الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لزوم طي صفحة -الحداثوية الزائفه-/3

عبدالامير الركابي

2024 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


اخطر مايمر به العراق تحديدا، والمنطقة بلا ريب، هو مايمكن ان يطلق عليه احادية المنظور الغالب، فالغرب الالي تمكن عمليا من بسط منظوره ومفاهيمه في النظر الى التاريخ والمجتمعات باعتباره الموقع الارفع المتسيد تصورا ورؤية ودورا، فعمم موقعه الراهن المتولد عن قوة فعالية الالة، وتسريعها غير العادي للاليات المجتمعية، على مجمل التاريخ البشري، فحصره في نهاية المطاف فيه وفي كينونته وموقعه التاريخي، ولم يكن ماتقدم عائدا حصرا الى مااشير اليه، على اساسيته على المستوى الاجمالي التفكري والواقعي المعاش، وكيف يجري توظيفه، فالمسالة الاهم من كل ماقد ذكر تبقى ابعد من ان تلاحظ او تدخل في الاحتساب، باعتبارها مظهر قصور كينونه وبنية مجتمعية بشرية، ملازمه للطور المشار اليه من تاريخ الكائن البشري.
وماينوه عنه لم يسبق ان تمت مقاربته من قبل، فضلا عن النظر فيه من زاوية حال الكائن البشري، وهل هو كائن متحول، او نهائي، وماالاسباب او الموجبات التي تجعله كذلك، اي تجنبه اليات الارتقائية النشوئية، بعد ان يبلغ العضو البشري قمة تطوره ومنتهاه كما راى وقرر دارون، قاصرا ومتوقفا دون الانتباه الى موضع اخر للنشوئية واستمرارها غير الجسد بالذات، الامر المنوط بالعقل، الذي لم يسبق على حضوره بالصيغة التي اصبح عليها مع الانتصاب على قائمتين، سوى زمن قصير للغاية قياسا الى التاريخ التحولي الارتقائي للكائن الحي وتحولاته وماانتهى اليه، باعتباره حصيلة ونتيجه لاليات ماسبق، واشارة صارخه الى كونه الحصيلة المقصد والغاية بذاته.
هذا مع ان القصورية الاعقالية الاحادية يمكن ان تذهب كتصور ابتدائي الى الاعتقاد الجازم بان "ظهور" العقل المتاخرهو الاكمال الواجب للكائن الحي وتصيره، وانه جزء مدمج مكمل له ومنه، فلا يرد على البال احتمال الثنائية التكوينيه( الجسدو/ عقلية)، بما من شانه وضعنا امام احتمالية واضحه المعالم، الجسد الذي انتهى عندها كنمو وتطور ارتقائي بالصيغه الحالية، وهو مالايسري على العقل الذي يظل مستمرا بالترقي، لابل يتحول الى محور للعملية الارتقائية وللتطور المستمر والتصيّر، بما بيضعنا عند مرحلة نشوئية "عقلية"، الجسدية فيها عامل مساعد ضروري لزوما، مثلما كان على مر تاريخه ووجوده، بعدما تغيراليوم مكانه ودوره ضمن العملية النشوئية العقلية، بصفته متبقى من متبقيات الطور الحيواني وغلبته المطلقة، ابتداء من الخلية الاولى الى الانتصاب على قائمتين.
تطلق صفة وتسمية "الانسان" على الكائن البشري الحالي اعتباطا واحاديا، دلالة على تدني مستوى الاعقالية ودرجة الاحاطة المتاحة للعقل حتى حينه، فلايفترض "نشوئيا"، واقع او احتمال ان يكون مايعيشه الكائن البشري مرحلة انتقالية مثل ماسبقها، تذكر بها، يكون العقل ابانها مايزال يعاني وطاة متبقيات حضور الجسدية وثقلها، ومعها يكون الكائن البشري بالاحرى "انسايوانا" وليس ب "انسان"، يبقى هو المقصد والمحطة المراد بلوغها عبر المجتمعات وتفاعليتها، وصولا الى (الانسان / العقل)، حين تكتمل عملية الانتقال ساعتها من الجسدية، الى العقلية، وندخل عالم تحرر العقل من وطاة الجسدية الحاجاتيه.
