الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 11
أمين بن سعيد
2024 / 7 / 14كتابات ساخرة
بعد مغادرة لايتيسيا، وفي طريق العودة من المطار، كنت أقود...
- انطباعاتك؟
- مشوش...
فكشفت عن فخذيها...
- والآن؟
- أظن أن هناك مؤامرة تستهدفني، وأخشى ألا أستطيع صد هجمات الأعداء...
- الجو حار، أليس كذلك؟ سأخلع قميصي...
- لا حاجة لذلك، لا تتعبي نفسك... عندنا مكيف...
- تخيل، الجيبة لبستها ونسيت أن أقطع التكت، عندك مقص؟
- لا، غير معقول، أن تكوني نسيت... يا ناصر المستضعفين! انصرنا على القوم الظالمين!
- خفضت السرعة، لماذا؟
- سأتوقف...
- سائق!
- نعم...
- آمرك ألا تتوقف، وأن تسير بالحد الأدنى المطلوب من السرعة...
- يا يسوع!
- أحدهم يتبعنا منذ أن غادرنا المطار...
- لم أتفطن...
- عينك على الطريق أمامك، أنا سأراقب الخلف...
- اللعنة... راقبيه من مكانك
- لا! الرؤية من كرسي السائق أوضح... تحرك قليلا... عينك على الطريق! ... الحزام مقلق...
- الحزام لازم للسلامة...
- ليس عندما تكون متبوعا... يلزمك تتحرك بكل راحة... وربما لزم أن تقفز من السيارة... انتظر وجدت حزاما آخر...
- حزام أو بلا حزام... لن يصيبنا إلا ما كتب لنا...
- شيء ما يمنعني من الجلوس براحة... هل عندك فكرة ماذا يمكن أن يكون؟
- لا علم لنا إلا ما علمتنا...
- إنه كبير! أظنه... أظنه! أين المقص؟
- عندي قدوم لكنها ليس حادة... لا تفي بالغرض...
- وما الحل؟ علي الجلوس مرتاحة لأراقب الخلف جيدا...
- غيبيه...
- وكيف أغيبه وهو كبير؟! إن في نفسي من ذلك شيئا...
- قد علمت أنه كبير... غيبيه يذهب الذي في نفسك منه..
- قد... ففــــــ ... علت... فذهب الذي في نفسي! فداك أبي ونفسي...
- لا شيء أمامي... ماذا عن الخلف؟
- لا شيء أيضا... ربما المرة القادمة... ربما في المرة القادمة! (*)
ملاك والجنس، إيمان والجنس، أنا والجنس... أنا والجنس رحلة سبع سنوات، طاقة جبارة كقنبلة نووية، خبرتها منذ الثانية عشرة... ملاك والجنس قبلة وضمة، وانتهت القصة، وانتهى الجنس... إيمان والجنس قنبلة نووية لم تلق إلا مرة واحدة، علي ولم تنفجر. قبلة ملاك لم يتخللها أي رغبة فيما تلاها، وكأن ملاك مررت لي مفاهيمها عن الجنس فتبعتها دون أن أعلم أنها أخمدت القنبلة التي في داخلي... قبلة إيمان كانت فتح كل الأبواب لإلقاء كل القنابل وإفناء الأرض ومن عليها.
طيبات هذا الزمن لم تكن موجودة وقتها، إيمان قارئة وتعرف الكثير من قراءاتها، ملاك لا تهتم إلا لصديقتها وكل من تودد إليها كان مصيره السخرية منها ومن إيمان التي كانت بين الحين والآخر تكلم صديقتها عن مدى شوقها لأول مرة، ولم تكن مع عريس ليلة عرس، بل كانت مع من سيعجبها ويستطيع أن يبلغها نشوتها إلى ما لانهاية.
الجمال قد يكون وبالا على المرأة، زد عليه الأحلام الوردية، تكون النتيجة، مسكينة لم تعش يوما لحظة لذة... لحظة جنس، حتى انقضى ذلك الجمال... طاولة عليها كل ما لذ وطاب، والجميلة لا تأكل، لأنها تنتظر الفارس الذي عنده كل المواصفات... يفسد الطعام، والجميلة تتضور جوعا، والفارس لم يأت... ولن يأت...
لم تكن ملاك كذلك، ولم تكن إيمان ذكية فهمت اللعبة منذ صغرها، بل كان شيئا فيها كطبع أو جينات. أما بالنسبة لي فالأمر مختلف، فأنا ذكر، ودفعت دفعا إلى عالم الجنس منذ طفولتي، لا محظورات كانت عندي، ما يهم أن تكون جميلة، وإن كانت أكبر مني حتى بالكثير... الجديد عندي والغريب، كان دخول القلب على الخط، ودخولا دمر كل أمجادي السابقة... إيمان لم تكن امتدادا لذلك الماضي المجيد لأنها أضافت إليه مع الجنس كل تلك الفراشات العابثة أمامي والديدان الملتهمة لأمعائي، أما ملاك فكانت الجديد الغريب بلا منازع... أيام الثانوية ملاك كانت ستكون مجرد جميلة لا تصلح لشيء، وليس الآمرة الناهية في كل شيء دون حتى أن تتكلم...
