الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الانحياز للضلال
إياد الغفري
2024 / 7 / 17كتابات ساخرة
وردني من صديق تميز بالجبن مقال عن محاولة اغتيال مرشح الجمهوريين الفاشلة وزعم أنه استهدفني بالرابط لعلمه بشدة محبتي للكاتب.
في البداية يجب التنويه أنني أحب خلق الله جميعاً ولا يتوجب فهم تناولي بالنقد لنص دبجه صاحب المقال يوماً وسماه رواية أنني لا أحبه، فأنا أحبه كمحبتي للمليارات الثمانية من الهوموسابيانات التي تعيث فيها.
للتوضيح ثانية، والعذر من الأديب الفطحل إن كنت قد دست على إحدى استطالات جسده في نص سابق، فما أنا إلا من غزية، وسبب تجريحي الشخصي له كما ظَنَّ خاطئاً لا علاقة له بشخصه الكريم أو بانتماء له، بل سببه هو نظرية نقدية تعهدت اتباع منهجها منذ فترة.
نظريات النقد الأدبي من بنيوية، تحليل وتركيب، لسانيات وخلافه أثبتت فشلها على مدى عقود طويلة، لذلك قمت في تحليل الأدب باختراع نظرية جديدة تعتمد السخرية الأدبية وإعطاء النص حقه بناءً على الشعور بالنص وربطه بتاريخ الدابج له أو كما يقال له بالعامية الدمشقية "المنيكة"، فإن كان دابج النص من رجالات العهد البائد وصار بقدرة قادر من الثائرين عليه، فإن هذا يدفع الناقد الخامل داخلي للقيام بتأدية واجبه في التحليل والنقد.
النص الذي أرسله لي الصديق تم تداوله عبر المنبر العربي الأهم المسمى بالفيس بووك بعبارات تفاوتت بين "نص جدير بالقراءة" لتصل إلى "أعمق تحليل سياسي قرأته منذ عقود".
بداية يتوجب القول بأن أعمق تحليل سياسي قرأه الأخ المناضل لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالتحليل بل هو سرد لرأي شخصي منحاز في قضية نزاع سياسي بين جهوريين وديموقراط في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
بالتأكيد يجب الثناء على دابج المقال لأنه ربط بين علاقة الديموقراط والجمهوريين بالشأن السوري، بالمناسبة الحمار والفيل هما الرمزان المستخدمان في أمريكا للحزبين المتواترين على سكنى البيت الأبيض، وبالقياس يمكننا استنتاج ما يلي:
إن كان نصف أمريكا حمير ونصفها فيلة حسب نتائج الانتخابات الماضية...
فإن الشأن السوري يتوجب الإشارة إليه بالخنفسة والنملة، آخذين بعين الاعتبار الناتج القومي المحلي "الجي دي بي" وما شابهه من مؤشرات اعتمدها العالم للتفريق بين التكتلات البشرية، عندها يمكننا القول بأن النظام يمكن تمثيله بالخنفسة لكونه أكبر، بينما المعارضة بالنملة لكثرة فصائلها، والمتابع للحراك الثوري السوري لاحظ بالتأكيد أن للنمل أنواع، فمنه الأبيض ومنه الأسود وهناك لواء للنمل الطيار، فصائل النمل الحر، كتائب النملان، لواء أنمال الشمال وصولاً للمكتب النملي لمكافحة الأكلان وغيرها كثير.
في النص الذي لا أشك في نية مرسله لي دعوة صريحة للإدلاء بدلوي؛ حيث أنني وجدت فيه عبارتين فسرتا لي سبب إرسال صديقي الجبان له، العبارتان تقولان نسخاً ولصقاً:
"... في العام 2020 وبعد إعلان تبرئته من التهم التي لفقها له الديموقراطيون قال ترامب... "
"... ترامب قتل قاسم سليماني، بينما أوقف الديموقراطيون مشروع قانون مناهضة التطبيع مع الأسد..."
