الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحن نقص عليك أحسن القصص...7: ملاك 13-7
أمين بن سعيد
2024 / 7 / 27كتابات ساخرة
هستيريا ضحك انتابت إيمان وهي تحل العُقد، وتردد: "حقا صدقكِ"... ثم... خرجت ملاك، وعادتْ، وجلسنا نفطر...
- الذي حصل البارحة كثير جدا عليّ، أشعر كأني كرة تتقاذفانها طول الوقت...
- هل خطط أحد لما حدث؟
- لا!
- ذلك يعني الكثير إذن. بعكس الكثير الذي تتحدث عنه، والذي ليس صعبا عليكَ وحدكَ...
- ...
- متى ستعتذر؟
- ...
- إذا كنتَ ستنتظر حتى تفهم، فاعلم أنكّ لن تفهم. الذي يقع لا أحد سيفهمه... لكن هناك شيء، الآن... على هذه الطاولة... يجمعنا ولا أحد سيستطيع إنكاره... أم أنا مخطئة؟
- نعم، هناك شيء... الشيء الذي أردته منذ أول لحظة رأيتكما معا... لكني لم أكن أتصور أن تجري الأمور هكذا...
- كيف تصورتها؟
- لا أعلم... أن نكون معا... لكن ليس مثل الآن!
- وضّح...
- أردتُ أن أكون سعيدا، الآن لا أملك أي ضمان منكِ ولا حتى من نفسي! ربما أضمن إيمان أكثر، لكن حتى هي، ليس الأمر معها شيكا على بياض!
- هل تعي أن كلامكَ كلام جبناء؟ وأنتَ زعمتَ أنكَ تبحث عن المختلف والاستثنائي أم نسيتَ؟
- لم أنسَ...
- مختلف واستثنائي وزيادة على ذلك تريد ضمانه ١٠٠%؟ أليس ذلك كثير؟
- لا أخشى المخاطر، لكن لن أقامر بحياتي برمتها، وهذا تعقل وليس جبنا أو بكاء طفل مدلل...
- حياتكَ؟
- أعي ما أقول وجربت ذلك أربعة أشهر...
- وعدتني ألا تتركني أبدا، وخلفتَ عهدك مرتين، فهل أنتَ أهل لتطالب بضمانات؟ ألا ترى أنكَ أناني لا تفكر إلا في نفسكَ ولا تستحق أي ضمانات؟
- عندي أعذاري ولن تستطيعي إنكارها!
- قلتَ لن تتركني مهما حصل!
- نعم... لكني معذور!
- هل تظن أني سأغفر لكَ؟
- نعم
- أنتَ لم تعرفني إذن...
- ومن الملام في ذلك؟ لن يشفع لكِ الزعم أني غبي!
- أنا الملامة؟!
- أنتِ بعيدة، ولا تريدين أن يُقترب منكِ...
- من نام في فراشي البارحة؟
- هناك من ينامون طيلة أعمارهم في نفس الفراش وهم يجهلون عن بعضهم الكثير...
- لم يقترب مني أي بشر ذكرا كان أو أنثى باستثناء إيمان!
- وأنا! عندكِ حق... والدليل أني بتّ مرعوبا منكِ ورجلكِ مربوطة برجلي!
- وماذا تريدني أن أفعل إن كنتَ تصدق كل شيء؟!
- دعكِ من هذا... ذلك الموقف لم أكن فيه ساذجا، وتعلمين ذلك جيدا!
- أنتظر اعتذاركَ...
- قلتِ لن تغفري لي؟
- نعم
- ولماذا أعتذر إذن؟
- أخطأتَ، وجب عليكَ الاعتذار. يُغفر لك أو لا يُغفر تلك مسألة أخرى...
- وهل منطق كهذا يقرّب أو يبعّد؟
- منطق سيمنعكَ من الخطأ مرة أخرى...
- ويبعدكِ أكثر...
- لن أتحرك من مكاني، لا الآن ولا بعد مليون سنة... مكاني هو الذي نحن فيه الآن، وهذا ضمان لكَ مقابل اعتذارك وتعهدك ألا تخطئ مجددا.
- أفعل.
- قبل ذلك... هل... هل تشكّ في حبي لكَ؟
- لا
- وحبي لها، ما المشكلة فيه؟
- ...
- لم تفهم كنهه؟
- نعم
- أنا أيضا، لا أزال لم أفهم كل شيء، لكنه واقع لا يمكن أن أتجاهله!
- خبرتُ ذلك جيدا
- هل عندكَ مشكلة معه؟
- ما لا أفهمه أكيد سيكون عندي معه نقاط استفهام...
- من حقكَ ذلك، عندنا الوقت لنفهم جميعنا...
- كأنكِ محامية، وكأني سأوقع على عَقد!
- لست محامية، لكننا جميعا سنوقع على عقد، نتعهد فيه بما يجب... هل لاحظتَ أن إيمان تسمع ولم تتكلم؟
- نعم
- هل خطط أحد لذلك؟ نحن معا منذ أن استيقظنا...
- لا
- لماذا لم تتكلم؟
- لا أعلم
- ستجيبك هي، سأسكت أنا الآن... والكلام سيكون بينكما... ثم ستسكت أنتَ، لأن الكلام سيكون بيننا... وأذكركَ أنك المرة الأولى غادرتَ.
- هناك فرق بين تلك المرة والآن.
- جيد، أضمن أنكَ لن تغادر... أم أربط رجلكَ برجلي؟
- الرباط يكون في الليل وليس الآن...
- إيمان...
أخذت إيمان يدي اليسرى بيدها اليمنى، وبيدها اليسرى يد ملاك اليمنى، وكأنها ستصلي صلاة شكر. وقالت: "قبل كل شيء، أنا سعيدة"... ثم تركتْ يد كل منا...
- نعم، هناك شيء يحدث هنا... هناك شيء حدث منذ أول يوم... لكن فهمه تأخر. من المفروض كنا سنمضي الليلة معا، نمتُ، وعندما استيقظتُ، وجدتُ غيري معكَ، كيف تُفسّر قبولي بذلك؟
- ما تشعرين به نحوها؟
- نعم
- لا أستطيع حتى تخيّل فكرة أن أضع نفسي مكانكِ!
- التستسترون ربما...
- لا أعلم، المشكلة أني حتى لو افترضت أنكِ لم تقبلي وغضبتِ فلا أرى نفسي معتذِرا...
- لماذا؟
- لأني لم أخطئ...
- من المفروض بالنسبة لي ولكَ، اسم ذلك خيانة وخطأ، لكن لا أحد منا رأى ذلك، لماذا؟
- نظرتكِ لها...
- نعم، تفهم أنه لولا نظرتي لها ونظرتها لي ما كنا الآن هنا معا؟
- نعم
- الشيء الذي أردتَه منذ البداية مثلما قلتَ؟
- نعم
- إذن كيف رفضتَ وشككتَ في الشيء الوحيد الذي سيسمح لكَ بتحقيق ما أردتَ؟
- ظننتُ أنكما تسخران مني
- وانتهينا من ذلك إلى الأبد؟
- نعم
- اعتذرتَ لي، لكنكَ لم تعتذر منها، لماذا؟
- لم تسنح الفرصة، ثم البارحة جعلتني أصدق ما قالت
- اعتذر إذن ماذا تنتظر؟ ما لايزال مشوشا وغير واضح سيأتي وقت فهمه...
- نعم... أفعل... شعرتُ أنها محامية منذ قليل... أما أنتِ فأراكِ قاضية أصدرتِ الحكم ويجب أن أنفذه في الحال...
- لا تعتذر منها إن كنتَ ترى نفسكَ محقا
- قلتُ أن عندي أعذاري، لم أكن لأفهم أي شيء وقتها
- ...
- أعتذر...
- أنا أيضا لا أعرف كيف ستجري الأمور بيننا، لكن ما أعرفه أني أريد أن نكون معا، كيف؟ سنكتشف ذلك في المستقبل...
- ...
- لماذا سكتّ؟
- أشعر أني أكثر بشر محظوظ على سطح الأرض، وفي نفس الوقت أشعر بالخوف والرعب والضعف. الأولى تقول إني لا يمكن ألا أواصل، والثانية تُذكّرني كل لحظة بما عشتُ الأشهر الماضية... كنتُ كروبوت بلا حياة... نعم أردتكما منذ أول لحظة، لكن لم يخطر ببالي لحظة واحدة عواقب ذلك... لستُ ضعيفا ولا جبانا، لكني الآن كأني أُسلّمكِ وأُسلّمها كيفية القضاء عليّ ولستُ أبالغ عندما أقول ذلك! أشياء كثيرة جدا لا تزال غير واضحة في عقلي، بل حتى كوني أحبكما معا عندما أفكر فيها لا أجد لها أي تفسير الآن بعد أن جَرّبتُ عواقب ذلك... لكني لن أتراجع، لا يمكن أن أفعل ذلك.
ابتسمتْ إيمان لي، ربتتْ على يدي، ثم نظرتْ لملاك... وانطلق المهرجان!
- قبل كل شيء
- نعم
- أحبكِ.
- أنا أكثر.
- سأقول أشياء أول مرة تسمعينها، تتعلق بأحداث تعرفينها عشناها معا، لكن الآن فهمتُ معانيها...
- ...
- لا أتذكر أني شعرتُ برغبة في إقامة علاقات... مع أولاد، طيلة أعوام الثانوية، والابتدائية باستثناء الثلاث سنوات الأولى. في السنة الرابعة التحقتِ بالمدرسة، وأذكر أن أولها قمنا بضرب ذلك الطفل معا، أتذكرينه؟
- نعم
- كنتُ أقول لماما أنه خطيبي. وبعد أن ضربناه، عاقبني بابا. وعندما سألتني ماما كيف ضربتُ خطيبي، قلتُ لها عندي صديقة أحسن منه الآن. منذ بداية تلك السنة حتى بداية سنتنا هذه، لم أهتم لأي ولد...
- ...
- ونفس الشيء حدث معكِ... لا أذكر أني شعرتُ بأي نقص أو فراغ، كان عندي كل شيء. لسنوات قلت أن ذلك لغياب الأخت، وتمنيتُ لو كان علاء أنثى، لكن الحقيقة كانت بعيدة عن ذلك كل البعد.
- ...
- تعرفين أني لا أحب شعبتنا الآن، ولم أفكر يوما أن أختارها لا هي ولا أي شيء له علاقة بها، لكني اخترتها آخر لحظة... وقلتُ لك أني غيرتُ رأيي لأني لم أعد أريد هندسة الاتصالات، وكل الشعب أصبحت عندي سواء الآن...
- لم أكن أعرف أنكِ
- أكره هذه الشعبة ولا أزال أريد الهندسة، لكني اخترتها... لا أزال أذكر كلام بابا منذ المدرسة: "دراستكِ قبل أمكِ وأبيكِ وأخيكِ وكل البشر". تعرفينه، الأعمال عنده والنجاح أهم حتى من أسرته، لكني لم أطبق وصيته واخترتُ أن آتي إلى هنا...
- أخجل من نفسي! لأن الآية لو قُلبت، وكان مجموعي يوصلني للاتصالات، ما اخترتُ الهندسة من
- أجلي؟ لا يهم الآن، أنا فعلتُ، ولستُ نادمة، بل أنا فخورة باختياري! لو لم أفعل ذلك ما كنتُ فهمتُ...
- أذكر أيضا عندما سقطتُ منذ سنتين وكُسرت ذراعي
- نعم، بقيتُ معكِ شهرا ونصف... لم أمل بل كنتُ سعيدة... لم أتعب كل تلك الليالي التي قرأتُ وكتبتُ فيها لكِ، لكني كنتُ أغضبُ عندما كنتِ تنامين ومباشرة تشخرين!
- قال الحقيقة عندما قال أنكِ بعيدة... مهما فعلتُ لن أستطيع الوصول إليكِ...
- فعلتِ الكثير، وحتى لو لم تفعلي ولن تفعلي، يكفيني وجودكِ لأكون سعيدة...
- حتى ما يحصل الآن ومنذ مدة، أنتِ من كنتِ وراءه. فكرت كثيرا فيكِ الأشهر الماضية، وفيما بيننا، وبدأتُ طريق اكتشاف الحقيقة، لكنكِ من دفعتِني فيه، ولولا ذلك ربما كنتُ تراجعتُ ولم أفهم. كل شيء مهم، كنتِ وراءه ولولاكِ ما حصل وما عرفتُ حقيقته. أحبكِ كذلك، لكني كثيرا ما أرى نفسي صغيرةً تقف أم جبل! كل لحظة تكبرين في عينيّ، لكني أخشى أن أصغر في عينيكِ...
- لا تبالغي، كل شيء قمنا به معا...
- لا ملاك، لا تنكري الحقيقية... حتى قرار أن نبتعد عن بعض كان قراركِ، وافقتكِ نعم، لكنكِ كنتِ وراءه، ولمتكِ على ذلك، لكن لولاه ما كنا معا الآن... أنتِ كنتِ المحقة، مثلما كنتِ دائما.
- لا أحب هذا! أقبل أن تطريني، لكن لا أقبل أن تنقصي من حقكِ وقيمتكِ! إذا كان إطراء على حسابكِ فلا أريده!
- ليس إطراء، قول الحقيقة ليس إطراء.
- وماذا ستقولين بعد سماع القادم!
- ماذا؟
- هل تستطيعين تذكر النوبات التي...
- نعم، حصل ذلك خمس مرات...
- هل تذكرين المرات الخمس والسبب وراء كل مرة؟
- مرتان هذه السنة، وثلاث قبل...
