصل الثلاث دعت العقل السياسي الفلسطيني لفكرة الأستنهاض الفاعل لعله يستفيد من حلول ودروس مما حصل في فلسطين.
ووقع ضحية التصور المطلق لهذه المفاصل، تاركاً العقل السياسي الفلسطيني أسير التقليد والتعبية، ولم يجري أي محاولة جدّية على مخاطبة هذه المفاصل الثلاث٠
والسؤال إذن:
ماذا كان المطلوب من هذا العقل؟
فإذا كان الجواب الركون لعقلية الإتهام والتخوين للعرب فليس ثمة مشكلة، وإما إذا كان كان الجواب انه لايمكن الانفصال عن العقل العربي فثمة إشكالية كامنة في هذه الرؤية.

من أبرز شروط استنهاض الفاعل للعقل السياسي الفلسطيني الإستفادة من الجانب الإيجابي للتراث النضالي الفلسطيني الذي بدأت بوادره في ثورة ١٩٢٢ ضد "الانتداب البريطاني"، بدلاً من التغني بهذه الثورة، وتحويل أهدافها إلى سهم موجه ضد المحيط العربي، إن اثبات مقولة العرب اجهضوا نموا وطنياً قومياً عربياً فلسطينياً، يشكل مدخلا غير علمي بالغ الأهمية لاعادة تحليل التطور التاريخي للشعب العربي الفلسطيني، ووضع الحركة الوطنية الفلسطينية في موقعها غير الصحيح، كإحدى حلقات العجز النضالي الفلسطيني في مرحلته المعاصرة في مواجهة الإستعمار البريطاني، الأمر الذي أفقد مصداقية مقولة أن العرب وحدهم يتحملون مسؤولية ضياع فلسطين.

إذا كان في إمكان العقل السياسي الفلسطيني اقتناص المطلق فما هي طبيعة الذي يكونّه العقل في هذه الحالة.
إن المطلق في هذه الحالة، إمّا أن يكون شيئًا وإما أن يكون جوهرًا، وفي الحالتين نقع في تناقض صوري، أي تناقض غير مشروع لأن المطلق بحكم تعريفه هو بلا حدود، ومن ثم فهو بلا تعريف٠
وإذا كان هذا التصور المطلق يوقعنا في تناقض صوري غير مشروع فعل يحق لنا استبدال هذا التناقض الصوري بالتناقض الديالكيتكي، أي القول بأن ثمة علاقة ديالكتيكية بين المطلق من حيث هو لا محدد، والمطلق من حيث هو محدد أي المطلق والنسبي٠
والسؤال إذن :
كيف يمكن. تصور هذه العلاقة الديالكتيكية للعقل السياسي الفلسطيني؟
ومن الرؤى الاشكالية للعقل السياسي الفلسطيني ما كتبه الشهيد خالد الحسن عشية انشقاق مجموعة من كوادر فتح عن الحركة وسمى كتابه "حمار وطني" يرد فيه على هذا الانشقاق وتحديدا ابوصالح عضو اللجنة المركزية الذي كان معروف في اوساط فتح انه من تيار اليسار الفتحاوي، الحسن تناول الجانب الأخلاقي للإنشقاق، ولم يتناول الجانب الفكري المشوهه لهذه الجماعة، التي تعتقد توهماً أن الأيديولوجيا تصلح أن تكون طريقاً للتغيير كما زعموا، وعزز هذه الرؤية العرجاء كاتب مثل عبد القادر ياسين الذي صنف هذا الانشقاق، على إنه يمثل طبقة الفقراء، وتعامل مع هذه الحالة كالترزي -الخياط- الذي فصّل الماركسية على مقاس الإنشقاق، وصنف الشعب الفلسطيني إلى طبقات، طبقة اغنياء وطبقة متوسطة، وطبقة أخرى للفقراء، ووقع في جهل مدقع، وعدم فهم للجغرافيا والتاريخ، فالشعب الفلسطيني الذي عاش ومازال حالة الشتات، لايمكن عمل قياس ماركسي له، وغاب عنه أن الفلسطيني يعيش أزمة هوية وإزدواجية، فالفلسطيني الذي يعيش في الأردن، يعاني تاريخياً من إشكالية الهوية وإلتباسها، وبينما الفلسطيني في سوريا يعاني من أزمة الأنتماء، هل هو عربي فلسطيني؟ أم الأولوية للهوية الوطنية! أما الفلسطيني في لبنان له أزمة خانقة نتيجة الظروف غير الإنسانية التي فرضتها السلطات اللبنانية التي تتعامل معه بإزدراء تصل لدرجة وصفه"بالحيوان"، وفلسطيني الخليج العربي لهم أولويات مختلفة على الرغم أن فئة منهم تمردت على البحبوبة المؤقتة واسسوا حركة فتح، وغني عن الذكر أن فلسطيني الغرب تشكل وعيهم متأثرين بالتطور العلمي والفكري الغربي، كل هذه العوامل الموضوعية جعلت أن هناك أكثر من شخصية للفلسطيني، وهذا ما اغفله معظم من تناولوا ظاهرة الإنشقاق.

في ختام هذه الملاحظات لتحديد إشكالية العقل السياسي الفلسطيني القلق، نشدد على الرؤية لنطور هذا العقل في أن حقق الاستقلال السياسي الفلسطيني، ونجح في إنقاذ الهوية الوطنية الفلسطينية بعيدًا عن التجاذبات العربية والأقليمية والدولية٠
نستطيع الوثوق بالزمن، ونستطيع أن نثق بأنفسنا، فنحن نتعلم ببطء، ونضحي بالكثير لنحصل على القليل، لكن نتعلم ونتقدم، والدليل أننا بدأنا ما كان نستعد له منذ النكبة، هو معرفة من هم هؤلاء الأعداء، ولعل مصدر قلق العقل السياسي الفلسطيني، هو حصولنا على القليل أمام التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني ومازال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ثلاثة قتلى إثر أعمال شغب في جنوب موريتانيا • فرانس 24


.. الجزائر: مرشحون للرئاسة يشكون من عراقيل لجمع التوقيعات




.. إيطاليا تصادر طائرتين مسيرتين صنعتهما الصين في الطريق إلى لي


.. تعازي الرئيس تبون لملك المغرب: هل تعيد الدفء إلى العلاقات بي




.. إيران .. العين على إسرائيل من جبهة لبنان.|#غرفة_الأخبار