الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقييم الاتفاق الموقع بين فتح وحماس في الصين

بشار عمرو

2024 / 7 / 30
القضية الفلسطينية


يحتاج الباحث في تقييم الاتفاق الموقع بين فتح وحماس في الصين
إلى تحديد خمسة أطراف لها علاقة بذلك. وهي الصين، الولايات المتحدة، أوروبا، وحركة فتح، وحركة حماس.
وأقوم من خلال مقالات في الأيام المقبلة بمعرفة تأثير الحدث على هذه الأطراف وتقييمهم له.
قبل أن تتعهد الصين بالدعوة إلى الحوار كانت الأنباء تتحدث في الشهرين الماضيين عن مدى قوة الدبلوماسية الصينية.
وفي الأخبار المتداولة آنذاك أن الصين تقدمت في هذا المجال فعليا بفارق ضئيل عن الولايات المتحدة.
يشير التقرير الصادر عن معهد لوي (Lowy)، وهو مؤسسة بحثية مستقلة تتخذ من مدينة سيدني مقرا لها إلى ذلك، فإنه يدلل على المساعي التي تبذلها بكين لتوسيع رقعة نفوذها الدولي وسط ازدياد حدة التنافس الجيوسياسي بينها وبين واشنطن.
وتفوقت الصين دبلوماسيا على الولايات المتحدة، بحسب التقرير، في أفريقيا والشرق الأوسط وجزر الباسيفيك وآسيا الوسطى، في حين احتفظت الولايات المتحدة بالصدارة في أوروبا وأمريكا الشمالية والوسطى وجنوب آسيا، وتعادلت الدولتان في أمريكا الجنوبية.
ويعتمد المؤشر في تصنيفة للقوة الدبلوماسية لنحو 66 دولة على عدد وحجم البعثات الدبلوماسية لكل منها في مختلف أنحاء العالم.

"شراكات استراتيجية"
في كتابه "الدبلوماسية: النظرية والتطبيق" يصف جي.آر. بيريدج الدبلوماسية بأنها "نشاط سياسي بالأساس، وإذا ما توافرت لها المصادر الجيدة والمهارة، فإنها تعتبر مكونا أساسيا من مكونات النفوذ. هدفها الرئيسي هو تمكين الدول من تحقيق أهداف سياساتها الخارجية بدون اللجوء إلى القوة أو الدعاية أو القانون. وتحقق ذلك بالأساس من خلال التواصل بين مسؤولين سياسيين محترفين".
ولدى الصين حاليا شبكة معقدة من العلاقات الدبلوماسية التي تصنفها على أنها "شراكات استراتيجية" تطورت وتوسعت عبر السنين. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تحدث وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن أهداف بلاده الدبلوماسية لهذا العام، قائلا إن بكين سوف تظل ملتزمة بالعمل على توسيع "شبكة شراكاتها الدولية"، وإنها تؤيد بناء عالم متعدد الأقطاب، وتدعم "المساواة بين كافة البلدان".
والملاحظ أن الصين لا تسعى على ما يبدو للدخول في تحالفات تقليدية، بل تفضل توصيف علاقاتها بالدول بأنها "شراكات" الهدف منها "التنسيق" والدعم المتبادل للمصالح الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية من دون أن يكون هناك التزامات شبيهة بتلك التي تنطوي عليها تحالفات مثل تحالف الناتو على سبيل المثال، وهو ما يمنحها هامشا للمناورة ويسمح بتغيير طبيعة العلاقات بينها وبين الدول الأخرى مستقبلا.
وربما كان الاستثناء الوحيد هو كوريا الشمالية التي تعتبر الحليف الرسمي الوحيد للصين. ففي عام 1961، وقعت الدولتان "معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة" والتي قرر زعيما البلدين تجديدها في عام 2021 في ذكرى مرور 60 عاما على توقيعها.
وهناك قائمة طويلة من البلدان التي تربط الصين بها علاقات توصف بأنها "شراكات تعاون استراتيجية" أو "شراكات استراتيجية شاملة" تضم العديد من بلدان العالم مثل روسيا وباكستان وكينيا والكونغو وإثيوبيا وكمبوديا وسريلانكا والجزائر ومصر والأرجنتين وإيران وإيطاليا وبولندا.

ما أهمية الدبلوماسية للصين؟
وتعتبر الدبلوماسية ذات أهمية كبيرة لبكين ضمن مساعيها لتصبح قوة عظمى، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، ولكن على الصعيد السياسي الدولي أيضا. وفضلا عن كون الدبلوماسية وسيلة للتواصل والتفاعل مع الدول الأجنبية، تقول البروفيسورة نوردين إنها أيضا "ترسل إشارة إلى الشعب الصيني تخبره بأن بلاده، في ظل قيادة الحزب الشيوعي، لديها الكثير من الأصدقاء، وتحظى بتقدير الآخرين، وتسعى إلى خدمة المصالح الصينية بنشاط في مختلف أنحاء العالم".
وتضيف نوردين أن "الشعب الصيني هو الجمهور الأكثر أهمية للنشاط الدبلوماسي الصيني. كما أن كبر حجم النشاط الدبلوماسي يبعث برسالة إلى الشعب مفادها أن الصين متمسكة بالحلول والعلاقات السلمية أكثر من الولايات المتحدة".
ويمكن القول بأن الوساطة الصينية بين إيران والسعودية والتي كللت باستئناف البلدين علاقاتهما الدبلوماسية العام الماضي بعد قطيعة استمرت سنوات تعتبر انتصارا كبيرا للدبلوماسية الصينية. كما يرى مراقبون أنها إشارة إلى بدء حقبة جديدة لدور صيني دبلوماسي متنامٍ.
وكان من اللافت أيضا حرص الصين على لعب دور في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين في أعقاب اندلاع حرب غزة الأخيرة، حيث استضافت مسؤولين عرباً و مسلمين لمناقشة الوضع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كما تحدثت تقارير عن طلب الولايات المتحدة من بكين حث إيران على التهدئة. وسعت بكين كذلك إلى لعب دور الوسيط بين موسكو وكييف في الحرب الأوكرانية، حيث أعلنت عن خطة مكونة من 12 نقطة تهدف إلى تحقيق "الاستقرار السياسي".
وتبدو الصين على استعداد للعمل مع أي دولة طالما أن هناك فائدة مشتركة يمكن تحقيقها - ويتجلى ذلك من القائمة الطويلة للبلدان التي تربطها بها شراكة. فالصين تتحاور مع إيران وإسرائيل والقادة الفلسطينيين، ومع روسيا التي تربطها بها علاقة قوية وكذلك مع أوكرانيا، ومع السعودية وجماعة أنصار الحوثيين في اليمن. ويختلف ذلك عن نهج الدبلوماسية الأمريكية التي ترفض التحاور مع بعض البلدان مثل سوريا وكوبا وفنزويلا، وهو أمر يؤيده بعض المراقبين الأمريكيين ويرون فيه تأكيدا على القوة الأمريكية، في حين يقول آخرون إنه يحرم واشنطن من توسيع نطاق نفوذها.
تقول البروفيسورة نوردين: "أظن أن الدبلوماسية الصينية لا تجد غضاضة في التواصل والتفاعل مع أي دولة تعترف بها، ولكن عادة ما يتم تجميد العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي تسير في اتجاه معاكس لمصالح الحزب الشيوعي الصيني. ربما كلتا الدولتين تركز على أن تكون صورتها جيدة أمام جمهورها بالداخل – فقطع العلاقات مع الدول ‘السيئة’ قد يعتبر وسيلة لكسب قطاع عريض من الرأي العام الأمريكي، مقارنة بالشعب الصيني الذي يهتم أكثر بكون جمهورية الصين البلد ذا أكبر عدد من العلاقات".
في مقابلة مع DW، قال بيورن ألبيرمان، رئيس قسم الدراسات الصينية المعاصرة في جامعة فورتسبورغ الألمانية، إنه من المؤكد أن الصين "تنظر إلى الأمور بواقعية وتدرك أن العداء الذي يشوب العلاقة بين الحركتين يمتد لسنوات عديدة، ما يعني أن المصالحة الشاملة بين فتح وحماس لا يمكن أن تحقق بين عشية وضحاها".
وعزا ألبيرمان ذلك إلى "عوامل أيديولوجية وسياسية"، مضيفا "أعتقد أنه في حالة انخراط فتح وحماس في تفاوض مباشر على نحو حضاري فإن هذا سيمثل نجاحا للصين". وتابع بأن أي تقدم ملموس في ملف المصالحة بين الحركتين سوف يشكل "انتصارا دبلوماسيا كبيراً للصين التي تسعى لأن تكون وسيط سلام دولي بديل للولايات المتحدة."
وترى بوني غلاسر، المديرة التنفيذية لبرنامج المحيطين الهندي والهادئ في صندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة، أن الصين "تصور نفسها وكأنها صانعة للسلام في مواجهة ما تزعمه من دور أمريكي مزعزع للاستقرار". وأضافت في مقابلة مع DW أن "هذا يمثل هدفا ذا أولوية للصين التي لا تتوقع تحقيق أي انفراج".

الصين.. علاقات تعود لعقود مع الشرق الأوسط
وشهدت السنوات الأخيرة، انخراطا صينيا دبلوماسيا كبيرا في الشرق الأوسط، خاصة جهود وساطتها بين السعودية وإيران التي تكللت باجتماع بين وزيري خارجية البلدين في أبريل / نيسان العام الماضي في بكين لأول مرة منذ سبع سنوات.
وقبل أشهر من هجوم حماس في أكتوبر / تشرين الأول الماضي، حثت الخارجية الصينية إسرائيل على استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين على "أساس حل الدولتين".
وتتمتع الصين بتاريخ طويل في دعم الدول العربية؛ إذ خلال الحرب الباردة، أعلنت بكين تضامنها مع الدول العربية بتصويتها عدة مرات ضد إسرائيل في الأمم المتحدة. يُشار إلى أن الصين وإسرائيل لم تقيما علاقات دبلوماسية رسميا إلا في عام 1992. ومنذ ذلك الحين، تنظر الصين إلى إسرائيل باعتبارها شريكا تجاريا في المقام الأول.
وفي تعليقه على دورها في الصراع بالشرق الأوسط، قال الخبير في الشأن الصيني ألبيرمان إن بكين "ليست وسيطا محايدا على الإطلاق، لأنها تصطف إلى جانب الفلسطينيين". وأضاف أن "الحكومة الصينية بشكل تقليدي تقف إلى جانب الطرف المضطهد في مثل هذه الصراعات". مشيرا إلى أن الصين أقدمت خلال السنوات الأخيرة على توثيق علاقتها مع الفلسطينيين. وقال "أرى أن ذلك يأتي في إطار مساعي الصين إلى تعزيز تواجدها في الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام كبديل للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل تعذر إقرار ميزانية 2025.. فرنسا تلجأ إلى -قانون خاص- •


.. هل تنجح المعارضة بطمأنة المجتمع الدولي لقيادة مرحلة إنتقالية




.. غارات إسرائيلية عنيفة على قطاع غزة تقتل عشرات الفلسطينيين


.. سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان




.. لماذا تحركت إسرائيل في سوريا بعد سقوط الأسد؟