***
كيلا يتحول النص لكتلة من الملصقات قررت التعميم ومبدأ التعميم هو ركن أساس في النظرية النقدية الشامية.
المقال يتكون من 1540 كلمة، قمت بتلوين الكلمات الفضفاضة التي وردت به والتي تتميز بالكونية وتصلح لكل زمان ومكان:
"... بالأطراف المشبوهة... خطاباً همجياً إقصائياً يدعو إلى التغلب على الآخر بأي وسيلة ممكنة... من “العنف اللفظي” والعنف القانوني” و”العنف الضريبي” و” العنف الثقافي”... ما حدث في بنسلفانيا لن يمرّ بسهولة...."
وباستثناء كلمة بنسلفانيا فإن الجمل السابقة وأكثر من ربع المقال يصلح لأن يستخدم في مقال عن العولمة واستخراج الفحم الحجري، أو عن الوضع الاقتصادي في أقليم الباسك وتأثير ظاهرة إلينينو على عوائد محصول الشوندر في غانا، أما الجملة التي وردت فيها كلمة بنسلفانيا فيمكن استخدام أي شيء مكان ظرف المكان هذا لتصبح جملة مفيدة، وليجرب القارئ الكريم بعضاً مما يوحي به الله إليه
رابعة، غزة، القدس، نيويورك، كييف، برلين، إلخ من بلاد الله الواسعة وبتبديل حرف الجر مع اسم المكان بحرف جر أخر وحدث أو صفة ما فإن الجملة قد تصبح أهم، قبل الكيماوي، بعد الانتخابات إلخ.
لونت في النص الذي نسخته على حاسبي ما يصلح لأي حدث كان بالأخضر، وما كان فيه تدليس بالبني، وما كان يناقض المنطق والعقل بالأحمر، وما يخالف الفكر السياسي السليم بالأزرق، وأبقيت على ما تبقى بالأسود ومسحت ما تم تلوينه فعادت صفحتي يا للعجب بيضاء كيوم ولدت لدى سادتنا في الأجهزة المختصة والرفاق أنكر ونكير.
***
ميزة مقالات كهذه أنها ككتبتها صالحة لكل زمان ومكان، وهذا طبيعي ومن بديهيات العصر فمن قبض من التلفزيون العربي السوري قادر على القبض من أي هيئة كانت سواء أكانت صحيفة عربية في بريطانيا تدار بأموال نفطية، أو موقع ممول من جهاز استخبارات أو وكما هو لدى القلة من كتبجية اليوم من الهيئة الاستخبارية ذاتها وبشكل صريح، والنوع الآخير للحقيقة والتاريخ قلة لأن العمالة المباشرة تتطلب جرأة وصراحة وولاء لا تتوافر لدى الإمعات والجبناء.
للنص اليوم أربعة أسباب:
أولاً قبولي التحدي من الصديق الجبان ورغبتي في تحقيق إربه بشتم الكويتب المغوار
وثانياً التنبيه من خطر سيدنا ترامب الذي كاد كاتب المقال أن يعده حادي عشر المبشرين بالجنة.
أما السبب الثالث والأهم فهو أنه يقدم لي فرصة ذهبية لممارسة هوايتي النقدية الشامية على من يستحقها.
والسبب الرابع غير موجود لكني لاحظت من قرائتي للعديد من فلاسفة وحكماء الثورة أن ذكر نقاط أربعة أو التلميح لبنود مع أرقام يوحي للقارى بأن هناك وراء الأكمة ما ورائها وأن الكاتب مدرك لخفايا الأمور.
أخي كاتب المقال
الفيل الذي يمثله ترامب دهس بالصدفة في زمن ما خنفسة وهي سليماني، بينما تردد الحمار أوباما في سحق سوريا واكتفى بتشليحها مما سبب لجارتها اللدودة "الرعب المتوازن" وخليفته بايدن وقف متردداً أمام إنهاء ما تبقى من البلاد.
لكاتب المقال وعشائر النمل باختلاف ألوانها.
إن دعس الفيل خنفسة فهذا لا ينفي كونه قادراً على دهس العشرات والعشرات من النمل الغبي، وإن ترفع الحمار عن أن يسلح على مزبلة فيها خنافس فهذا لا يعني أنه يخشى على الخنافس أو على النمل المتواجدين في المزبلة، ربما لم يكن بحاجة للتغوط ولم تزداد رغبته بتلبية نداء الطبيعة لأن نملة حمقاء توسلت إليه أن يسلح على خصمها.
الانحياز هو التجسيد البشري للغباء، وما انحياز رشيد عالي الكيلاني، و أمين الحسيني للفوهرر إلا كانحياز كتبجية عرب لترامب وأمثاله، ولا يعني هذا بشكل من الأشكال إنحياز كاتب هذه المنيكات إلى بايدن وزمرته، فالداعي متأكد من كونه من هوام الأرض، فصيلة من اللافقاريات تتأرجح بين الخنافس والنمل وتعلم علم اليقين أن حافر الحمار قاتل كمداس الفيل.
***
في النهاية أورد مقتطفاً طويلاً من النص موضع منيكة اليوم:
" حان الوقت ليفكر الجمهور الأميركي، ومعه غير الأميركيين، بأسئلة قد يكون الأكثر أهمية في هذه المرحلة: ما هو مشروع الديموقراطيين الحقيقي؟ ما الذي يريدونه من أميركا؟ وما الذي يريدونه من العالم؟ انظروا إلى أميركا. لا يقول الإعلام العربي إن الديموقراطيين خلال الشهور الماضية، قاموا بحملات تطهير حقيقية داخل مؤسسات الدولة الأميركية لطرد الجمهوريين منها، وإحلال موظفين ينتمون إلى الحزب الديموقراطي محلهم. (لتقريب الصورة حالة تشبه ما تمت تسميته بأخونة الدولة، في عهد حكم الإخوان المسلمين لمصر)."
لفت نظري التشبيه البليغ الذي قام به دابج المقال بما فعله الأخوان في مصر عندما قاموا بأخونة الدولة، وكدت أن أقسم بأني سمعت المذكور يتحدث بنبرة مختلفة عن الإخوان فيما سبق، لكني عدلت عن القسم عندما تذكرت أني كافر بامتياز، وأن قسمي هذا لن يفيد بشيء، فلا الكاتب سيرعوي عن تغيير عبائته ليلائم الإمام المتغلب ولن يعدل عن تركيب آذان الجرة من حيث يراها مناسبة، وليكن... هذا حقه الطبيعي.
الكتابة لصحيفة يا سيدي ليست عملية صف كلمات، ومقالك آنف الذكر يمكن اعتباره "تيمبليت" أو قالب جاهز لأي نص فكري حيث أن 403 من كلماته البالغ عددها 1540 هي كالماء الزلال تصلح لكل مقام ومكان، أفادنا الله بعلمك الغزير، ولكن ومع أن الكتابة عملية مجدية للقبض باليورو والجنيه الاسترليني، لكني - ويا لسخرية القدر - مازلت أؤمن بأن الكسب من دون عرق "الجبين" هو كسب غير مشروع.
ولنا ولكم حسن الختام
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تذكرتي تتيح حجز تذاكر حفلات وفعاليات مهرجان الموسيقى العربية
.. ابنة ثريا ا?براهيم: محمد سعد عمل لها نقلة فنية في فيلم «كتكو
.. بسمة الحسيني: أولويات الإغاثة الثقافية في المناطق المنكوبة •
.. زينب العبد : جهود جبارة من المشاركين في أعمال مهرجان المهن ا
.. كلمة نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي خلال مهرجان «المهن التمثي