الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات المبكرة ماذا وراء تداول اخبارها؟

صادق الازرقي

2024 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


اثار الائتلاف الذي ترأس السلطة التنفيذية لمدة ثماني سنوات ونعني به ائتلاف دولة القانون، وعلى لسان رئيسه في مقابلة تلفزيونية، قضية الانتخابات المبكرة في العراق محددا لها نهاية السنة الحالية سقفا اعلى.
وبحسب المفهوم السياسي، فان المغزى من الانتخابات المبكرة يتضمن عدة نقاط وأهداف، منها ان تلك الانتخابات تستعمل أداة لحل الأزمات السياسية، سواء كانت ناتجة عن فقدان الثقة في الحكومة القائمة، أو بسبب خلافات حادة بين الأحزاب السياسية، أو نتيجة لعدم قدرة البرلمان على تشكيل حكومة مستقرة.
وقد تلجأ الحكومات إلى الدعوة لانتخابات مبكرة للحصول على تفويض جديد من الشعب، لاسيما إذا شعرت بأنها فقدت الدعم الشعبي أو تواجه معارضة قوية، وهذا يمكن أن يعزز شرعيتها ويساعدها على المضي قدماً في تنفيذ سياساتها.
وقد تحدث تطورات سياسية أو اقتصادية مفاجئة تتطلب إعادة النظر في القيادة أو السياسات القائمة، مثل الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات الأمنية.
وفي بعض الأحيان، قد تدعو الأحزاب الحاكمة إلى انتخابات مبكرة عندما تشعر بأن الظروف السياسية مواتية لها لتحقيق نصر انتخابي كبير، مما يعزز موقفها ويسمح لها بتنفيذ برنامجها بشكل أكثر فعالية، كما قد تُدفع الحكومات إلى إجراء انتخابات مبكرة نتيجة لضغط الشارع أو مطالب المعارضة القوية بإجراء تغيير فوري في القيادة أو السياسات.
باختصار، ان الانتخابات المبكرة أداة سياسية تهدف إلى التعامل مع أزمات الشرعية، وتحقيق الاستقرار السياسي، وتجديد الثقة الشعبية، واستجابة للتغيرات المفاجئة في البيئة السياسية أو الاقتصادية.
فما الذي استجد من الوضع العراقي كي تجري اثارة موضوعة الانتخابات المبكرة؟
يعتقد كثير من المراقبين والباحثين السياسيين ان الوضع الآن في العراق يتميز باستقرار شبه نسبي على الصعيدين الأمني والسياسي، وهو أفضل من الأوضاع التي مر بها العراق طيلة أكثر من عقدين منذ تغيير النظام المباد.
والمفارقة هنا ان الشخصيات السياسية التي كانت ترفض الانتخابات المبكرة بقوة قبل سنوات، أصبحت الآن تدعو اليها برغم عدم توتر الأوضاع مثلما كان في السابق، كما لا يتواجد ضغط للشارع أو مطالب لمعارضة تدعو لإجراء تغيير فوري في السلطتين التشريعية والتنفيذية وهي من شروط اجراء الانتخابات المبكرة.
وفضلا عن ذلك فان الائتلاف الحاكم القائم حاليا "الإطار التنسيقي" ممثلا بشخصياته هو من رفض في السابق فكرة الانتخابات المبكرة، بل انه عمل بخلاف السير الاعتيادي للعملية السياسية التي يدعي الحرص عليها، حين رفض تسليم السلطة التنفيذية الى الجهات الفائزة في آخر انتخابات نيابية في تشرين الأول 2021.
الاغرب من ذلك ان رئيس ائتلاف دول القانون يشترط الآن لإجراء الانتخابات المبكرة، عدم ترشح المسؤولين التنفيذيين الحاليين، بمن فيهم رئيس مجلس الوزراء، برغم ان زعيم ائتلاف دولة القانون هو نفسه كان قد تشبث بمنصبه وأجرى الانتخابات وهو على رأس السلطة في حينه، وحكم لدورتين انتخابيتين متتاليتين؛ فكيف يطالب الآخرين بما لم يفعله هو؟
القضية الأخرى ان رئيس الوزراء الحالي شرع لتوه بتنفيذ وعوده "او لنقل برنامجه الانتخابي" بعد فشل جميع الحكومات السابقة بتنفيذ أي تعهد او وعود تسجل لها؛ وهنا يتساءل المراقبون، لماذا يطالبون بالانتخابات المبكرة بدلا من ان يتركوا رأس السلطة التنفيذية الذي اختاروه هم أنفسهم، ليواصل تنفيذ وعوده بالإعمار الذي تمثل في المجسرات وتبليط الطرق وإقامة المتنزهات في بعض المناطق ومشاريع أخرى مهمة.
يفسر البعض ذلك بالقول ان منافسة غير معلنة تجري بين رئيس ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الحالي، تكمن في السعي الى عدم افساح المجال له لاستكمال مشاريعه القائمة والمقترحة، كي يمنعون عنه تجديد ولايته.
لقد كان المطلب الرئيس لأغلبية الشعب العراقي هو التغيير الشامل للنظام الانتخابي الحالي، لاسيما بعد ان شهدت الممارسات الانتخابية الأخيرة سواء للانتخابات العامة او المجالس المحلية مقاطعة شبه شاملة للسكان قدرت نسبتها بحسب أكثر التقديرات بنحو 80% من السكان، وإذا اضيف الى النسبة، السكان ممن لم يجري اضافتهم وكان يحق لهم التصويت، ولكنهم شطبوا لعدم مراجعتهم لاستخراج البطاقة الانتخابية الالكترونية؛ لفاقت نسبة المقاطعين ذلك الرقم بكثير.
برأيي ان أي انتخابات يدعى اليها في الوضع العراقي لا معنى لها، ولن تحقق شيئا إذا لم يصار الى اصلاح شامل للنظام الانتخابي، حتى إذا تطلب ذلك تعديل الدستور او تغييره بالكامل، بعد ان ثبت بالتجربة فشل هذا النظام بتلبية مطالب السكان.
من سبل اصلاح النظام الانتخابي في العراق، وجوب مراجعة قانون الانتخابات الحالي لضمان تحقيق التمثيل العادل لجميع فئات السكان والمناطق، قد يشمل ذلك تعديل النظام الانتخابي ليكون أكثر شمولية وشفافية، ويجب تعزيز الاستقلالية الحقيقية والشفافية لمفوضية الانتخابات، لضمان أنها تعمل بعيدا عن التدخلات السياسية، وتعزيز دور المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية لمراقبة الانتخابات لضمان النزاهة والشفافية، ورفد ذلك بزيادة المراقبين المستقلين، اذ يساعد ذلك في الكشف عن أي تلاعب أو تزوير.
كما ان تبني تقنيات حديثة مثل التصويت الإلكتروني أو تسجيل الناخبين بالبصمة، يمكن أن يساعد في تقليل التزوير وتسهيل عملية الانتخاب؛ ورأينا بدلا من ذلك اصرار القوى الخاسرة في انتخابات عام 2021 على إعادة الفرز اليدوي بدلا من تشخيص المشكلات وتطوير التصويت الالكتروني.
كما ان أسلوب التمثيل وتوزيع المقاعد في مجلس النواب يجري تقريره في الغرف المغلقة للسياسيين، وظل يدور بشأن رفض طريقة " سانت ليغو " او ابقائها، من دون ان يجري بحث ومناقشة البدائل بالاستناد الى حملات توعية شاملة لتثقيف السكان حول أهمية المشاركة الانتخابية وحقوقهم وواجباتهم الانتخابية، وهنا يتوجب إعادة النظر في توزيع الدوائر الانتخابية لضمان أن كل دائرة تمثل عددا متساويا من الناخبين بشكل عادل ومتوازن.
كما يجب وضع قوانين واضحة لتنظيم عمل الأحزاب السياسية وضمان تمويلها بشكل شفاف وعادل، ويجب منع التمويل الأجنبي غير القانوني وضمان الإفصاح المالي، ودعم التنوع السياسي، وتشجيع الأحزاب الصغيرة والجديدة على المشاركة يمكن أن يساعد في تقوية الديمقراطية التعددية، ويشجع السكان على المشاركة.
ومن الضروري تطبيق قوانين صارمة لمكافحة الفساد الانتخابي بما في ذلك شراء الأصوات والتهديدات والرشاوى، ويجب محاسبة أي شخص يتورط في مثل هذه الأنشطة وفرض قوانين صارمة بشأن التمويل الانتخابي لضمان أن تمويل الحملات الانتخابية يجري بشكل قانوني وشفاف.
ومن الضروري أيضا توفير مراكز اقتراع ملائمة وآمنة في جميع أنحاء البلاد لضمان وصول جميع السكان إلى صناديق الاقتراع، وتدريب الموظفين الانتخابيين بشكل جيد لضمان حسن سير العملية الانتخابية والتعامل بكفاءة مع أي مشكلات قد تطرأ.
وكحل في المدى المنظور، يجب منح الحزب او الائتلاف الفائز الأول في الانتخابات حق تشكيل الحكومة بالتعاون مع أي ائتلاف او حزب يتوافق معه، وإلغاء أسلوب ما يسمى "الثلث المعطل" الذي اثبت عدم جدواه وعرقلته الممارسة السياسية.
من دون تلك الإجراءات وغيرها، لا يمكن الحديث عن انتخابات مبكرة، وحتى الانتخابات المقبلة التي من المفترض ان تقام في وقتها، تكون بلا معنى طالما ان السكان لم يلمسوا تغييرا حقيقيا في النظام الانتخابي وفي طبيعة الممارسة السياسية وستتواصل المقاطعة والازمات بالتأكيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشاهد توثق لحظة حدوث انفجارات في محيط بيروت بعد غارات إسرائي


.. سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت




.. مشاهد توثق موجة نزوح من مخيم صبرا وشاتيلا بعد الغارات الإسرا


.. مشاهد لاستمرار حركة الطائرات بشكل طبيعي في مطار بيروت




.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان