الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزاء لغرقى بوجدور

هشام الصميعي

2006 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أيتها النفس أجملي جزعا إن الذي تحذرين قد وقعا

كم مرة يجب فيها أن تدمع العيون ، وتنكس الرؤوس في الحداد، و يفيض الدمع بسويداء الحزن ، و أنت تفجعنا بغرقى جدد أيها البحر اللعين؟ كم مرة يجب فيها أن تتحمل الأكباد طعنات الجزع وهي تودع أحبابها تباعا في بطنك الرهيب، أيها البحر اللعين؟ كم يكفينا من الحزن، ومن السلوى ، على هول أمواجك الجائعة للحم الفقراء من أبناء وطني أيها البحر اللعين ؟

مرة أخرى يلتهم البحر ضحايا جدد من الشباب المغربي، و من بوجدور هده المرة كانوا أزيد من عشرين نفرا فوق تلاتة قوارب صغير تتلاعب بها أمواج البحر العاتية، يحلمون بالهجرة إلى جزر الخالدات. بغد ينسيهم جحيم البطالة و اللاكرامة في وطن حوله الفاسدون وتجار الانتخابات إلى جحيم لا يطاق .

كانت أحلامهم تتدلى كعناقيد شهية ولا تكاد لتبتعد عنهم كلما تقدم القارب أميالا في عرض البحر، كانوا يتبادلون التطمينات فيما بينهم كلما ارتطمت أمواج البحر الهوجاء بصحن القارب وهي متربصة بالأرواح .

تجار الموت أوهموهم أنها ماهي إلا ساعات، و تكون كل أحلامهم قد تحققت و بأن الرحلة سهلة . أزيد من عشرين غريقا لفض البحر جثتهم على سواحل بوجدور. و ككل مرة لم يصدر عن الحكومة أية تعزية لأسر الضحايا، لم تعتذر و لم تبدي أي حزن، أو قلق على كارثة تهتز لها القلوب.

وعندما حملت السلطات الاسبانية مسؤولية غرق المراكب التلاتة بمن فيهم للسلطات المغربية، و تعرى الطابق ، و انكشف المستور، طلعت علينا جريدة صفراء فاقع لونها في الاتارة و الاحتيال على الحقائق و على صفحتها الأولى ومن باب استغفال القارئ، و بلغة التشفي في الضحايا بمقالة عن الحادث عنونته ب (غرق تلاتة قوارب يكشف لعبة بوليساريو) وقد يتساءل القارئ الفطن و هو يقرأ هدا المقال المموه للحقيقة، عن أية علاقة يتحدث صاحبه؟ ومن أين طرأ علينا الكريم بهده المفهومية التي يصدق فيها المثل الشعبي المغربي سقطت الصومعة فعلقوا الحجام.

ولم يكتفي صاحب المقال المذكور بمسخ الحقيقة ، بل استشهد على دلك بأن وجود جثة شخص اسمه بوخاتم مع جتتة غرقى الحادث و هو حسب ما زعم هدا الصحفي محسوب على الانفصاليين يعد حجة قاطعة على أن البوليساريو متورط في الكارثة .

بمعنى آخر أن صحفي الغفلة يريد أن يقول للرأي العام و بالدارجة المغربية أن هؤلاء الغرقى هم مجرد انفصاليين لا يستحقون حتى الرحمة . وهدا القصف يتشابه مع لغة الميز العنصري البائد ، و يعد تميزا بين أبناء الوطن الواحد، بل يعد تشفي في غرقى ومفقودين لا حول لهم ولا قوة، و تشفي كذلك في دوي وأسر الضحايا . فمن أين لهدا الصحفي بكل هدا الحقد حتى على الأموات؟؟

لدلك فالمرجوا في هدا الباب أن تطالب المنظمات الحقوقية في المغرب من جريدة الصباح الاعتذار للشعب المغربي، و لأسر الضحايا على نشرها لهدا المقال الذي يتنافى مع أبسط المبادئ، و يضرب في الصميم أخلاقيات المهنة . ودلك مع الإقرار بحق لجوء أسر الضحايا إلى القضاء لرفع دعوى قضائية ضد الجريدة الصفراء .
مرة أخرى العزاء تم العزاء لأسر ضحايا هده الكارثة الإنسانية، وليتقبلهم الله في عداد الشهداء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج