الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوز اليسار في فرنسا ...واقع وتحديات

ادم عربي
كاتب وباحث

2024 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم : د . ادم عربي

مقدمة
تعكس الانتخابات في فرنسا، كما في العديد من الديمقراطيات الرأسمالية، التوتر المستمر بين الرغبة في التغيير والواقع المتمثل في هيمنة الهياكل الرأسمالية. وفي ظل هذا النظام، تسعى الأحزاب اليسارية إلى تحقيق تقدم ملموس نحو العدالة الاجتماعية والمساواة. إلا أن هذا السعي يصطدم بمعوقات النظام الرأسمالي الذي يحد من مدى تأثير الديمقراطية ويعيد إنتاج الهيمنة الطبقية. لنستعرض هذا الوضع من خلال فوز اليسار في الانتخابات الفرنسية، مع الاستشهاد بأفكار لينين وماركس حول الديمقراطية في المجتمع الرأسمالي.

الديمقراطية في ظل الرأسمالية
❞...الديمقراطية في المجتمع الرأسمالي، مضغوطة على الدوام في إطار ضيّق من الاستثمار الرأسمالي، وهي تبقى لذلك على الدوام في جوهرها، ديمقراطيّة للأقليّة، للطبقات المالكة، للأغنياء وحدهم...❝

لينين
يُظهر التاريخ أن الديمقراطية في المجتمعات الرأسمالية غالبًا ما تكون مُوجهة لخدمة مصالح الطبقات المالكة. حتى عندما تأتي نتائج الانتخابات لصالح الأحزاب اليسارية، يبقى التحدي الرئيسي في تنفيذ السياسات التي تتعارض مع مصالح الطبقة الرأسمالية. الهيكل الاقتصادي والنظام السياسي غالباً ما يفرضان قيوداً تعرقل التغيير الجذري الذي يسعى إليه اليسار. هذا التوتر بين رغبة الناخبين في التغيير والقيود النظامية يوضح كيف تظل الديمقراطية، في كثير من الأحيان، لعبة تُدار لصالح الأغنياء وأصحاب النفوذ.

الحرية في المجتمع الرأسمالي
❞...إن الحرية في المجتمع الرأسمالي، حرية لمالكي العبيد...❝

لينين
تعبر هذه المقولة عن الفجوة العميقة بين الحرية النظرية والحرية الفعلية في المجتمعات الرأسمالية. حتى مع انتصار الأحزاب اليسارية، يظل الأثر الحقيقي محدوداً بسبب القيود الهيكلية والاقتصادية التي تحمي مصالح النخبة. حرية التعبير والاختيار قد تكون موجودة، لكنها غالباً ما تُستخدم لدعم الوضع القائم بدلاً من تغييره. الأفراد قد يشعرون بأنهم أحرار في اتخاذ قراراتهم، لكن هذه الحرية تظل مقيدة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يفرضها النظام الرأسمالي.

التمثيل السياسي في ظل الظلم الطبقي
❞...يُسمح للمظلومين مرة كل عدة سنوات بأن يقرروا: مَن مِن ممثلي الطبقة الظالمة سيمثلهم في البرلمان ويسحقهم!...❝

كارل ماركس
هذه الفقرة تعبر عن الفجوة بين النظام الديمقراطي المثالي والواقع العملي. الانتخابات تمنح الطبقات المضطهدة فرصة للتعبير عن رغباتها، لكنها في الوقت نفسه، تجبرها على الاختيار بين ممثلين ينتمون إلى النظام نفسه الذي يكرس الظلم الطبقي. فوز اليسار في فرنسا، رغم أنه يمثل انتصارًا رمزيًا للعدالة الاجتماعية، إلا أنه يُظهر أيضًا حدود النظام الانتخابي في إحداث تغيير حقيقي. غالباً ما يجد الممثلون المنتخبون أنفسهم مقيدين بالقيود النظامية والاقتصادية التي تحد من قدرتهم على تنفيذ إصلاحات جذرية.

اليسار والتحديات المستقبلية
فوز اليسار في الانتخابات الفرنسية يعكس رغبة الشعب في التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية. ولكن هذا الانتصار يواجه تحديات كبيرة في ظل النظام الرأسمالي القائم. الأحزاب اليسارية تحتاج إلى مواجهة هذه التحديات من خلال تطوير سياسات وبرامج تتجاوز القيود الحالية وتعمل على تحقيق تغيير حقيقي ومستدام. النجاح في هذه المهمة يتطلب تعاونًا وتضامنًا قويين بين مختلف الفئات الاجتماعية والسعي المستمر نحو تحقيق الديمقراطية الحقيقية التي تخدم مصلحة الأغلبية وليس الأقلية.

خاتمة
إن الانتخابات الفرنسية وفوز اليسار تشكل مرحلة مهمة في السعي نحو العدالة الاجتماعية. لكن لتحقيق تغيير حقيقي، يجب على اليسار أن يتعامل بفعالية مع التحديات النظامية والاقتصادية التي تفرضها الرأسمالية. الديمقراطية يجب أن تتجاوز كونها مجرد عملية انتخابية لتصبح أداة حقيقية لتحقيق المساواة والعدالة للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 10 وإصابة أكثر من 20 عسكريا إسرائيليا في يوم واحد بمعار


.. -القتلة والمختلين عقليّا-.. ترمب يراهن على وقف الهجرة غير ال




.. حزب الله: استهداف شركة -تاعس- للصناعات العسكرية شمال تل أبيب


.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تعلن قنصها جنديا إسرائيليا




.. الأسبوع وما بعد | مع قرب يوم الحسم.. استطلاعات الرأي تحير ال