- الثلاث الأولى؟
- الأولى بعد سقوطي، في المستشفى عاتبتني على... الـ... موتورسايكل ولم تبقي معي
- الثانية؟
- يوم نزعوا عني الجبس، قلتِ لن تكلميني أبدا إن رأيتني مرة أخرى أقود...
- الثالثة؟
- في الصيف الماضي، عندما رفضتِ الالتحاق بنا في النزل
- لماذا؟
- لأني... ذهبت إلى الـ... و... قدتُ...
- الرابعة؟
- بعد أن قبلتِ يدي وتركتني معه
- الخامسة؟
- معه... في... القاعة... أول مرة أفكر في كل ما حصل بهذه الطريقة!
- أعتذر عن الرابعة فقط، أما ما قبلها فلا! في الرابعة كنتُ مشوشة الفكر مثلكِ، ولم أكن قد بدأتُ بعد، رحلة محاولة فهم ما كان يحدث... وفهمتِ أين أريد أن أصل بكِ؟
- نعم
- المستقبل يخيفني في شيئين، في الأول يتلاشى الخوف عندما أعلم أنكِ ستكونين معي، لكن في الثاني خوفي أكبر لأنكِ قد لا تكونين معي...
- ...
- في الصيف، طانط قالت ربما نهاية السنة ستشتري لكِ...
- نعم
- وتعلمين رأيي!
- نعم، لكنكِ تعلمين أني لن أستطيع...
- نعم... لذلك سأظل خائفة من المستقبل!
- والأول؟
- يجلس أمامكِ الآن...
- لن أتنازل عمن أحب، حاولتُ أربعة أشهر ولم أستطع
- أنا أيضا... لا أعرف كيف سيكون المستقبل، لكني لا أخافه ما دمتِ معي...
- نفس الشيء هنا!
الجهل قد يكون نعمة أحيانا، ولولاه ما تواصل شيء. الذي كنتُ أعرفه أنه يوجد أناس مثلي، يحبون الجنس الآخر، وأناس ليسوا مثلي يحبون نفس الجنس، أما ما يوجد بين النوعين فلم يكن عنده وجود عندي وقتها. لو كنتُ أعرف أنه يوجد أناس يحبون الجنسين في نفس الوقت، ما صدقتُ أنهما لم تسخرا مني ولكنتُ هدمتُ كل شيء، لأن الذين يحبون الجنسين يمارسون الجنس مع الجنسين، ومع حضور الجنس بين مرأتين تكونان قطعا مثليتين وبالتالي يستحيل أن تحبا رجلا: هكذا كنتُ أرى! والعجيب أن تلك الفنتازيا التي ربما يحلم بها كل رجال الأرض والتي لا تتحقق إلا بوجود جنس بين المرأتين، مُنعتْ في عقلي دون أن أعي وأشعر، فأي جنس بينهما يعني أنهما سخرتا مني وذلك يعني حتما أن أنسحب! لكني لا أزال أتساءل حتى اليوم: ألم يكن جهلي ذاك نعمة؟ هل لو كانتا ثنائيتي الجنس ألم أكن هجرتهما ظانا أني أحفظ كرامتي من سخريتهما مني؟ وهل لو فعلتُ ذلك، ألم أكن واصلتُ ما كنتُ عليه منذ الثانية عشرة ولم تكن إيمان ولم تكن ملاك ولم تكن لايتيسيا؟
من جهة إيمان وملاك، فهمتا أن كل واحدة منهما كانت العقبة أمام دخول أي رجل عالم الأخرى، أول من دخل عالمهما اشتركتا في حبه فظنتاه المسيح المنتظر الوحيد ولا أحد سواه، وذلك كان جهلا منهما سمح بتواصل ما بدأ. أصل تشبث كل منهما بي كان الجهل ولم يكن الحب الوحيد كما ظنتا، وكان جهلا جميلا... نعمة سمحتْ بكل شيء سيحصل بعد ذلك الصباح.
الجهل يصنع المعجزات، يبني الحضارات والامبراطوريات، كل شيء على أرض البشر منذ الأزل وإلى الأبد وراءه جهل، وكل البشر يذمون الجهل! حقا عقوقهم لا حدود له! ألا لعنة الجهل على العاقين!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هاني خليفة من مهرجان وهران : سعيد باستقبال أهل الجزائر لفيلم
.. مهرجان وهران يحتفى بمرور عام يوما على طوفان الأقصى ويعرض أفل
.. زغاريد فلسطينية وهتافات قبل عرض أفلام -من المسافة صفر- في مه
.. فيلم -البقاء على قيد الحياة في 7 أكتوبر: سنرقص مرة أخرى-
.. عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا