الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الطائفية

نزار عبدالله

2006 / 12 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لاشك ان للطائفية المذهبية جذورها في عمق التأريخ العراقي وبخاصة اثناء الصراع بين الامبراطورية الفارسية الصفوية (التي كانت تتبنى المذهب الشيعي الاسلامي) وبين الامبراطورية العثمانية (التي كانت تتبنى المذهب السني الاسلامي)، هذا الصراع الاقليمي الذي اتسم في الغالب بطابع مذهبي كان يدور رحاه في اغلب الاحوال في الاراضي العراقية.
ولكن ذلك يتعلق بالتأريخ الغابر..
ففي تأريخ العراق المعاصر لم تلعب الطائفية المذهبية والسياسية دورا يذكر في رسم الاحداث السياسية، ومرد ذلك الاسباب التالية:
1/ عقب انهيار النظام الاقطاعي وتفككه وبدء عملية التحول المجتمع العراقي الى مجتمع رأسمالي حديث رافق ذلك انحسار وتراجع الحركات السياسية الدينية سواء كانت شيعية او سنية او غيرها. ولم يشهد العراق المعاصر دورا لتلك الحركات الا عقب سقوط النظام الملكي وتأسيس النظام الجمهوري ومن ثم بدء العد التنازلي لدور الحركات القومية والوطنية واليسارية.
2/ هيمنة القوى اليسارية والشيوعية التي تحدت الاحتلال البريطاني الجديد للعراق على الشارع العراقي، وكذلك هيمنة القوى القومية العروبية التي تصلبت عودها بخاصة مع بدء الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.
3/ تحول المجتمع العراقي المتخلف الاقطاعي الى المجتمع المدني المعاصر الرأسمالي وتشكل المدن الحديثة وتحسن مستوى التعليم وفتح الجامعات و..... غيرها من الانجازات السياسية والاقتصادية والمدنية التي قلصت بشكل كبير من دور رجال الدين في الامور المدنية والسياسية.
4- ضعف وانسحار التدخل الامبريالي في العراق والشرق الاوسط وعدم تمكنها من اللعب بالاوراق الطائفية والمذهبية والعرقية كوسيلة للتمييز والتفرقة وفرض السيطرة والهيمنة.
5....
الا ان صعود وهيمنة الطائفية والعنف السياسي الطائفي في شكلها الحالي البغيض في العراق يمكن فهمها كالآتي:
1/ افلاس الحركة القومية العروبية وسقوطها التام من الناحية السياسية والفكرية والاجتماعية المتمثلة في العراق بالحركة البعثية، فلم يكن البعث الا رمزا من الرموز البارزة في نشأة وتطور وصعود وهبوط النزعة القومية العروبية وافلاسها. هذه الحركة التي لم تتمكن من ادارة المجتمع العراقي الحديث وتقديم وصفة لعلاج الازمة الاقتصادية العميقة التي بدأت تنخر جسده منذ اواسط السبعينات وبعدها. ومع اشهار افلاس تلك الحركة وبدء الحرب العراقية- الايرانية اعتمدت على الدين الاسلامي كسلاح للتضليل والخداع والهيمنة من ناحية وكوسيلة لمحاربة ايران ومايسمى بالصفوية من ناحية اخرى.
2/ تراجع وانحسار الحركة اليسارية والشيوعية وبخاصة بعد ان تلقى ضربات موجعة منذ سنة 1963 وافلاس الحزب الشيوعي العراقي وضعف البدائل اليسارية والشيوعية الاخرى لتحل محله.
3/ زيادة التدخل الايراني في العراق بعد تأسيس الجمهورية الاسلامية في ايران وتقديم دعم ومساندة للحركات الدينية والشيعية بالتحديد.

ولكن رغم هذا الاطار الانف الذكر والارضية السياسية والاجتماعية التي تحدثنا عنه فان ظهور الطائفية وهيمنتها على الشارع العراقي ازدادت بعد حرب الكويت وفرض الحصار الاقتصادي ومن ثم قمع الانتفاضة الشعبية في الجنوب سنة 1991. كما ان الطائفية رافقت الحرب والاحتلال الامريكي للعراق، ان امريكا ارادت منذ البدء اللعب بالاوراق الطائفية والمذهبية ضد النظام البعثي اولا وكوسيلة للهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعب العراقي بعد احتلاله ولاطالة امده ثانياً. ان تطبيق سياسة فرق تسد والتنسيق والتحالف الامريكي الايراني الفعلي سواء قبل الحرب او بعدها لعبت دورا رئيسيا في اذكاء نار الطائفية واشتعالها. كما ان اعتماد اسلوب المحاصصة الطائفية والمذهبية في تأسيس الدولة العراقية في مرحلة مابعد الاحتلال وتحويل العراق الى ساحة للارهاب الاسلامي الجهادي والتغاضي عن الدور الايراني الخطير ومن ثم دور سوريا والسعودية والاردن فيما يتعلق بتعزيز مايسمى بالمقاومة الاسلامية السنية وغيرها صب الزيت على النار الطائفي في العراق.
في خضم هذه الظروف فان الوحش الطائفي قد ترعرع بفضل التدخل الامريكي والايراني والاقليمي وهو طليق يحصد يوميا ارواح المئات من ابناء الشعب العراقي ويشرب من دمائهم، لقد جعلوا من الطائفية الها جديدا فرضوا على الشعب العراقي عبادته وهو يشرب من غليل ضحاياه ليستمر في كينونته.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -