الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس اليسار الفرنسي.. ودور اليسار الفلسطيني

سليم يونس الزريعي

2024 / 7 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


إن ما قام به اليسار الفرنسي من التوحد مع ما بيهم من فروق جوهرية فكرية وسياسية في مواجهة اليمين العنصري المتطرف التي كانت المؤشرات تشير إلى أنه يتجه نحو كسب الانتخابات البرلمانية بكل توجهاته الفكرية والسياسية التي كان من شأنها أن تنقل ليس فرنسا ولكن أوروبا نحو سياقات يمينية عنصرية ، ربما تؤسس لإعادة إنتاج الفكر الفاشي. والنازي بكل ما يحمله هذا الفكر من غطرسة وتعالي وعدوانية كان بمكنه أن يضع العالم أمام تحد جديد متجسدا في هذه الظلامية التي تتمدد في أوروبا منذ سنوات.
وهذا الموقف ربما يستدعي التذكير بفرنسا التنوير ومبادئ الثورة الفرنسية الثلاثة الحرية والإخاء والمساواة وصولا إلى دروس كومونة باريس، أقول ذلك وأنا أقارن ما جرى في فرنسا من استنهاض تلك القوى وتجاوز تناقضاتها بالتصدي لما يعتبرونه خطرا يهدد قيم المجتمع الممتدة منذ عشرات العقود من السنين.
مع العلم أن فرنسا ليست محل تهديد وجودي، وإنما هو خطر فكري وسياسي يمثله أحد مكونات المجتمع الفرنسي، أي اليمين الفرنسي ممثلا في الجبهة الوطنية التي لا تخفي عداءها وموقفها العنصري من المهاجرين الذين تتجاوز نسبتهم 10% من مجموع السكان. نسبة كبيرة منهم من المستعمرات الفرنسية السابقة.
ليكون السؤال أين هي قوى اليسار الفلسطيني المحتلة أرضه ويواجه عدوا يمارس نفيه في كل يوم، ليغادر شرنقته الذاتية و يتجه لبناء قطب يساري ديمقراطي يكون رافعة للمشروع الوطني وفق رؤية فكرية سياسية اقتصادية اجتماعية تدرك ماهية التناقض الأساس مع العدو ومعسكره والتناقضات الأخرى المتفاوتة بين القوى الفلسطينية وهي تناقضات لا يمكن تجاهلها، كونها تبقى عاملا مقررا في مواقف تلك القوى ارتباطا بكونها هي التي تشكل محدداته السياسية.
ولا يمكن مقاربة حالة الانقسام التي أضرت بالمشروع الوطني الفلسطيني دون رده إلى منطلقاته الأيديولوجية من أجل فهم أعمق لما جري في الواقع الفلسطيني منذ محطة1993 بأبعادها الفكرية والسياسية، ثم محطة انقلاب 2007 التي هي أيضا كذلك، كون هاتين المحطتين قد ألقتا بظلالهما القاتمة على المشهد الفلسطيني حتى بتنا أمام ثنائية فتح التي تعبر بالمعنى الفكري عن قوى اليمين الوطني، وحماس التي تمثل قوى الإسلام السياسي.
وعلى امتداد عمر الثورة الفلسطينية كانت نظرة التفرد والاستعلاء هي التي حكمت سلوك اليمين الوطني تجاه قوى الثورة الأخري، سيما قوى اليسار الفلسطينية الذي طالما طبع سلوكه النزاهة الفردية والجمعية والحرص الوطني مع فهم ووعي بالتناقضات الخارجية والداخلية. ومن ثم التعامل معها عبر القوانين الموضوعية التي تضبطها ضمن شرط صارم تحدده بوصلتها الفكرية والسياسية في سياق المشروع الوطني أو ما يسمى برنامج الإجماع الوطني. على قاعدة وحدة- نقد - وحدة.
وعندما التحقت قوى الإسلام السياسي بعد عقدين من انخراط الشعب الفلسطيني بطلائعه السياسية في الكفاح المسلح التي كان بعضها قد أعد العدة للشروع في الكفاح المسلح كحركة القوميين العرب الفرع الفلسطبني وحركة فتح قبل هزيمة حزيران 1967 .
حمل فكرها مفهوم التكفير صراحة أو ضمنا بما يعنيه ذلك من نفي معنوي على الأقل لقوى اليسار، حتى أن ميثاقها المعلن عام 1988 وهي تعرف بنفسها لأنصارها الذين هم متعدين للوطن الفلسطيني، بأن منظمة التحرير الفلسطينية علمانية والعلمانية ليست من الدين، وهو تحريض من سبق الإصرار على المنظمة وفصائلها. وكونها تعتبر نفسها ربانية تماك الحقيقة المطلقة ليس فيما يتعلق بالدين ولكن في شؤون الحياة الاخري. وقد حاول اليسار استيعاب هذه التناقضات والبحث عن القواسم المشتركة لكن من الصعب على مثل هذه الذهنية استيعاب ذلك.
وأمام هذه الثنائية كان من الطبيعي من أجل إحداث التوازن بين ثنائية فتح - حماس من وجود قطب ثالث يجمع قوى اليسار طالما أنه لا يوجد فصيل قادر على القيام بذلك منفردا لأسباب ذاتية، ليس لخدمة مصالح ذاتية ولكن من أجل المشروع الوطني الفلسطيني الجامع الذي يعتبر أن الوطن فوق كل القوى.
لكن بعض قوى اليسار ارتضت أن تقيم في شرنقتها ضمن سياق ذاتي مصلحي ، وقد تكتفي بدور الديكور للبعض كي تحافظ على ذاتها ومصالحها. انطلاقا من أن معيار المصالح الذاتية هي من تحدد. سلوكها. ولا بأس أن تضحي بوحدة اليسار وتقبل أن تكون ديكورا مفعولا به، من قبل هذا الطرف أو ذاك. بدل أن تكون ضمن قطب فاعل يؤسس لمشروع فكري سياسي كفاحي اقتصادي اجتماعي من أجل فلسطين التي يجب أن تكون لكل أبنائها أيا كان فكره أو معتقده.
إنني أعتقد أن حالة التنوع الفكري في الحالة الفلسطينية تحتم وجود قطب يساري ديمقراطي وربما المؤهل أكثر من غيره للقيام بهذا الدور هو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بإرثها الذي تركه لها مؤسسوها جورج حبش ووديع حداد وأبو علي مصطفى وغسان كنفاني. وأبو ماهر اليماني وعبد الرحيم ملوح وغيرهم الكثير ممن جعلوا
من وحدة اليسار هدفا يستحق السعي من أجله ضمن برنامج الجبهة السياسي على مدى عفود. إضافة إلى صدقيتها ورؤيتها السياسية والفكرية وثقلها التنظيمي والسياسي والعسكري النسبيي. وعلاقاتها مع القوى والأحزاب القومية واليسارية والديمقراطية والإسلامية والقوى الديمقراطية وأحزاب اليسار في العالم يؤهلها موضوعيا للعب هذا الدور كقاطرة لقطب يساري يقدم خيارا ثالثا للشعب الفلسطيني إلى جانب الخيارين الفكريين والسياسيىين لكل من فتح وحماس. كون الشعب الفلسطيني المناضل، أقول إنه يستحق ذلك.
إن ما حصل في فرنسا من قدرة القوى اليسارية على التوحد مع اختلاف منطلقاتها وبرامجها يقول للقوى اليسارية والديمقراطية الفلسطينية إن فلسطين ووحدة اليسار والقوى الديمقراطية توجب على بعض تلك القوى المؤهلة لهذا الدور أكثر من غيرها الخروج من شرنقتها إلى فضاء الوحدة، كون ما يجمع بين تلك القوى من واقع برامجها الفكرية والسياسية أكثر مما يباعد بينها. وإنه من موقع النزاهة الفكرية واجب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن تكون حيث يجب أن تكون ..عوض ما هوكائن..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر - نشرة خاصة: ولاية جديدة للرئيس تبون وسط رفض نتائج ا


.. هل يتجه العالم إلى أزمة؟ | #بزنس_مع_لبنى




.. مناورات صينية روسية في بحر اليابان.. هل تشعل الصراع على المم


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - لافروف: إسرائيل تفرض شروطا تعجيزية




.. كيف تضغط إسرائيل على أعضاء بالكونغرس لإسقاط دعوى جنوب إفريقي