الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 5
أمين بن سعيد
2024 / 7 / 8كتابات ساخرة
في ركن الحديقة المقابل لي، رأيت لايتيسيا تنسحب وتدخل إلى المنزل من جهة المطبخ، ثم التحقت بها ملاك، ثم... التحقت بهما ودخلت من جهة الصالة ومررت إلى المطبخ... وقفت عند الباب، فرأيت لايتيستا واقفة تنظر ووراءها ملاك تنتظر منها أن تتكلم...
- منذ أيام، أريد أن أسأل عن صاحبة هذه الصورة... صورها في كل مكان، ولا يوجد أي صور أخرى غير صورها...
- كانت مقربة جدا منا...
- ماتت صغيرة...
- نعم... حادث...
- أنا آسفة...
- أنا أيضا.
عندما التفتت لايتيسيا فطنت لوجودي، ومثلها ملاك... فابتسمت لهما وخرجت.
- أعتذر ما كان لي أن أسأل...
- لم تخطئي في شيء يستوجب الاعتذار... تعالي... كلهم ينتظرونك.
- الصورة...
- لا تهتمي... سأرجعها إلى مكانها.
لم أذهب للكلية الخميس والجمعة... الجمعة ليلا قال محمد أن إيمان سألت عني وكان يظهر عليها الغضب. قلت في نفسي أحسن أني لم أذهب، لأنها أكيد كانت ستشبعني شتما. لاحظ محمد أني لست بخير فسألني عما حدث وعن سبب غيابي ليومين، فأجبته أني كنت أكتب قصيدة طويلة... جواب سؤال بلا جواب... اقترح علي الخروج وكنا في منزلي، فوافقت.
الكورنيش كان طويلا، يبدأ بكنيسة قديمة وينتهي بمقام ولي صالح. قلت له أريد البول عند الكنيسة، ثم يشتري لي آيس كريم، ثم ننزل ونمشي بجانب البحر، ثم نصعد مرة أخرى للكورنيش، ثم نمر بالمرسى والأنزال ثم نواصل حتى نصل مقام الولي وأكيد سيكون عندي شيء من البول فأفرغه عنده... ظنني أمزح في قصة البول، لكنه لم يكن يعلم وأنا معه أنها ستصبح عادة عند عدد كبير من الطلبة من دفعتي حتى وإن كان معهم بنات... البنات لا يبلن بل فقط الأولاد، لكنهن ينتظرن ثم يواصلن نفس المشوار الذي دشنته مع محمد تلك الليلة.
قصة البول تلك، لم يكن وراءها خلفيات كبيرة بل جاءتني بعفوية، دون تخطيط، كمن يلقي شعرا من وحي لحظة ما. لم أخطط لشيء تلك الليلة، حتى ما وقع آخرها كان عفويا، والذي وقع أني دخلت منزلا لأسرق بعض الثمار رغم رفض محمد... الذي بعد ذلك طلب أن يتذوق منها فرفضت وأكلت كل ما سرقت وحدي.
بعد انتهائنا من الشوط الأول، أي وصولنا الولي الصالح، بولي، ثم العودة نحو المرسى والأنزال، رأيت ملاك وإيمان تمشيان نحونا ويتوسطهما أحدهم، كل واحدة تمسك بذراع... محمد كان يكلمني ولم ينتبه حتى اقتربنا... وقف فوقفت معه ووقفوا. لم أتكلم ولم تكلمني أي منهما. لكن كلما محمد وقدما له الأحد... أخ ملاك قدم ليزورها... أكبر منها بأربع سنوات... ثم واصل كل منا سيره...
- عليك اللعنة، حصلت أشياء لم تعلمني بها...
- عن أي أشياء تتحدث؟
- إيمان اليوم سألتني عنك، والآن لم تسلم عليك حتى... اعترف ماذا فعلت؟
- لم أفعل شيء ولم يحصل أي شيء ولا أعلم لماذا سألتك عني، هذا لو صدقت كلامك أنها سألت...
- كلمتك عن إيناس أنا، بل ودعوتك لأن تقابلها...
- أنت أحسن مني... حظك سيء...
- غريب لماذا تتصرف هكذا... سأعرف غصبا عنك والعالم كله سيعرف فلماذا تتستر؟
- لا أتستر ولا يوجد شيء لأخفيه...
- رأيت كيف كانت إيمان ملتصقة بأخ ملاك؟ الظاهر بينهما شيء...
- ثم؟
- لا شيء، فقط ملاحظة لإغاظة بعض المتبولين على الكنائس والأولياء الصالحين...
- أول عقاب لي في الآخرة سيكون قطع قضيبي أما أنت فستأكله لمشاركتك في الإثم.
- حقا مقرف... قلي ماذا حدث؟ ربما استطعت مساعدتك...
- عدنا!
- ربما ساعدتك يا أحمق فقل!
- كلمت إيمان فرفضتني، فقط، انتهت القصة.
- كيف كلمتها؟ وإذا رفضتك لماذا سألتني عنك؟
- لا أعلم، ربما لتسبني... ربما رأت أنها لم تشتمني كفاية عندما كلمتها...
- ماذا قلت لها؟ ثم ألم تقل إن ملاك من تعجبك؟
- قلت ما عندي... فلنغير الموضوع...
- اليوم علقوا تقسيم المجموعات
- ثم ماذا؟
- كلتاهما معي في نفس الفصل
- إيمان لا يمكن أن تكون معك، التقسيم يكون حسب الأسماء فكيف تكون معك؟
- ابنة العميد ولا تريد مفارقة صديقتها
- لم يفكر في اقتناء أجهزة جديدة أو تحسين النظام التعليمي، لكنه فكر في وضع ابنته أين تريد، وكأن الكلية ورثها عن أبيه...
- أستطيع مساعدتك كما ترى فقل الحقيقة... ماذا وقع؟
- الذي وقع أنه يلزمني كشف على الدماغ، أظن أن في جمجمتي فردة حذاء!
- كنت متأكدا أنك تكذب وأنه وقع شيء... قل، متى وكيف؟
- تعرف، افتكرت واحدة عرفتها السنة الماضية، وهي الآن في معهد المهندسين، سأبحث عنها غدا أو بعده... أحسن حل وأنا مرتاح البال...
- أكبر منك بكم؟
- عامها الثاني الآن... يعني... ثلاث سنوات أو أربع...
- يعني كنت قاصرا عندما عرفتها؟
- أول الباكالوريا... يعني... قريب من الثامنة عشرة...
- وهي 22 أو 23؟
- نسيت لا أعلم بالضبط... ما المشكلة؟
- هل...؟
- نعم
- اسمها بيدوفيليا
- صديقتك عمرها 17 الآن؟
- نعم، لكن لم يقع بيننا أي شيء
- ولا تسميها ...؟
- طبعا لا، ثم العائلتان تعرفان ومنذ الطفولة... لا مجال للمقارنة
- إذن تنصحني بطبيب نفسي؟ أو بطبيبة أحسن؟ وحبذا لو تكون جميلة...
- متى كانت...؟ أول مرة كم كان عمرك؟
- 12
- مع من؟
- مع أمي...
- قل... كم كان عمرها؟
- 20
- أنت دمار شامل
- نعم
- ومن كانت؟
- طالبة كانت تسكن بجانب منزلنا...
- وحدها؟
- لا... كنت معها
- ثم؟
- اكتشفت أمي القصة، فخوفتها فانتقلت إلى مكان آخر ولم أرها بعد ذلك
- ماذا كانت تدرس؟
- فنون جميلة
- فنانة!
- وأنت؟ تعرفها منذ الطفولة ولم تفعل شيئا؟
- نعم
- عندك مشاكل... هناك... تحت... أو ماذا؟ أستطيع المساعدة لو أردت...
- تكلم باحترام، ستكون زوجتي في المستقبل
- يعني لو فهمتك جيدا، أول مرة ستكون أقل شيء بعد عشرة أو اثنتي عشرة سنة؟
- نعم
- غبي...
- أعرف أنك كذبت علي بشأن إيمان، والذي تخفيه يخص ملاك وليس إيمان، إذا كانت بينكما علاقة ما، عليك أن تحترمها وألا تتصرف معها كاللاتي تتحدث عنهن
- وإلا أنت أيضا ستقتلني... الجميع يهددني وكأني قاتل متسلل...
- يا رجل، بفمك اعترفت أنك صاحب سوابق وقبل أن تحفظ جدول الضرب... ثم تبول على الكنائس والجوامع... أظن أني سأقطع معك... أنت مصيبة...
- هل صحيح أنهما معك في نفس المجموعة؟
- نعم وأنصحك أن تنسى المهندسة البيدوفايل لكي لا تفقد أي أمل
- أمل ماذا؟
- مع التي تهواها... ابتداء من الإثنين سأراها يوميا وأظننا سنصبح صديقين... يوم تطلب المعونة لن تجدها.
- يوم أطلب منك شيئا لا تستجب...
- مثلما تريد.
نمت عند محمد تلك الليلة، واصلنا سهرنا حتى آذان الفجر، فاستأذن ليصلي ولما عاد وجدني نائما... أيقضني في الصباح، وأرغمني على الذهاب معه لحضور محاضرتي ذلك اليوم، فوجدنا أن الثانية ألغيت...
لم نجلس معا لأنه كان يفضل الصفوف الأولى، فبقيت وحدي في الخلف... بحثت عن إيمان وملاك فرأيتهما تجلسان في الصف الأول مباشرة أمام المحاضر الذي عرفت بعد ذلك أنه كان العميد...
ثم... أحسست بيد تحرك كتفي بلطف، وسمعت الجميع يضحكون، وعندما رفعت رأسي رأيت كل من حضروا ينظرون لي من تحت والعميد يقف بجانبي...
- من المفروض السنة تبدأ بالنشاط وليس بالنوم يا ولدي، اذهب اغسل وجهك ثم عد، وإذا عاودت النوم لن أكون لطيفا معك...
- نعم سيدي... أعتذر...
عندما عدت، من خلف المدرج، ناداني العميد، وأجلسني أمامه مباشرة... بجانب إيمان وملاك... بعد قليل، ركلت إيمان ساقي بساقها وهمست: "دائما بمشاكلك!" فنظرت إليها دون كلام....
كان العميد يلقي درسه ويكتب على سبورة... عندما كلمتني إيمان كان يكتب، وعندما استدار كنت أنظر لها وجسدي كله مائل نحوها... لم ألاحظ تغير ملامح وجهها، ولم أهتم لركلها المتسارع لساقي، حتى فطنت للعميد يكلمني: "عد إلى مكانك يا ولدي ونم إن شئت... أخطأت في إجلاسك هنا".
في المرة الأولى التي أيقظني فيها، رعبت وشعرت ببعض الخجل. لكن في الثانية لم أهتم لأحد، لا له ولا لضحك كل الطلبة... اهتممت فقط لإيمان، كانت جميلة جدا، والرغبة في تقبيلها التي شعرت بها كانت عارمة... شيء قليل من عقلي واصل العمل لحظتها وإلا كنت قبلتها وليذهب جميع من كان موجودا إلى الجحيم...
واصل العميد درسه، وكان من حين لآخر ينظر لي من بعيد وكأنه يتفقدني ويرى هل عاودت النوم أم لا. بقيت ما بقي من الحصة أتابعه ولا أسمع شيئا مما يقول... أنظر إليه كسكران مهووس لا يفكر إلا في ابنته... حتى انتهت الحصة وخرج الجميع... حتى محمد خرج من أسفل المدرج وبقيت وحدي أنظر إلى السبورة دون حركة... حتى سمعت وقع أقدام تنزل من ورائي... ثم تقف أمامي...
- ما الذي حصل بينكما يوم الأربعاء؟
- أعتذر عما وقع منذ قليل...
- لم تجبني...
- عن ماذا؟
- يوم الأربعاء...
- قالت لك كل شيء فلماذا تسألينني؟
- لأنها لم تقل لي أي شيء!
- الذي سمعته منها هو الذي وقع، وليس عندي ما أزيد عليه
- قلت لك أنها لم تقل لي أي شيء!
- كيف لم تقل لك أي شيء؟
- الذي سمعته... فقل؟
- ليس عندي ما أقول...
- بل عندك وستقول!
- وإلا ستقتلينني...
- ليس من عادتها أن تخفي عني أي شيء
- أعتذر عن ذلك
- وليس من عادتها أن تبكي بسبب أي أحد، فماذا فعلت؟
- لم أفعل شيئا... كنت فقط نفسي... صادقا معها
- نرجسيتك تخنقني، دائما على صواب، والعالم كله على خطأ!
- ظننت أنك لن تكلميني أبدا... بعد البارحة...
- لم يكن مقام كلام
- والآن مقام كلام؟
- نعم، فقل ما الذي حصل يوم الأربعاء؟
- أفضل أن تعلمي منها
- لم تفعل فافعل أنت
- ولماذا كل هذا الاهتمام؟ صديقتك تقابلت مع أحدهم مرة... ثم... انتهت القصة... التفاصيل لا قيمة لها
- انتهت القصة؟
- أظن ذلك...
- ولماذا؟ قل!
- أفضل ألا أقول...
- تحمل مسؤولية أفعالك... مرة في حياتك... مرة واحدة... قل!
- ستكونين المسؤولة عن العواقب...
- وما دخلي أنا لأكون مسؤولة؟
- دخلك كبير...
- قل! بدأت أمل...
- لا أريدك أن تملي... أريد أن...
- أن؟
- لنؤجل... حتى تخبرك ملاك... أرجوك.
- لن تفعل فافعل أنت والآن!
- عديني ألا تصرخي في وجهي وألا تشتميني
- لن أفعل فقل...
- ملاك... أريدها مثلما لم أرد يوما أخرى...
- أعرف، ثم؟
- الأربعاء كنت معها بكل كياني كل لحظة، لكنها أفسدت كل شيء، ولم تثق بي
- أكيد هي الملامة أعرف ذلك! ومستحيل تكون أنت!
- اسخري مثلما شئت، لكنها الحقيقة
- طيب... كيف أفسدت كل شيء؟
- أصرت مثلك على معرفة ما كان السبب
- وهو؟
- أنت...
- أنا؟
- شوفي.. أنا مللت من هذه المسرحية... القصة وما فيها أن عندي فردة حذاء في جمجمتي جعلتني لا أريدها هي فقط بل كليكما... سأذهب الآن لأوفر عليك تعب شتمي ولعني....
و... غادرت بسرعة... لم أسمع لها لا صوتا ولا خطوات تتبعني... ظلت مكانها ولم تقل شيئا... عند خروجي من الباب الخلفي للمدرج، رأيت ملاك تنظر نحو الباب... كانت تنتظر خروج إيمان... عندما رأتني لم تقل شيئا ولزمت مكانها... نظرت إليها قليلا، دون ردة فعل، ثم واصلت طريقي وغادرت الكلية...
أسرعت ملاك ودخلت المدرج من خلفه، وقبل أن تكمل كل الخطوات رأت إيمان تقف في مكانها ورأت إيمان رأسها يظهر... أكملت الخطوات وظهرت لإيمان... نظرتا لحظات كل إلى الأخرى بأعين تسأل وتنتظر أجوبة لكن دون كلام... ثم صعدت إيمان بسرعة الخطوات التي تفصل بينهما واحتضنت ملاك بقوة ووضعت رأسها على كتفها...
- يعجبك فقط؟ لم تحبيه بعد؟ لست غبية لتحبي أحدا في يومين؟ أليس كذلك؟
- إيمان... ما بك؟ ما الذي حصل؟
- نعرف بعضنا أكثر من عشر سنوات الآن... تعرفين أني أحبك أكثر حتى من أخوتي ولن أقبل أن يبعدنا أحد عن بعض؟
- نعم أعرف ولن يحصل ذلك... ما الذي حصل؟
- ذلك الأحمق سيفرقنا عن بعض... يجب أن تقتلي كل ما تشعرين به نحوه... تستحقين أحسن منه... أنت أرقى منه!
- ما الذي حدث؟
- لن أخسرك بسبب ذلك المعتوه... لن أقبل بذلك... عديني أنك لن تكلميه أبدا؟
- إيمان... أنت تخيفينني... أرجوك ما الذي حصل؟
- تتذكرين الصيف قبل الماضي عندما سخرنا من ذلك الذي أراد دعوتي للخروج معه؟
- نعم أتذكر... قولي ما الذي حصل؟
- هذا أيضا سنسخر منه، لا فرق بينه وبين ذلك الآخر، كلهم حمقى ونرجسيون...
- نعم... لكن قولي ما الذي حصل؟
- قال لي ما أخفيته عني...
- ماذا قال؟
- يا له من أبله! أكيد مدمن أفلام بورن!
- آه... قال لك إذن...
- لم أغضب منك لأنك لم تقولي... لا يهم الآن... الأمر لا يستحق...
- ....
- الأمر لا يستحق أليس كذلك؟
- ...
- نعم، أحمق آخر كغيره من الحمقى والأمر لا يستحق... نعم؟
- ...
ثم... ضغطت إيمان بقوة...
- إيمان... أوجعتني...
- الأمر لا يستحق أليس كذلك؟
- لا أعلم...
ثم تركت إيمان ملاك وتراجعت خطوة إلى الخلف...
- ماذا يعني هذا؟ تريدين أن تقولي إنك تحبينه بعد يوم أو يومين؟ لم أعهدك بهذا الغباء؟
- لم أقل ذلك...
- قلت أن الأمر يستحق!!! هل فقدت عقلك؟ يريدنا معا كازانوفا زمانه؟ هل قلل من احترامك أحد هكذا قبله؟
- ...
- لو كنت بعقلك لصفعتيه عندما قال لك ذلك!
- وأنت؟ هل صفعتيه؟
- وما دخلي أنا في القصة؟ أنا أشفق عليه ولا حاجة لي لصفعه...
- تعالي لنخرج من هنا... أشعر أني أختنق...
- هل تحبينه؟
- لنخرج... تعالي...
- أجيبيني؟؟
- لا أعلم... سأخرج... يجب أن أخرج من هنا...
يوم الإثنين، بدأت الأشغال التطبيقية، والحضور فيها إجباري. عند مدخل أقسامها، سألني محمد أين ذهبت السبت والأحد فأعلمته أني عدت إلى المنزل العائلي فلامني لأني لم أعلمه فاعتذرت منه... بعد خروجي من الحصة الأولى، قصدت قاعة الثانية وكانت مجموعة محمد خارجة... تقاطعت مع إيمان فقالت: "منتصف النهار، وراء المكتبة"...
خرجنا بعد نصف ساعة من انتهاء الوقت، فأسرعت للقاء إيمان، فوجدتها تنتظر، في نفس المكان الذي قابلت فيه ملاك يوم الأربعاء...
- أعتذر، الأستاذ الآن أكمل...
- جعلتني أنتظر أكثر من نصف ساعة!
- قلت لك الآن انتهت الحصة ولم يكن الأمر بيدي
- كالعادة العالم كله مخطئ وأنت المظلوم!
- أعتذر مرة أخرى...
- تعرف منذ متى أعرف ملاك؟
- لا... لا أعرف...
- منذ أكثر من عشر سنين... ولم يحصل بيننا ولا مرة واحدة مشكلة أو سوء تفاهم...
- أنت محظوظة بها...
- بالأمس قالت لي أنها لا تريد أن أكلمها...
- ...
- تريد أن تفكر...
- ...
- وكله بسببك!
- أعتذر عن ذلك... لم يكن ذلك هدفي أو رغبتي...
- أنت مسموم... نرجسي... متكبر... معتوه... أبله... وغبي!
- هل أستطيع الجلوس؟
- ابق فيها وحدك... سأذهب!
- لا تفعلي... أرجوك...
- ولماذا لا أفعل؟
- لنتكلم... فقط نتكلم
- لا كلام لي معك...
- لا تتكلمي، اسمعيني فقط
- لا أريد أن أسمع منك أي شيء...
- أنت جميلة جدا، وأكيد أراد الكثيرون التقرب منك...
- ...
- هل وافقت على كل من أرادك؟
- أنا صعبة الإرضاء
- جيد، أضيفي للقائمة اسما جديدا، انتهت القضية... واحد جديد أرادك فرفضته... انتهت القضية.
- لم تنته! ملاك لا تريد أن تكلمني!
ـ أعطها بعض الوقت، ولن يتطلب ذلك شهورا...
- لم أتعود أن يمر يوم دون أن أكلمها... ولم آذن لك بالجلوس
- حاضر... سأقف... أمضيت نهاية الأسبوع مع عائلتي
- وما دخلي أنا؟
- أختي الكبيرة تحب شخصا كل العائلة لا تريده
- ...
- قبيح المنظر، ولا مقومات عنده... بينها وبينه سنين ضوئية...
- كلكم سطحيون ولا تهتمون إلا بالمظاهر... عائلة مريضة!
- لكني تعلمت منها أن أدافع عما أريد حتى آخر لحظة...
- ...
- وألا أتراجع
- أنت مريض... ولم آذن لك بالجلوس!!
- نعم أنا مريض، ولن أجلس مرة أخرى حتى تأذني لي...
- جلست مرتين دون إذني... تريد أن تفرض نفسك بالقوة... لا أحد يريدك هنا...
- حظي سيء... ومريض أتوهم أن عندي فرصة...
- فرصة لماذا؟
- لأن أجلس... أنا تعب جدا والحصة الأخيرة زادت تعبي... وجائع!
- من يسمعك يظن أنك صنعت قنبلة نووية في تلك الحصة، في حين أنها لم تكن شيئا غير مقدمات بسيطة...
- أنا قليل فهم وغبي مثلما قلت، لذلك وجدتها صعبة، العيب في ولم يكن فيها...
- لا أكيد أنت مريض... أول مرة تعترف بأن فيك عيب... لازم يفحصك طبيب...
- خطرت ببالي فكرة غبية وحمقاء...
- لا أستغرب منك أي شيء...
- الوقت وقت غداء...
- شكرا على المعلومة القيمة...
- أدعوك لتناول شيء...
- ماذا؟
- دعوة، وببساطة شديدة تقبليها أو ترفضي أنت من يقرر لكن لا تغضبي...
- أنت أغبى بشر عرفت... سأذهب الآن...
قامت بسرعة، فمسكت يدها... جذبتها بلطف لتفلت من يدي لكني واصلت... فتوقفت...
- لم آذن لك بأن تلمسني...
- لن أحصل على أي إذن منك لو انتظرت...
- تلك مشكلتك وليست مشكلتي...
- تعرفين، هناك من لقبك بساسوكي يوم الإثنين؟
- ماذا؟
- نعم، عندما صرخت في وجهي... قال أنك ينقصك سيف وتكونين النسخة المؤنثة منه...
- ...
- ما رأيك لو نسمي الفنانة "جامبو الجبار"؟
- تركز كثيرا على المظاهر، وما قلته ليس لطيفا...
- حظي السيء... جئت من عائلة مريضة كما قلت
- نعم... أنا على خطأ وأنت دائما المحق كالعادة... ثم ماذا تريد الآن؟ ولم تترك يدي...
- هناك مطعم لطيف اكتشفته الأسبوع الماضي، وقريب من هنا...
- لا أستطيع...
- يقع على البحر... موقعه رائع
- قلت لا أستطيع...
- جربته مرة واحدة، وعندما كنت منهمكا في الأكل شعرت بشيء مس حذائي، فنظرت فإذا هو فأر كبير وكأنه قط من كبر حجمه...
- ماذا؟
- لو ترين الزيت الذي يستعملونه... لونه كزيت جرار من وسط القرن الماضي...
- تمزح؟ نعم؟
- بالتأكيد لا... ولا يمكن لك أن تتصوري لذة ما أكلت...
- وتدعوني إلى مكان قذر كهذا؟
- لا يجب أن نهتم بالمظاهر والقشور أليس هذا ما كنت تقولين؟
- لا مقارنة... قلت فأر كالقط! حتى إن كان خطأ، أنا هنا لن أنظر إلا للمظاهر
- ستفوتك أكلات استثنائية لن تجديها في أفخم المطاعم...
- فليكن... فأر؟ لا... كله إلا الفئران... أنا أكره الفئران...
- اجلسي... لا تذهبي...
- اترك يدي...
- حتى تجلسي...
ثم... جذبت يدها بقوة حتى أفلتت من يدي، وتغيرت ملامح وجهها... التفت... فرأيت ملاك قادمة تمشي ببطء شديد وهي تنظر نحونا... حتى وصلت. وقفت أمام إيمان، نظرت إليها ثم لي وقالت "أرجو أن حضوري لم يقطع أي شيء"... ثم سكتت... وتراجعت خطوة إلى الوراء... وصرخت بأعلى صوتها "ماذا تفعلان هنا؟!"
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. انطلاق فعاليات الدورة الـ 32 لمهرجان الموسيقى العربية
.. مش مجرد سجاد دي لوحات فنية ?.. فنانين عائلة ويصا واصف من الح
.. تفاصيل انطلاق مهرجان الموسيقى العربيةفى دروته الـ 32 الحدث
.. مهرجان الموسيقى العربية.. 14 ليلة غنائية وموسيقية على مسارح
.. تذكرتي تتيح حجز تذاكر حفلات وفعاليات مهرجان الموسيقى العربية