اذن ثمه "مجتمعية انسايوانيه" ميزتها الرئيسية كونها جسدية حاجاتيه، العقل ابانها محكوم لاشتراطات البقاء الجسدي وممكناته، وهو مالايمكن ولاتتوفر شروط العبور عنه ومغادرته الا مع انبجاس العنصر التحولي العقلي، بانتقال وسيلة الانتاج من الجسدية "اليدوية"، الى العقلية "الالية"، بمايعني كون المجتمعات المعروفة هي مجتمعات انتقالية الى طور آخر، وانها بالاحرى "مجتمعات انسايوانية جسدية حاجاتيه" خاضعه لظروف واشتراطات الارضوية الحاجاتيه، الجسدية فيها هي الغالبة لحين توفر الاسباب بتراكمات التفاعل الطويل الامد، للانتقال الى " المجتمعية العقلية" مجتمعية "الانسان".
ان مايلعب الدور الاساسي في تعيين طبيعة ونوع المجتمعية الاولى بعد تبلورها، هو البيئه وماتفرضه من نمط انتاجية هي حكما يدوية، مما يعزز مكانة الجسدية، ولا مجال ولا من ممكن ان يحقق التحول الى المجتمعية الغرض والهدف المقصود، الا بانتقال الانتاجية من اليدوية الى العقلية، علما بان هذا النوع المجتمعي ليس منعدما كصيغة اولية اساس، ولا هو بالغائب عن التاريخ المجتمعي، فثمة مجتمعية "لاارضوية" تلدها الييئية واشكال فعلها، تكون اصلا مبتدأ للمجتمعات، تلعب الدور البدئي في كينونتها ونوعها، نمط بيئة يضع الكائن البشري والعملية الانتاجية على حافة الفناء، فيجعل الحصول على منتج الارض الضروري للبقاء، بخانه الاحتراب المستمر مع الطبيعة الطاردة المدمرة العاتية، كما الحال في علاقة النهرين دجلة والفرات، وتدميريتهما ومعاكستهما كفيضان للدورة الزراعية، كما في ارض جنوب ارض الرافدين في سومر تحديدا، هذا عدا انصبابية الجهات الشرقية والغربيه والشمالية الاقوامية الهابطة من الصحارى والجبال الجرداء نحو ارض الخصب، مايحول المعركة مع الطبيعة من اجل الاستمرار الى معركة مزدوجة مع الطبيعة ابتداء، ومع السيول السلالية الارضوية الطامعه باخضاع مكان، حريته الانتاجية تساوي وجوده واستمراره، الامر الذي يولد آليات الاصداميه التصارعية المستمرة، والازدواجية النوعية المجتمعية ومايترتب عليها من تعبيرية موحده، كونية، سماوية في الاسفل، وامبراطورية ازدواجية في الاعلى، ويخضع المكان لقانون الدورات والانقطاعات التاريخيه بحكم طبيعة الاصطراع، ومايحيط به من فيوض بشرية وتفاعلات ذاتيه تدميرية، تغيب بموجبها البنية الازدواجية بعدما تنهار بانتظار ان تعود للتشكل ضمن اشتراطات تكون مؤاتيه وقتها.
لن تبدا عملية خروج الكائن البشري من عالم الحيوان المرافق لوجوده خلال الطور المجتمعي المستمر الى اليوم، الا بعد ان يكتشف الازدواج المجتمعي ومايترتب عليه، فيتعرف على "المجتمعية اللاارضوية"، مقابل "مجتمعات الارضوية الانسايوانيه"، قبلها يكون بالاحرى مادون "انسان"، محكوم بقوة التفاعل التصيري مع الطبيعة، بالذهاب الى مابعد انسايوان، كائن مابعد الاحادية المجتمعية والبشرية الجمودية الموقوفة عند الحال الراهن، مع مبتكراته التصورية المحدودة، "الحضاروية" والادعائية العلموية المجتمعية القاصرة، الامر الذي يظل مستمرا مادامت الانتاجية "اليدوية" مستمرة، كما خلال الفترة الاولى الابتدائية من الانتقال الالي الأوربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراع الأجندات في سوريا.. من يتحكم بالمشهد؟


.. مبادرة لتوزيع الورود على أهالي حلب بعد سيطرة المعارضة عليها




.. الجزيرة تحصل على صور لانتشال أحد المصابين عند بوابة مستشفى ك


.. سوري يلتقي بوالده بعد سيطرة المعارضة على حماة




.. سرايا القدس: قصف جنود وآليات الاحتلال المتوغلين في حي الجنين