الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيانات، وحديث البدايات والنهايات..

حكمت الحاج

2024 / 7 / 8
الادب والفن


قرأت باهتمام مقالة الشاعر والناقد والروائي العراقي حسين علي يونس، المنشورة في عدد يوم 13 نيسان أبريل 2024 على أعمدة مجلة "كناية" الثقافية الرقمية المستقلة، بعنوان "شذرات نقدية على بيانين أدبيين"، فكانت لي هي الشذرات التعقيبية، نظرا لورود اسمي في المقالة المذكورة، مع الشكر مقدما لكاتبها، مع رجائي أن يتسع لها صدره الرحب:
يمكن للقاريء أن يقسم مقالة الأستاذ حسين علي يونس المذكورة إلى قسمين متمايزين:
أولا/
نقده وملاحظاته على مقالين سابقين لي كنت نشرتهما، تعلق الأول برأيي فيما آل اليه النقد الأدبي العربي المعاصر، وسبل البحث عن حلول ناجعة، وتعلق الثاني بسلسلة المطبوعات التي أحررها وأشرف عليها ضمن المسار المهني لدار النشر التابعة لمؤسسة كناية الثقافية، تحت مسمى عريض هو "سلسلة روايات عربية قصيرة جدا"، ستصدر فيها ثمانية مؤلفات بهذا العنوان حتى موفى هذا العام، وقد تم الإعلان عن أربع منها، والباقيات على الطريق، بحسب إمكانيات الدار وجداولها الزمنية.
ثانيا/
إعلان كاتب المقالة عن مقترحه النقدي كمشروع خاص به، وهو الذي عرف باجتراحه كتابة المقالات النقدية والفكرية، ينشر معظمها في مواقع ومجلات معروفة، ومنها مجلة "كناية". وكذلك تقديمه لمقترح يخص رأيه ومساهمته في هذا النوع الأدبي من السرد الوجيز.
والآن، إلى تبيان شذراتي النقدية على شذراته النقدية، فلا أحسني في موقع الرد، بل هو إثراء للنقاش، وتعميق له، ليس إلا.
فيما يخص "أولا":
جاء في البيان المشار إليه أعلاه والذي نشرناه تحت عنوان "بيان الحركة النقدية العربية الجديدة" إن هدفنا من تلك المساهمة هو تعزيز بيئة شاملة ومنفتحة وغير متحيزة للنقد، بيئة تعكس حقًا تنوع الأصوات وثراء وجهات النظر الموجودة في عالمنا العربي اليوم. لقد دعونا الجميع لكي ينضموا إلينا في تيار "الحركة النقدية العربية الجديدة"، حيث نعيد تصور النقد الأدبي والفني خارج حدود الأوساط الأكاديمية والصحافة المملوكة والمؤسسات الضخمة. وقلنا أنه معًا سنخلق مساحة نابضة بالحياة وديناميكية تغذي الفكر الحر والشمولية والانفتاح والديموقراطية، ونقدم للمجتمع منظورا بديلا لدراسة وتقدير تعقيدات عالمنا الحديث. وجاء في تبيان أسس الإستناد إن هذه الحركة ستهدف إلى الاستقلالية والشمولية والتنوع والانفتاح والتجديد المستمر، بهدف إضفاء الطابع الديمقراطي على النقد من خلال تضمين أصوات من جميع الخلفيات. فلا يجب أن يقتصر النقد على الخبراء الجامعيين والصحفيين الماسكين زمام الثقافة في الميديا العربية، ولكن أيضًا القراء العاديين وعشاق الكتب، ومجموعات القراءة، ومعلقي اليوتيوب والغوودريدز، والنقاد المستقلين والناشطين على المنصات الحوارية الافتراضية. نحن اعتقدنا وما زلنا نعتقد أن كل منظور هو ذي قيمة ويمكن أن يعزز فهمنا للأعمال. وباستخدام المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، تهدف حركتنا إلى إنشاء مجتمع واسع من النقاد في سبيل حوارات مفتوحة ومحترمة ومتبصرة. هدفنا هو جعل النقد الأدبي والفني أكثر سهولة وجاذبية وديمقراطية في عالمنا العربي.
وبينما قسمنا الفاعلية النقدية في الفضاء العربي إلى:
1 النقد الأكاديمي داخل أسوار الجامعة
2 النقد الأكاديمي خارج أسوار الجامعة
3 النقد الصحافي (أدبي، فني، فكري) باعتماد وسائل الإعلام والاتصال المقروءة والمسموعة والمنظورة
4 النقد الحر غير المتمأسس، وغالبيته ينشط في الأفضية الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي بشكل عام،
فإننا دعونا إلى ثقافة الكتاب المرقمن، ضمن الدعوة إلى خلق جيل جديد من الناشرين العرب والانخراط بهم في سماوات النشر الرقمي التي لا تحدها حدود، في سبيل كسر هيمنة واحتكار النشر الورقي البطيء والرتيب والذي لن يستطيع مجاراة ما يعتمل في خيال وابداع أجيال النقاد العرب الجديدة، بل وأيضا، في سبيل كسر الحدود الجغرافية البغيضة ببن الاقطار العربية، في وحدة لم تؤمنها الزعامات ذات يوم، فليؤمنها العقل الرقمي اليوم.

