الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الغطرسة
خالد بطراوي
2024 / 7 / 12مواضيع وابحاث سياسية
هنا نتحدث أيها الأحبة عن غطرسة قطاع الخدمات وتغوله على باقي القطاعات وخصوصا قطاع الإنتاج.
وقد بلغ الأمر بأن أصبح هذا القطاع، في عالمنا - وتحديدا عالمنا العربي - بهذا المستوى المتقدم من الغطرسة العالية حتى أضحى "دولة داخل دولة".
حتى شريحة المستوردين "الكمبرادور" في المجتمع وهي من ضمن طبقة البرجوازية التي تغولت أيضا على قطاع الإنتاج وضخت في بلادنا كل ما هبّ ودبّ من سلع مستوردة أدت الى إغلاق بعض المنشآت الإنتاجية الوطنية، فقد نالها هي الأخرى ما نالها من غطرسة وتغول قطاع الخدمات.
والمقصود بشكل أساسي بقطاع الخدمات هو ذلك القطاع المتحكم بالخدمات اللوجستية لباقي القطاعات. وفي أيامنا الحالية فإن الذي يتربع على كرسي رئاسة وقيادة هذا القطاع هي شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية والبنوك والشركات الوسيطة.
بنك يرفض أن يأخذ أصغر قطعة عملة نقدية متداولة، وآخر يرفض أن يجري المواطن أية معاملة ما لم يكن لديه حساب في ذات البنك، وبنك أسس محفظة نقدية يقدم خدمة الدفع الإلكتروني يتأخر في الدفع الى الجهة التي أودعت نقودا لتدفع لها تسديدا لفاتورة كهرباء أو ماء أو ما شابه فتأتيك الفاتورة الجديدة متضمنة غرامات تأخير، وشركات إتصالات لهاتفك المحمول أو لشبكة الإنترنيت تحجب الخدمة عنك مؤقتا " لأعطال في الشبكة والنظام" كما يدعون ولا تأبه لتأثير ذلك على نشاطك وأعمالك ومعاملاتك ولا تشعرك مسبقا بموعد حجب الخدمة ثم وفي أول ثانية تتأخر عن موعد تسديد فاتورتك الشهرية تحجب عنك فورا الخدمة.
قالت لي زميلة مهندسة أنها بعد ان سددت قرضا لأحد البنوك تفاجأت بإيقاع مبلغ إضافي عليها أن تدفعه ولم ينتظر البنك حتى أن توافق أو تقتنع بهذا المبلغ الاضافي ومقداره أو إستحقاقه بل قام البنك على الفور بخصمه من حسابها الشخصي دون أي مسوغ قانوني.
المواطن مرغم على تسديد بعض الرسوم الرسمية وكذلك له خيار تسديد بعض الفواتير لدى البنوك التي تتقاضى منه مبلغا ماليا تحت مسميات مختلفة منها "عوائد نقدية" أو "إيداعات نقدية" علما بانه من المفترض أن يتم إستيفاؤها من الجهة الرسمية التي يتم الإيداع لها وليس من المواطن هذا إذا ما كان هناك داع أصلا لإستيفاء هذه المبالغ فالأصل أن البنك يستفيد من حركات الإيداع هذه في ضمان توفر السيولة اليومية لديه بدلا من الإضطرار الى الصرف من إيداعاته.
بنوك أخرى، ترفض إستقبال أية إيداعات أو تحويلات باليورو وترغمك على تحويل المبلغ الى الدولار أو أي عملة أخرى.
هناك المثل الشعبي المعروف والقائل " قلو يا فرعون مين فرعنك ... قلو ما لقيت حدا يردني" ذلك أن الجهات الرقابية وبضمنها "سلطة النقد" في أي بلد قلما أخذت أية شكوى على محمل من الجد، هذا إذا لم تبرر للبنك فعلته، أما منظومة التقاضي فتستغرق وقتا طويلا لإصدار قرارها القطعي.
ومشكلتنا أننا كمواطنين في بلاد "العرب أوطاني" نسعى للحلول الفردية التي تتضمن شرب "فنجان القهوة" لطي صفحة أية إشكالية تواجهنا مع هذا القطاع المتغطرس حيث أن البعض منا – ولشديد الأسف – مقتنع تمام القناعة بمقولة " لمين بدك تشكي إذا غريمك القاضي " رغم أنني لا أتفق مطلقا مع هذه المقولة فالسادة القضاة لهم مكانتهم ولا يخاصمون المواطن.
أيها الأفاضل ... مرد ذلك أن ما يحصل لأن "السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد"، إذ أن إقتصاديات السوق الرأسمالي المكرس بالأساس "لإستنزاف المواطن" وتكديس الأموال والثمرات بأيدي رأسماليي البلاد يفرز منظومة مجتمعية ومنظومة قانونية تخدم التوجه الرأسمالي وليس "الإشتراكي" المناصر للمواطن، وإن أردنا التعمق أكثر فاكثر فإن كل ما يحصل من غطرسة هو نهج ضارب الأعماق لخروج الإستعمار بشكله القديم من الباب بعد الإستقلال الشكلي للدول ودخوله بشكله الجديد من الشباك عبر سياسة الالحاق والتبعية ودعم قطاع الخدمات والوسطاء وشريحة المستوردين على حساب قطاع الإنتاج الصناعي والزراعي.
خلاصة القول، ما لم تتحول دولنا "المستقلة" باتجاه "التحولات الإشتراكية" لنصرة المواطنين من العمال والكادحين والمزارعين وحتى شرائح البرجوازية الرثة والصغيرة والمتوسطة وإنشاء إطار قانوني ناظم يسير بإتجاه "تصفير" وإنهاء غطرسة قطاع الخدمات، فإن المواطن في عالمنا العربي وغيره سوء يتم سحقه أكثر فاكثر.
بعد الإستقلال الشكلي للدول فشلنا فشلا ذريعا في تكريس توجه هذه الدول الى التوجه الإشتراكي وهرولنا حتى دون شد أحزمة على بطوننا المتكرشة نحو التوجه الرأسمالي فإنطبق علينا المثل القائل " جاجة حفرت ع راسها عفرت".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .. فيا فوز المستغفرين ... إستغفروا الله .... وقوموا الى صلاتكم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجيش السوداني يدخل مجمع الرواد جنوبي الخرطوم
.. رضوان الأخرس: ترمب يريد منجزا سياسيا يقدمه للجمهور الأمريكي
.. خارج الصندوق | تقرير يكشف تقارب إيراني مع -قسد-
.. لحظة استهداف منزل عائلة الدرة بمخيم البريج في قطاع غزة
.. العاشرة | وزير الداخلية العراقي للعربية: نسيطر على الحدود مع