الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع

شوقية عروق منصور

2024 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


رغم أن اللون الأبيض رمزاً للنقاء والمحبة والصفاء إلا أنني لا أحبه ، يجوز لأنه قد يرمز لرفع راية الاستسلام أو لأن في بياضه مساحة شهية للكتابة وجعل الأكاذيب شعارات تتحدى الحقائق، ولكن منذ العدوان على غزة أصبحت أكره اللون الأبيض من كثرة الجثث الملفوفة الأكفان البيضاء ، جثث في كل مكان ، لا فرق بين غني وفقير ، بين رجال ونساء وأطفال جميعهم خرجوا من الحياة بسرعة دون انتباه ، قد يكون خلال النوم أو الركض خوفاً من القذائف أو خلال الوقوف بالطوابير للحصول على قطرات من الماء أو خلال الوقوف للحصول على قليل من طعام ، أو خلال حديث الأخ البكر الذي يريد أن يحل مكان أبيه الذي استشهد وعليه أن يقود العائلة إلى بر الأمان ، أو خلال حديث أم تبحث عن بقايا خبز في زوايا الخيمة ، أو خلال حلم شاب ما زال يحلم بأنه يتمرغ على فراشه مطمئناً في غرفته، أو خلال حلم شابة كانت قد جهزت فستان زفافها ولكن العدوان هدم البيت وضاع الفستان مثل ضياع كل شيء ، وها هي حياتها تضيع وبدلاً من فستان الزفاف تُلف بالكفن الأبيض وتُلقى جثتها على الأرض بين الجثث المضغوطة تحت الأكفان ، كأن هناك خوفاً من التمزق وخروج الجثث إلى الطرقات ، مع العلم أن الجثث لا تعرف أين سيكون عنوانها الجديد . فالمقابر امتلأت وأصبحت في كل مكان ، الموت أصبح ومضة خاطفة أو نزهة رصاصة قررت أن ثقب جمجمة، أو قرار من طيار أراد أن يهدي زوجته حفلة من توهج النيران .
أعترف أنني أكره اللون الأبيض، كنت أقول قديماً أكرهه لأنه يتسخ بسرعة أو لأنه منافق ويرافق ويعقد صداقة مع جميع الألوان ، ولكن الآن أكرهه علناً لأن عنوانه في غزة ورفح وخان يونس والشجاعية وغيرها من القرى والمدن الفلسطينية قد تحول من قماش ينام على الرفوف عند التجار إلى تجارة دفع فواتير الحقد والكره وغياب العدالة والإنسانية.

أطفال كبروا قبل الأوان
عندما تسيل براءة الطفولة من عيونهم الحزينة، الموجعة ، الحائرة ، الصادقة ، أشعر أن العالم قد أغمض عينيه عن حقوق الطفل ، تلك الحقوق التي ينسجون حولها المواعظ والقصص والحكم والأمثال واللقاءات والكتب والحكايات والمسرحيات ، والأدهى تلك الدول الغربية التي تتدلى من أعناقها دموع العهر والكذب وتحاول اقناعنا أنها تحصي أحلام الأطفال وفي الخفاء تجهز الأحذية العسكرية للدوس على أعناقهم .
من " اليوم العالمي للطفولة " الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 تشرين الأول عام 1954 لحماية الأطفال وإبراز حقوقهم ، ومنذ العام 1990 يحتفي العالم باليوم العالمي للطفل بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأم المتحدة لإعلان حقوق الطفل .
في كل هذه الاتفاقيات والأوراق والأغنيات والخطابات والشعارات - أثبتت الحروب خاصة في الدول العربية أن لا حقوق لا للأطفال ولا للكبار - أما الحرب على قطاع غزة فقد أظهرت أن تلك الاتفاقيات والشعارات التي تنتجها الدول الغربية ، علناً وتحت الأنوار الكاشفة هي مجرد عبارات فارغة متغطية ببريق الطفولة وتحتها مليون قنبلة وصواريخ قاتلة ، وخلف مهرجانات الطفولة وجوهاً متورمة بالخداع ، والطفل الغزاوي الآن يتلصص من بين ثقوب الخيمة أو من بين ركام منزله أو من بين دقات قلبه ونبضات شرايينه المذعورة خوفاً من الأحزمة النارية على مسرحيات دموع التماسيح التي يذرفها الغرب على دماء الأطفال النازفة.
في غزة يرتفع يوميا عدد الشهداء من الأطفال يومياً ، ولكن من السخرية أن نجد في شهر تشرين الأول القادم حفلات ومهرجانات والعاب تتغنى بالطفولة ... لا .. لقد فرغت بطاريات لعب الأطفال أو تحطمت وتدمرت مع البيوت التي تساوت بالأرض ، وفرغت الساحات من أصوات الأطفال وضجيجهم ، و قد نجدهم هناك ، إما في طوابير الجوع أو في طوابير الأكفان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بيان عاجل للحرس الثوري الإيراني بشأن العثور على جثة نيلفروشا


.. حزب الله يحسم الجدل بشأن تشكيل قيادة جديدة بعد مقتل حسن نصر




.. قراءة عسكرية.. حزب الله يطلق رشقة صاروخية كبيرة على شمال إسر


.. تأملات | رشيد حسن أبو جردة




.. تضرر مبان في حيفا بعد سقوط صواريخ من لبنان