الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عطلة 14 تموز في العراق جدل الثورة والانقلاب

صادق الازرقي

2024 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


مع التصديق على قانون العطل الرسمية في العراق وخلوه من يوم العطلة المتعارف عليه في 14 تموز من كل عام "قبل ان يتدخل رئيس الجمهورية لإعادته بصفته ذكرى لتأسيس الجمهورية"، يثار جدل كبير بشأن مغزى الاحتفاء بذلك اليوم بين مؤيد ورافض، وبرغم ان لنا نظرتنا الخاصة لهذا اليوم بصفته ذكرى ثورة شعبية حقيقية برغم الاخفاقات، فان علينا ان نجمع ما بين الرأي الخاص وما يطرح في الفضاء الرقمي الذي أصبح يتداول وجهات النظر بصورة واسعة، من اجل التوصل الى موقف سليم من الاحداث.
من المعروف ان حركة 14 تموز في العراق عام 1958، الشهيرة أيضا بثورة تموز العراقية عام 58، تولدت عن انقلاب عسكري أدى إلى الإطاحة بالنظام الملكي بقيادة ضباط متنوعي الاتجاهات يساريين ويمينيين إذا أردنا ان نصنفهم على وفق مقتضيات التصنيف السياسي، ومن أبرزهم عبد الكريم قاسم الذي عرف عنه نصرته وتعاطفه مع الاتجاه اليساري وعبد السلام عارف ذو الاتجاه القومي العروبي.
يتفق المؤرخون الذين يصفون الحدث بالثورة على انه كان هناك تذمر واسع النطاق لدى الشعب من الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي كان يعيشها الشعب العراقي وثراء فئة قليلة من اصحاب المصالح على حساب اغلبية الشعب، فضلا عن انتشار البطالة والفقر في زمن النظام الملكي الذي كان ينظر إليه على أنه مرتبط بالمصالح البريطانية ولا يلبي تطلعات الشعب العراقي.
وتأثر العراق في ذلك الوقت بحركات التحرر الوطني في العالم العربي وفي العالم الثالث، بخاصة بعد نجاح الثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر، عام 1952.
واستولى الثوار في صبيحة 14 تموز 1958على القصر الملكي في بغداد واعتقلوا الملك فيصل الثاني وأفراد العائلة الملكية، ثم قتل افراد العائلة المالكة في الحادثة المعروفة في ظروف متسارعة وغامضة. وجرى إعلان الجمهورية العراقية وتشكيل حكومة مؤقتة برئاسة عبد الكريم قاسم.
ويحاول المنتقدون والمعادون لذلك التحول الاساءة الى الثورة من حادثة مقتل العائلة الملكية بالذات، فيما يقول مؤيدو الثورة ان النظام الملكي لطالما كان يرتكب عمليات القتل حتى ضد السياسيين المعارضين، ومن ذلك اعدام أبرز قادة الحزب الشيوعي العراقي في عام 1949 وتعليق جثثهم، وقتل المعتقلين في سجني بغداد والكوت عام 1953، وفي الوقت نفسه ينفون تهمة قتل العائلة الملكية عن عبد الكريم قاسم وينسبونها الى تصرف فردي من المجموعة المؤيدة لعبد السلام عارف.
من تداعيات 14 تموز 1958 القضاء على النظام الملكي الذي استمر منذ عام 1921و تأسيس الجمهورية العراقية بزعامة عبد الكريم قاسم الذي أصبح رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وكانت الامور تجري باتجاه انهاء الوضع المؤقت واجراء انتخابات عامة.
وبدأت الحكومة الجديدة بتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق، بما في ذلك توزيع الأراضي وتحسين الخدمات العامة.
وأحدثت ثورة 14 تموز تغييرات جذرية في العراق وأثرت بشكل كبير على مسار التاريخ العراقي الحديث، فتحت الباب أمام سلسلة من الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية في العقود التالية.
نظام 14 تموز 1958 في العراق، بقيادة اللواء عبد الكريم قاسم، اتخذ عدة قرارات وإجراءات هامة بعد الإطاحة بالنظام الملكي وتأسيس الجمهورية العراقية؛ كانت هذه القرارات تهدف إلى إعادة تشكيل البلاد من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. من أبرز هذه القرارات، إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية العراقية، مما أدى إلى تغيير نظام الحكم بشكل جذري؛ و شكلت حكومة مؤقتة برئاسة عبد الكريم قاسم، الذي أصبح أيضًا القائد العام للقوات المسلحة.
وصدر قانون الإصلاح الزراعي الذي استهدف توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للفلاحين والقضاء على نفوذ الاقطاعيين الذي كان منتشرا في المناطق الزراعية لاسيما في جنوب البلاد والفرات الاوسط.
كما جرت زيادة السيطرة الوطنية على قطاع النفط عن طريق تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية عام 1961، وتقليص نفوذ الشركات النفطية الأجنبية؛ وانتهجت الحكومة الجديدة سياسة عدم الانحياز في "الحرب الباردة"، محاولة الحفاظ على استقلال العراق في سياسته الخارجية.
وجرى تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والإسكان، والعمل على رفع مستوى المعيشة للمواطنين؛ وتنفيذ مجموعة من السياسات الاقتصادية التي تستهدف التنمية الاقتصادية والتصنيع، بما في ذلك تأميم بعض الشركات الأجنبية.
وجرى إعادة توجيه العلاقات الخارجية للعراق، مع التركيز على دعم حركات التحرر في العالم العربي وأفريقيا، وتطوير العلاقات مع الدول الاشتراكية في حينها، وتوجيه الدعوة للانضمام إلى منظمات إقليمية ودولية جديدة، مثل حركة عدم الانحياز، والعمل على تقوية العلاقات مع الدول العربية المجاورة؛ والانسحاب من حلف بغداد، وهو حلف عسكري تأسس في عام 1955 بين بريطانيا والعراق وإيران وتركيا وباكستان.
أدت هذه القرارات إلى تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للعراق. وبرغم الطموحات الكبيرة، واجه النظام تحديات كبيرة، بما في ذلك الصراعات الداخلية والانقلابات العسكرية التي تبعته، مما أثر على استقرار البلاد على المدى الطويل.
وعلى الصعيد الداخلي كانت حركة 14 تموز 1958 بقيادة اللواء عبد الكريم قاسم تسعى في بداياتها إلى الاعتراف بحقوق الكورد وتحقيق بعض مطالبهم، واتخذت موقفا مبدئيا إيجابيا تجاه الحركة القومية الكوردية، وكانت هناك عدة خطوات وإجراءات تشير إلى محاولة تحقيق بعض المطالب الكوردية والاعتراف بحقوقهم.
من أبرز مواقف هذه الحركة تجاه الكورد، اعتراف الحكومة الجديدة بالقومية الكوردية كجزء من الهوية الوطنية العراقية. جرى الإعلان عن أن الكورد والعرب شركاء في الوطن العراقي، وذلك في محاولة لتعزيز الوحدة الوطنية والاعتراف بالتنوع العرقي.
وقدم عبد الكريم قاسم وعودا بمنح الكورد حكما ذاتيا، وهو مطلب رئيس للحركة القومية الكوردية في حينه؛ كانت هناك مساعٍ لإشراك الكورد في العملية السياسية وتحقيق نوع من اللامركزية. وأطلقت حكومة الثورة سراح عدد كبير من السجناء السياسيين الكورد وعفت عن آخرين، بما في ذلك الزعيم الكوردي ملا مصطفى البارزاني الذي كان في المنفى؛ عاد البارزاني إلى العراق بعد الثورة وبدأ في التفاوض مع الحكومة بشأن حقوق الكورد.
وجرى تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية والتنموية في المناطق الكوردية، بهدف تحسين البنية التحتية والخدمات العامة في تلك المناطق التي كانت تعاني من الإهمال.
وبرغم هذه الإجراءات الإيجابية الأولية، سرعان ما ظهرت التوترات بين الحكومة المركزية والحركة القومية الكوردية بسبب عدة عوامل فلم يتم تنفيذ وعود الحكم الذاتي بشكل فعلي، مما أثار استياء القادة الكورد وأدى إلى زيادة التوترات.
وحالت التوترات السياسية والصراعات على السلطة في بغداد دون تحقيق تقدم كبير في هذا المجال. ومع مرور الوقت، تصاعدت الخلافات مما أثر سلبا على العلاقة بين الحكومة المركزية والحركة القومية الكوردية. وبدأت بعض المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والمسلحين الكورد في بعض المناطق، ما أدى إلى تعميق الخلافات وزيادة التعقيدات في العلاقة بين الطرفين.
وختاما نقول، ان الغاء الاحتفال بذكرى 14 تموز عام 1958 يحاول برأينا، ان يلغي من الذاكرة العراقية يوما حصل الاحتفاء به على اجماع وطني من اغلب العراقيين وكان من الواجب الابقاء عليه عطلة رسمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت