الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 10

أمين بن سعيد

2024 / 7 / 13
كتابات ساخرة


حاولت أن أمهد لها الطريق، وأفتح لها ولي الأبواب...
- كثيرون يمضون عشرات السنين ليصلوا إلى أقاربهم، أنا وصلت إليك في أقل من ساعة وربع. أنا محظوظة جدا...
- نعم، أنت محظوظة.
- أعرف أنه يلزمك وقت، أرجو ألا يكون طويلا، لأني لا أريد أن أضيع أي لحظة بعيدة عنك...
- لا أريد أن أفسد فرحتك وليلتك، لكن هناك مسألتان لازمتان لكيلا يطول الوقت.
- لا مشكلة عندي مع تحليل الـ DNA، لكن ما هي المسألة الأخرى؟
- ميراث أمك.
- ما به؟
- لنفترض أني متبرع وأمضيت أعواما أقوم بذلك العمل، ونجحت بذراتي في إنجاب مائة بشر، هل سأشعر أني أب لهم؟
- لكن ماما قالت أنها كانت علاقة حب رائعة...
- لم تكن علاقة حب، كانت مجرد رغبات جنسية، الحب كلمة كبيرة لتطلق على ما حصل، روايتها لما حدث كانت من منظورها، هي سمته حبا، أنا أراه مجرد جنس قام به شاب صغير لا يزال يجهل الكثير...
- أنت إذن تراني مجرد بذرة؟
- أنا أفتح لك الطريق وأقصر المسافات بيننا، نحب الجمال وأنت جميلة، لكننا نحب العقل وإن كانت العاطفة لا تغيب عن قراراتنا... عواطفك جياشة الآن، وتريدين ألا نضيع الوقت، لكي يحدث ذلك، علي تحفيز عقلك، وذلك ما فعلت وسأفعل. إن رأيتني قاسيا فاعلمي أنك لم تفهمي، وتذكري أني لا أحب الغباء. وإن رأيتني باردا بلا قلب، فثقي أنك سلكت طريق الرجوع إلى العالم الذي جئت منه والذي، أذكرك، أنك... لا تريدينه.
- لن أعود حتى لو رفضتني!
- عليك أن تفهمي أن كل الأبواب فتحت لك، ولم يكن ذلك بالأمر اليسير.
- لو رفضت ملاك، هل كنت ستقبل لقائي؟
- سؤال غبي ونحن لا نحب الأغبياء.
- عندك حق... الملكة وراء كل شيء... هل أناديها ماما ملاك؟
- سؤال غبي آخر...
- لماذا؟
- لو أرادت أن تنادى ماما ما انتظرتك.
- وهل...
- سؤال... آخر، لا تسأليه. ناديني بإسمي... أنت قادمة من عالم آخر، من ثقافة أخرى، ولا أحد منا سيضيع وقته ليحاول تغيير ما لا يصلح فيها... تلك مهمتك، أما نحن فسنعطيك الخطوط العريضة فقط.
- ابتعدت بي كثيرا، ولم تشرح لي عن ميراث ماما؟
- شرحت وأكملت. قلت إنك لا تهتمين للأمور المادية أليس كذلك؟
- نعم... فهمت الآن.

الذي وقع، أنه مباشرة بعد نتائج الامتحانات، رأت ملاك كل شيء... إيمان لم تكن بعيدة هي الأخرى...
الناظر من بعيد لما كان يحدث وقتها، كان يراني طاووسا في حين أن مهمتي... انتهت أول يوم أربعاء... اليوم الثالث من الأسبوع الأول من تلك السنة الأولى...
كذا حال أغلب الرجال مع النساء، يظهرون في الواجهة وكأنهم الفاعلون، في حين أنهم المفعول فيهم من ألف القصة إلى يائها. وكذلك حال السياسيين والحكام الذين يظهرون طواويس، والحقيقة توجد وراء الكواليس.
بقي الطاووس واقفا وحيدا، وكل منهما أخذت معها نصف قلب ونصف عقل... كل ابتسامة أرسلت له كان معناها "أنت على خير فالزم مكانك وانتظر... هناك أشياء تطبخ من وراء الكواليس... كل شيء جاهز على الطاولة، ناقص فقط بعض المثلجات..."
أنت على خير... أنت لا مشكلة معك... أنت مضمون... معروف... في الجيب. المشكلة بيننا، وعلينا حلها، فانتظر حتى نفعل، ثم ستعلم في الوقت المناسب...
عندما مشتا، كل واحدة في اتجاه، غبت، وحضرت كل في عقل الأخرى، خصوصا إيمان التي، بعد الذي حدث معي في داخل الكلية، كانت تعلم الذي سيحدث بعد أن ألتحق بها، وكانت لا تفكر إلا فيه... لكن كل شيء تلاشى عندما رأت ملاك واقفة أمامها... ملاك التي كانت تعلم كل شيء لحظتها، ولم يبق عندها شك... في كلامها لإيمان قالت كل شيء، والرسالة وصلت إيمان التي فهمتها وأبدت موافقتها... الأصل ذكر أول مرة بينهما. ولم أكن شيئا غير مجرد تفصيل صغير، سيحل بسهولة بعد فهم الأصل وتفعيله...
قالت ملاك أن "صلة الرحم أقوى من الحبيب والزوج"، وقولها ليس قاعدة لأنه قد يصدق وقد لا، والرسالة لم تكن في قولها ذاك لكن فيما جاء بعده... "لسنا مجرد صديقتين حميمتين نعرف بعضنا من سنين، لو كنا كذلك لتبعت كل منا قلبها ولهجرت الأخرى، لكننا لم نفعل..."؛ فكل منهما تبعت ولا تزال تتبع قلبها، لكنها لم تستطع هجر الأخرى، في حين أن الذي بينهما والذي لو كان يشبه صلة الرحم، من المفروض تكون نتيجته التضحية بالحبيب، لكنهما لم تفعلا... السؤال الذي سألته ملاك منذ أكثر من شهر قبل ذلك اليوم: نتيجة حتمية وجلية كانت أن الحبيب و"الأخت"/ "الصديقة الحميمة" عندهما نفس المنزلة في قلبها، ولا يمكنها أن تكون سعيدة إلا إذا حضرا معا... وفي ذلك، الكثير... تستطيع زوجة ألا تقبل إلا بزوجها وصديقتها المقربة، لكن لا علاقة لسعادتها بوجودهما معا أمام عينيها، زوجها عنده وقته، وعندما تكون معه لن تفكر في صديقتها، لأنها غدا أو بعده ستزورها، وعندما ستفعل لن يشغل تفكيرها زوجها، ولن تفتقده لأنها في الليل ستعود إليه... ثم وبرغم كل ذلك، تأتي المعضلة التي لا حل لها، ماذا لو كان الزوج يحب صديقتها الحميمة التي تبادله نفس الحب؟
قالت ملاك "يؤلمني سماع ذلك"، وردت إيمان "ويؤلمني أنه الآن سعيد برؤيتك"، وظاهر الكلام الغيرة، لكنهما تنازلتا كل للأخرى بعد ذلك، عندما غادرتا... والصديقة الحميمة أو الأخت، مهما كانت قيمتها، لا يتنازل لها عن الحبيب أو الزوج...
الذي تحققت منه كل واحدة منهما بعد ذلك اللقاء، أنه شيء صنفه غريب، ليس حب أخت ولا صديقة حميمة، ليس حبا مثليا بالطبع وهما لا شك في انجذابهما الحصري للجنس المختلف... لكنه قريب من حبه هو بل وشبيه به، لأن فيه بعض فراشات تتطاير؛ ليست كثيرة مثلما معه هو لكنها موجودة، والأخت والصديقة لا فراش معهما... تلك الفراشات كانت وراء نسبة من الابتسامة على شفتي كل منهما قبل تركي، ظننت "كل" الابتسامتين كانتا لي ولم يكن الأمر مثلما ظننت...
الزمن نهاية القرن العشرين، وطيبات وخيرات اليوم لم تكن موجودة...
بقيت واقفا مكاني، والكثير الكثير كان يدور في رأسي حتى زارني ضاحكا...
- لا أحد يرغب في وجودك الآن!
- لم أعرف صاحبي ذليلا هكذا تتقاذفه عاهرتان بينهما كواق مملوء ماء...
- اسحب كلامك!
- أعرف صاحبي نجما يأمر وينهي، لا عبدا لم يلتحق حتى بآخر قاطرة...
- ...
- الأولى أشعلت نارك ثم كبت صهريج ماء على رأسك، والثانية ابتسمت لك! ابتسامة بعد أربعة أشهر شوق وانتظار وأحلام وآلام!
- ...
- لم أعرفك... حقيقة لم أعرفك...
- ماذا تريدني أن أفعل؟
- تريد الصدق؟
- نعم...
- القصة برمتها لم تعجبني منذ بدايتها... تستحق أحسن...
- ...
- نعم، تستحق أحسن، راجع نفسك وانظر ماذا جنيت منذ بداية السنة؟ حتى نتائجك في الامتحانات كنت تستطيع أحسن بكثير...
- ...
- أنا أفضل أن تضحك طول الوقت مع جامبو على أن تحزن معهما... وجد لك أخرى... الجميلات كثيرات هنا... أو في مكان آخر أحسن، وهنا تجعله فقط مكان دراسة وضحك ومرح مع الأصدقاء...
- هذا رأيك؟
- نعم، وهو أحسن رأي...
- عليك اللعنة، ألهذا جئتني الآن؟!
- نعم... ربما تستيقظ من غفلتك... كرامتك مست صديقي... الخطوة القادمة ستصفع أمام الجميع... فانقذ ما تبقى لك منها؟
- ليس الأمر كما زعمت! هناك شيء ما جعلهما تغادران، وسأعرفه... كلنا نحتاج أحيانا لأن نبقى وحدنا، ما العيب في ذلك؟
- هل وقع مرة واحدة أن تكلمتم ثلاثتكم مع بعض؟
- لا...
- ذلك هو العيب... أنت لا تعرف أي شيء... ثم الذي يريد لحظة بمفرده، يطلب ذلك، يوضح، يقول شيئا، وليس يبتسم ويغادر! قلت لك أني لم أعد أعرفك، وعليك أن تستيقظ من غفلتك...
- المسألة بسيطة وأنت تهول الأمر... لا شيء يستحق ما تقوله...
- لا أحد يستطيع تحرير عبد يرى نفسه حرا... فاشرب من كأس الذل حتى تثمل!
- لست ذليلا!
- لا... حاشاك... لكن ذكرني من معك الآن؟ ربما كانت الأولى عن يمينك والثانية عن يسارك؟
- ...
- انتظر قليلا أمسح النظارة لأرى جيدا... جيد الآن أرى وما رأيته جميل... واحدة تركب ظهرك والأخرى تمشي أمامك وتقودك... حصان، بغل، أو حمار؟ لم أر جيدا، قلي أنت؟
- ...
- سأغادر الآن فقد مللت صحبتك... سأذهب أبكي صاحبي وحدي، وأتذكر أيامنا الماضية معا...
- انتظر... لست بكل هذا السوء، ولم أتغير...
- هذه القصة أذلتك كثيرا وعليك أن تستيقظ... ولا كلام لي مع من تذله الـ
- لا تقل ذلك...
- أتذكر قول أحدهم لأستاذته "لم تلدها أمها بعد من ستذلني"... وأظنها قد ولدت... وليتها كانت واحدة فقط!
- كل ما تقوله لا قيمة له... كنت مجرد مراهق ولا مقارنة بالآن!
- الأستاذة كانت السنة الدراسية الماضية...
- ...
- قبل أشهر كنت مراهقا والآن صرت رجلا... نعم... كلام منطقي ومعقول... نعم رجل وسيد كل الرجال... والدليل أن واحدة تركب ظهرك والأخرى تقودك وأنت تنهق بينهما... أضحكتني يا رجل... قصدي... يا سيد الرجال... سلامي وقبلاتي الحارة للأميرات!
- ...
بقيت واقفا في مكاني لم أتحرك... نعم كل شيء قاله صحيح، لم أكن هكذا قبل قدومي إلى هذا المكان، ولم يحدث أن مشيت في طريق لم أكن فيه الربان، والربان الأوحد! الشيء إذا وصل إلى الحد غصبا عنه سينقلب إلى الضد! والحد قد وصلته وغرقت فيه منذ أشهر!
وقوف جامبو أمامي أيقظني...
- ما به حب حياتي يقف وحيدا؟ هل أحمله إلى قسم المجانين؟
- كنت في حاجة لذلك قبل، أما الآن فلا...
- جيد... ماذا تفعل هنا؟
- أنا جائع... أنا وأنت، كعشيقين يقطر منهما العشق حتى يبلل الأرض، في مكان هادئ؟
- لست عود حطب حمله وادي إلى هنا لأذهب مع أمثالك!
- جرحت فؤادي ودموعي ستنزل...
- سمعت عن الدموع والأفئدة المجروحة منذ قليل...
- لن تعاد هذه الفرصة فلا تضيعيها...
- وما الضمان أنك لن تقفز علي مثلما فعلت منذ قليل؟
- لم أقفز على أحد... طوال حياتي والناس تقفز علي...
- عليك اللعنة، هل أنت...؟ ظننتك تحب البنات!
- جامبو أنت عنصرية، أسحب دعوتي، العنصريون ليسوا بشرا ولا يجب أن يعاملوا كبشر...
- ومن قال لك أني بشر؟ متر و83 مع قنطار من اللحوم الحمراء والشحوم... الشريفة! أنا من سلالة من الديناصورات لم تنقرض...
- ...
- ما هذه النظرة؟ أبعدها عني وإلا نزوت عليك...
- أنت حقا من الديناصورات التي قل وجودها...
- يا سلام على كلامك الرقيق... وإيمان تقول لها أنها من السنافر النادرة؟
- هل ستذهبين أو أغير رأيي؟
- نذهب، نذهب... و... تستطيع أن تواصل كلامك... عن الديناصورات... لتفتح شهيتي...
- أفتح شهيتك لماذا؟
- للأكل... للأكل! لا تخف! ثم... لست من ذوقي... ذوقي راق جدا لعلمك...
- نعم... أعلم ولذلك دعوتك.
________________________________________________________________
ملاحظتان: 1- تذكير بالمحور: "كتابات ساخرة". 2- القصة تنتهي عندما تلتحق الأحداث تحت، بالأحداث فوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبداع المخرجة نانسي كمال وتكريم من وزير الثقافة لمدرسة ويصا


.. المهندس حسام صالح : المتحدة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى الع




.. الفنان لطفي بوشناق :شرف لى المشاركة في مهرجان الموسيقى العر


.. خالد داغر يوجه الشكر للشركة المتحدة في حفل افتتاح مهرجان الم




.. هبة مجدى تدعم زوجها محمد محسن قبل تكريمه فى مهرجان الموسيقى