الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللي بيجرب المجرب عقله مخرب

هاني محمد عوني جابر

2024 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قد لا يبدو منطقيا ان تحصد السلطة الفلسطينية ثمار السابع من أكتوبر بوعود أمريكية أوروبية بضرورة أقامه دوله فلسطينية غير واضحة المعالم، وان عنوان التفاوض هو السلطة التي جرّمت وحرّمت السابع من أكتوبر، واعتبرتها مغامرة غير محسوبة. أدت وتؤدي الى تدمير المقدّرات الفلسطينية وضرب للمشروع الوطني بأكمله. وأنها لا زالت ملتزمة باتفاقيات لا معنى لها ولا قيمه من الطرف "الإسرائيلي"، وأنها فرصه قد تلتقطها بعد سنوات من الجمود في الموقف الإسرائيلي والذي اصبح أكثر تصلباً وتشدداً ورافضاً لفكرة التفاوض أو الاعتراف بالسلطة كطرف تفاوضي.
هل فعلا سيتم الاعتراف بها كجهة تمثل الشعب الفلسطيني بعد محاولات تعريتها من مقدراتها واضعافها إلى حد يمكن الضغط عليها بمزيد من التنازلات؟ وهل انكار السلطة من قبل نتنياهو لخلق بديل أكثر تعاوناً فكرة قابلة للتحقيق؟ وهل فعلاً هنالك بدائل يمكن تقديمها كممثل للشعب الفلسطيني؟
غزه ألحقت الهزيمة بالكيان الصهيوني الذي كان يعتبر حتى الأمس القريب القوه التي لا تقهر، وكشفت لما يسمى بالعالم المتحضر المدى الذي تستطيع الوصول إليه من قتل وتدمير وتشريد، وكأنه قادره على تحقيق إنجازها بتدمير قوة المقاومة! وكشفت للعالم زيف ادعاءاتها بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وضربت كافة الشرائع الكونية بعرض الحائط.
الهزيمة تجلت في ثبات الطرف الأضعف أمام تلك الضربات، والمقدرة على الصمود واعاده بناء المقدّرات، والتكيف مع البيئة التي حصنتها قبلاً، فكانت بيئة حاضنة بعكس التوقعات الاستخباراتية التي راهنت على تفكيكها. هذا الصمود الأسطوري -بالرغم من حجم الكوارث التي خلفتها "إسرائيل"- تاريخي ويمكن البناء عليه استراتيجياً. محور المقاومة وانا كان مسانداً لغزه إلا أنه استطاع تحريك الملف الفلسطيني، فأصبحت كمحور جزء من اللعبة الدولية فتضررت المصالح الاقتصادية للكيان وللدول التي تحمي وجوده، واستطاع هذا المحور كسر المعادلات السابقة وفرض معادلات جديده لها بعد استراتيجي واضح.
لن نغرق في تفاصيل الحديث عن الإنجازات التي تحققت في البعد الاستراتيجي وأن الكيان يلفظ أنفاسه ما قبل الأخيرة، فكافه المحللين قادرين على تشخيص ما حصل كهزيمه إستراتيجية "لإسرائيل " لها ارتدادات مستقبليه في تقصير عمر الكيان.
ما يهمنا وهذا البعد الأخطر هو "المحور السياسي" ما بعد هزيمه "إسرائيل" وكيف ستتم محاولات اجهاض ما أنجز على الأرض لمحاوله اطالة عمر الكيان.
نتنياهو عنوان لليمين المتطرف تشابكت مصالحه الشخصية مع اليمين الذي يعتبر أن "إسرائيل" الكبرى هي حلم توراتي لا بد من تحقيقه، هذا اليمين يعتبر بان اللحظة قد حانت لتطبيق ذلك الحلم، وأنه بتأجيج الصراعات في المنطقة هي مصلحة " إسرائيلية"، نهايتها تحقيق الحلم، وأن الفوضى هي البديل بعدم وجود "إسرائيل".
