الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انفجار فقاعة الحريديم لن تكون آخر متاعب نتنياهو

سليم يونس الزريعي

2024 / 7 / 2
القضية الفلسطينية


هل تكون هي البداية لانفجار أكثر من فقاعة لها علاقة بتجميع هذا الخليط البشري متعدد الإثنيات والثقافات بعد توفر شرط نضج العوامل الذاتية والموضوعية لمكونات أزمة الكيان البنيوية التي رافقته منذ زرعه في فلسطين ؟
إن أهمية السؤال لها علاقة بالكثير من الأصوات التي تتحدث عن التحدي الوجودي للكيان الذي يفتقد التجانس، بعد فشل عملية الصهر للخليط البشري متعدد الأعراق والثقافات والمستوى الحضاري الذي استجلبه.
وتأتي الاشتباكات التي اندلعت بين شرطة الكيان الصهيوني ويهود متشددين دينيًا (حريديم)، الأحد30 يونيو، خلال مظاهرة شارك فيها عشرات الآلاف منهم بالقدس؛ رفضًا لمحاولات تجنيدهم في الجيش، بعد تعايش طفيلي انتهازي في كيان لا يعترفون به استمر 76 عاما من زرعه في فلسطين لتشير إلى أن هذا التطور قد يكون له ما بعده.
وقد جاء حكم المحكمة الذي ينقض قرار الكنيست ويضع حدا لامتياز الإعفاء من الخدمة العسكرية لطائفة الحريديم، في أعقاب سلسلة من التأخير من قبل الحكومة في تقديم اقتراح إلى المحكمة يهدف إلى تعزيز التجنيد العسكري للرجال الأرثوذكس المتطرفين، الذين تم إعفاؤهم تاريخيا من التجنيد الإجباري.
ويعود موضوع إعفاء الحريديم إلى الأيام الأولى لنشأة الكيان الصهيوني على أراضي فلسطين بدعم بريطاني عام 1948، عندما أعفى ديفيد بن جوريون نحو 400 طالب من الخدمة العسكرية ليتسنى لهم تكريس أنفسهم للدراسة الدينية. وكان الإعفاء في حينها يعود إلى سببين الأول أن العدد كان قليلا، والثاني أن بن جوريون كان يريد استمالة المتدينيين لمشروع الحركة الصهيونية في فلسطين.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت قضية الإعفاءات مصدر إزعاج متزايد مع توسع الطائفة سريعة النمو التي باتت تشكل الآن أكثر من 17% من سكان الكيان وفق تقديرات عام 2020، وقد استفاد من هذا الإعفاء العام الماضي قرابة 66 ألف شاب حريدي، وهو رقم كبير جدا بالنسبة لعدد صهاينة الكيان .
لكن الحريديم يرون أن وقف هذا الامتياز قد يضع حدا لوجودهم في الكيان، وهذا ما أعلنه الوزير مئير بروش من حزب "يهدوت هتوراة" الحريدي الذي أكد أن فرض التجنيد الإجباري على الحريديم سيؤدي لتقسيم الدولة، مشيرا إلى أنه لا توجد قوة تستطيع منع شخص من دراسة التوراة.
وقال بروش: "فرض التجنيد الإجباري على الحريديم سيؤدي إلى إقامة دولتين دولة علمانية ودولة يتفرغ فيها اليهود لدراسة التوراة .
في حين ذهب الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في إسرائيل (طائفة اليهود الشرقيين) يتسحاق يوسف إلى أبعد من ذلك نحو نسف مقولة العودة إلى فلسطين التي بنت عليها الحركة الصهيونية مشروعها كوطن لليهود، عندما هدد في شهر مارس الماضي بأنه في حال أُجبر المتدينون على الخدمة العسكرية فإنهم سيسافرون جميعا إلى الخارج.
ونقلت القناة الإسرائيلية الـ12 عن يوسف قوله "إذا أجبرونا على الالتحاق بالجيش فسنسافر جميعا إلى خارج البلاد، نشتري التذاكر ونذهب"، في إشارة إلى المتدينين.
وأضاف مستنكرا "لا يوجد شيء من هذا القبيل، إن العلمانيين يضعون الدولة على المحك"، وتابع "يجب أن يفهموا هذا، كل العلمانيين الذين لا يفهمون هذا الأمر".
إن التصعيد سواء بالهجرة أو الانقسام يطرح مسألة غاية في الأهمية وهي الطبيعة المؤقتة لهذا التجمع البشري التي يمكن أن تنتهي علاقته بفلسطين في الزمان والمكان عندما يشعر أن مصالحه الدينية أو العرقية مهددة.
لكن يبدو ضروريا هنا معرفة من هم الحريديم الذين تعايشوا مع كيان لا يعترفون به، ولكن لا بأس من منطلق انتهازي أن يستفيدوا منه طالما كان ذلك ممكنا.
كلمة "حريديم" هي جمع لكلمة "حريدي" وتعني "التقي". وهم يرتدون عادة أزياء يهود شرق أوروبا وهي معطف أسود طويل وقبعة أسودان، وبالإضافة إلى "الطاليت" وهو شال خاص بصلاة اليهود غالبا ما يكون أبيض اللون.
ويطلق رجال الحيرديم ذقونهم حتى تصل إلى صدورهم، وكذلك يطلقون شعورهم وتتدلى من خلف آذانهم خصلات شعر مجدولة.
وترتدي نساء الحريديم لباسا يشبه البرقع يسمى فرومكا، ويطلق عليه البعض اسم "برقع طائفة الحيرديم"، وتقول الطائفة المتشددة إنها فخورة بهذا اللباس “بسبب مخاوف بشأن حالة تدهور الحياء في المجتمع اليهودي".
ويفضل الحريديم نوعا خاصا من المدارس الدينية اليهودية يدعى "اليشيفات" يتم فيها تعليم الشريعة والتلمود.
ويتعلم أبناء الطائفة الحريدية العلوم الدنيوية عند الحاجة فقط من أجل إنقاذ الحياة (مثل الطب) أو من أجل كسب الرزق.
ويحافظ الحريديم بدقة متناهية على كافة الأنظمة والقوانين الوارد ذكرها في التوراة والكتب الدينية المقدسة، ويعارضون بشدة إحداث أي تغيير فيها. ويعتقد هؤلاء أن دولة "إسرائيل" ونظم حياة اليهود يجب أن تسير وفق قوانين وأنظمة الشريعة اليهودية وليس بموجب قوانين حددها ونظمها بني البشر.
وأحد السمات الهامة في هذه الطائفة أن الكثير من عناصر الجريديم لا يعملون لكسب المال، لكنهم يعيشون على التبرعات والمزايا الحكومية وعلى أجور زوجاتهم اللائي يعمل كثير منهن غالبا بأجور زهيدة.
إن انفجار فقاعة علاقة الحريديم بالجيش بما يعنيه من وقف كل الامتيازات المالية من الخزانة العامة قد تضع حدا لمشاركتهم في حكومة نتنياهو بما يعنيه ذلك من فقد الحكومة لأغلبيتها النيابية، ويضع حدا لمسيرة نتنياهو السياسية، ويضع الكيان أمام مفترق طرق فيما هو يشن الحرب على غزة ويتهيأ لعملية واسعة في لبنان.
السؤال هل يستسلم نتنياهو والحريديم لقرار المحكمة وإنهاء الائتلاف الحكومي بكل ما به من امتيازات لهم.. يتفق الكثير من الخبراء على أن "حكم المحكمة العليا لن يُسقط ائتلاف نتنياهو؛ لأنه هو وشركاؤه المتدينون يريدون تجنب ذلك".وسيُبقي الأحزاب الدينية في الائتلاف الحكومي حاليا"، وهو الامتياز الذي لن يفرطوا فيه بسهولة في هذا الظرف.
لكن يبدو أن انفجار فقاعة الحريديم لن تكون آخر متاعب نتنياهو والكيان..في ظل اشتداد التناقض التناحري مع الفلسطينيين أصحاب الأرض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة الإنجاب في كوريا الجنوبية تعرض مستقبل البلاد للخطر


.. فليك في برشلونة.. قائد الثورة الذي سقى ورود حديقة كتالونيا ف




.. ترامب يستعد لخطوات حاسمة لإنهاء الحروب.. وعماد أديب: العرب ف


.. بعد تمزيق مشجعين إسرائيليين أعلاما فلسطينية.. صدامات بين مشج




.. الغارات الإسرائيلية على بعلبك في لبنان تطول المواقع الأثرية