الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السابع

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 12 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نظرا لما للحركة التي يقودها الفلاحون الفقراء بأوزيوة من أهمية في الصراع الطبقي ، بين الطبقات البورجوازية و الكومبرادور و الملاكين العقاريين و المافيا المخزنية ، و بين الطبقات الشعبية من طبقة عاملة زراعية و فلاحين فقراء و صغار و كادحين ، إرتأيت تقديمة دراسة مستفيضة حول منطقة سوس التي تعتبر فيه تارودانت مركزا حضاريا هاما ، تأسس عبر التاريخ الطويل للإنسان بالمنطقة ، و هي اليوم تعيش تهميشا ممنهجا نتيجة السياسات التبعية للرأسمال المركزي ، إستمرارا لما تم تخطيطه خلال مرحلة الإستعمار المباشر لطمس تاريخ المدينة و تحويلها إلى مرتع للعاملات الزراعيات ، اللواتي يتم استغلالهن بالضيعات الفلاحية و معاملة التلفيف التي أقامها المعمرون الجدد على أراضي الفلاحين الفقراء بسوس.

كوارث سياسة الإصلاح الزراعي الطبقية بسوس :

كان من بين المطالب الأساسية للحركة الوطنية الفعلية بعد الإستقلال الشكلي هو وضع سياسة فلاحية تستهدف تنمية حياة الفلاحين الفقراء ، و ذلك بالمطالبة بما كان يسمى آنذاك ب" الإصلاح الزراعي " من أجل تطوير الإمكانيات المتاحة في المجال الفلاحي خاصة في السهول الخصبة الشاسعة و التي يستولي عليها المعمرون الفرنسيون ، و التي يرى فيها المقاومون و أعضاء جيش التحرير و المناضلون السياسيون اليساريون مجالا لخدمة الفلاحين الفقراء ، حيث يعتقدون أنه من السهل على النظام الحاكم بعد الإستقلال الشكلي أن يتخلى عن حلفائه المعمرين بتلك السهولة و هو الذي يتطلع إلى تعويضهم في جميع المستويات .
و كان لابد من الدفاع عن مفهوم الإصلاح الزراعي الذي سيعرف فيما بعد وضع أسسه حسب رغبة المعمرين الجدد الذين يسعون إلى وراثة المشاريع الفلاحية الإستعمارية ، و تعتبر منظقة تارودانت من المناطق المستهدفة بهذه السياسة لما تشكله من مجال خصب يرى فيه أبناؤه المقاومون مجالا للتنمية ، لكن السياسة الفلاحية الطبقية للنظام الحاكم غيرت مطامحهم و ذلك ب :
أولاب تركيز مؤسسات " صوديا " الفلاحية و الصناعية التابعة للنظام لمنع أي محاولة للمطالبة لاسترجاع أراضي الفلاحين الفقراء التي أقام فيها المفمرون الفرنسيون مشاريعهم الرأسمالية ، حتى يتمكن أقطاب النظام الحاكم من استغلالها بشكل غير مباشر.
ثانيا بابتداع ما سمي زورا بالإصلاح الزراعي بمنطقة سوس في النصف الأخير من السبعينات من القرن 20 ، الذي استهدف تكبيل الفلاحين الفقراء و محاصرتهم من أجل فسح الطريق أمام مزيد من الإستيلاء على أراضي الجموع من طرف الملاكين العقاريين الكبار.
و لقد النظام الحاكم تغليط الفلاحين الفقراء محاولا إيهامهم بأنه بالفعل يرغب في تطوير حياة الفلاحين الفقراء ، إلا أن تجربتهم الطويلة معه كما تمت الإشارة إليه سابقا علمتهم كيف يكتشفون سوء نواياه فرفض هؤلاء الدخول فيما يسمى ب " التعاونيات / المشاريع " و المشاريع المغشوشة بالفعل ، و بعد إفشال محاولته استدراج الفلاحين الفقراء لمشروعه المغشوش قام باستقدام بعض الحرفيين و العمال الذين لا خبرة لهم في مجال الفلاحة ، و يعمل على تنظيمهم في تعاونيات فلاحية لأغراض زراعية تستهدف توفير بذور القمح لشركة " سوناكوس " .
و أول جريمة قام بها النظام الحاكم هي تدمير غلابات أركان من أجل توفير الأراضي لإقامة هذه المشاريع الملغومة بعد أن امتنع الفلاحون الفقراء عن تفويت أراضي الجموع لهذا الغرض .
و ثاني جريمة هي إثقال كاهل هؤلاء المساكين بالديون خدمة للمشرع الإستعماري الذي يستهدف إلى توفير بذور القمح بأقل التكاليف .
و ثالث جريمة هي ثقلهم بتربية الأبقار و ذلك بابتداع نوع آخر من "التعاونيات" المتمثلة في " تعاونية الحليب كوباك " لتزويدها بالحليب ، التي وصلت اليوم أوجها في تجارة الحليب و مشتقاته و بالتالي تصنيع عصير الفواكه ، و التي تم إنشاؤها على قاعدة استغلال الفلاحين الفقراء بالمشاريع الفلاحية المغشوشة و توريطهم في ديون القرض الفلاحي باقتناء الأبقار لتوفير الحليب .
