الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات من الحارة

ريان علوش
(Rayan Alloush)

2024 / 7 / 3
كتابات ساخرة


بعد ظهور القنوات اللبنانية في التسعينات كان الاتجاه العام هو حيازة الشبكات الحديثة بشكل جنوني كنوع من الثورة غير المعلنة، أو بمعنى آخر كانت الحال أشبه بالنزوع نحو الانعتاق من الرق، رق القناة الأولى والثانية أيضاً .
في حارتنا وكغيرها من الحارات كان التنافس على أشده فيمن يحوز تلك الشبكة الذهبية، فكانت أغلب الأحاديث عن فلان الذي اشتراها نوعية جيدة، وفلان الذي لم يوفق في ذلك .
جواد الرجل الستيني الذي تقاعد مؤخرا كان مسرورا بما يجري فهو وجد تسلية جعلت منه خبيرا يستشار حول النوعية و كيفية تركيبها.
في الآونة الأخيرة لاحظت بأن جواد قد بدأ ينحو باتجاه آخر، حيث صرح تصريحا خطيرا بقوله :النوعية وحدها لا تكفي بل يجب أن يكون ذلك مترافقا مع طول الأنتيل، فكلما كان أطول كلما كانت النتيجة أفضل.
هنا وبعد تصريح جواد بات التنافس على أشده بين أهل الحارة حول من يستطيع حيازة أطول انتيل، وكان جواد هو الحكم ففي كل يوم يقف جواد معلنا أن انتيل فلان أطول انتيل بالحارة.
ما قاله جواد إضافة للمنافسة الحادة في الحارة دفعني للذهاب إلى أقرب حداد طالبا منه : انتيل بطول عشرة أمتار .
بعد عدة أيام كان أهم تصريح صرح به جواد وجعله مصدر فخر لي، ومصدر حسد جيراني بأن انتيلي هو الأطول على الإطلاق .
بعد عدة أيام لاحظت بأن انتيل جواد بات أطول من انتيلي ولدى سؤالي أجابني:بأنه أحضر خشبة و أدخلها بالحديدة حتى باتت كأنها قطعة منه.
يومئذ اعتبرت ما قام به جواد نوع من الثعلبة لذلك قاطعته فترة من الزمن.
في تلك الفترة كانت عيني على انتيل جواد لأرى المستجدات التي ستطرا عليه، وهذا الاهتمام أعترف الآن بأنه كان نوع من الغيرة .
مع حلول الصيف كان شاغلي الأكبر هو توجيه انتيلي على الجهة التي يكون عليها انتيل جواد وهذا ما اتعبني صراحة إذ لم أصل إلى نتيجة فعلى ما يبدو أن ذلك الأزعر يشاهد قنوات لا يعرفها أحد غيره.
في أحد الأيام سألته عن سر ذلك فكان جوابه صادم حين قال:والله الخشبة اللي أدخلتها بالحديدة شتاءا جفت صيفاً وصارت تميل مع الهوى لذلك صرلي فترة ما عبيطلع عندي أي محطة وبدي شيلا
في اليوم التالي صعد جواد مع آخرون إلى السطح وبينما كان يخرج الخشبة من الحديدة سقطت على رأسه فجرح جرحا بليغا.
عندما عايدته في منزله قلت له بأن يكف عن هذه الإهتمامات التي أرهقتنا مادياً وجسدياً، وجعلت الخلافات بين أهل الحارة على أشدها، حيث لم يعد لنا اهتمام سوى طول الانتيل ، ووصل الأمر إلى أن بعض نسوة الحارة قاطعن بعضهن لأن فلانة تكلمت بسوء عن انتيل جارتها.
أصغى جواد لي مليا، ووعدني أن يكف عن هذا الاهتمام، لكن قبل أن أخرج قال لي: هل سمعت بالصحن؟!
سألته مستغرباً: أي صحن ؟!
قال لي: إنه صحن يشبه صينية الأكل يوضع على السطح فيستقبل آلاف المحطات، وكلما كان الصحن أكبر كان استقباله أفضل.
بعد أن أنهى جواد كلامه هززت برأسي يائسا، وقلت بأن الرجل لا بد وأنه جن نتيجة تلك الضربة على رأسه، فكيف لنا من خلال صينية الأكل أن نشاهد التلفزيون؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكينج وكاظم الساهر وتامر حسني نجوم حفلات مهرجان العلمين فى


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع




.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024




.. الفنانة نادين الراسي توبخ أما تعنف طفلها وتضربه