الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة لويس الرابع عشر العربية !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كَرَّس الاستبداد السياسي العربي وحليفه الرئيس الاستبداد الديني "هندسة" خاصة بدولة الحاضر العربية، تبدو في تطبيقاتها كما لو أنها منبثقة من نهج ملك فرنسا لويس الرابع عشر في الحكم. يُعرف هذا الملك أيضًا بإسم لويس العظيم، أو ملك الشمس. فَرَض الطاعة على كل من حوله من وزراء ومسؤولين، وأعلن أنه مصدر السلطة الوحيد. وعبَّر عن نهجه، بقولته الشهيرة "أنا الدولة والدولة أنا". عندما يُذكر اسمه فإنه لا بد يستحضر أطول فترة حكم فرد في التاريخ، إذ استمر حكمه لفرنسا 72 سنة و110 أيام، بدأت في 14 أيار 1643 واستمرت حتى وفاته سنة 1715.
دولة لويس الرابع عشر العربية في القرن الحادي والعشرين، دليل قاطع على إخفاق الوعي الجمعي العربي بالإرتقاء إلى مستوىً يؤهله لبناء الدولة المدنية الحديثة بمعايير العصر وتحولاته المتسارعة. ودليل ذلك الأدل، اختزال الدولة العربية بالحاكم وعائلته. فالإنتماء والولاء للحاكم، وليس للدولة. وعليه، فإن نقد نهج أيٍّ من نُسَخ لويس الرابع عشر العربية، في القرن 21 حتى لو كان اخفاقه وتبعيته الذليلة أوضح من أن يحتاجا إلى بيان وتبيين، يضع "مُقارفه" في خانة أعداء الوطن المتربصين المندسين المتآمرين!
فهل هناك اخفاق مريع أكثر من ارتفاع نسب الفقر والبطالة إلى نسَبٍ تكاد تكون الأعلى في العالم؟! وماذا نسمي تفشي الفساد في مفاصل الدولة، والتخلف العلمي والتقني، وتقهقر مستوى التعليم، والتبعية الذليلة، والسيادة المزورة بوجود القواعد الأجنبية، ناهيك بالتخاذل أمام العدو التاريخي للأمة؟!
النَّفْس الاستبدادية السلطوية تنطوي على بواعث الانحراف عن ضوابط الإدارة المؤسساتية، والتنكب لقواعد دولة القانون. ويتفاقم خطر هذا النهج أكثر وأكثر، في مجتمعات لم ينضج معنى الدولة بمفهومه الحديث في وعيها الجمعي. وبوجود المنافقين والإمَّعات وتَكَثُّر الرويبضات حول الحاكم يضعونه فوق مستوى البشر، يتهيأ له أنه فريد عصره وهبة السماء للأرض. وعلى جري عادة التسلط والاستبداد، تسطو السلطات على الدين وتحيله إلى مطية للطغيان وتلوي أذرعة نصوصه لتنطق بما يناسب السياسات الرسمية.
مقصود القول، في دولة لويس الرابع عشر بنسخها العربية، ينيخ الحكم السلطوي المطلق بكلكله على الصدور، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة بطبيعي أمرها. وعندما تطغى السلطة المطلقة ويعم الفساد، فالظلم تحصيل حاصل لا محالة. هنا، نستحضر القالة التاريخية لابن خلدون:"سياسة الظلم تؤدي إلى خراب العمران وفساد الدولة وزوال المُلْك". في ظل تضافر اثار الحكم المطلق والفساد والظلم، الدستور مُعطَّل، والقوانين مُفصَّلة على مقاس أهواء النخب الحاكمة ومصالحها. الأفق الفكري والمعرفي مُغلق، والعملية التعليمية المعرفية في تَمَحُّلٍ وتَصَحُّر. الحريات غائبة، وكلمة الحق مكلفة. السلطة والثروة بأيدٍ قليلة، يتصدرها الحاكم وعائلته. وهناك نُخب مهيمنة على اقتصاد الدولة، لا تنسى "معلوم" أهل الحكم والحاشية من الأرباح والشراكة في الأسهم بأساليب ملتوية وبالسلبطة غالبًا.
ولا بد أيضًا من "نخبة اعلامية"، مهمتها التسبيح بحمد سياسات النهج المهيمن وتلميعها والدفاع عنها. ويتقدم على هذه المهمة، التشهير بذوي الرأي المختلف الناقدين والمعارضين والتشنيع عليهم.
لا يعقل استمرار تربة الواقع العربي عصية على استنبات بذور الديمقراطية، وكأن الاستبداد والحكم المطلق والسلطوية ثالوث استطيب الإقامة في بلداننا أكثر من أي مكان على سطح الأرض!
ولا ندري والحالة هذه، ما الأخطر على دولة الحاضر العربية، نهج لويس الرابع عشر أم الإضاءة النقدية على اخفاقاته وسقطاته ومعالم فشله ووصوله إلى طريق مسدود؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر بين روسيا وإسرائيل يتصاعد.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتي


.. إيران تؤكد أنها ستدعم حزب الله في حال تعرضه لهجوم إسرائيلي




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لسوق بحي الزيتون


.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف خلية في مخيم نور شمس بطولكرم أ




.. الدفاع الروسية تعلن استهداف 5 مقاتلات أوكرانية بصواريخ إسكند