الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم المرعب الذي نوشك ان ندخل اليه ...

أحمد فاروق عباس

2024 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


امريكا تتراجع نسبيا ــ اي بالنسبة الي ما كانت عليه ــ والصين ووراءها الهند بل وروسيا يتقدمون ... ربما ببطء ولكن بثقة ...

والشعب الامريكي تقريبا لم يعد ينتج شيئا للسوق المحلي او العالمي، وامريكا تعيش تقريبا علي فائض قوتها العسكرية ونفوذها السياسي، الذي يجعل بمقدورها مثلا فرض الدولار كعملة دولية تستطيع بواسطتها الولايات المتحدة شراء واستهلاك ما تريده من سلع العالم ومنتجاته مقابل رزم من الاوراق الملونة ...

ولكن ما علاقة ذلك بالعالم المرعب الذي نوشك ان ندخل اليه ؟
العلاقة مباشرة وقوية ...

فالولايات المتحدة وهي تري نفسها تتراجع ويتقدم خصومها بثقة امام اعينها ليس امامها الا ايقافهم او علي الاقل عرقلتهم ...
ووسائلها في ذلك ــ ايقاف خصومها او عرقلتهم ــ الاتي:

١ ــ الحرب، اي دخول الولايات المتحدة بنفسها الحرب مع خصومها ــ الصين وروسيا ــ لوقف تقدمهم ...

ولكن هذا الخيار مستحيل ...

فخصومها مسلحون مثلها وربما اكثر ، وروسيا مثلا تتفوق علي امريكا في عدد الرؤوس النووية وفي قوة وكفاءة الصواريخ ..
والصين ايضا دولة نووية وصواريخها عابرة القارات مستعدة لأي طارئ ...
فالحرب بين الدول النووية مستحيلة ، الا لو كان الجنون هو ما يحكم في امريكا وليس العقل ، وامريكا ــ مهما بدا من تناقضاتها ــ دولة عاقلة وتعرف اين ومتي تتوقف ...

٢ ــ التنافس الاقتصادي السلمي بين امريكا وخصومها ، وهو خيار غير مفضل أمريكيا، فالتنافس الاقتصادي واعادة بناء القوة الصناعية والاقتصادية الامريكية يستلزم تضحيات معينة لا اعتقد ان الشعب الامريكي مستعد لتقديمها ...

فالشعب الامريكي اعتاد علي مستوى معيشة معين ، وعلي نمط استهلاك ليس له مثيل في العالم كله ، وهو من عقود طويلة لم يعتد التعب او التقشف ، واي محاولة لذلك من اي إدارة أمريكية ستقابل سياسيا بالرفض ...

٣ ــ يبقي بعد ذلك الخيار الثالث، وهو الاكثر احتمالا، بالنظر الي طبيعة التفكير الامريكي البراجماتي، وطبيعة الممارسات الامريكية طوال العقود الماضية ...

وهذا الخيار هو:
خلق المشاكل في كل بقاع العالم والاستثمار فيها ، وتتضمن قائمة خلق المشاكل الاتي :
ترتيب حروب، وخلق وتغذية نزاعات، ونشر فتن، وتنظيم ثورات ملونة، وترتيب وتنظيم حروب مستحدثة، بيولوجية او فيروسية او الكترونية ... الخ.
فمن ناحية هي استفادة كبري لراس المال الامريكي، ومن ناحية اخري هي عرقلة لخصومها المحتملين او للدول التي لا تسمع الكلام ...

ورأيي اننا نعيش المراحل الاولي لهذه الإستراتيجية الامريكية ويعيشها معنا العالم كله من أربع سنوات ... ومازلنا مستمرين ...

ففي الاربع سنوات الماضية حدث الأتي :
ــ اطلاق ونشر اول صور الحروب الفيروسية، وهو ما شهده العالم مع فيروس كوفيد ١٩ ــ كورونا ــ عامي ٢٠٢٠ و ٢٠٢١ وادي الي اثار اقتصادية واجتماعية عميقة حول العالم ...

ــ ترتيب حرب بين روسيا ــ القوة العسكرية الثانية عالميا والخامسة اقتصاديا ــ واوكرانيا ، الغرض منها خض وتقليب الدب الروسي فربما تظهر فرصة يمكن من خلالها التخلص منه نهائيا ، بتقسيمه او تركيعه ...

ــ الاستعداد لبدء حرب في آسيا بين الصين من جانب وتايوان ــ ووراءها امريكا وباقي حلفاءها الآسيويين مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين ــ من جانب أخر ...

ومن يتابع التطورات والمستجدات في آسيا وخصوصا بحر الصين الجنوبي خلال السنة الماضية سيفهم طبيعة الهدف الامريكي ومغزاه ، وما يوقفه ــ حتي الان ــ هو الصبر وطول البال الصيني المعتاد ازاء الاستفزازات الامريكية التي لا تتوقف ...

ــ ترتيب حروب في الشرق الاوسط :
والصراع في الشرق الاوسط مستمر من عشرة شهور ــ من اكتوبر الماضي ــ بين اسرائيل وحركة حماس، واذا أمكن جر اطراف أخرى ــ كمصر او ايران او سوريا ــ فهي فرصة امريكية اسرائيلية لا تعوض لاعادة ترتيب الاوضاع في الشرق الاوسط ، والتي فشل الربيع العربي في تحقيقها ..

ووضع مشروع الشرق الاوسط الجديد ــ الذي يحتوي علي دول مفتتة ومقسمة عرقيا او دينيا مقابل الدولة الإسرائيلية الكبري التي تقود ذلك الشرق ــ موضع التنفيذ ...

وشرق اوسط مفتت ومقسم عرقيا ودينيا لابد ان يؤثر بصورة مباشرة وخطيرة علي روسيا ــ وخاصة جنوبها ــ وعلي الصين ، فملايين المسلمين ــ الذين ضاعت دولهم وتفتتت ــ يمكن بسهولة تجنيدهم في مئات او آلاف التنظيمات المقاتلة واطلاقها بوجه روسيا والصين.. وكلا الدولتين تحويان عشرات الملايين من المسلمين ...

خلاصة الامر ...

ليس هناك من طريق امام القوة الامريكية الهائجة ــ والتي تري بعينيها نزولها رويدا رويدا من القمة العالمية ــ سوي نشر الحروب والفتن والنزاعات حول العالم والاستثمار فيها..

هل سيغير فوز دونالد ترامب بالانتخابات القادمة ــ كما هو متوقع ــ بالسعي الامريكي لنشر الحروب والنزاعات والفتن حول العالم ؟

نعم ترامب معروف انه رجل لا يهوي الحروب ، وقد تنفس العالم الصعداء في الاربع سنين التي حكم فيها امريكا (من ٢٠١٦ ــ ٢٠٢٠ ) ولكن ترامب مجرد ترس في ألة الدولة الامريكية الجبارة ، وفوزه بالانتخابات ــ اذا فاز ــ سيشبه نسمة هواء سريعة في ليلة صيف طويلة ...

للأسف ما في يد الدولة الامريكية من أسباب القوة مازال كثيرا، وواضح جدا انها سوف تستعمله ، وسوف تستعمله في مصلحتها هي فقط ، وكما تفهمها وتقدرها هي ...

اي اننا علي موعد مع عالم قاس ، ملئ بالمشاكل والصعاب ، وهو ــ للأسف ــ شكل العالم الذي نحن مقبلون عليه ، وسنعيشه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?غرب وا?طرف الخناقات بين ا?شهر الكوبلز على السوشيال ميديا


.. عاجل | غارات إسرائيلية جديدة بالقرب من مطار رفيق الحريري الد




.. نقل جريحتين من موقع الهجوم على المحطة المركزية في بئر السبع


.. سياق | الانقسام السياسي الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر




.. تونس.. بدء التصويت لاختيار رئيس الدولة