الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سُعُار (1)

عبد الله خطوري

2024 / 7 / 6
الادب والفن


القطار يهدر .. أسياخ الحديد تصطك أوصالُها تحت وَطْأَةِ عَربات يُسْمَعُ لها طقطقة كطقطقة تكسير العظام .. تُطْوَى مَحطاتُ آلعراء في مشهد كاب رتيب .. الأرجلُ المُتهافتةُ للسباق واللحاق تعدُو تركضُ تَعْلُو تنحني بترنح ولهاث .. والكَوْمة .. كَوْمتي تُطَوق حَقْوَيَّ الأعْجَفَيْنِ العاجزيْن في دَعة وأمان .. والكلاب .. كل بنات آوى كانت هنا في رأسي تزدردُ ما تبقى من الحَنَايَا .. سَوْرَتِي تتفاقمُ، وحقدي يُعانقُ غضبي .. الكَوْمةُ في حزمتها تنامُ تحلم بأفق قريب تنفجرُ فيه الشظايا تبتسمُ .. ها أنا قادم أيتها العاصمة التي ككل عواصم هاديسَ .. أرضٌ رَنْقَاءُ قميئةٌ لا تُنْبِتُ الا الثبور الا الجذام الا بثور البَوار .. العربات يطارد بعضُها بعضا .. أعْدُو أرْكُضُ يُلاحقني يَلحقني .. يُطْبِقُ على جزء مِنْ كَاحِلِي .. يَكشطه بشراسة .. جَرَيْتُ .. حاولتُ النجاةَ لكنه أمْعَنَ في المُطاردة .. وقفتُ صرختُ في وجهه .. عَوَى ثم أقعى .. تراجعتُ .. ألَحَّ .. تَقَدَّمَ يُهَدَّدني .. طَوَيْتُ سروالي الكاكي الى ما فوق ركبتي اليمنى .. تَرَبّصَ بي مُزَمْجِرا مُغَرْغِرا بغضب .. تقدمتُ .. هجمَ .. فَتَحَ فاه يعضني .. رفعتُ رجْلي هَويتُ بها بكل ما بقي في من قوة أَلْقَمْتُهُ إياها فراحَتْ تَجْأَرُ بين فَكَّيْهِ .. أرادَ أَنْ يجهز عليها كاملةً بلقمة واحدة، لكنها اخترقتْ حَلْقَهُ وَصَلَتْ أحشاءَه وطفقتْ تمزقها ومِنْ شدة ألمه عَقَرَ عَمُودَ الساق خرّقه فَسُمِعَتْ قعقعةُ انكسار العظم في جوفه .. وَوَلَّى مُدْبِرا وفِي فَمِهِ جزءٌ من ساقي ...
منذ هذه الواقعة الملعونة، تعلمتُ أنْ أواجهَ قَدَري دون مُواربة .. هو كذلك .. نعم .. أنا مُعَاقٌ الآنَ هنا تقتاني تكتكاتُ العقارب السوداء تلف لفائفَها القميئةَ .. يسحقني دُوَارُها السخيف الذي لا يفترُ أبدا .. مُتَخَشِّبُ البَدَنِ جامدٌ مُتَصَلِّبٌ .. لا رُوحَ في شغافي ..لا رِجْلَ لي .. بقيَّة إنسان أعرج بالكادِ يسندُ قامتَه الزاحفةَ على منسأة زمن قميئ .. لا .. لا .. أنا لستُ ضحيةَ أحد ولا أشكو أحدا .. مصيري بيدي سأعيشُه كيفما أردتُ أنا لا كيفما شاءتْ مَشيئةُ التحولات التي فعلتْ فعلَها الشنيعَ في كياني الأعجف .. سَأعْرُجُ في السماوات أنا الأعْرَجُ اليَفنُ أُخْرِجُ لساني للأوْصَاب أشتمُها .. لا أُعاني .. لن أعاني .. إني هنا قابعٌ على كرسيَّ المُتخشب أرْنُو الى أفياء المغيب ترمقني .. أراقبُ الظلالَ تُحْصِي انصرامَ اللحظات .. سأنصرفُ بدوري قريبا لكن ليس الآن .. لَمْ يحنْ الوقت بعدُ .. لازال في هذه الأنفاسِ التي أتَجَرَّعُها بقية من رَمَق يَتُوقُ الى ما وراء السحب والضباب وكثافة العُباب .. سَأهيمُ أتيهُ أَذوب في الأرضين أنا المُعتلّ المجدور المهدود أُطلق العنان لمصائري تفتك بمصائرها .. لن أبالي .. أسْيَاخُ الحديد في أوصالي تُطَوِّقُ ما تَبَقَّى من بدني .. الطريق أمامي مُمتدةٌ مُتَحَدِّيَةٌ بلا بداية بلا نهاية .. صحراءٌ كالقَدَر كالقِدْرِ يَغْلي يافوخُه في دمي .. رمالُها مُتسلطة .. تكتكاتُ عَقاربِها مرة أخرى وأخرى في أذني في دمي تصخُّ بيَبابِ رابض كالمَيشئة في روحي لا يبرحني .. أفيون يَتَجَرَّعُني يُحَفِّزُ بقايا أمْشاجي كيْ تَسْتَعِيدَ ما فضل لها من كرامة تتنفسُها أتنفسُها مُفْعَما بالحرية ثم بعدها أسيخُ أغور .. لا يهم ..


يتبع ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليه أم كلثوم ماعملتش أغنية بعد نصر أكتوبر؟..المؤرخ الفني/ مح


.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة




.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ


.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ




.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال