الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مركز تسوق وثقوب رصاص

لويس ياقو
(Louis Yako)

2024 / 7 / 4
الادب والفن


وأنا أتمشى في مدينة موستار في البوسنة والهرسك،
وهو بلد أنهكته واستنزفته حروب النخبة العالمية مثل بلدي،
وصلت إلى تقاطع في شارع
ولاحظت على الجانب الأيمن بناء ضخم لمركز تسوق حديث (مول)،
بينما جثمت على جانبي الأيسر بناية سكنية قديمة مليئة بثقوب الرصاص،
وكأنها عيون شاهدة على الموت المجاني الذي دار هنا
في حرب توقف فيها إطلاق الرصاص،
دون انتهاء المسببات والمجرمين الذين يقفون خلفها
مختبئين مثل قيح نتن تحت بثرة قد تنفجر عند أي لحظة وعي!
وتسألت بمرارة: متى سيفهم العالم بأن العنف لا يندلع سهواً أو مصادفة،
بل كل عنف في عصرنا هو متفق عليه سلفاً
من قبل نخبة صغيرة تقرر عن سبق إصرار وتعمد،
بأن كل شعب يرفض المولات والاستهلاك والتفاهة،
يجب أن يؤدب بالموت المجاني لمن يقاوم!
كما ويجب - وبأي ثمن - أن تثقب عقول وأرواح
كل الناجين بالرصاص!
ولاحظت في نفس التقاطع إمرأة مسنة
شعرها أحمر وعيناها حزينة وعميقة كثقوب الرصاص ...
كما وشاهدت مجموعة شباب يرتدون ملابس عصرية
تشبه تلك التي نراها معروضة في المولات ...
رمقتهم المسنة بنظرة وكأنها تريد أن تخبرهم عن كل ما حصل،
غير انهم لم يلاحظوا وجودها
وعيونهم شاخصة على شاشات هواتفهم الذكية...
وهنا تسألت بغصة:
هل أخبرهم أحد عن كل ما دار هنا؟
عن صوت الطلقات النارية؟
أيميزون بين صوت القصف والألعاب النارية؟
هل أخبرتهم هذه المسنة التي بدت منكسرة ومكسورة
عن الثمن الحقيقي الذي دفعته
عن كل الثقوب التي لازالت في قلبها وتاريخها
من أجل عيون كل هذه المولات والسلع الاستهلاكية الرخيصة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك