الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثروة النفطية في العراق ملك صرف الغرباء

مهران موشيخ
كاتب و باحث

(Muhran Muhran Dr.)

2024 / 6 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الثروة النفطية في العراق ملك صرف
الغرباء



ان بروزموضوعة النفط مجددا في هذه الايام الى واجهة الاعلام له دوافع وابعاد سياسية يقف ورائها الاجانب، مالكي السلطة السياسية والاقتصادية على النفط العراقي. انهم اؤلئك الذين احكموا السيطرة على الثروات الموجودة في باطن الارض من نفط وغاز، انهم اؤلئك الذين فازوا مسابقات عقود النفط ، انهم اؤلئك الذين احكموا السيطرة على جغرافية العراق برا وبحرا وجوا بكل علنية منذ2003 . اما وزراء النفط العراقيين و رؤساء الحكومات المتعاقبة فدورهم يقتصر في احسن الاحوال، على تنفيذ املائات رؤسائهم الاجانب
للدخول في تفاصيل مسالة الثروة النفطية وتحليل مفردانها لمعرفة اتجاه البوصلة السياسية للثروة" الهايدروكاربونية" العراقية علينا ان نربط بين ميناء العقبة وثنائية المالكي والشهرستاني ابان حكم الاخير والغزو الامريكي ـ "الاسرائيلي"ـ البريطاني في العراق. من هذا المنطلق تحديدا سابدا في تفكيك رموزالمشروع الستراتيجي لاحتلال العراق بالبعدين الاقتصادي والعسكري لمعرفة مكمن المصلحة الستراتيجية للمحتلين والعلاقة الجدلية لمصالحهم في العراق مع مصالحهم في دول المشرق العربي
ان الدراسة والبحث في هذا الشان يتطلب بالضرورة الى الرجوع بالذاكرة الى الوراء والوقوف عند المحطات الرئيسية للاحداث السياسية في العراق خلال 50 سنة الاخيرة . ونظرا لطول وتشعب مفاصل الثروة النفطية واقترانها بالهيمنة الامريكية و حلفائها على العراق ساضطرالى استعراض وجهة نطري في الامورباقتضاب، مكتفيا احيانا بذكرعناوين او اشارة لتصريح ما دون الدخول في شرح التفاصيل التي اعتقد ان القارئ يدركها جيدا

اولاـ قرار الاجتياح الامريكي مع حليفتيها الستراتيجية "اسرائيل وبريطانيا" لم يتخذ عشية اذار 2003 ولا قبلها بسنوات وانما قبلها بعدة عقود. قبل لقاء اربيل عام 1985 كانت هناك لقائات ثنائية بين قادة المعارضة السنية والشيعية والعلمانية عربا و اكرادا مع الادارة الامريكية في واشنطن . معنى ذلك ان الادارة الامريكية بشقيها الجمهوري والديمقراطي كانتا قد اتخذتا قراراستملاك العراق في بداية ثمانينات القرن الماضي، اي مع بدء الحرب العراقية الايرانية. انا اميل الى الاعتقاد من ان هذه الحرب المجنونة كانت صناعة امريكية لاضعاف قدرات العراق العسكرية والاقتصادية والبشرية تمهيد لسهولة احتلاله باقل الخسائر البشرية اثناء الغزو والاحتلال. وما دفع صدام لاجتياح الكويت الا استمرار لاضعاف قدرات العراق في مقاومة جيوش الحلفاء عند الغزو العسكري المخطط للعراق. كان على الادارة الامريكية و حلفائها ان تقوم بطبخ هذه الوجبة الستراتيجية الثمينة على نار هادئة جدا

ثانيا ـ ان توقيت احتلال العراق في هذه الفنرة ( عام 2003 ) تحديدا جاء بعيد سيناريو 11 سبتمبر الذي مهد الراى العام العالمي لتقبل فكرة غزو العراق وخاصة بعد الفراغ السياسي الذي نتج على خلفية تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار منظومة دول الاشتراكية وبروزمنظومة القطب الواحد

ثالثا ـ ان التكلفة البشرية الهائلة (اكثر من اربعة الاف قتيل و عشرة الاف جريح و معوق ) ومئات المليارات من الدولارات لم تخيف الادارة الامريكية ولا حليفتها اسرائيل وانكلترا من الغوص في هذا المشروع العسكري والسياسي والاقتصادي المتكامل والمربح، حيث سيتم جني الثمارمن اول يوم السقوط وبدء الاحتلال الى ما لا نهاية من سنين القرن الحالي

رابعا ـ الهدف العسكري للمخطط كان تعزيزوتكريس التواجد العسكري الامريكي وحلفائها في المنطقة استكمالا لقواعدها العسكرية المتواجدة في جميع دول الخليج العربي، طبعا لتضييق الخناق على روسيا من الجهة الغربية وجنوب الغرب لحدودها، ناهيك عن سهولة التدخل المخابراتي في شؤون ايران من الاراضي العراقية

ان الاحتلال والسيطرة العسكرية على العراق برا وبحرا و جوا خطط لان يصبح العراق بمثابة جدارامني آمن لحدود اسرائيل من الشرق . وعموما ليس بجديد من ان العراق كان ولا يزال يمثل الحلقة الرئيسية في صراع امريكا مع روسيا في منطقة الشرق الاوسط

البعد الاقتصادي مشروع احتلال العراق كان له محورين. المحور الاول يتمثل في احكام السيطرة على ثروات البلاد النفطية والغازية المكتشفة والمنتجة، وكذلك الاستحواذ على الحقول (النفطية والغازية) التي لا تزال لم تكتشف، علما ان عدد الرقع الجيولوجية والحقول الواعدة في كامل مساحة العراق الجغرافية ( بضمنها المياه الاقليمية) كبيرجدا. هذه الحقول تحتضن في اعماقها مكامن نفطية وغازية ونفطوـ غازية باحتياطيات يفوق على ما نمتلكه من احتياطي مؤكد حاليا، اذ يمكن التكهن بدون تردد من ان حجم احتياطي الهايدروكاربونات في باطن الارض هوبحجم ضعف الاحتياط المؤكد حاليا ، اي قرابة 250 مليار برميل

المحور الثاني للبعد الاقتصادي في مشروع الاحتلال هومد خط سكة حديدية للبضائع تمتد من بصرة الى الحدود التركية للسيطرة على تجارة النقل السريع للبضائع من اوربا الى دول الخليج وفي نفس الوقت نقل النفط والغازالقادم من قطر والكويت مضافا لهم نفط وغازالعراق الى تركيا و منها الى اوربا، بسرعة فائقة ليلا ونهارا وبتكلفة زهيدة دون اية مخاوف محتملة من
ظهورمشاكل سياسية او ضريبية كالتي حدثت بين اوكرانيا و روسيا قبل اندلاع الحرب بينهما

بعد هذا العرض السريع لخلفية الاحتلال الامريكي ساتوقف عند النقطة الرئيسية في هذه المقالة والمتعلقة بموضوعة امدادات النفط والغاز العراقي الى ميناء العقبة

النفط والغاز الاحفوري يشكلان مع بعضهما مصدرين مهمين رئيسيين للطاقة ( 65% من مجمل الطاقة المنتجة في العالم ) وفي التسلسل الثاني ياتي الفحم الحجري ( 10% الى 15% ) الى جانب المصادر المتجددة للطاقة منها الريحية والمائية والشمسية ( 10% الى 15% ) واخيرا المنشئات
النووية لانتاج الطاقة الكهربائية

هناك قناعة تامة عند جميع الخبراء والمؤسسات المعنية بالطاقة من ان حاجة العالم للنفط
والغازالاحفوري سيستمر الى عقود طوال كمصدر رئيسي لانتاج الطاقة الى 50 ـ 60 ـ 70 % في 50 سنة القادمة. انا اعيد هنا ذكر ما سبق لي وان نشرته قبل 15 سنة من ان على العراق عدم السعي في بيع اكبر كمية ممكنة باسرع وقت بدون حسابات مستقبلية، لانه مهما كان سعر النفط اليوم، فهو في كل الاحوال اغلى من الامس وارخص من يوم غد لان النفط والغاز لم يقتصر اهميتهما في الاستعمال في المجال الصناعي وتغطية حاجة البشرية في حياته اليومية فقط وانما ، اصبحتا سلاح سياسي فتاك لا يقدر بثمن . علينا الا ننسى القلق العالمي التي اجتاحت اغلبية دول العالم في القارات الخمس بسبب ازمة تصدير القمح الاوكراني بعيد شن روسيا الحرب عليها . تري ماذا سيكون الامر لو عانت قارة اوربا من ازمة تزويدها بالنفط والغازالاحفوري

دور النفط و الغاز في الخصومة العسكرية بين روسيا و اوكرانيا
وعلاقتها بخط بصرة ـ ميناء العقبة

في نهاية العقد الاول من القرن الحالي تأزمت العلاقات السياسية بين روسيا واوكرانيا، حيث
ادعت اوكرانيا بان روسيا ترفض دفع مستحقات اوكرانيا من رسوم ضريبة الترانزيت للنفط والغاز الروسي العابر من اوكرانيا وصولا الى دول الاتحاد الاوربي، وهددت اوكرانيا بغلق الانبوب اذا لم تدفع روسيا المبالغ المتراكمة عليها. بعد انتهاء المهلة لم تستلم اوكرانيا استحقاقاتها المالية، ونفذت تحذيراتها وقامت بغلق تدفق النفط والغاز عبراراضيها الى الاتحاد الاوربي، علما انه كان هناك اتفاقية بين الاتحاد الاوربي وروسيا تقوم الاخيرة بتجهيزالنفط والغاز لمدة 25 عاما. بعد مرور 24 ساعة على توقف وصول النفط الروسي الى اوربا اضطرت الحكومة الالمانية في عهد المستشارة انجيلا ميركل الى ضخ النفط من المستودعات الاحتياطية للدولة الى المعامل والمصانع الالمانية لضمان استمرارية العمل والانتاج، و كادت نمسا ان تخطو نفس الخطوة لو استمر قطع الامدامات ليوم اخر وامتد الى 48 ساعة . الا ان روسيا اضطرت على دفع ما بذمتها من ديون لاوكرانيا بعد 36 ساعة، طبعا تحت ضغط الاتحاد الاوربي، وعندها سمحت اوكرانيا بعبور النفط الروسي من اراضيها للوصول الى النمسا، ومن هناك التفرع الى بقية دول الاتحاد الاوربي

هذه الحالة قادت الى نقطة تحول في الخريطة السياسية لشبكة امداد انابيب ضخ النفط والغاز في القارة الاوربية وفي الشرق الاوسط تباعا. لقد جرى اتفاق رسمي داخل مجموعة دول الاتحاد الاوربي على حتمية تنويع مصادر تجهيز الطاقة لاوربا، مع التفكير الجدي بالتراجع عن قرار
سابق و المتضمن الامتناع عن انشاء محطات نووية جديدة في اوربا لانتاج الطاقة الكهربائية

طرحت على طاولة المباحثات بين روسيا والاتحاد الاوربي خط انبوب جديد عرف بخط نابوكو يمتد من روسية عبر بحر القزوين ينضم اليه خط من ايران وكذلك خط من العراق يمتد عبر تركيا ليصل الى اوربا. و في مقترح اخركان يفترض ان تمر الانابيب عبر جورجيا. وفي نهاية المطاف اتفقت روسيا مع اذربيجان لعبور النفط من خلال اراضيها وصولا الى الحدود الشرقية لتركيا لتخرج من حدودها الغربية الى اوربا والى سوريا
هذه المباحثات المعقدة دامت عدة سنين لان الاطراف المشتركة لا تجمع بينهم الثقة المتبادلة وهناك مخاوف امنية وسياسية من تمريرانبوب ستراتيجي للنفط الروسي والايراني والعراقي عبر
الاراضي التركية التي تهيمن عليها عناصر بي كا كا. حاليا يصل النفط والغاز الروسي عبر اذربيجان ومنها الى تركيا ومن الاخيرة الى نمسا حيث المحطة النهائية للانبوب الروسي قاطعا مسافة تقدربثمانية الاف كيلومتر

في هذه المرحلة الزمنية 2008 ـ 2009 تم تشكيل لجنة ثلاثية من تركيا والعراق وسوريا، ثم انظمت اليها ايران وقد اجروا عدة لقائات واتفاقات بخصوص الانظمام لخط نابوكو الا ان انهيار الوضع الامني في سوريا كان سببا اضافيا الى جانب الخلافات بين الاطراف الاخرى مما ادى في نهاية المطاف الى غلق ملف مشروع نابوكو

بعد الاعلان رسميا عن فشل الوصول الى اتفاق بين الدول المعنية، تم الغاء مشروع خط نابوكو، وهنا حاول لوبي المفاعلات النووية في اوربا استغلال الفرصة والعمل على رفع الحظرعلى انشاء مفاعلات نووية جديدة قي القارة الاوربية، الا انها فشلت في اقناع منافسها اللوبي النفطي ، خاصة وانها صادفت حدوث التسونامي في اليابان التي الحقت اضرارا كبيرة وخطيرة بالمفاعل النووي

اللوبي الاوربي للمفاعلات النووية قدمت مقترحا جديدا لامتلاك الطاقة في الاتحاد الاوربي يتضمن انشاء شبكة من المفاعلات النووية على امتداد الساحل الجنوبي للبحرالابيض المتوسط مهمتها تجهيزدول الاتحاد الاوربي يالطاقة الكهربائية عبر اسلاك تمتد تحت قعر البحر الابيض المتوسط، والدول المقترحة كانت دول المغرب العربي في شمال القارة الافريقية يضاف اليهم تركيا والعراق والسعودية واحدى دول الخليج. الا ان هذا المقترح بعد دراسته مطولا لم يجد طريقه الى النور، وهنا عادت مجددا موضوعة تجهيزدول الاتحاد الاوربي بالنفط والغازالاحفوري القادم من العراق ودول الخليج العربي وايران ومصر والسعودية الى اسرائيل .

من شان هذا الخط المقترح من الغرب ان يدخل في تنافس كبير مع الامدادات القادمة من روسيا، وسميت الخط حينها.. بالخط العربي، ومهمتها المصيرية هي منافسة روسيا في تجهيز اوربا بالطاقة الهايدروكاربونية ومن جهة اخرى هودعم اسرائيل بمصادر جديدة للطاقة واقتصاديا سيكون لاسرائيل مكاسب مالية عندما تصدر النفط والغاز العربي الى اوربا، اضافة الى كل هذه المكاسب سيزداد دور وتاثيراسرائيل وامريكا على القرارات السياسية للاتحاد الاوربي

خط الغاز العربي
ان مخطط مشروع الغاز العربي يتضمن انطلاق انبوب النفط والغازالعراقي من البصرة على ان يلتقي به في البصرة انبوب قادم من القطر واخر قادم من ايران.، ويمتد الانبوب ( الثلاثي المصدر) عبر محافظة الانبار وبموازاة الحدود السعودية ليلتقي بخط قادم من المصرلتنتهي المسيرة في ميناء عقبة، زائدا خط فرعي يمتد من الحدود الغربية للعراق الى سوريا ومنها الى تركيا. هذا المشروع كان مرحبا به من قبل الدول العربية المعنية وجرت عدة لقائات بين قادة .الدول العربية المعنية و بحضورالكاظمي و ثم السوداني وتم مناقشة اعادة تفعيل انبوب نفط سعودية ـ عراق.
اصطدم هذا المخطط بمخاوف الغرب من الاعتداء على الشركات الغربية والوطنية العراقية التي ستعمل في محافظة انبارللتنقيب ولاستكشاف ابار نفط وغاز، و كذلك الخوف من تفجير الانبوب او المنشئات والخزانات النفطية المزمع انشائها في الصحراء الغربية من العراق التي كانت تحت سيطرة داعش . المشروع لم يلغى ولم يستحدث ولكنه دخل في سبات سياسي

الا ان اوربا لا تزال تنتظر بشغف النفط والغازالاحفوري القادم ليس من الشرق وانما من الجنوب، من الشرق الاوسط ودول الخليج العربي، وتعمل جاهدا على الاسراع في تحقيق هذا الهدف، لان . التعامل مع هذه الدول العربية وعقد الاتفاقات الاقتصادية والتجارية والصناعية معهم اسهل وارخص من التعامل مع روسيا. الدول العربية لا تستطيع فرض ارادات سياسية على اوربا و امريكا (واسرائيل المختبئة تحت عبائة امريكا) بل على العكس من ذلك.

هذا الخط الذي يجري الحديث عنه الان سيزود الاتحاد الاوربي عبراسرائيل بالنفط والغازالاحفوري بثبات وامان على مدى العقود القادمة، وستصبح اسرائيل دولة مصدرة للنفط على حساب النفط والغازالاحفوري العربي. وفي نفس الوقت سستتحرر اوربا من هيمنة النفط الروسي الحافل بالمصاعب والمخاطر السياسية، اضافة لهذا وذاك سيتعزز شيئا فشيئا دورامريكا السياسية والاقتصادية والعسكرية في اوربا وسيقترب تواجدها من الحدود الغربية لروسيا.

والان عودة الى صلب العنوان الذي شغل الاعلام في الفترة الماضية وتحديدا خط انبوب بصرة ـ ميناء عقبة. الحديث عن هذا الخط شانه في ذلك شان اي خط جديد في العالم يشمل ثلاثة محاور
اولاـ الاهمية الاقتصادية وتكاليف الانتاج ومدى سهولة مد الانابيب
ثالثا ـ العلاقات الاقتصادية

الاهمية الاقتصادية لقد سبق وان ذكرنا اعلاه بان الخط الذي يجهزقارة اوربا باكملها يمتد من اقاصي روسيا الى فيينا عاصمة النمسا بطول 7 الى 8 الاف كيلومتر، والطرفين الروسي والاتحاد الاوربي عملوا معا بجد وبحفاوة منذ عدة عقود لاستمرارية وادامة هذا الخط الذي يغذي المعامل والمصانع والمساكن في اوربا. ان التحولات السياسية والاقتصادية التي جرت في روسيا قبل 35 عاما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم توثرمطلقا على العلاقة الاقتصادية بين الطرفين في مجال تزويد اوربا بالطاقة بل استمر هذا الخط في تعزيزالعلاقات التجارية بينهما الى ان حلت حرب اوكرانيا التي اصابت التعاون الاوربي مع روسيا بالصميم و فتح للعراق ولدول الخليج ابواب جديدة دسمة لتجارة النفط والغازالاحفوري الى جانب تجارة تصتيع وتصدير المشتقات النفطية والغازية
ان حديث البعض عن عدم جدوى الخط لكونه طويل ويكلف الحكومة العراقية كذا ملياردولارهو حديث الجهلة وحديث مدفوع الاجر. بودي ان اشيرهنا بهذا الصدد بان الرئيس الروسي بوتين وقع مع رئيس الصيني قبل 8 سنوات على اتفاقية تعاون تجاري طويلة الامد بحجم 1200 مليار دولار. الاتفاقية شملت التعاون التجاري مع الصين في عدة مجالات منها تزويد الصين بالنفط والغاز الروسي بعقد ستراتيجي طويل الامد, على ان تتحمل روسيا تكاليف مد الانبوب من روسيا الى حدود الصين البالغة 400 مليار دولار

لقد تعمدت في ذكر خط روسيا ـ صين للمقارنة و للتوضيح من ان كل ماقيل في الاعلام حول تكاليف خط نفط بصرة ـ ميناء عقبة هوكلام فارغ وهزيل ومدفوع الاجر. ان الحاضنة الجغرافية لانبوب بصرة ـ ميناء عقبة هي من اسهل وارخص المواقع لمد الانابيب لكونها لا تستدعي حفر انفاق في جبال ولا اجتياز بحيرات او انهار او بحار او اختراق جبال او بحيرات
جليدية كما في القطب الشمالي لكندا مثلا

الخط كما اشرنا اعلاه هو ليس خط مجرد ومستقل ومعزول، لا وانما هو جزء من مشروع ضخم لخط يحمل النفط والغازالاحفوري الخليجي والايراني والعراقي والسعودي و المصري عبر ميناء عقبة الى اسرائيل ومنها الى اوربا . هذه الحقيقة تمثل المهمة الفنية للمشروع وبطبيعة الحال بعد الاتفاق السياسي بين الدول المعنية وفي الطليعة منها امريكا واسرائيل والاتحاد الاوربي. اما الدول
العربية فما عليها الا تنفيذ املاءات الدول العظمى

تجاريا لا يجوز اعتبار كلفة مد اي انبوب في اية بقعة من العالم بانها غالية او زهيدة من خلال الحكم على المبلغ المطلق للانشاء سواء كان مليار او عشرة مليارات او مئة مليار من الدولارات. التقييم يجري من خلال معرفة المردود التجاري للمشروع. فاذا افترضنا بان العراق سيكسب مبلغ 20 ملياردولار ستويا وبعقد لمدة 25 عاما اذن ربح العراق500 مليار دولار من خلال استثمار مليار او اثنين من الدولارات لمد انبوب ناقل للمواد الهايدروكاربونية الى ميناء العقبة، حينئذ سيصبح المبلغ المستثمرلمد الانبوب تافها امام المكاسب المالية العظيمة المظمونة سنويا.
اؤكد على المكاسب المالية لانه هناك مكاسب اخرى لها اهمية تقنية واجتماعية كبرى تتضمن خلق وتطوير كوادر فنية الى جانب استيعاب ايدي عاملة جديدة بالالاف وستخفف معاناة الاف العوائل من مصائب و مصاعب العيش الكريم، وفي نفس الوقت ستعمل على تقليص عدد العاطلين عن
العمل و هذا بحد ذاته مكسب اجتماعي كبير

ان استحداث منفذ جديد وتحديدا منفذ بصرة ـ ميناء عقبة لتصدير النفط هو مشروع ستراتيجي في غاية من الاهمية بالنسبة للعراق، فبالاضافة الى المبالغ الضخمة للضرائب التي سيستحصل العراق عليه من السعودية والدول الخليج وايران فانه سيضمن السوق الاوربية لعشرات السنين القادمة عبرالاردن وسوريا، علما ان التعامل والتعاون الاقتصادي مع الاتحاد الاوربي سيجري ليس مع 27 دولة اوربية وانما مع جهة واحدة رصينة مخولة وهي الاتحاد الاوربي. ومن جهة اخرى هذا الخط البري للتصدير هو في مأمن من قنابل توقيت الارهابيين من قبيل ساحات الحروب القائمة حاليا على سواحل اليمن او المحتملة في اية وقت عند مضيق هرمز.
من جهة اخرى مد انبوب عراقي ينقل ثروة البلاد النفطية والغازية الى الاردن او سوريا، كمنفذ لسوق تجاري جديد الى اوربا هو اجراء حكيم على المدى البعيد والبعيد جدا . الاتحاد الاوربي يستورد 30 الى 35 % من احنياجانه للنفط والغازالاحفوري من روسيا منذ اكثر من 30 سنة . ان دخول النفط والغازالاحفوري العراقي ـ العربي الى الاتحاد الاوربي كبديل جزئي ، ولربما حنى مناصفة او اكثر للامدادات الروسية الى اوربا هو تجارة مغرية ومربحة وطويلة الامد

المؤسف في الامر هنا هو ان مقود قيادة الثروة الوطنية الهايدروكاربونية منذ السقوط لم تعد بيد العراق وانما بيد الغرباء، تباعا لهذه الحقيقة المرّة سيقتصر دور العراق بايصال النفط والغاز الى ميناء عقبة وتسليم الكعكة الى اسرائيل
هذه الثروة الهايدروكاربونية العربية ومعها النفط والغاز الايراني ستواصل طريقها من ميناء العقبة الى اسرائيل وستتصرف اسرائيل عملية بيعها الى الاتحاد الاوربي كما تشاء. وما على وزير النفط العراقي ورئيس الوزراء العراقي، سواء كانوا من السنة او الشيعة او الاكراد وكذلك نظرائهم في السعودية و دول الخليج بل و حنى ايران، الا تنفيذ املاءات الغرباء في ايصال مادة الطاقة الاحفورية من نفط وغازبلدانهم الى اسرائيل

هذا هو الوجه المخفي لانبوب بصرة ـ ميناء عقبة ، وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر بين روسيا وإسرائيل يتصاعد.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتي


.. إيران تؤكد أنها ستدعم حزب الله في حال تعرضه لهجوم إسرائيلي




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لسوق بحي الزيتون


.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف خلية في مخيم نور شمس بطولكرم أ




.. الدفاع الروسية تعلن استهداف 5 مقاتلات أوكرانية بصواريخ إسكند