لن نخوض بمدى تقبل أو عدم تقبل المجتمع الدولي لتلك الأفكار، فقد بات المجتمع الدولي أكثر تحرراً من " عقدة الإبادة لليهود".
أمريكا ليست طرفاً محايداً، بل طرفاً محوري في المعادلة، فهي تشكل صمام الأمان لدولة الكيان عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وهي تدرك بان "إسرائيل" قد هُزمت وأنها غير قادره على تحقيق أي من أهدافها المعلنة والغير معلنة، وأنه لا بد من احتواء سياسي لضرب ما أنجزته المقاومة. لن نعود مطولاً إلى ما حققته الانتفاضة الأولى وكيف تم اجهاضها باتفاق سياسي هزيل بجود طرف مستعد بنيوياً وفكرياً لقبول "أوسلو"، الذي لا زلنا نعيش تحت سقفه لليوم.
التمسك الأمريكي برؤيتها بان "السلطة الفلسطينية" هي العنوان وأنه يجب المحافظة على وجودها ولو بالحد الأدنى، لتكون طرفاً تفاوضياً بديلاً لحماس، وأن فكرة نتنياهو لخلق بدائل هي فكرة غير واقعية ولا يمكن تحقيقها، وأن ضمان عدم عوده حماس للحكم هو تمكين السلطة الفلسطينية من فرض سيطرتها على القطاع.
بمعنى آخر لن تكون حماس طرفاً تفاوضياً حتى لا يتم اعطاءها ما ارادته، وهو تعزيز انتصاراتها سياسياً، بل السلطة الفلسطينية والتي جرّمت وحرّمت ما حصل بغزة، والتي أبدت وتبدي استعداداتها لإعادة التفاوض وليس البناء على ما تم تحقيقه من انتصار على الأرض، وستراهن أمريكا على المزيد من الانقسام في الطرف الفلسطيني كجزء من خطتها في احباط إنجازات المقاومة، فالسياق التاريخي يعطي مؤشرات تؤكد هذا التوجه.
نتياهو لا يستطيع خلق البديل "لسلطة فلسطينية " حتى وإن حاول، فلن يجد شريكاً اكثر تعاوناً منها! وإن أراد ذلك لقام بضرب مقومات السلطة -أجهزتها الأمنية- واكتفى بالضغط المالي للمزيد من تسهيل " الأرضية " لمزيد من التنازلات. وما قبول عودة أجزاء من أموال "المقاصة" كجزء من "سلة عقوبات" للسلطة حسب أدعاء سموتريش، إلا دليل على مدى قابلية "السلطة الفلسطينية" لتقديم تنازلات وعودة الرهان على الموقف الأمريكي من جديد.
سؤال يستدعي الإجابة من الساسة والسياسيين: هل تستطيع "السلطة الفلسطينية" البناء على ما تحقق على أرض غزة؟ وهل تستطيع أن تتجاوز السقف المحدد لها؟ وهل بنيتها وعقيدتها الأمنية قادره على كسر القيود المفروضة عليها؟ وسؤال آخر هل يستطيع محور المقاومة فرض معادلات جديده تتجاوز اوسلوا؟ وهل ستلقى تجاوباً دولياً باعتبارها عنوانا بديلاً "للسلطة الفلسطينية"؟ أم أن ما تحقق من انتصار تاريخي على الأرض إنجازاً تاريخياً له ارتداداته المستقبلية؟ أم أن المراهنة على المتغيرات الدولية في ظل حالة التوتر بين روسيا واكرانيا كافية لقلب المعادلات الدولية؟ هي أسئلة مشروعة والبحث فيها ضرورة لقراءة المشهد بتعقيداته.
لا نستطيع الجزم بأن المقاومة في غزة سيغيب عنها تلك السيناريوهات الواقعية والغير منطقية مما يستدعي قراءة جديدة للمشهد السياسي القادم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات