الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسطيني والاحتلال في مجموعة -على جسر النهر الحزين- محمد علي طه

رائد الحواري

2024 / 7 / 5
الادب والفن


الفلسطيني والاحتلال في مجموعة
"على جسر النهر الحزين"
محمد علي طه
عندما يكون الأدب والأديب ملتزما فإنه سيحمل قضايا وهموم شعبة وأمته، بصرف النظر عن حجم الرقابة وطريقتها، وما يترتب على من يتجاوزها من (عقاب)، وبما أننا نتحدث عن أدب فلا بد من وجود شكل/طريقة /اسلوب أدبي يليق بالأدب، وهذا يجعل مهمة الأديب الملتزم مضاعفة.
تتكون هذه المجموعة من ثلاث عشرة قصة، وكلها تتناول القضايا والهموم الوطنية الفلسطينية، وبما أننا نتحدث عن أدب فلسطيني فقد التزم القاص بجعل الشخصيات تتحدث بلغة بسيطة، وما وجود الأمثال الشعبية إلا صورة عن بساطة الشخصيات وبساطة لغتها، كما نجد الثقافة الدينية حاضرة، إن كانت إسلامية أم مسيحية، وهذا يشير إلى اجتماعية الفلسطيني المنفتح على أبناء شعبه، كما نجد حضور المكان، وكذلك الاحتلال وما يفعله لمحوه ومحو الشخصية الفلسطينية.
سنتوقف عند قصة "اللجنة" التي جاءت بلغة أنا القاص، حيث يعطينا صورة واضحة عن تحالف الديني والسياسي والطبقي، لخدمة الاحتلال، فنجد شخصية "المختار، الشاويس "حاييم" وجابي الضرائب "سالم" والشيخ "سعد" كلهم يعملون معا لعدم حدوث أي تغيير في القرية، فالمختار "حسن عبد القادر" مختار أبا عن جد: "لم يستطع أحد أن يعانده طيلة عشرين سنة، وإذا عانه أحدنا هرا جلده سالم ضريبة الدخل" ص10،
وعندما تم تشكيل لجنة لإدارة تنفيذ شارع القرية، وفاز الشباب فيها، دون أن يعطوا المختار أي منصب/مكان فيها كانت ردة فعله: "وتوعد أن يخرب البيوت ويقيم الدنيا على رؤوسنا ويقعدها فهو ابن حكومة وصديق الشاويش حاييم وصاحب سالم ضريبة الدخل" ص18و19، وهنا يأتي دور لرجل الدين الشيخ "سعد" الذي يقوم بدوره في (تهدئة) الأمور وإبقاءها على حالها: "يا عمي يا ابن رباح، تنازل عن الرئاسة للمختار، من أبوك يا ولد؟ كل واحد يعرف مجلس أبيه! ونحن نريد أن نعمر ولا نريد أن نخرب!" ص19، هذا التحالف بين السياسي/المختار وبين السلطة التنفيذية الشاويس "حاييم" وسالم ضريبة الدخل، وبين الأمام "سعد" يتجاوز قرية القاص ليصل إلى كل القرى الفلسطينية، وحتى العربية، فطريقة هيمنة النظام على الشعب/الأمة يعتمد على هذه الثلاثية من التحالفات.
يركز القاص على دور "المختار" الفاسد والمرتشي والمتعاون مع الاحتلال من خلال: "وحتى العجوز المقطوعة أم هاني التي تقبض كل مطلع شهر عشرين ليرة من الشؤون الاجتماعية يأخذ منها في كل سنة راتب شهر تسميه "شهر المختار" وفي أيام البقل تجمع له من البر الزعتر والعلت والشومر والعكوب" ص11، وهذا ما جعل عملية إزالته من اللجنة وعدم إعطاءه أي مكان فيها أمر ضروري ليكون عملها ناجح وسليم.
وبما أن القاص يتحدث عن قرية فلسطينية، فقد أشار إلى حال هذه القرية: "بلدنا بدون شارع، وفي أيام الشتاء تصبح جزيرة بلا موانئ، ووسيلة النقل المعرفة هي البهائم" ص13، اللافت أن طريقة تقديم حال القرية يأتي بسلاسة وسهولة، فالقاص يوصل لنا حال القرية دون أن نرى/نجد أي إقحام، فهو يتحدث بطريقة (عادية) كما يتحدث أي إنسان.
وعندما أراد الحديث عن الشاويش "حاييم" وما يفعله بأهل القرية، أيضا استخدم الطريقة (البسيطة/العادية) بعيدا عن المباشرة والإقحام: "والشارع مضر، والشاويش حاييم سيجعل بلدنا محطة، طر، طر، السلام عليكم، مع السلامة، مرحبا، دعونا مرتاحين منه في فصل الشتاء" ص14، اللافت في طريقة تناول القاص أنه أشار إلى بطش "حاييم" وإلى الزمن الذي يكون البطش على أشدة، فصل الصيف تحديدا، عندما لا (تغرز) إطارات سيارته في الوحل.
قلنا إن الفلسطيني يهتم بالمكان، فرغم أن القاص لا يحدد اسم قريته، إلا أنه يذكر القرى والمدن التي تحيط بها: "والذي يزيد الطين بلة كما يقول هؤلاء الأولاد الذين تعلموا في مدارس الناصرة وكفر ياسيف وحيفا أن منافس المختار هذه المرة ابن رباح، ابن راعي عجال بلدنا، أيام أن كان لبدنا عجال ومراع" ص10، نلاحظ أن القاص يشير بطريقة (بسيطة) إلى ما فعله المحتل في البلدات والمدن الفلسطينية، فقد أزال المراعي أو استولى عليها، مما حرم البلدات والقرى من مراعيها.
في قصة "الاستثناء والقاعدة" يأتي "الخواجا" ضيفا عند (القاص) الذي يتحدث بطلاقة عن همومه: "هل شاهدت مرة دودة أرض في الشارع، طبعا لا، فشوارعكم بلا تراب، أما شوارعنا فيكسوها الغبار صيفا والوحل شتاء" ص50، وعن بقية نواحي الحياة: "مجيئك أكبر أحجية، فأنت خواجة، أي نعم، ولست من ضريبة الدخل، حسن جدا، ولا من دائرة الأراضي، تشرفنا إذن من تكون؟ الانتخابات قد مرت وارتحنا، ...إذا اقتربتم سنخرب بيوتكم، ونزيد الضريبة، ونفصل لأولادكم من العمل، والذي يأكل من خبز السلطان يضرب بسيفه" ص51و52، بهذا المشهد يجمع القاص العديد من حالات/طرق القمع التي يتعرض لها الفلسطيني، مما يجعله مقيدا، فهو مربوط/محاصر اقتصادينا/أمنينا/تعليميا.
المجموعة من منشورات الصداقة، الناصرة، الطبعة الثانية 1978.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليه أم كلثوم ماعملتش أغنية بعد نصر أكتوبر؟..المؤرخ الفني/ مح


.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة




.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ


.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ




.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال