الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق دولة علماندينية

محمد حمد

2024 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


العراق دولة علمادينية


يبدو أن العراق دولةٌ لا شرقية ولا غربية. لا علمانية ولا دينية. لا تقدمية ولا رجعية. لا يمينية ولا يسارية. لا جمهورية ولا ملكية. لا مركزية ولا فيدرالية. لا ولاية فقيه ولا دولة مؤسسات. نعم هذا هو العراق ! ومع ذلك يبقى، في رايي المتواضع، خليطا متجانسا (الى حدّ ما !) من جميع هذه الصفات.
ففي عراق اليوم توجد مظاهر تديّن نصفها مبالغ فيه كثيرا ونصفها الآخر زائف ومفتعل. والغالبية العظمى من الناس البسطاء، باستثناء قلّة قليلة، وجدت نفسها مدفوعة بقوة تيار ديني عاطفي جارف. تمارس فيه أنماط مختلفة من جلد الذات وتانيب الضمير والشعور بالذنب، تحت اطروحات و شعارات صيغت بدقّة بغية السيطرة والهيمنة على الجموع وتكريس مشاعرها الإنسانية الصادقة نحو هدف واحد، ظاهره ديني طائفي وباطنه سياسي حزبي بحت.
ومع ان العراق يعتبر، ربما على الورق فقط، دولة "مدنية" في نظر الكثيرين. الا ان هذه الدولة، وان كانت غير واضحة المعالم للجميع، تحكمها طائفة دينية متنفّذة لا تفوّت اية فرصة لاستثنمارها بالشكل الصحيح كي تضع الآخرين وعلى مختلف المستويات في قلب الحدث. كاستشهاد او ولادة او جرح امام. وباتالي فطقوس تنكيل الانسان لنفسه لا تتوقف على مدار السنة.
واصبحت "المواكب" وما يرافقها من شعائر او طقوس او مكملات تجميلية للاثارة، بعضها يتبرأ منها الامام الحسين نفسه، تتسم بشيء من الاكراه والارغام. وتُفرض فرضا على جميع الفئات العمرية تقريبا. حتى الاطفال تحت سن العاشرة وجدوا انفسهم في معمعة العواطف الجياشة. وسلّموا براءتهم الى آلهة الغيب والمجهول.
وقد أثار انتباهي وفضولي موكب عزاء شاهدته على احدى الفضائيات العراقية تحت اسم "موكب اليسار العراقي". ولا أدري ان كان الامر مزحة دينية سمجة ام حقيقة مؤلمة فرضها الواقع المشحون بكمّ هائل من العواطف والدموع والاحزان؟
بعد غزو واحتلال العراق عام 2003 حصلت عملية تغيير كما يقول المشاركون فيها. ولكنها في الواقع كانت، او رافقتها، عملية تشويه ممنهج لكل شيء جميل، ابتداءا من منظومة القيم والاخلاق والعادات والاذواق وغيرها. حتى التقاليد الدينية المالوفة لم تسلم من هذا التشويه. فظهرت نماذج نادرة من"الإبداع" في معظم المناسبات الدينية. وعلى الاخض في العاشر من شهر محرم. حيث يظهر الانسان كل ما في دواخله من رغبة جامحة لتانيب الضمير وكراهية (لطرف ما) وغرائز دفينة أخرى تجد، بعد عام من الانتظار، فرصتها الذهبية في التعبير عن مكوناتها الساعية دائما الى جلد الذات والتنكيل بالنفس الإمارة بالكثير من السوء والقليل من الخير.
وبما ان الدين هو "افيون الشعوب" كما قال ماركس. فلذا من السهل جدا أن تجد ملايين الناس مدمنة، وليس مؤمنة بالضرورة، على هذا الافيون الرخيص الثمن !
ويزداد هذا الادمان و الحاجة اليه في مجتمعات يسودها الجهل والفقر والعوز والامراض. ويحكمها اشخاص لهم خبرة طويلة في التلاعب بمشاعر وعواطف الناس البسطاء. سعيا منهم للحصول على المزيد من المال والسلطة والجاه، مستغلين بذلك اية ثغرة في وعي الجماهير، التي اعتادت على الادمان اصلا، للوصول إلى الهدف. وبالتالي فقد تحولت الكثير من الطفوس والشعائر، بعد ان افرغت من مغزاها الديني الاصيل، الى فلوكلور شعبي يتسم بالكثير من العشوائية والإبداع الفطري المرتجل الذي يصلح لجميع الاعمار ويرضي جميع الاذواق...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية على مبنى اتحاد بلديات بنت جبيل في برعشيت تؤدي


.. الجيش الإسرائيلي يوسع رقعة توغله في جنوب لبنان




.. لا أفق لوقف الموت المستمر في غزة بعد عام من الحرب والخراب وا


.. ماكرون يدعو إلى وقف تسليم الأسلحة لإسرائيل ونتانياهو يرد • ف




.. سرايا القدس: حصاد العمليات العسكرية في غزة خلال عام من طوفان