الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المنطقة مشهدان فقط!!

عماد صلاح الدين

2006 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


لا يحتاج المرء إلى مزيد ذكاء أو براعة في التفكير والتحليل السياسي ليصل إلى نتيجة مفادها أن الوضع في المنطقة العربية والإسلامية لا يخرج عن سياق مشهدين لا ثالث لهما، وهذان المشهدان يمثلان باختصار حالتين متناقضتين ومتنافرتين معروفتين بالفطرة والدين وفيما مضى من تجارب التاريخ الإنساني الطويل، المشهد الكلي باختصار في المنطقة يتحدث وينطق عن وجود مشهدين فيه لا ثالث لهما انه مشهد الحق والتمسك بالعزة والكرامة ومشهد الباطل المتمسك بالذل والهوان والتبعية الذي يحتار المرء بشأن افتتان أتباعه من العرب والمسلمين بإتباعه رغم إشارات العقل والمنطق والتاريخ الواضحة حول فداحة الكوارث والمصائب الناتجة عن هكذا سبيل، سوى أننا نفهم إنها مصالحهم التافهة والذاتية التي تهون في سبيلها حقوق ومستقبل الشعوب وتطلعاتها آمالها.

مشاهد الخيانة والإذعان والتساوق مع ما يريده الأمريكان والصهاينة تتمثل بنظم عربية رسمية بدت خيانتها وتآمرها على شعوبها والأمة برمتها بما لا يدع مجالا للشك وقد تكشفت هذه النظم وبدت عوراتها وسوءاتها خصوصا بعد الأحداث البارزة التي تمثلت في فوز حماس في الانتخابات الأخيرة في مطلع هذا العام وكذلك من موقفها المخزي والمتآمر ضد المقاومة اللبنانية في الحرب الأخيرة التي اندلعت في شهر تموز من العام الجاري.

إلى جانب النظم الرسمية الأساسية الممتهنة لمهنة الوكيل لأعداء الأمة هنالك بعض الجماعات والإقطاعيات الهامشية التابعة في أداء دور الخيانة والتساوق مع المشروع الأمريكي والصهيوني، وهذه الإقطاعيات موجودة في فلسطين من خلال محمود عباس واز لام رئاسته اللذين يحرصون كل الحرص على تلبية الشروط الأمريكية والصهيونية وفي مواقف كثيرة نراهم يبزون الأمريكان والصهاينة حول التشدد على هذه الشروط وضرورة الاعتراف والامتثال لها ، ومن فلسطين إلى لبنان تجد عصابات المافيا والإجرام والخيانة والتآمر واللذين ثبت بحقهم ومن خلال الأدلة الدامغة كيف إنهم كانوا أدوات أمريكية وصهيونية في محاولة القضاء على المقاومة الإسلامية في لبنان وهؤلاء هم من يمثلون ما يسمى بجماعة 14 آذار وأعوانهم وعلى رأسهم السنيورة وسمير جعجع وجنبلاط والشيخ سعد وآخرون ، هؤلاء تم كشف حقيقة مواقفهم ونواياهم من خلال تصريحاتهم في بداية الحرب إذ حملوا المقاومة المسؤولية وتوعدوها بالوعيد والتهديد في اقرب فرصة واعد احد رموزهم مكانا تحت الأرض ليحبس فيه السيد حسن نصر الله وتم كشفهم أيضا من خلال التسريبات الصحفية التي تم تداولها حتى قبل نشوب الحرب والتي تتعلق بدور أطراف لبنانية وعلى رأسها السنيورة بالاشتراك في مخطط أمريكي وفرنسي وصهيوني للقضاء على حزب الله إذ تبين للسنيورة وأركان الخيانة معه إنهم مجتمعون لا طاقة لهم على القضاء على حزب الله .

وأما في العراق فيمتد إليه مشهد الخيانة والعمالة فجماعة المنطقة الخضراء برئاسة المالكي وغيره، هؤلاء كانوا ولازالوا أدوات الاحتلال في تنفيذ سياساته في تقسيم العراق وذبحه وتحويله إلى ساحة من التناحر والتقاتل المذهبي والعرقي من خلال مليشياتهم الإجرامية، هؤلاء للأسف تساقوا مع الاحتلال منذ البداية حينما طلبوا من جماهيرهم عدم مقاومة الفوات الأمريكية الغازية، وهكذا مشاهد الخيانة في المنطقة تتحدث عن حالة من الفرز الحقيقي حول وجود تياري الحق والباطل من عباس الرئاسة إلى كرزاي المحميات الأمريكية في أفغانستان.
هذه هي المعادلة في المنطقة العربية والإسلامية، إنها بين مشهدين رئيسيين لكل مشهد فيها القاسم المشترك الذي يجمعه معا في سياق إطار واحد، فتيار الخيانة والعمالة في المنطقة تجمعه سياسة تحقيق الأجندة الخاصة المرتبطة بأجندة الأمريكان والصهاينة ولو على حساب الأمة وشعوبها، وأما تيار الممانعة والصمود فأجندته عامة تتعلق بمصالح الأمة برمتها ولأنها كذلك فمرجعيتها وطنية وقومية إسلامية ليست مرتبطة عضويا ووظيفيا بأمريكا وإسرائيل ولذلك فان أمريكا وإسرائيل تحاربانها بكل ما أوتيا من قوة.

إن الحق والباطل كليهما لا يرتبطان بجنس أو مذهب أو بجنسية أو بغيرها، بل إنهما يرتبطان كل منهما في سياق تناقضهما الطبيعي في الفكرة المؤدية إلى كلا مجاليهما، ولذلك نجد أن الفكرة بالنسبة للحق والباطل في المنطقة موحدة في كل مشهد من المشهدين، لكن أشخاص هذين المشهدين وتلاوينهم ومذاهبهم مختلفة بل إنها متناقضة حتى في إطار التلوين والمذهب الواحد، واستنادا لما سبق، ومن باب التمثيل عليه نجد أن المذهب الشيعي في لبنان هو من مشهد الحق الذي تسعى إليه الأمة بينما تجد إن الشيعة في العراق وبالتحديد قياداتهم ومليشياتهم لانصب ضمن المشهد الذي ينتمي إليه نظراؤهم في المذهب في القطر اللبناني، والأمر بالتعاكس ينطبق على السنة في كلا القطرين العراقي واللبناني وهكذا دواليك.

إن الذي دفعني لكي اكتب في هكذا موضوع وبدرجة عالية من الوضوح هو ذهاب كثيرين عن فكرة صراع الحق والباطل التي حكمت التاريخ عبر مساره وبالتحديد التاريخ الإسلامي ومنطلقه الأساس أي الإسلام كعقيدة وشريعة، كان الملفت الأساسي لي حول التعليق على هذا الموضوع هو ما كتبه المفكر الإسلامي فهمي هويدي في مقاله قبل فترة وجيزة والذي عنونه ب " العرب في مرحلة التيه والضياع " حيث يبدي الأستاذ هويدي عجبه واستغرابه من حالة التنافر والتناقض والاختلاف حول المشهدين اللذين ذكرناهما على مستوى المذهب الواحد سواء كان شيعة أو سنة وعلى حالة التنافر والتناحر العربي بشكل عام، ولذلك أردت في مقالتي هذه أن اسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية في سياق صراع الحق والباطل وهذا ما ينبغي علينا كمفكرين وقادة وأمة وعالم إنساني على وجه العموم أن نعمل على هديه وباتجاه بوصلته

11 – 12 – 2006















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة