الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواجهة المباشرة..

حسن أحراث

2024 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كانت حتى وقت قريب، أي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، تتم مواجهة النظام القائم والمتمترسين في خندقه بشكل مباشر وبأشكال غير مباشرة. كانت الانتفاضات الشعبية لا تتوقف كأشكال مواجهة مباشرة وعفوية مع الترسانة القمعية مع ما يترتب عن ذلك من أعداد هائلة من الشهداء والمعتقلين السياسيين. وكانت المعارك النضالية (إضرابات وإضرابات عامة واعتصامات ووقفات ومسيرات...) كأشكال مواجهة غير مباشرة، وخاصة في صفوف العمال والفلاحين الفقراء، بدورها لا تعرف التوقف. والمقصود بغير المباشرة هنا هو كونها تتم في كثير من الأحيان في إطار النقابات وبدعم من طرف بعض القوى السياسية والجمعوية. وكم من معركة نضالية تجاوزت سقف القوى السياسية والنقابية والجمعوية وخاضت المواجهة المباشرة، فاضحة بذلك تواطؤ هذه القوى المتخاذلة، خاصة في المنعطفات التي عرفت ارتفاع حدة الصراع الطبقي.
وفي الفترات الأخيرة، أي منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، صارت كل أشكال المواجهة، أي كل الأشكال الاحتجاجية، مباشرة. لقد أشرك النظام جل الأحزاب السياسية بعد تقليم أظافر "المتأرجحة" منها، أو ما كان يسمى بالأحزاب السياسية الإصلاحية، وكافة القيادات النقابية البيروقراطية، المركزية أو القطاعية، في مشروعه الطبقي. ولم تعد أمامه كجهة معيقة لتنزيل مخططاته التدميرية المملاة من طرف الامبريالية ومؤسساتها غير أوسع الجماهير الشعبية ومناضليها المخلصين. وحتى التطبيع مع الكيان الصهيوني تمت مباركته من طرف كل القوى السياسية الشريكة، وتبخرت بذلك كل الشعارات المنمقة والزائفة..
ولأن النظام قد بث زبانيته في كل المواقع (الشوارع والدروب والأزقة والساحات...) وهيأ كل شروط القمع لإجهاض أي مبادرة في مهدها تعطلت وتيرة الانتفاضات الشعبية في صيغتها السابقة، وصارت كل المعارك النضالية وباقي آليات الاحتجاج أشكال مواجهة مباشرة، حيت غابت الأحزاب والنقابات والجمعيات، أي الوسائط السياسية والاجتماعية، واستشرى التعاون الطبقي بشكل غير مسبوق. أما بعض الهيئات وأشكال الاحتجاج الباردة فقد بات دورها مقتصرا على تأثيث المشهد السياسي وتسويق الوهم وقتل الكفاحية لدى الطاقات المناضلة..
والمهم هنا، وكما دائما هو سؤال "ما العمل؟". بدون شك، لن ننطلق من الصفر أمام التراكمات النضالية والتضحيات البطولية التي قدمها شعبنا، لكن لابد من تسطير الأولويات ووضع البرامج والشعارات التي تجيب عن التطلعات والانتظارات للخروج من عنق الزجاجة الخانق.
فحتى الآن، جل المناضلين منشغلون بالعمل في صفوف النقابات والجمعيات والشبكات والجبهات والائتلافات...الخ. ورغم كل الجهود المبذولة تفوز البيروقراطية المدعومة من طرف النظام بقطف ثمار تلك الجهود، ويجد المناضلون أنفسهم في آخر المطاف على الهامش؛ ومنهم من يفر من جحيم بيروقراطية ليسقط في جحيم أخرى. وهناك من يبحث عن الريع (كرسي القيادة أو التفرغ أو التنقل الى الخارج...)..
إن المطلوب وبإلحاح في درب الثورة المغربية، المواجهة الجماعية والمنظمة للبيروقراطية والتصدي لمناوراتها، وذلك من خلال التجذر في صفوف القواعد النقابية، وخاصة العمالية. ويتم ذلك بالموازاة مع التأطير والتنظيم وما يستدعيه الأمر من تخصيب لوعيها الطبقي وتعميقه.
وهذه المهمة النضالية الشاقة، السيزيفية والاستنزافية، لن يستطيع المناضل الفرد إنجازها أو استكمال إنجازها بمفرده؛ وهنا لابد للمناضل، كل من موقعه، كان عاملا أو فلاحا فقيرا أو مثقفا ثوريا، أن يضع بين عينيه مسؤولية المساهمة في بناء الحزب الثوري. فهذا الأخير يستطيع التصدي للبيروقراطية، بل للنظام. وتجدر الإشارة الى أن مهمة بناء التنظيم لا تلغي أو تنفي القيام بمهام نضالية أخرى والانخراط فيها..
وبكلمة واحدة، لا ثورة بدون تنظيم ثوري..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليوم الأول لمؤتمر الحزب الجمهوري: ترامب يعلن اختيار نائبه و


.. محاكاة بالموت في مظاهرة نصرة لغزة في بولندا




.. مسيرة في العاصمة اليابانية طوكيو تعبيرا عن التضامن مع الفلسط


.. ليتوانيا: إعصار قوي يقتلع أسطح المنازل ويدمّر السيارات




.. زيلينسكي يدعو روسيا لحضور مؤتمر كييف الدولي للسلام