الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم التالي.. وفخ الوصايةالأجنبية

سليم يونس الزريعي

2024 / 6 / 30
القضية الفلسطينية


فيما لم تضع الحرب على غزة أوزارها بعد، يكثر الحديث عن اليوم التالي، الذي سيعكس رؤية أمريكية صهيونية لنتائج هذه الحرب الدموية على غزة، بهدف إعادة تأهيل قطاع غزة وفق مقاربة أمريكية صهيونية لمستقبل القطاع، والانطلاق منه نحو رسم ملامح المشهد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، في سياق تموضع الولايات المتحدة في المنطقة
وبهذا المعني فإن طبيعة هندسة ترتيبات اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، تحكمها الرؤية الأمريكية الصهيونية، وسيكون لها آثار بعيدة المدى على مستقبل القضية الفلسطينية في غياب الفاعل الفلسطيني في ظل استمرار مأساة الانقسام منذ سيطرة حماس في انقلاب دموي على السلطة في غزة عام 2007، كون هذه الترتيبات لها حسابات لا تتعلق بالقضية الفلسطينية وحدها وإنما لها أبعادها الجيوسياسية التي تريد الولايات المتحدة ضبط إيقاعها بما يحقق رؤيتها عبر التمسك بهيمنتها كمركز وحيد في العالم كان قد تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فيما يسمى عالم القطب الواحد، لكن الواقع الدولي الراهن يقول غير ذلك. من خلال تبلور قوى دولية منافسة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وامتلاكها القوة الناعمة، وهذا من شأنه أن يعيد صياغة العالم وفق توازن قوى جديد موضوعيا، أي الانتقال نحو التعددية القطبية. وهو مسار غير مرتبط بما تريده الولايات المتحدة. بل يأتي في سياق سعي تلك الدول إلى إعادة التوازن بين القوى في العالم بعد عقود من هيمنة واشنطن على السياسية الدولية وتسخيرها في خدمة مصالحها بشكل مجافي لقيم العدل والمساواة ومن تجاوز للقانون الدولي.
لكن أمر تشكل هذا العالم لا يتعلق برغبة واشنطن، وإنما بتوفر شرط ذلك سواء الذاتي منه أو الموضوعي، وهذا المتغير يعني فرض توازن جديد للمصالح، بما يعنيه من سحب مساحات واسعة من حيز هيمنة ونفوذ واشنطن في العالم والمنطقة العربية لصالح القوى القطبية الجديدة، وهو أمر لن تسلم به واشنطن بسهولة.
ولذلك ستسعى لإطفاء مكامن التوتر في المنطقة من أجل الدور الوظيفي الجديد للكيان الصهيوني الذي يعتبر الأكثر موثوقية بالنسبة للولايات المتحدة من أي دولة عربية على المدى الاستراتيجي، كون الرابط الأيديولوجي بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يتجاوز دور جماعات الضغط اليهودية المالية والسياسية والإعلامية٫ نحو الهوس الأيديولوجي للمسيحية الصهيونية التي تعتبر أن وجود الكيان في فلسطين هو "استحقاق رباني"، ومع ذلك فإن هذه الخرافات لا تعني بالنسبة للفلسطينيين بكل تعددهم الديني شيئا٫ على أساس أن فلسطين هي وطن الفلسطينيين ولا وطن لهم غيره مهما طال الزمن. وهي وصفة مستمرة ما استمر التناقض التناحري بين الكيان الصهيوني والشعب الفلسطيني. .
وقد جعلت عملية طوفان الأقصى الإدارة الأمريكية تدرك أنه لن يكون هناك استقرار في المنطقة طالما أن الشعب الفلسطيني لم ينل حقوقه، وأن غياب الحل السياسي للقضية الفلسطينية سيؤثر سلبا على رؤيتها لمستقبل المنطقة كي تبقى ضمن دائرة النفوذ الأمريكي، فيما هي على وشك أن تبرم تحالفات استراتيجية مع دول المنطقة وعلى رأسها السعودية بمكانتها الدينية وثقلها المالي والسياسي وبما تتمتع به من قوة ناعمة بالنسبة لدول الخليج والعالم الإسلامي، عبر مراهنة واشنطن على أن يصبح الكيان الصهيوني جزءا من نسيج المنطقة من خلال تطبيع علاقات الرياض مع كيان الاحتلال. بما يعنيه ذلك من مكنة فتح كل الأبواب في الوطن العربي والعالم الإسلامي للكيان الصهيوني عبر شهادة مرور من بلاد الحرمين الشريفين.
لكن التحدي الأخلاقي الذي ربما يواجه السعودية في مثل هذه الخطوة، يتعلق بحل القضية الفلسطينية، ودون مسار سياسي واضح ضمن نطاق زمني موثوق من الصعب تصور قيام السعودية بذلك، لأنها تحتاج إلى مسار سياسي لحل القضية الفلسطينية كي تبرر ولو من الناحية الشكلية عملية التطبيع.
ولذلك تنوي الولايات المتحدة المبادرة بالدعوة لفتح مسار سياسي ينتهي بإقامة كيان سياسي فلسطيني بمواصفات إسرائيلية ظنا منها أن ذلك كفيل بتبرير إقدام السعودية على التطبيع مع الكيان الصهيوني، أمام الشعوب العربية والدول الإسلاميةـ وفي الوقت نفسه فهي تعتبر فتح المسار السياسي كفيل بفتح الباب أمام إنهاء صراع الفلسطينيين مع الحركة الصهيونية..
لكن هذه النوايا الأمريكية تصطدم برفض رئيس الحكومة الصهيونية ووزير حربه، وتأكيد هذا الرفض عمليا من خلال تشريع إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية بما ينسف فكرة الدولة الفلسطينية، بل إن الكيان الصهيوني يرفض حتى فكرة تولي منظمة التحرير ممثلة في السلطة في رام الله إدارة غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية.
ولذلك تنوي الإدارة الأمريكية للتغلب على تعقيدات المشهد بعد الحرب على غزة، تولى قيادة عملية هندسة الوضع في غزة فيما يسمى اليوم التالي للحرب مقدمة لرسم ملامح تموضعها في المنطقة، بما يكفل أمن الكيان الصهيوني ويقطع الطريق على من بقي من حماس العودة لحكم قطاع غزة، لذلك ناقشت مع يواف غالانت وزير الحرب الصهيوني خطة المرحلة الانتقالية في غزة التي ستشرف عليها لجنة توجيهية برئاسة الولايات المتحدة وشركاء عرب.
وستقوم قوة دولية من المحتمل أن تضم قوات من مصر والأردن والإمارات والمغرب الإشراف على الأمن في غزة، فيما ستوفر القوات الأمريكية القيادة والسيطرة والخدمات اللوجستية من خارج غزة، على أن تتولى تدريجيا قوة فلسطينية مسؤولية الأمن المحلي وأمن كيان الاحتلال..
ولكن شرط مشاركة الحكومات العربية المعتدلة هو رهن بمشاركة السلطة الفلسطينية بشكل مباشر في إدارة غزة٫، وذالك بهدف منح السلطة الفلسطيتنية شرعية في مواجهة الكيان الصهيوني وحماس كما تعتقد الدول العربية ..
لكن مفارقة هذه الترتيبات أنها تجري سواء على صعيد إدارة غزة أو حل القضية الفلسطينية في غياب الفلسطينيين، وهذا يعكس ذهنية الوصاية والاستقواء لدى حكام واشنطن، وحالة التردي الفلسطيني والعربي، ومع ذلك يبدو أنه فات واشنطن أن الشعب الفلسطيني لن يفرط في حقوقه ولن يقبل بأقل من دولة كاملة السادة، مع حق العودة كاستحقاق راهن، فيما هو يشاهد أن الكيان الصهيوني يعاني من أزمة وجودية، جراء تفجر الفقاعات العرقية التي تشكل التجمع الاستيطاني في فلسطين، لكن خطورة الموقف هي في هذا الدور المباشر ولابد هنا ما تأكيد أحد أهم مسلمات الحالة الفلسطينية للولايات المتحدة وغيرها ممن يستهدفون تصفية القضية الفلسطينية،وهي أن نضال الشعب الفلسطيني ممتد منذ قرن من الزمان وهو ليس رهن وجود هذا الحزب أو تلك الحركة كون الحالة الكفاحية هي مكون أساسي من ثقافة وفكر الإنسان الفلسطيني وهي سابقة على وجود كل تلك القوى التي تواجه المشروع الصهيوني الآن.
ومن المهم القول الآن في هذه اللحظات الفارقة أن شرط مواجهة مفاعيل الوصاية الأمريكية التي بدأت ملامحها في التكشف هو عبر الوحدة في إطار منظمة التحرير وبرنامج سياسي تنظيمي كفاحي يعيد لمنظمة التحرير دورها الذي صادرته اتفاقيات أوسلو وهنا من المفيد التنبه لمن سيستغل الانقسام الفلسطيني بكل التراكمات التي أنتجها من أجل تمرير مشروع حل سياسي لا يلبي الحد الأدنى من برنامج الإجماع الوطني الذي تعتبره بعض القوى ممن يملك وضوح الرؤية والنفس الطويل البرنامج المرحلي.. الكرة الآن في مرمى كل الأطراف، وهم يتحملون المسؤولية السياسية والوطنية عن ذلك .. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتلال لبنان.. هل يصبح خيار إسرائيل في مواجهة حزب الله؟


.. بعد عام من الحرب.. فلسطيني يرسم جدارية شمال غزة للتعبير عن ا




.. ناشطون يضعون ملصقا يوثّق مأساة غزة على لوحة -الأمومة- لبيكاس


.. لن تختلف عن بايدن.. ترمب يرفض إجراء مناظرة ثانية مع هاريس




.. استمرت 30 دقيقة.. البيت الأبيض يكشف تفاصيل مكالمة بايدن ونتن