الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موت في جنازه مصوره

علاء نايف الجبارين

2006 / 12 / 19
الادب والفن


سكون يلف المكان مخترقا بآيات قرانيه, ليس كعادته بمثل هذه الأوقات, فغالبا ما تكون الفوضى محتله لأجواء ألمنطقه , والأغاني التي لا تفهم تطير بالأجواء، تدخل أسماعنا بدون استئذان 0
مالذي يجري ؟؟ كان ردي الطبيعي ل هكذا استثناء ، هذه جنازة أبو احمد أجابني صاحب المقهى .....آه هذا الرجل كان مريضا وأهله ينتظرون موته بفارغ الصبر بعد أن هاجمه المرض اللعين المسمى بالسرطان والذي يقف على حدود بلدتنا حاملا سهامه المسمومة التي يزوده بها المفاعل النووي الذي بناه المحتلين قبل عشرات السنين ويصطاد خيرة أبناء ألبلده
إذن لا بد أن أتواجد وأقدم الواجب تماشيا مع العادات والتقاليد السائدة
ما أن اقتربت من الحشود حتى شعرت باني دخلت نفقا مظلم ,وجوه شاحبة وأصوات خافته ولا يسمع سوى صوت القران ، نودي للصلاة بالمسجد فركض كبار السن ليحظوا بالصلاة على الميت فأجرها عظيم ويسال عنها يوم ألقيامه ، وأما اغلب الشباب وأنا منهم أثرنا البقاء بالخارج لأننا لسنا مستعدين ل هكذا صلاه فتفكيرنا دنيوي أكثر منه حلما بجنه يملؤها الحب والسلام
اقتربت من احدهم هامسا في أذنه متسائلا عن مكان تقديم العزاء ، فأجاب انه في ديوان ألعائله ،فهناك أناس كثيرون سياتو من خارج ألبلده فأنت تعلم أبو احمد كان في لبنان فدائي مع ألمنظمه وأيضا عمله كقائد للشرطة
وفجأة علا صوت الناس ، لقد انتهوا من الصلاة وها هو الجثمان محمولا على الأكتاف ، وحدو الله يا ناس صوت خرج من بين الحشود فلا يتأخر أحدا في الرد عليه كسبا للثواب 0 المقبرة ليست بعيده ولكننا سنفرض طوقا على الشارع فلن تمر السيارات فالمشيعون كثيرون فالرجل كما حدثوني يحبه الناس
ها قد وصلنا وبداو بتحضير القبر والكل يتسابق بتقديم الواجب هذا يحفر والأخر يحمل الأحجار والأقرباء حاملين للجثمان يريدون دفنه بأسرع وقت لان ديننا يقول بان الميت الصالح يريد لدخول للقبر بسرعة والفاسق يريدها مطوله
أنها الزيارة الأولى للمقبرة لذلك لا بد من استغلالها والتعرف علي مكاننا الأخير فرحت أجول بناظري بكل مكان
قطعت جولتي التعارفيه تواضعا لجلاله الموت وهيبته فكل الناس تفكر به وتخشاه
فلكل رجل هنا قصته مع الموت وبما أن هذا يوم أبو احمد فله النصيب الأكبر من تفكير هؤلاء كأن أبو احمد يتحدث مع كل واحد منهم باستثنائي أنا طبعا فقد كنت مشغولا بمراقبه صديقه في ألغربه والوطن استرق السمع لتنهداته التي تخرج رغما عنه وأفتش عن دموعه التي يخفيها بنظارته الكبيرة ، وما أن تتجاوز أي دمعه حدودها يسحقها بمنديله 0 أحسست أن هذا الرجل يمارس حربا خاصة به مع دموعه واضعا لها قوانين استمدها من تجربته في حروب البقاء في لبنان فالسحق بالمنديل لكل دمعه تتخطى حدودها المرسوم لها
يبدو أن صراع الرجل مع دموعه قد أخذني ولم اشعر بالوقت ، إذ بدأ الناس الخاشعين لجلاله الموت بالخروج في صمت, وانضممت للمسيرة وما أن تخطينا حدود المقبرة حتى بدأت الأصوات تتعالى والصراعات الدنيوية والحياتية تطفو من جديد ويتلاشى السكون والخشوع ، ثلاث رجال لم يصبروا حتى يصلوا للمقهى فجلسوا يتحدثوا عن العمل والنقود ، وآخرين يفصلون بين اثنين من المشيعين تشاجرا كأنهم لم يكونوا قبل دقائق يرتجفون لعظمه الموقف ودموعهم من خشيه الموت تود السقوط 0
فحملت نفسي وأفكاري وما رأيت من صور ورسمتها لكم على هذه أللوحه وحال نفسي يقول الشكر لله على نعمه النسيان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب