الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكاذيب رأس المال الحاكم

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 7 / 6
القضية الفلسطينية


لا شك في أن انهيار الإتحاد السوفياتي و تراجع التيارات اليسارية على الصعيد العالمي ، مكن الرأسمال الدولي من القبض على زمام الأمور معلنا " عولمة " العالم تحت سلطته المطلقة ، حيث اصطلِح على توصيف المرحلة ببلوغ الإنسانية درجة نهائية من النضج و الاستقرار ، بعد تاريخ طويل من التطور ، " بنهاية التاريخ " ، تأكيدا على ريادة الرأسمال و السوق ، تتجاوز حدود الأقطار و مميزات الثقافات . و لكن من البديهي أن ما جرى في العقود الأخيرة نقض هذه الخلاصات المتعجلة المتمثلة بنهاية التاريخ من جهة و بالقطبية الوحيدة من جهة ثانية ، تجسد ذلك بالحروب الدامية ( اكثر من أربعة ملايين نسمة قتلوا في حروب الولايات المتحدة و حلفائها خلال العقدين الماضيين ) المشتعلة في أكثر من منطقة على خلفية "استمرارية التاريخ و التطور الإنساني و الثقافي" و الاعتراض على حاكمية القطبية الأميركية ـ الاوربية الوحيدة .
اللافت للنظر هو أن دول " القطب الوحيد " هي التي تبادر إلى هذه الحروب لفرض الاعتراف بها و الخضوع الكامل لإرادتها ، كما لو أن السلطة التعسفية على صعيد القطر تحولت إلى سلطة تعسفية شمولية على الصعيد الدولي أو العالمي .
كان ذلك واضحا من وجهة نظرنا ، في مقاربة الحروب التي تعرضت لها في الماضي دول مثل أفغانستان و العراق و ليبيا و سورية و ينوء الفلسطينيون اليوم تحت و طأة بربريتها . و لكن الملاحظ في هذا الصدد ، هو ظهور مؤشرات في مجتمعات دول القطبية الوحيدة ، تدل على توتر و تشدد و تخبط في أداء سلطات الحكم فيها ، كأننا حيال معاودة الفاشية التي كانت تطل برأسها في الأزمات الاجتماعية توازيا مع تنامي الرأسمالية الصناعية ، و في سياق المنافسة الاستعمارية بين الدول الغربية ، و التي نجم عنها في القرن التاسع عشر و النصف الأول من القرن الماضي ، حروب عديدة في أفريقيا و آسيا و أميركا اللاتينية و حربان عالميتان .
تقودنا مقاربة هذه المسألة إلى التوقف عند موضوع الإعلام و الدعاية ، و تحديدا إلى الأنباء المختلقة أو الكاذبة بما هي أولا صناعة متقدمة لدى دول القطبية الوحيدة هذا من جهة أما من جهة ثانية فإن الخبر الكاذب هو غالبا الشرارة التي تشعل فتيل الحرب الهجومية ، في سياق سيطرة المبادرين إليها على الإعلام و المعلومة ، إنتاجا و تسويقا ، بواسطة و حدات من العاملين في وسائل الإعلام ، بطرق غير صحافية ، استبدل فيها السؤال بالاستنطاق ، بمعنى الطلب من " المستدعى " أن يقول أو يعترف " بالسردية " المركبة التي يريد مستجوبه إبرازها . خذ أليك مثل الانتفاضة المسلحة الفلسطينية في قطاع غزة ، حيث أنتجت وسائل الدعائية الإسرائيلية " سردية " عنها ، اعتمدتها و سائل الإعلام العالمية ، دون أن تحقق من صحتها ، و أجبرت المتدخلين و المتحدثين عبر شبكات بثها أن يبقوا ضمن حدودها ، دون السماح لها بالتشكيك في صحتها ، إلى أن استغلت إلى اقصى حد أخفاء الحقيقة و استنفذت مفاعيلها ، و أتي التكذيب من بعض الصحف الإسرائيلية ، فسحبت من " التداول " فجأة ، دون تفسير أو اعتذار .
و في السياق نفسه ، تضع وسائل الدعاية و الإعلام في دول القطبية الوحيدة ، بعد أن تم تضييق الخانق على " الرأي الآخر " ، مفاهيم خاطئة فيما يخص المسألة التي تتبناها ، وويل لمن يحيد عنها ، فرديا و جماعيا ، منها على سبيل المثال أيضا : "الصهيونية مرادف لليهودية ، مراف أيضا لإسرائيل " ينبني عليه أن انتقاد الصهيونية أو إسرائيل ، يساوي " معاداة السامية " و الميل إلى النازية ، و إضمار السوء لليهود عموما. أغلب الظن أن أصل العنصرية ضد الفلسطينيين و السكوت عن محاولة تصفيتهم و جوديا استنادا إلى اعتبارهم " حيوانات بشرية يتوجب حرمانهم من الغذاء و الماء .. " مرده إلى مقاومتهم للنظام الصهيوني الذي يحتل أرضهم و يتبع سياسة التمييز العنصري ضدهم و يعمل على ترحيلهم .
يحسن التذكير أخيرا ، بأن إعلام و سرديات دول القطبية الوحيدة ، تخلو من أية الإشارة إلى الاستيطان في فلسطين و إلى دور دول الاستعمار القديم في إقامة دولة إسرائيل ، و إلى قرارات الأمم المتحدة ، و إلى نزوح الفلسطينيين سنة 1948 .
مهما يكن فإن المثير للحيرة و للحزن هو أن المسألة العنصرية تتمدد و تنتشر في دول القطبية الوحيدة نفسها . كما لو أنها نتيجة حتمية لجشع الرأسمال الذي يفسد البيئة و الثقافة و الوجود









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يعلن تنفيذ هجوم جوي على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا


.. من واشنطن | صدى حرب لبنان في الانتخابات الأمريكية




.. شبكات | هل قتلت إسرائيل هاشم صفي الدين في غارة الضاحية الجنو


.. شبكات | هل تقصف إسرائيل منشآت إيران النووية أم النفطية؟




.. شبكات | لماذا قصفت إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسو