الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة افكار من اجل رد ثقافي على الطائفية والإرهاب

صائب خليل

2006 / 12 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتفق الجميع ان الطائفية والإرهاب خطران مستطيران يهددان كيان المجتمع العراقي اليوم. لذلك فأن من مهمة الأدب والعلم ان يهب للرد عليهما وصد ما يمكن صده من ضررهما على المجتمع. ان عجز الأدب عن صد الرصاص الموجه الى صدور للمواطنين لايبرر السلبية في العمل على صد التشويش الموجه الى رؤوسهم, والذي قد لايقل خطراً عن الرصاص بالنسبة لحياة المجتمع وصموده في هذه اللحظة العسرة وشفائه بعدها.

هذه ثلاثة افكار لمشاريع ثقافية آمل ان تكون مفيدة في تطوير رد ثقافي على الهجمة الوحشية على اهلنا في العراق لتخفف ما يمكن تخفيفه من نتائجه المريعة. تتوجه فكرتان الى الرد على الطائفية في الوقت الحاضر, والثالثة للرد على آثار الإرهاب اضافة الى الطائفية في عراق ما "بعد الغمة". لقد تعمدت ترك الأرهاب للفكرة الثالثة لما بعد نهاية هذه المأساة لأني رأيت ان موضوع الإرهاب موضوع لم تتضح رؤيته بعد, ولذا سيصعب اتخاذ موقف عام منه دون اتهامات مباشرة او مبطنة الى جهات معينة مسؤولة عنه, وهو ما يختلف عليه العراقيون اليوم. لذا اقتصرت في الفكرة الثالثة في هذه المقالة على محاولة معالجة اثاره بعد زواله واتضاح اسراره.

كتاب بوجه الطائفية

تعج الإنترنيت بالمقالات والقصص وغيرها من اشكال الكتابة التي تتناول موضوع الطائفية بمختلف الطرق, لكن المشكلة الأساسية هي أن اكثر من يحتاج الى قراءة مثل تلك النصوص هم من يسكن العراق من غير القادرين على متابعة الإنترنيت. تلعب الصحف طبعاً دوراً هاماً في ايصال الأفكار المضادة للطائفية الى هؤلاء القراء, ولكن من المفيد ايضاً جمع زبدة هذا النتاج الهام في كتاب او عدة كتب, كمصدر مركّز يجد فيه القارئ الهاماً وهدياً يساعده في الصمود عند موقف انساني غير طائفي في زمن الغليان والخوف والبحث عن هوية. لذا ارتأيت جمع اهم ما كتب عن الموضوع وتصفيته لإصدار كتاب يحتوي صفوة تلك الأفكار المؤثرة والمقنعة والموحية في اتجاه مضاد للطائفية.
وبما ان هذا الجمع متاح لأي كان مبدئياً, فسأخذ على عاتقي هذه المهمة آملاً المساعدة من الكتاب ارسال نصوصهم ومن القراء المتابعين ارسال النصوص التي يقرأونها او ارسال الرابط اليها. بعد ذلك سيتم تشكيل لجنة لإختيار النصوص الأكثر جودة وفعالية واقناعاً للناس بنبذ الطائفية لتضمينها في كتاب. من المؤمل ان نتمكن بعد ذلك من اقناع وزارة الثقافة العراقية او جهة اخرى بطباعة هذا الكتاب وتوزيعه, ربما بسعر رمزي. بالطبع لن ينشر اي نص دون موافقة كاتبه او المسؤول عنه مبدئياً.
من الممكن تصور استفادات اخرى من تلك النصوص مثل ان يستخدم بعضها في الكتب المدرسية باعتبار هذا الموضوع موضوعاً ذو اولوية اجتماعية قصوى, وان ما يدرس في المدراس يجب ان يهدف مستقبلاً الى معالجة مشاكل المجتمع الفعلية. كذلك يمكننا تصور انتاجات تلفزيونية ومسرحية و افلام قصيرة, مؤسسة على بعض النصوص المناسبة.
لكن كل ذلك متروك للمستقبل. الفكرة بشكلها الحالي انتاج كتاب من النصوص الأدبية الممتازة, والقادرة على التأثير في التفكير الإجتماعي للقراء, ونشره بسعر رمزي.
أؤمن تماماً ان الكتابة عمل اجتماعي اساسي يفترض ان يكافأ صاحبه مكافأة جيدة كأي انسان يقدم خدمة للمجتمع, لكن للأسف يجب تأجيل هذا الحق الأكيد لكل كاتب لحين ان يكون هناك في العراق وغيره "مجتمع" حقيقي يهمه ان يكافئ من يعمل من اجله. اما اليوم فأن اشتراط المكافأة قد يعيق الأنتاج ويؤخره. لذلك فالفكرة طوعية تبرعية بلا مقابل بالنسبة للكتاب, ولا اضن ان في ذلك مشكلة فهناك جيش رائع من المتطوعين لنشر اية فكرة انسانية يعتنقونها مثل محاربة الطائفية في بلادهم في ايامها الحاسمة هذه. إذن ارسلوا نصوصكم او اقتراحاتكم لنصوص اخرين او اية اقتراحات اخرى الى عنواني ( [email protected]) ولنأمل بالنجاح.

مسابقة القلم ضد الطائفية

الفكرة الثانية تأتي لسد اثنتين من نواقص الفكرة الأولى وهما اقتصار اشكال المسابقة على عدد محدود من النتاج الذهني, وعدم وجود جوائز تشجيعية. وهنا نأمل ان يبادر احد مواقع الإنترنيت المعنيين بالشأن العراقي (او العربي) لإعلان مسابقة اسميتها "القلم ضد الطائفية". وفي هذه المسابقة يمكن اشراك اشكال اخرى من النتاج اضافة الى المقالة والشعر والقصة, لإضافة المسرحية والنصوص التمثيلية بل وربما الرسوم الكاريكاتيرية وقد يمكن كذلك اضافة الأشكال العملية لمحاربة الطائفية مثل جائزة لأي شخص او جهة لعبت دوراً في احباط المد الطائفي في منطقة ما (وهنا لايعود اسم "القلم" مناسباً). السبب في امكانية هذا التوسيع هو ان امكانية الموقع الإلكتروني اكبر من الإمكانية الشخصية. فالموقع اكثر قدرة على ترتيب الإتصالات اللازمة لمثل هذه المسابقة.
اما تكاليف الجوائز فيمكن اعلان الموقع عن فتح تبرعات خاصة بالمسابقة تعتمد على قرائه اضافة الى اتصالاته الأخرى, وسيكون العديد من الناس سعيدين بمثل هذا التبرع الذي يتيح لهم فرصة تقديم شيء ما لهذا البلد في وقته العصيب.

قد تغني الفكرة الثانية هذه عن الفكرة الأولى اعلاه, لكننا نستطيع ان نبدأ بالأولى فهي ليست بحاجة الى تحضيرات مطولة ولا تناقض بينهما بل يمكن ان تسيران بشكل متواز. يمكن بالطبع لجهة اخرى غير المواقع ان تأخذ على عاتقها مثل هذا الموقف مثل وزارة الثقافة او اي حزب سياسي يعتبر نفسه مضاداً للطائفية او اية جهة مناسبة اخرى. لكن لنعتمد على انفسنا: كتاب وقراء الإنترنتي اولاً, ولنرحب بالآخرين ان احبوا مساعدتنا.
إذن الدعوة لأصحاب مواقع الإنترنيت لدراسة سريعة للموضوع وتبنيه واعلانه, والفكرة مفتوحة للجميع.

خميرة ادبية وفنية لعراق ما بعد الطائفية والإرهاب

الفكرة الثالثة موجهة الى المثقفين الذين يسكنون العراق, (والذين غادروه قبل فترة قصيرة), خاصة لمن يمارس الكتابة الأدبية اوالبحثية الإجتماعية او يأمل ان يمارس اي منهما يوماً. انها دعوة لهؤلاء ان يسجلوا ملاحظاتهم اليومية عن الناس وتأثرها بالطائفية والإرهاب والخوف وكيف تؤثر هذه العوامل ونتائجها المباشرة مثل الحزن وفقدان الثقة بالنفس واليأس على الناس وكيف تغير تصرفاتهم. هل يتحولون الى بشر قساة؟ هل تزداد رغبتهم بالأذى لغيرهم؟ لأنفسهم؟ ام بالعكس؟ هل يزداد اقتراب الناس من الدين؟ من السياسة؟ ام العكس وبأي شكل؟ هل يتعاظم الخوف باستمرار بخط مستقيم ام متسارع ام انه يبلغ حالة اشباع يتوقف عندها او يقل بعدها حتى ان استمر الإرهاب؟ انني لا اتحدث هنا عن البحث عن اجابات لهذه الأسئلة بل عن الملاحظات الإنسانية الدقيقة التي يعبر بها الإنسان عن رد فعله ازاء هذه الظروف.

ان الملاحظات الميدانية داخل المجتمع بين الناس عن حركة الإنسان واستجابته لهذه العوامل الخاصة لهي ثروة اجتماعية لا تقدر بثمن خاصة بالنسبة لمجتمع "ما بعد الغمة" كما يسميه البعض اليوم بحق. ان مثل هذه الملاحظات الصغيرة التي تمر امام كل عراقي يوميا فلا يهتم بها, او هو ينتبه لها ثم ينساها في غمرة الصراع, يمكن ان تكون الخميرة الأساسية لإنتاجات ادبية عملاقة بعد بضعة سنين فلا تستهينوا بها. سيحتاج العراق ايضا ان يكتب تأريخ هذا الإنسان الذي مر بهذا الحريق وكيف تعامل معه. سيحتاج الناس في العراق ان يتذكروا ابطال تلك المعركة وايضاً من كانوا اقل صموداً, لدراسة النفس العراقية وشفائها بعد "الغمة". فالغمة ستمر بلا شك, بشكل او بآخر, بزمن او بآخر, لكن مما لاشك فيه انها لن تمر دون ان تترك في النفس العراقية اثاراً مدمرة وجراحاً تستصرخ العلاج. فكما استنتج اليسوعيون في اميركا الجنوبية بعد ان زالت "غمتهم" التي استهلكت عقد الثمانينات بفضل حكومة ريكان, فأن استقصاء " المدى الذي خلفته ثقافة الإرهاب من تغيير في نفسية الناس حتى فقد الكثيرين الأمل بالتغيير, وبالتالي لم يعودوا قادرين على رؤية اي بديل عن قبول شروط اصحاب السلطة " لم يكن يقل اهمية عن نتائج الإرهاب المباشرة الملموسة.

ان البلاد التي يمزقها شر عظيم, ستكون بحاجة الى ادب عظيم ليربط جراحها, وهذه الملاحظات السريعة الطارئة الذكية هي ما سيكون غذاء الأدب الكبير غداً. هذه الإحتفاضات بتلك اللحظات وتفاصيلها هي ما سيحمي للذاكرة الخطوط الحادة الدقيقة الضرورية لكل ادب من ضباب الزمن الذي سيمحيها ان لم تكتب. أنت يا صاحبي الذي فرض عليه سوء حضه ان يعيش وحده او مع عائلته في هذا الحريق, انت وحدك من يتاح له ان يرى قلب الحريق ليخبرنا بما في داخله. ليس هذا بديلاً للحياة الآمنة, ولكن لعل في تلك الميزة بعض العزاء للكتاب الذين كتب عليهم ان يروا الموت يومياً يحدق فيهم في العراق اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار المعارك الضارية بالشجاعية منذ أكثر من أسبوع.. ما الد


.. 6 شهداء بينهم أطفال ونساء بقصف إسرائيلي على منطقة الزاويدة و




.. مظاهرة في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل


.. نواب ديمقراطيون: سنعمل على دفع بايدن للانسحاب من السباق الرئ




.. وزير الخارجية البريطاني الجديد: يجب وقف النار في غزة