فسقط هؤلاء المساكين في دوامة شراء البذور من شركة سوناكوس بأثمان باهظة و زرعها و سقيها و حصدها و نقلها إلى مقر الشركة ، التي تعمل على انتقائها و شراء الأجود منها بأبخس الأثمان ، واقتناء العلف تعاونية كوباك لتوفير الحليب للتعاونية ، و هكذا دواليك و الديون تتراكم عليهم فأصبحوا عبيدا بين أيدي شركة سوناكوس و تعاونية كوباك و ديون القرض الفلاحي المتراكمة عليهم ، و ثقل تكاليف السقي الذي يتم عبر شراء مياه الري من جمعيات السقي .
و تجربة الفلاحين الفقراء بمشروع أمل النجاح بتازمورت خير دليل على ذلك على السياسة الطبقية الفلاحية بسوس ، حيث تم نزع أراضي 10 عائلات من أصل 60 عائلة و ترحيلها من مساكنها بعد عجزها من أداء فواتير استهلاك مياه الري ، مع العلم أن الأراضي التي و المساكن التي منحت لهؤلاء الفلاحين لم يتم تفويتها لهم رغم أنهم استغلوها لمدد تتراوح بين 20 و 28 سنة .
و هكذا يتم استغلالهم كطبقة عاملة زراعية بدون حقوق حيث تعمل العائلة بالحقل التي تتيراوح مساحته بين 03 و 05 هكتارات لتوفير القمح و الحليب ، و خير دليل على استغلالهم المكثف هو :
أولا ما قام به مسؤولو تعاونية كوباك من حيف اتجاه الفلاحين الفقراء ، و ذلك بعد خفض سعر شراء الحليب منهم من 3,50 إلى 3,10 درهم للتر واحد مع خصم 0,10 درهم للتر واحد يقال لهم لحساب الجمعية الخيرية ؟
ثانية الكارثة التي حلت بالفلاحين الفقراء و هي ما يتم ادعاؤه من مرض الأبقار بالسل و إرغام هؤلاء ببيع أبقارهم بواسطة مسؤولي التعاونية بأثمان بخسة دون تعويض عن خسائرهم ، كما أن هناك بعضهم لم يتوصل بعد بمستحقات بيع أبقارهم .
رابعا الغموض الذي يشوب مداخيل التعاونيات/المشاريع الفلاحية المغشوشة و هو 5% من المحاصيل و دعم الدولة و المنظمات الدولية ، كل ذلك نتيجة الفساد الإداري الذي يقوده ممثلو وزارة الفلاحة في التعاونيات و أعضاء المكاتب و السلطات.
كما يقال أنهم تعرضوا للحيف و ذلك ببيع الأبقار سواء المريضة أو التي لا يرى فيها المالكون للتعاونية نفعا بثمن بخس ، من أجل تصنيع لحمها من طرف التعاونية التي تطمح في توسيع إنتاجها بتصنيع ماة " الكاشير".
و يبقى المستفيد الآول و الأخير هما شركة سوناكوس و تعاونية كوباك ، الأولى التي عرفت فضائح و اختلاسات مالية ما زالت النظام يتهرب من فتح ملفاتها ، و الثانية التي تلعب في ملايير الدراهم على حساب عرق و دم الفلاحين الفقراء الذين تم ثقل كاهلهم بالديون ، من أجل تراكم الأموال في أيدي أقلية من الملاكين العقاريين الكبار المعفيين من الضرائب و المتملصين من أداء فواتير الماء الصالح للري ، و الذين يتهافتون وراء الربح الوفير و تراكم الأموال التي يتصرفون فيها بدون حسيب و لا رقيب ، دون أن ننسى استغلال العاملات و العمال بمعمل تصنيع الحليب و مشتقاته ، و العمال الموزعين لمادة الحليب بالمدن المغربية و العاملات و العمال بالضيعات التابعة للتعاونية .
و قد عرفت التعاونية تحولا خطيرا منذ 2001 حيث تجاوز رأسمالها السقف المحدد للتعاونيات و تجاوزت أنشطتها الأهداف المسطرة لها كتعاونية فلاحية من المفروض أن تحترم حقوق المساهمين فيها خاصة الفلاحون الفقراء ، و كان لابد من تدخل باقي الملاكين العقاريين بتارودانت و ذوي النفوذ بالسلطة المركزية للنظام الحاكم ، من أجل تقرير مصيرها في اتجاه تحويلها إلى شركة صناعية ، الشيء الذي يحبك اليوم في الكواليس و دهاليز ذوي القرار السياسي و الإقتصادي بالمغرب .
و كان لسياسة التقويم الهيكلي في بداية الثمانينات أثر كبير في تركيز سياسة الخوصصة التي تستهدف في الدرجة الأولى المجال الفلاحي بسوس ، و كان للفساد الإداري و المالي للنظام الحاكم أثر كبير في نهب أموال مؤسسات صوديا بالضيعات و المعامل بسوس ، و قبلها بمعمل سوبليم للتلفيف الذي أغلق سنة 1994 و معمل فريما سوس في سنة 2003 و كلاهما تابعان للنظام الحاكم ، و نتيجة لذلك تم ابتداع شكل جديد من المغامرة في هذا المجال و هي التعاونيات في مجال التلفيف من أجل إضعاف مردود معامل التلفيف الوطنية لإغلاقها و طرد العاملات و العمال و تفويتها من جديد.
و كانت مقاومة العاملات و العمال بمعمل سوبليم البطولية منذ أواسط التسعينات من القرن 20 شكلا نضاليا رائعا و فريدا من نوعه في مواجهة هذه السياسة ، إلا أن تواطؤ النقابات بتعاون مع الأحزاب الموالية لها جعل العاملات و العمال الموسميين و المياومين بهذا المعمل يذوقون مرارة الطرد التعسفي للنظام الحاكم ، و مازال هؤلاء في تجمعاتهم السكنية قرب المعمل المسدود رغم جميع الضغوطات التي مورست ضدهم من أجل تهجيرهم لتفويت المعمل .
كما يعتبر تسريح / طرد العاملات و العمال من معملي أمكالة و العيون في 2003 التابعان لصوديا جناية أخرى تضاف إلى سجل الإنتهاكات الجسيمة الإقتصادية و الإجتماعية للنظام الحاكم ، و مازال ملف معمل فريما سوس يراوح مكانه بعد الحكم القضائي لصالح العمال منذ 2002 ، مع العلم أن هذه المعامل تم إعادة هيكلتها و تجديد آلياتها قبل إغلاقها و عرضها للتفويت للملاكين العقاريين الكبار بالإقليم كما هو الشأن بضيعات صوديا للحوامض التي تم تجديد جميع أغراسها و تفويتها .
إن سياسة ما يسمى بالإصلاح الزراعي كانت تستهدف ضرب مصالح الفلاحين الفقراء و ذلك :
أولا بابتلاع أراضي الجموع التي يتم الإستيلاء عليها عن طريق الجماعات المحلية و ممثلي الجماعات السلالية .
ثانيا بالقضاء على غابات أركان بالسهل و تعويضها بالحوامض و الخضر و الموز و الورود في اتجاه تصديرها إلى الخارج .
ثالثا بتفويت الموسسات الوطنية الفلاحية و الصناعية من ضيعات و معامل التلفيف و معمل فريما سوس بعد نهب أموالها .
فكان لهذه السياسة آثار كارثية على الفلاحين الفقراء بإقليم تارودانت و ذلك بابتلاع أراضيهم، التي تم تفويتها للملاكين العقاريين الكبار بصفة نهائية في 2005 بعد تحرير عقود الملكية لهم بتواطؤ مع النقابات ، و كان للإستغلال المفرط للفرشة المائية بالمضخات الكهربائية أثر كبير على هبوط مستوى المياه الجوفية إلى حد لا يمكن معه للفلاحين الفقراء الحصول على مياه الري ، الشيء الذي له تأثير كبير على عدم التوازن في الدورة المائية مما يساهم في تعميق آثار الجفاف نتيجة قلة التساقطات المطرية و نبض العيون و السواقي بالسهل و الجبال ، مما دفع الدولة إلى ابتداع مشروع ملغوم جديد سمي بجمعيات السقي التي استنزفت ما تبقى من عرق الفلاحين الفقراء ، و ذلك ببيع مياه السقي لهم و إغراقهم في وحل ديون القرض الفلاحي من جديد من أجل توفير المياه للملاكين العقاريين الذين يتملصون من أداء ديونهم المترتبة عن استغلال المياه و ذلك ببيع أبقارهم ، و خير مثال على ذلك هو وضعية عائلة تتكون من 07 أفراض يملكون 03 هكتارات و 07 أبقار ، و ينتجون شهريا 1800 لترا من الحليب و تستهلك أبقارهم 2400 درهم من العلف و 1000 درهم من الماء الصالح للري بالإضافة إلى القرض الفلاحي ، فماذا سيبقى لهم غير الكد و العرق اليومي ؟
و كما تمت الإشارة إليه في فصل سابق أنه لم يسلم الفلاحون الفقراء بالجبال من هذه السياسة ، خاصة بسدي أولوز و المختار السوسي و في منطقة تافنكولت ، الذين تم ابتلاع أراضيهم و تدمير شجرة أركان في المشاريع الجديدة للملاكين العقاريين الكبار، و يتم اليوم حبك مشروع ملغوم جديد قديم يسمى جمعيات الماء ":
أولا من أجل استغلال مياه سد أولوز من أجل بيعها مياه للفلاحين الفقراء بضفاف وادي سوس ، و ذلك لأنه من المنتظر أن يهبط مستوى المياه الجوفية بهذه المناطق بسبب المشاريع الجديد للملاكين العقاريين الكبار التي تم إنشاؤها قرب السد و المنتظرة تأسيسها في الضفة الجنوبية للوادي .
ثانيا من أجل توفير مياه الري لمشاريع المعمرين الجدد بسبت الكردان التي تم نبض المياه الجوفية بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة


.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا




.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار