الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاسد الأوحد في البلد

كاظم فنجان الحمامي

2024 / 7 / 27
الفساد الإداري والمالي


دخل الجنود قرية، واغتصبوا نسائها إلا واحدة، قاومت الجندي وقتلته ثم قطعت رأسه. وبعد ان عاد الجنود إلى معسكراتهم، خرجن يلملمن ملابسهن الممزقه ويبكين بحرقة، إلا هي خرجت من بيتها شامخة منتصرة، حاملة رٲس الجندي بيدها، وكل نظراتها عزة نفس واحتقار للاخريات. قالت لهن: لن اتركه ينتهك عرضي دون ان اقتله أو يقتلني. فقررن قتلها حتى لا تتعالى عليهن بشرفها، (قتلوا الشرف ليحيا العار ). هذا حال الفاسدين في مجتمعنا اليوم يحاربون كل شريف كي ﻻ يكون شاهدا على سوء سلوكهم. .
احياناً نجد انفسنا مضطرين للكتابة بحروف مشفرة حتى لا نستفز عش الدبابير، فينال المُضطَهَد من اللدغات واللسعات أضعاف ما ناله في المرات السابقات. فقد نجحت تحالفات المتحزبين في العراق الجديد، واكتملت على يدهم خطوات صناعة الازدهار الوهمي في هذا البلد المخنوق، الذي خرج تماما من تصنيفات العفة والنزاهة والصلاح والاستقامة. ودخل في غيبوبة التمويه، حتى يخال الينا (بسبب تراكم الاكاذيب) اننا نعيش في ضواحي مدينة فاضلة تشبه جمهورية أفلاطون من حيث الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار. ومن حيث الخدمات الاجتماعية. كل شيء تمام التمام باستثناء فاسد واحد، عجز المتحاصصون عن ترويضه بعد أن ظل يخالفهم، ويعترض عليهم، ولا يكترث بهم. فكان لابد من مطاردته والتخلص منه، الأمر الذي اضطرّ قادتهم إلى رسم علامة (X) فوق صورته، وهو الآن من المستهدفين الذين استنفرت تنظيماتهم طاقاتها كلها لتشويه صورته بكل الأساليب الدونية والطرائق الدنيئة. .
لا شك انهم يعلمون انه لم يسرق، ولم يفرط بالمال العام، ولم يتاجر بتهريب النفط، ولا بتهريب الآثار، ولم يخالف التعليمات، لكنه كان مستقلا متفردا برأيه، لا يرضخ لدكاكينهم الاقتصادية. .
يتقاطع معهم في الصغيرة والكبيرة. كانوا يخشون من تعاطفه مع الفقراء، تستفزهم مطالباته الحثيثة بحقوق المتقاعدين، وتغيضهم دعواته المستمرة لتحسين اوضاع صغار الموظفين. ارتفعت على يده الإيرادات، وتوسع في مشاريعه الخدمية. وعرفه القاصي والداني بمشاريع إسكان الموظفين وتخصيص قطع الأراضي بموجب القوانين النافذة، لكن الطامة الكبرى ان معظم الذين تحسنت أحوالهم بسبب دعمه الصادق لهم تنكروا له، واشتركوا في التآمر عليه. .
وهكذا اصبح هو الفاسد الأوحد في عموم البلاد، وظلت الفضائيات حتى وقت قريب تتفنن في انتاج الأفلام والمقاطع المفبركة التي تستهدفه هو شخصيا. وتنال منه ظلما وعدوانا، حتى صار اسمه عنوانا لكل مفسدة، بتوجيه وتحريض من قادة الاحزاب الإطارية الكبرى. التي لم يسبق ان اتفقت مثلما اتفقت على الاساءة لرجل من الجنوب. .
اذكر ان بعض الصحف البغدادية خصصت صفحاتها الاولى على مدى أربع سنوات للتنكيل به نزولا عند رغبات قادة التسقيط، بينما واصلت حشودهم الإلكترونية حملاتها المستمرة ضد هذا الرجل المدان بكل التهم الكيدية. .
لم تتحمس الاحزاب لظروف الباحثين عن لقمة العيش في مكبات النفايات بقدر تحمسها لمضايقة هذا الرجل، الذي اصبح في نظرها هو الفاسد الأوحد في هذا البلد على الرغم من إحالته إلى التقاعد وتجاوزه العقد السابع من العمر. .
وفي صبحٍ وقفت أمام مرآتي
وقد بانت على وجهي خساراتي
ارى شخصا على المرآة يكرهني
وما أقساه كره الذات للذاتِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد اختراق الحوثي لدفاعات إسرائيل.. هل تتكرر الهجمات على تل


.. بايدن: وجهت فريقي لضمان حصول جهاز الخدمة السرية على ما يلزم




.. الإعلام الإسرائيلي يتناول تداعيات صاروخ أنصار الله على الجبه


.. لإقامة شريط أمني.. عضو بالكنيست الإسرائيلي يدعو إلى احتلال ج




.. أوكرانيا تطلب من الغرب السماح بضرب قواعد جوية روسية