الوقت اللطيف مع جامبو لم يدم طويلا... التحق بنا أولا محمد، وكان مارا بالصدفة فرآنا، ثم ملاك التي وقفت تنظر لي دون أن تتكلم... حتى بعد أن كلماها لم تتكلم... وكانت رسالتها لهما دون كلام "غادرا" ففعلا... جلست أمامي، وظلت مدة دون كلام...
- لن تكلمني؟
- ...
- ألاحظت أني من دائما أبحث عنك وأطلبك؟ من المفروض العكس يحصل...
- ...
- أربعة أشهر كثير... لكني لم أتغير...
- متى ستكون المرة القادمة التي ستقولين لي فيها لا تكلمني أبدا؟ غدا؟ الأسبوع القادم؟ أو بعد دقائق من الآن؟
- لن أفعل ذلك أبدا... ربما ستفعله أنت؟
- صارعت نفسي كثيرا لكيلا أفعل، لكن ما وقع منذ قليل...
- لم يقع شيء...
- أربعة أشهر دون أي شيء... ثم ابتسمت وغبت... ولا أعلم أي ابتسامة كانت وما كان وراءها...
- ما وراءها جعلني معك الآن
- معي؟ أضحكتني...
- جئت أعتذر عما مضى...
- ثم؟
- اقبل اعتذاري ثم اسأل.
- أقبل أو لا أقبل لن يغير ذلك من الذي حصل شيئا، الأهم من كل ذلك، ثم ماذا الآن؟
- لا يمكن أن يكون "الآن" ما لم تطوى صفحة الماضي...
- وماذا فيه هذا الماضي ذكريني؟ كل القصة لم تدم بيننا أربع أو خمس ساعات، ثم نظرات من بعيد، ثم ابتسامتك منذ قليل، ثم الوقت الذي نحن فيه الآن... أم أنا مخطئ؟
- الماضي فيه إيمان، ويستحيل أن أقبل مرة أخرى أن أبتعد عنها، حاولت وكنت مخطئة...
- وكأني طلبت منك أن تفعلي! ترين، نفس الكلام يعاد، وكأن الزمن توقف، وضاعت أربعة أشهر سدى.
- لماذا هذا الوجه حتى بعد اعتذاري؟
- أظنني بدأت أستيقظ منذ قليل... علي إعادة حساباتي في كل شيء.
- ماذا تقصد؟
- ما كنت هكذا إطلاقا قبل هذه السنة، أذللت نفسي كثيرا، وتألمت كثيرا... لن أواصل هكذا.
- لا تستغل اعتذاري لتهددني
- أهددك؟ ومن أنا لأهددك؟ ومن أنت أصلا لأهددك؟ نحن لا شيء... حتى قصص الأطفال أجمل وأرقى!
- ليس الآن أرجوك، اصبر علي قليلا!
- نعم أحبك ولم تغيبي لحظة عن تفكيري طيلة المدة الماضية، ونعم تحبينني وأضيفي بعدها ما شئت، لكننا لا شيء، لا يوجد بيننا شيء، لم نعش أي شيء، بل لا نزال لا نعرف عن بعضنا أي شيء... منذ قليل، نظرت إلى جامبو وقارنتها بـ "حبي العظيم" فوجدت أني معها أحسن حالا على الأقل أضحك وبالي مرتاح...
- أربعة أشهر لا تساوي شيئا أمام عمر...
- عمر؟ عمر ماذا عزيزتي؟ ربما بعد قليل ستقولين لي أنك لن تكلميني أبدا!
- ليس الآن... أرجوك!
- إلى متى ستعتقدين أني كعون حماية دائما على أهبة ينتظر أوامرك؟
- هل هذا الكلام لي فقط أم إيمان ستسمع مثله؟ كنت سعيدا برؤيتها منذ قليل...
- وكنت سعيدا نفس السعادة برؤيتك، لكنك تركتني!
- لم تجبني...
- الشيء إذا وصل إلى الحد انقلب إلى الضد...
- لازلت لم تجب.
- لا أستطيع أن اقبل باستمرار هذا الوضع، المسألة مست كرامتي، وبين قلبي وكرامتي سأختار كرامتي وليذهب قلبي إلى الجحيم.
- ...
- انظري لي ملاك... حتى العشرين لم أصلها بعد... هل سأموت دونك؟ هل سأنتحر غدا؟ لن أفعل! سأتألم؟ نعم، لكن لن يكون ألمي أكثر مما عشت الأربعة أشهر الماضية...
- ليس الآن...
- الحقيقة أنك لا تعنين لي شيئا وحدك، وأستطيع الحصول على من أحسن منك غدا، إيمان لا تعني لي شيئا وحدها، وأستطيع الوصول إلى من أحسن منها غدا، معا تعنيان لي كل شيء، لم أحبك وحدك بل مع إيمان، ولم أحبها وحدها بل معك، وكليكما أحببتماني. أصل القصة بحثي عن شيء مختلف جديد عندي، أنا من كنت وراء كل شيء، أن من خلقتك وخلقتها، ومثلما جعلتكما كل شيء في حياتي كلها، أستطيع تحويلكما إلى عدم، والعودة إلى سالف عهدي، منذ أن كنت طفلا، حتى قررت ما قررت أول يوم إثنين، عندما مررتما بجانبي!
- ...
- سأغادر، أخذت نصيبي اليوم...
- لم أكمل كلامي، سمعتك، ومن حقي أن تسمعني...
- ...
- قبل كل شيء... اسحب آخر كلام قلته واعتذر
- كيف أسحبه وهو الحقيقة؟ منذ أول لحظة أردتكما معا، ليس وحدك، ليس وحدها، بل معا
- "الحصول على أحسن مني غدا"!
- لكنه الحقيقة، لو لم تكن إيمان ما كنت، ولولاك ما كانت... هل حقا كنت تتصورين أني سأنتظر أي كان أربعة أشهر؟! لم أنتظرك ولم أنتظرها، لكن أبقيت على أمل لقائكما. هل كلامي جديد عليك؟ أم هو نفسه الذي سمعته منذ أول مرة التقينا فيها؟ فعلام تريدينني أن أعتذر إذن؟
...
- آخر شيء ولا تنسي ما سأقول، لم أطلب شيئا غير أن نكون معا، ندرس معا، نجلس معا، نمشي معا، نضحك نمرح معا، نأكل معا، نجلس في مكان كهذا معا... فقط! لم أطلب أن نمارس الجنس أو أن نصور أفلام بورن معا! بغبائك وبغبائها دمرتما كل شيء، وكل واحدة تظن أني سأمضي حياتي أبكيها وأنتظر متى تظهر؟! تبا لكما! وتبا لي كيف سمحت لنفسي بأن أذل هكذا!
ثم... خرجت من المكان، وكان قريبا من البحر... اللعنة! وجدت نفسي مرة أخرى! بعد أكثر من خمسة أشهر وأنا غائب ومغيب!
بقرب البحر مشيت، وكان الشتاء، لكني لم أشعر بالبرد، بل شعرت بالأوكسيجين يعود مجددا إلى رئتي بعد أن كنت مخنوقا أصارع لأتنفس، وكان لذلك بالغ الأثر على قلبي الذي شعرت بالدماء تضخ منه وتعود إليه بسلاسة... لم تحم أمامي الفراشات، وغاب الدود الذي كان ينهش أمعائي منذ شهور... وشعرت بعودة صحة ذلك الجسم الشاب بعد أن قام وعاد من الشيخوخة... اللعنة على السفه والغباء! كيف سمحت أن يفعل في كل ذلك! كيف سمحت للفارس الأمير أن يصير شحاتا يركله ويهزأ منه الرعاع!
سرت دون التفات، مشيت على الرمل ثم على الماء، وكنت والبحر ولا حياة على الأرض لغيرنا... كنت سعيدا، ولم أشعر بذلك الشعور منذ زمن... لكنه لم يدم، وتلاشى كل شيء عندما سمعت صوت ملاك ورائي، فالتفت ورأيتها واقفة تنظر لي... كانت تتبعني دون أن أفطن، أفسدت علي خلوتي تلك ودمرت كل شيء... كعادتها.
كانت ترتجف من البرد، تبكي ناظرة لي... لم تتكلم وعيناها قالتا كل شيء. طفلة صغيرة تنتظر حضن أبيها، ذلك ما رأيت. والأب لا يستطيع تجاهل دموع صغيرته... لكني لم أستسلم لها ولم أضعف! هي من تقدمت نحوي! وهي من ارتمت في حضني! وهي من طلبت مني أن أعدها ألا أتركها أبدا مهما حصل! وأنا لم أفعل شيئا غير النطق بكلمة واحدة... نعم!
_________________________________________________________________________________
(*) https://muslim.lna.io/1386/ ... https://en.wikipedia.org/wiki/Crash_(1996_film)
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيلم -البقاء على قيد الحياة في 7 أكتوبر: سنرقص مرة أخرى-
.. عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا
.. جندي عظيم ما يعرفش المستحيل.. الفنان لطفى لبيب حكالنا مفاجآت
.. عوام في بحر الكلام - الشاعر محمد عبد القادر يوضح إزاي كان هن
.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت- الشاعر محمد عبد القادر -