الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة الوطنية.. وثقافة الوطن الغنيمة..!

سليم يونس الزريعي

2024 / 7 / 29
القضية الفلسطينية


مر أسبوع على إعلان الوحدة الوطنية الذي وقعته فتح وحماس وبقية الفصائل في بكين، ومع ذلك لا توجد حتى الآن أي إشارة إيجابية عن قرب بدء ترجمة ذلك الاتفاق إلى خطوات عملية تعيد الوحدة بين القطاع والضفة التي سبق أن قصمت حركة حماس ظهرها عام 2007، عندما صفت وجود السلطة الوطنية الفلسطينية التي هي فتح من غزة من أجل إقامة نموذجها الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي، في ظل استمرار حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني منذ 7 أكتوبر العام الماضي على أهل غزة.
إن عدم ظهور ما يشير، لأي خطوة عملية بهذا الاتجاه حتى الآن، في ظل أن الوقت من دم جراء مجازر غزة اليومية وحالة الاشتباك اليومي وتغول الجيش الصهيوني وقطعان المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، من شأنه أن يبدد تفاؤل بعض من أحسنوا الظن بطرفي الانقسام، ارتباطا بقراءتهم للواقع الفلسطيني الدامي، المحمل بجملة من المتغيرات التي أعقبت طوفان حماس، ومكنة عودة سمسار العقارات الرئيس السابق دونالد ترامب بكل صلفه وعنجهية وحتى حماقاته وموقفه المعادي للشعب الفلسطيني للبيت الأبيض، على قاعدة ان المعطيات الراهنة تختلف كليا عن المعطيات التي واكبت اتفاقيات الوحدة السابقة الفاشلة، بدءا من اتفاق مكة حتى العلمين والجزائر وما بينهما، الذي ربما يكون حافزا على بلورة إرادة مشتركة للطرفين لطي سنوات الانقسام كون ذلك بامتياز مصلحة لهما قبل غيرهم .
ذلك أنه لا يمكن لعاقل ارتباطا بالوضعين الذاتي والموضوعي أن يتصور فشل مسعى الوحدة في ظل كل هذه الظروف المجافية للتنظيمين، كون الوحدة في هذه اللحظات مصلحة لفتح وإلى حماس، لأن شرط السلامة الشخصي بالمعنى السياسي والتنظيمي لهما هو من خلال بناء الوحدة التي من شأنها أن تخفف إن لم يكن تمنع استهدافهما كسلطات حكم أو أحزاب على قاعدة ان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة لا يخفيان موقفهما من أنه لا مكان لهما في مستقبل غزة، كون تلك القوى المعادية وفق المعطيات على الأرض تقول أنهما هما اللاعبان الأساسيان موضوعيا في محاولة هندسة ليس. مستقبل غزة فقط بل والقضية الفلسطينية راهنا، هذا بالطبع إذا ما تركنا المكابرة والادعاء جانبا، ارتباطا بالحملة العسكرية التي نفذها الكيان الصهيوني بدعم أمريكي وسيطرة الكيان على كل قطاع غزة بوجود عسكري مباشر.
وبقدر ما يثير من حيث المبدأ فشل محاولات الوحدة على كثرتها حالة غضب لدى المواطن الفلسطيني الذي يحصد نتائج هذا الانقسام الذي جلب الخراب بالمعنى السياسي والعملي للشعب الفلسطيني، مع كل هذا الدمار والقتل الذي طال غزة وحتى الضفة، فإنه في ظل المعطيات الراهنة من محرقة غزة، يستفز ذلك السؤال الحارق الذي يقول؛ هل هذين التنظيمين يتمتعان حقا بأهلية أن يكونا رأس المشهد الفلسطيني وفي مركز القيادة؟
ويصبح المشهد يدعو للرثاء عندما نرى كلا منهما ينظر للوحدة باعتارها نظريا الضرورة، ويتهم الآخر بأنه السبب في غيابها، في حين أن أي وحدة عنوانها الوطن بحاجة إلى أن يتنازل كل طرف عن سعيه إعلاء مصلحة حزبه على حساب الوطن ، لأن الوطن هنا هو الحزب الأولى بالاهتمام.
إن فاجعة الانقسام الممتدة منذ أربعة عشر عاما تكشف غياب الصدقية والنزاهة بجانبيها الفكري والسياسي لدى الطرفين في موضوع الوحدة، سيما وأن المؤشرات حول مساعي الوصاية على الحالة الفلسطينية في غزة باتت أمرا جديا.
وإنه ليبدو مفارقا بامتياز عندما نسمع كلا منهما ينادي بالوحدة وتغليب المصلحة العامة على الحزبية لكن على أن تكون من جيب الآخر، في ظل حالة مرضية من تعظيم الذات الحزبية، لنكون أمام حالة فريدة من السلوك والثقافة السياسية التي تجعل من الحزب الخاص به هو الهدف، أي الحزب الوطن وربما لدى البعض الحزب الأمه عوض أن يكون الوطن هو الحزب، على قاعدة أن أي حزب أو تنظيم هو وسيلة وأداة في خدمة الوطن من حيث المبدأ، فكيف الحال إذا كان الموضوع يتعلق بتحرير الوطن المحتل من وجود استعماري كولنيالي لم يشهد له التاريخ مثيلا من قبل، كونه قام على أساس مفهوم النفي للكل الفلسطيني؟
ولكن للأسف تخبرنا تجربة فشل المحاولات السابقة للوحدة في أنها تنطلق من ذهنية حلقية ضيقة تعلي مصالحها وحزبها على المصلحة العامة أي مصلحة الوطن دافعها في ذلك هو الشبق السلطوي وصولا لما يسمى التمكين، وإن عز التمكين لا بأس أن تكون المحاصصة ضمن مفهوم وثقافة أن الوطن غنيمة. السؤال أين القوى الأخرى التي كان عليها أن تبلور قطبا ثالثا ينهي هذه الثنائية من أجل إعادة التوازن للمشهد الفلسطيني بعيدا عن هذا الاستقطاب بين حماس وفتح؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هاريس ُتحرج ترامب بنشر تقرير محدث عن قدراتها العقلية والنفسي


.. حدث فلكي نادر.. مذنب يعود بعد 80 ألف عام




.. من يحرّك قوات اليونيفل في لبنان؟


.. لماذا انتفضت دول أوروبية في وجه إسرائيل بعد قصفها اليونيفيل؟




.. مراسل الجزيرة: الطائرات المسيرة الإسرائيلية تطلق النار على