الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التكثيف اللغوي والاختزال في مجموعة السيد حافظ للقصة القصيرة - حكايات أحفادي-.
ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث
(Yasser Gaber Elgammal)
2024 / 7 / 23
الادب والفن

إنّ اللغة هي الأساس الَّذي يعتمد عليه البشر في التواصل والتلاقي والتفاهم، وهي الأساس باعتبارها الأداة الأكثر تأثيرًا في الفعل الإنساني، واللغة الإبداعيَّة مغايرة للغة التقليدية من حيثُ الاستخدام والتوظيف والدلالات، وما يهدف المبدع من وراء ذلك في استخدامها، وتوظيفها بصورة تؤدي السّلطة الَّتي يريد ممارستها على فعل الكتابة ووعي المتلقي، والسيد حافظ في مجموعته القصَّة الصّغيرة جدًا يحاول اختزال العالم والتجربة في بناءات مختزلة مكثفة تؤدي ما يطمح إليه تصورات وقضايا، فهي أقرب إلى المركزة والمشحونة بالتفسيرات، وذلك " بسبب كثافتها الشّديدة واقترابها من لغة الشّعر في أجواء تعبيرية ورمزية.. سواء على صعيد الجملة الَّتي تنتج صورًا ومجازات أو على صعيد الدلالة العامة الَّتي تنتجها القصَّة كلها" ( )
فهو عندما يتناول في قصة: "الحذاء "الَّتي يقول فيها " فكرت مرة أن أخلع الحذاء من رأسي وأعشقُكِ يا بلادي كما أشاء فحاصرني العسكر والعمائم واتهموني بالخيانة العظمى!!" ( )
فمن خلال القراءة الأولية لهذا النص نجد أن السّيد حافظ حاول يختزل لنا التاريخ، والأحداث على امتداد عقود في بعض الكلمات الَّتي يقل عددها عن سنوات هذه الفترات، محاولا استخدام التكثيف اللغوي والاختزال والاقتصاد في العبارة اللغوية والاسترداد في التأويل حولها، كما استطاع استخدام الأفعال المضارعة والماضية ؛ لكن الماضي بصورة أشد مما يؤكد استمرارية الحالة وعدم رغبتها في المفارقة كما يدل على الثبات الَّذي يوحي بالاستبداد وسطوته على المكتوب، وهذا يؤكد لنا أن العلاقة بين السّيد حافظ وبين النص المنتح من زاوية اللغة علاقة حميمية، " لأن اللغة هي أداة للتوصيل، وهي القابلة للتفجير الجمالي عندما تكون لغة في النصوص الإبداعيَّة، من هنا غدت القصَّة القصيرة جدًا من الناحية التجنيسية تميل إلى اللغة الشّعرية، وفي الوقت تحقق لنفسها جماليات عليا وهي تتداخل مع أجناس وأنواع أدبية وفنية على سرديتها، ومن نفسه تحاف جديدة" ( )
إننا نعتبر "إنّ النص الأدبيّ عمومًا، والسردي بشكل خاص، ولا سيما القصَّة القصيرة جدًا، الَّتي هي موضوعنا، ما هي إلا لغة تحتفي بالتكثيف والإيجاز والمكاشفة، وتعمد إلى قراءة الأشياء قراءة جمالية قابلة لتعدد القراءات، فهي كتلة لغوية في حيز كلامي ضيق تسعى إلى إثارة القارئ وتحفيزه على البحث خلف دلالاتها من أجل الكشف عن المقصدية الدلالية الخاصة بالقاص أولًا، وبالقصة ثانيًا، للوصول إلى جوهرها الحقيقي"( )
وفي مجموعة السّيد حافظ للقصة القصيرة جدًا نجد أنه استخدم هذا التكنيك بصورة كبية عندما يقول في قصة " القفص" في بلادي نولَد من بطون أمهاتنا أُسُودًا.. بعد عشرين عاما نتحول قرودًا في قفص!!" ( ) فهذا التكثيف اللغوي والدلالي،" والاعتماد على الجمل القصيرة، القائمة على التعجب، والتقليل من حروف الربط، واستعمال أفعال الحركة، والتركيز على المفارقة القائمة على الجمع بين التناقضات والمتضادات تألفًا واختلافًا، فظهر بذلك التنوع الموضوعي القائم على نقد سلبيات المجتمع الممزوجة بالواقع العزيز، فقصص هذه المجموعة تحمل ثيمات تعكس هموم الإنسان، كما تحمل مخالفات في بنية المجتمع وتكوينه قائمة على منع الإنسان من التجديد، فهموم الإنسان في المجتمع لا ترتبط بمرحلة عمرية معينة بل تحكي هموم جميع الفئات"( ).
لقد اختزل السّيد حافظ الواقع في بضع كلمات لا تتجاوز السّطرين، مؤكد بذلك على وظيفة اللغة الاختزالية، والتكثيف الناتج عن ضيق العبارة وعمق المعاني وتوسع الدلالة في إشارة إلى جمالية الاختزال والتقليل المحبب في فعل الكتابة والإبداع، كما كشف عن تمكن في إنتاج الدلالة بصورة مختصرة دون الإخلال بالمعنى.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شكل امتحانات القدرات في كليات التربية الفنية .. اعرف التفاص

.. القسام تعرض مشاهد تعارض الرواية الإسرائيلية وخطط تهجير تحت م

.. مواقف غير متوقعة في مسرح الحجرة مع أبطال العرض المسرحي -يمين

.. -الأنا العليا- تمنع عودة العلاقة بين ترمب وإيلون ماسك... وكا

.. إزاي أبطال العرض المسرحي -يمين في أول شمال- بيقدروا يمثلوا ف
