الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيطنة الشيطان بوسائل غير شيطانية

محمد حمد

2024 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


في كرة القدم يلجأ الفريق الخاسر الى البحث عن ذرائع ومبررات لهزيمته. وفي اغلب الأحيان يوجّه اتهامات لاذعة وعلنية الى حكم المباراة حول بعض التفاصيل التي كان يعوّل عليها في تغيير النتيجة النهائية. اما في السياسة فالامر لا يختلف كثيرا. وفي "مباراة" الانتخابات التي تجري في بلد ما فان الحكم الوحيد فيها هو الشعب. وصافرته النهائية تضع حدا لكلّ من يشكّك في نزاهة ادارته للمباراة. وقراراته تشبه إلى حدّ ما قرارات المحكمة العليا، لا يمكن الطعن فيها.
لقد جرت في بعض دول اوروبا إنتخابات برلمانية، بما فيها إنتخابات البرلمان الاوروبي، واثبتت النتائج ان ثمة موجة يمين "متطرف" عاتية توشك ان تكتسح غالبية بلدان حلف الناتو. طبعا ليس حُبّا ياليمين المتطرف، مع العلم ان جميع الاحزاب الحاكمة هي احزاب يمينيّة بين متطرف وآخر اقلّ تطرّفا. بل لان الشعوب نفسها تعبت وسئمت من سياسة الانصياع والخضوع الاعمى لامريكا ومشاريعها العدوانية. ومن هدر اموال دافعي الضرائب في حروب ونزاعات بالوكالة جميعها لصالح واشنطن.
لم يكن للمواطن الأوروبي فيها لا ناقة ولا جمل ولا حتى حمار !
وتشهد فرنسا هذه الأيام حملة مسعورة من قبل حزب الرئيس ماكرون وحزب "اليسار" الفرنسي ضد التجمّع الوطني اليميني "المتطرف" إلى درجة دفعت الكثير من المرشحين من الماكرويين واليساريين إلى الانسحاب من الجولة الثانية للانتخابات لمنع اليمين "المتطرف" من الوصول الى السلطة.
طبعا هؤلاء الناس يؤمنون بالديمقراطية من طرف واحد فقط، اذا جاز التعبير. ليس من حق الآخرين الفوز أو الوصول إلى سدّة الحكم. وان الملايين الذين صوتوا لصالح اليمين "المتطرف" لا قيمة لهم ولا يعنون شيئا في عرف ماكرون وأمثاله. مع العلم أن مبدأ الديمقراطية يقول ما معناه "السلطة يوم لك ويوم لغيرك*. مع التذكير على ان جميع الأحزاب في أوروبا كما ذكرتُ سابقا، هي أما يمينية أو يمينية متطرفة بغض النظر عن الأسماء والعناوين والشعارات المعلنة. والفروق بين هذه الاحزاب تكاد لا تذكر. ويكفيكم على سبيل المثال حزب المستشار الاماني شولتس " الحزب الاشتراكي الديمقراطي" وهو في الحقيقة لا يملك ذرّة لا من الديمقراطية ولا من الاشتراكية. وأصبح من أكثر الأحزاب تطرّفا وعدوانية في جميع مواقفه من روسيا الاتحادية. ومن دعاة الحرب الشرسين والمصابين بوهم الانتصار على روسيا عن طريق مهرّج كوميدي "الله وفّقه وصار رئيس دولة".
لقد بدأ واضحا أن الأحزاب الحاكمة في أوروبا، وجميعها يمينية ومعادية لروسيا، اصيبت بالهلع والرعب وهي ترى الأحزاب اليمينية "المتطرفة" تحجز خشبة المسرح السياسي بالكامل تقريبا. مما جعل ماكرون يستخدم كل وسيلة لبث الخوف والقلق والفزع في نفوس المواطنين الفرنسيين لمنعهم من التصويت في الجولة الثانية لصالح حزب التجمع الوطني بقيادة السيدة ماري لوبان.
أن على الأحزاب الحاكمة في أوروبا أن تبحث بجدية وصدق عن الاسباب الحقيقية التي تجعل المواطنين يصوتون للأحزاب اليمينية المتطرفة. وبدلا من القاء اللوم على أطراف خارجية (روسيا مثلا) في ما تعاني منه حكومات الغرب، عليها اولا وقبل كل شيء الاستماع بشكل نزيه وبلا لف ودوران الى صوت شعوبها. وتلبية مطالبها على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية. والتخلص من التمييز والعنصرية في التعامل مع المواطنين.
وقبل ثلاثة عقود، كانت مفردات مثل يمين او يسار أو وسط، متطرف أو معتدل، لها وقع خاص وتأثير واضح على السامع او المتلقي خصوصا في شرقنا الأوسط. أما اليوم، فصدّقوني، لا توجد اي فروق بين الأحزاب الاوروبية. لقد اختلط حابلهم بنابلهم، في السياسة الخارجية على وجه الخصوص. واصبحوا وكلاء مخلصين لساكن البيت الابيض في واشنطن. يحرّكهم ذات اليمين وذات الشمال كما يشاء...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: -ماكرون يبحث عن شخصية خارقة ت


.. عبد الملك الحوثي يهدد باستهداف منشآت سعودية




.. وزير الخارجية المصري: استخدام إسرائيل لسلاح الجوع في حرب غزة


.. المفوض العام للأونروا: الكثير من مقرات الوكالة في غزة تعرضت




.. هدوء في شوارع باريس بعد ليلة عاصفة من الاحتفالات والاشتباكات