الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة الظل والضوء

صباح حزمي الزهيري

2024 / 7 / 1
الادب والفن


مقامة الظل والضوء : (تثنية على مقال مصطفى الهود).

((يا ساهر البرقِ أيقظ راقد السَمَرِ لعلّ بالجَزْعِ أعواناً على السَهَرِ
يودُّ أنّ ظلام الليل دامَ لهُ وزيد فيه سوادُ القلبِ والبَصَرِ
والنجم تستصغر الأبصارُ صورتَهُ والذَنْبُ للطرفِ لا للنجمِ في الصِغَرِ)).
يشير البحث في موضوع الظل والنور إلى أن الظل يُخلق من النور, ليدل على قوة الرابطة بينهما, فهما كالصديقان اللذان لا يفترقان , عند تواجد أحد العنصران يصحبهُ تواجد العنصر الآخر, كما أنهما يُشكلان إحدى ألطف وأشهر الظواهر الطبيعية على الإطلاق, ونحن لا نستطيع تخيل حياتنا بدون إضاءة , فإن عُتمت الدنيا من حولنا دقائق معدودة, نتذمر ولا نستطيع أن نحرك ساكنًا بل وتتوقف الحياة من حولنا, وقد استخدم الإنسان القديم الظل لمعرفة الوقت , وفي التفرقة بين أوقات الظهيرة والعصر, فقام العُلماء قديماً بعمل العديد من الدراسات تمكنوا عن طريقها تحديد الوقت, عن طريق دراسة طول الظل , ومعرفة اتجاهاته المُختلفة, وفي القرآن : (( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً (46)..)), وليس هناك ما هو أعظم من بلاغة القرآن الإعجازية التي تصور هنا حركة الظل وسكونه وقبضه.
وقد حملت مفردة الظل عند الشاعر المصري صلاح عبدالصبور إشارات وجودية, والظل في قصيدته «الظل والصليب» أشبه بمرثية لإنسان مسحوق بلا أبعاد, بل الظل كما يقرر عبدالصبور هو «لص».. يقول..: (( حين أتاني الموتُ, لم يجد لديَّ ما يميته,أنا الذي أحيا بلا أبعاد, أنا الذي أحيا بلا آماد , أنا الذي أحيا بلا ظلٍ.. بلا صليب..الظل لصٌ يسرق السعادة , ومن يعيش بظله يمشي إلى الصليب في نهاية الطريق يصلبه حزنه)) .
ولو اتينا الى الضوء نجدهم يقولون : درب نفسك أن تبحث عن ضوء في نهاية النفق , و أن تشعل شمعة في جنح الظلام , ويقول جلال الدين الرومي : (( ما ضرك لو أطفأ هذا العالم كله أضواءه في وجهك, ما دام النور في قلبك متوهجاً ؟)) , ويقول ابو العلاء المعري : ((نُراقِبُ ضَوءَ الفَجرِ وَاللَيلُ دامِسُ وَما يَستُرُ الإِنسانَ إِلّا الرَوامِسُ)) , كما ان محمود درويش قال : ((لا شيءَ إلاَّ الضوء, لم أوقفْ حصاني , إلاَّ لأقطف وردةً حمراءَ من بُسْتَان كَنْعَانَيَّةٍ أَغْوَتْ حصاني وتحصَّنَتْ في الضوء)) , وعن صدى الضوء كتب ستيفن واطسون شعرا تقول ترجمته : (( كَانَتِ الرِّيحُ عَالِيَةً عِنْدَ شَجَرَةِ النَّخِيلِ البَاسِقَةِ, وَفُرُوعُهَا تَتَمَايَلُ خَلَلَ ضَوْءِ قَوْسِ مَصَابِيحِ الشَّارِعِ , وَالعَاصِفَةُ القَوِيَّةُ, تَقْذِفُ مَدَى الظِّلِّ, وَالضَّوْءَ المُتَشَقِّقَ, بَعِيدًا بِاتِّجَاهِ الظَّلَامِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ)) .
رحم الله المتنبي حين قال : الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاسُ والقَلَمُ , وكذلك بيته الشهير أيضاً في الغزل: أزورُهُمْ وسوادُ الليل يشفع لي وأنثَني وبياضُ الصبحِ يُغرِ بي , ويقول في قصيدة يصف فيها الحُمّى: وزائرتي كأنّ بها حياءً فليس تزور إلا في الظلامِ الليل , في معرّة النعمانْ زنجيّة على رخام جيدها قلائد الجُمانْ وهو يأخذ المعنى من المعري الذي يقول : ليلتي هذه عروس من الزنجِ عليها قلائدٌ من جمانِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكينج والهضبة والقيصر أبرز نجوم الغناء.. 8 أسابيع من البهجة


.. بهذه الرقصة المميزة والأغنية المؤثرة... مسرح الزمن الجميل يس




.. المخرج عادل عوض يكشف كواليس زفاف ابنته جميلة عوض: اتفاجئت بع


.. غوغل تضيف اللغة الأمازيغية لخدمة الترجمة




.. تفاصيل ومواعيد حفلات مهرجان العلمين .. منير وكايروكي وعمر خي