فيما يخص "ثانيا":
نشرنا منذ صائفة عام 2023 بيانا تحت عنوان عريض هو "بيان الرواية القصيرة جدا", وكان بمثابة الدعوة إلى الكتابة في هذا الجنس السردي الصعب في حقيقته، وجاء على قسمين: أحدهما مطول، وحوى في طياته على الأسس الفلسفية لمقاربة هذا النوع الأدبي الوجيز الموجود في معظم لغات وثقافات العالم، ورأينا أن أساسه هو فلسفة المينيماليزم، واعتماد الوجازة في السرد، ونبذ النزوع الى الرومانتيكية، وثانيهما لائحة مواصفات مختزلة وسريعة كدليل عمل لمن يريد اجتراح سرد قصير موجز لكن محتفظ بتوهج السرد الروائي في الوقت نفسه، ولأجل ذلك أوضحنا أنه لكي تتحقق رواية قصيرة جدا أو مختصرة أو وجيزة، فإنها، وحسب مفهومنا الوارد في بياننا المذكور، يجب أن أن لا تزيد في عدد كلماتها على العشرة آلاف، وأن لا تقل عن الخمسة آلاف، وأن تشتمل في نسيجها الحكائي على ثلاثة شخصيات فاعلة أو أكثر، وأن تتنوع في المكان والزمان، وأن تحتوي على ذروة وعقدة وحل للذروة، وأخيرا، أن تكون خاتمتها مدركة ومعقولة.
وواضح أننا في هذا البيان وما جاوره وما صاحبه من مناقشات وجدالات واعتراضات وقبولات، لم نكن بصدد وضع دراسة توثيقية ولا تاريخية للرواية وتفرعاتها، لا عربيا ولا عالميا، كما لم نكن بصدد مناقشة جهود من نظر وكتب في هذا الأسلوب السردي، سواء من جايلنا أو من سبقنا، فلم يكن هذا من مشمولات اهتمامنا، كما لم نكن مجبرين عليه.
نعم، لقد نشر الشاعر والروائي حسين علي يونس، مؤلف المقال الذي نحن بصدد التعقيب عليه، في العام 1993، رواية قصيرة جدا بعنوان "نفايات متأخرة"، ونعم أيضا أنني قمت حينها بنشر مقال نقدي حولها مرحبا بها وبكاتبها في محاولته التجريبية تلك، لكنني لم أكن حينها مهتما بتسميتها ولا بإحالتها على جنس سردي محدد، فاستقبلتها كنص أدبي موجز مكتمل مدهش، وأقصى ما استطعت فعله هو أنني أطلقت عليها اصطلاح "القصة-القصيدة"، بينما راح مؤلفها يدعو لعمله هذا ويدعوه "روشقص"، كمفردة تحوي داخلها انها رواية وشعر وقصة، فقد كان التص فعلا يحتمل كل تلك المواصفات.
إنني أسرد كل هذه الوقائع ليس فقط لكي أستحضر بعضا من ملامح تلك الحقبة المتلاطمة الغنية بالتجارب والتجربب في عراق التسعينات ما بعد الحربين، حيث كان وسطنا الأدبي يمور ويموج ببراكين الإبداع والخروج على المألوف والسائد، بل لكي أجيب على تساؤلات الأستاذ حسين علي يونس، وتساؤلات غيره من الكتاب والنقاد والدارسين والمهتمين، ان "بيان الرواية القصيرة جدا" الذي تطرق إليه كاتب المقالة، لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بجهودكم الريادية أو الابتكارية في هذا النوع من السرد القصير، إبداعا وتنظيرا، لا من حيث تثبيتها وتوثيقها، ولا من حيث نكرانها أو تجاهلها، فذاك ما سيقوم به مؤرخو الأدب ونقاده، وما بياننا إلا منهاج عمل وفق تصور محدد يخصنا فقط وبمرجعياتنا نحن. فمن الكتاب مَن استجاب وكتب تحت هذا التصور والمسمى "رواية قصيرة جدا"، فرحبنا به وشجعناه وفرحنا له، بل وأدرجناه ضمن سلسلة المطبوعات التي أسسناها في "كناية" لخدمة هذا النوع من الكتابة الوجيزة. ومن الكتاب مَن لم تعجبه تلك التحديدات الواردة في البيان، وبالأخص مسألة عدد الكلمات، فاحترمنا موقفه وحاولنا مناقشة آرائه والاستفادة منها وتوسيع دائرة الحوار بشأنها، لعلنا جميعا نستطيع أن نوجه جهودنا الخيرة في سبيل تثبيت وتجذير هذا الجنس من الكتابة الذي يدعو إلى الإقلال من الثرثرة واللغو الفارغ، والإكثار من الفعل والابتكار وخلق الجمال. الابتكار لا حدود له، والابداع يسع الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | روح أكتوبر حاضرة في أغاني النصر وسينما الحرب |


.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال




.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية


.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري




.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد