الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية عبد الكريم سروش في نزول القرأن

سلمان رشيد محمد الهلالي

2024 / 7 / 31
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر عام 2021 النسخة العربية لكتاب المفكر الايراني التنويري عبد الكريم سروش (كلام محمد رؤى محمد) وترجمة احمد الكناني . وفيه عرض رؤية مبتكرة للقران - او لوصول القران الينا – يعتقد فيها بانه رؤيا او الهام من قبل النبي محمد , او نتاج مباشر لتجربته الدينية والمعرفية , الا انها بالاخير ايضا نتاج غير مباشر من الله . وهذه الرؤية تختلف عن الاراء الثلاث السابقة حول القران . فقد كانت هناك ثلاث اراء حول القران وكيفية نزوله وهى :
الاول : وتعتقد ان هذا القران كله من الله (المعاني والالفاظ) وان النبي محمد مجرد ناقل لتلك السور والايات عن طريق الوحي , وهذا الوحي هو ملاك اسمه بحسب السرديات الاسلامية (جبرائيل) . وهذا الراي هو محل اجماع المسلمين التقليديين حاليا (الشيعة والسنة) بعلمائهم وعامتهم . قال العلامة الطباطبائي (ان الفاظ القران نازلة من عند الله , كما ان معانيها نازلة من عنده) .
الثاني : وهى اراء الملحدين والمستشرقين وتعتقد ان هذا القران كله من محمد (ولا تقول النبي) وهو من تاليفه واختراعه , وانه ادعى النبوة لغرض الزعامة والسيطرة والحكم على العرب . ومن الطبيعي ان يكون راي هذا الملحدين , فهم لايعتقدون بالله او النبوة والمعاد والروح واليوم الاخر وغيرها من الامور الغيبية . وتتلخص اراءهم حول القران بانه غير الهي المنشأ , بل هو بشري بالمطلق , وانه يقدم خطابا اسطوريا (اسماها ادونيس الاساطير الشرعية) ومعلوماته متناقضة وغير دقيقة وغيرها من الاراء .
الثالث : وهى اراء التنويريين والعقلانيين الاسلاميين وجمعت بين الرأيين السابقين . فهى تعتقد ان معاني القران من الله وتصل للنبي محمد من خلال الوحي كاطار عام , الا ان الالفاظ والكلمات والصياغة اللغوية من النبي محمد . ويطلق على هذا الراي (تاريخانية القران) .
الا ان هناك من يقول بان القران نزل باللوح المحفوظ من الله , وان جبرائيل هو من صاغ تلك الالفاظ والكلمات بالعربية . فيما اعتقد غيرهم ان جبرئيل نزل المعاني للنبي محمد الذي صاغها باسلوبه والفاظه . قال السمرقندي (ان جبرئيل نزل على النبي بالمعاني خاصة , واستند على الاية القرانية (نزل به الروح الامين على قلبك) (سورة الشعراء) . قال الزركشي في كتاب (البرهان في علوم القران) (ان القران عرض والعرض لاينسب اليه تعالى , وانما الى المعروض , وليس هذا بالكلام الالهي وانما هو كلام النبي) . كما اعتمد هذا الراي الماتريدي ونصر حامد ابو زيد وولي الله دهلوي وغيرهم . وهذا الراي لم يطرح بطرا , وانما اريد به التوافق بين الوحي من الله وبين ثقافة الجزيرة العربية في ايات القران واحوال النبي التاريخية والشخصية , فمثلا ذكرت الاية (افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت) والابل كما نعلم منتشرة في صحراء الجزيرة , فيما اذا كان النبي محمد في السويد , فربما قالت الاية (افلا ينظرون الى الفقمة كيف خلقت) . وان جذور هذا الراي في قضية خلق القران عند المعتزلة وبشكل ضمني .
واما المفكر الايراني عبد الكريم سروش الذي تاثر به الكثير من العراقيون من امثال السيد كمال الحيدري والسيد احمد القبانجي , فقد جاء الينا برؤية جديدة تختلف عن الاراء الثلاث السابقة , (رغم انها تقارب الراي الثالث نسبيا) ذكرها في كتابه (بسط التجربة النبوية) وعززها في كتابه (كلام محمد رؤى محمد) وهى (ان الوحي هو الالهام , وهو ذات التجربة التي يمتلكها الشعراء والعرفاء , نعم هى بمرتبة اسمى عند الانبياء , وكما قال احد الفلاسفة المسلمين (ان الوحي هو مرتبة عالية من الشعر) وان حال النبي كحال الشاعر يحمل احساسا , وان هناك قوة خارجة عنه تمتلكه , احساس اسمى وارقى مما هو عليه حال الشاعر – والهام النبي نابع من ذاته , وان شخصية النبي محمد البشرية والتاريخية تتجلى في جميع مواضيع القران) .
واكد سروش ايضا (ان علماء القرون الوسطى لم يظهروا تلك الاراء بشكل ظاهر , وانما من خلال خطابات متراكمة او بين السطور , وذلك لصعوبة هضم الفكرة من قبل الناس . وعبر عن ذلك العارف المولوي بان شخصية النبي وتغير احواله واوقاته الجيدة والسيئة كل ذلك منعكس في القران , حتى انه قال ان تعدد الزوجات في القران جاء نتيجة عشق النبي محمد للنساء) .
وقال سروش ايضا في معرض رده على اية الله جعفر سبحاني (عندما نقول ان القران كلام محمد هو بالضبط كقولنا ان القران معجزة محمد , كلا الاثنين بمقياس واحد وينتسبون الى الله , وتاكيد احدهما لاينفي الاخر , وهو حاصل بعلم الله وارادته , ولهذا كلنا نعرف بان الكرز هو فاكهة شجرة الكرز , فهل يجب علينا ان نقول ان الله هو الذي يعطي الكرز حتى نكون موحدين ؟؟)
وقال ايضا بان (القول ان القران هو نتاج الكشف النبوي لمحمد بن عبد الله , لايعني بانه كشفا جزافا , او ان له الحق في التغيير , او تنزل عليه الايات متى يشاء , وانما تاتي ضمن مقدمات وسياق الهامي معين) .
واكد المفكر سروش (ان النص القراني هو اقرب الى لغة الرؤى والاحلام منه الى لغة اليقظة , والنبي راو لمشاهد ومناظر كان قد راها حقيقة في الرؤيا . فمشاهد القيامة مثلا كان قد راها بالفعل ونقلها الينا ليشاركنا تجربته القدسية , وهى مثل التجارب التي يمر بها العرفاء والمتصوفة , ولكنها اكثر عمقا . ان النبي لشدة قربه من الله صار الهيا فيما يقوله ويفعله) .
واخيرا قال سروش (لقد حصلت على ايماني من العرفاء وليس من الفقهاء , ولذا لااخشى على نفسي وايماني) .
واعتقد ان رأي سروش يتميز بالغموض والضبابية والتكلف , فضلا عن التكلف , فقوله هذا يحيلنا الى راي ان قصائد الشعراء هى ايضا من الله بصورة غير مباشرة , بل ان جميع اعمال البشر هى ايضا من الله بصورة غير مباشرة , وهذا يحيلنا لمذهب الجبر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل القنبلة النووية بخطوة.. -معلومة ذهبية- أشعلت المواجهة بي


.. لقطات ترصد لحظة تصدي إيران لصواريخ إسرائيلية في سماء طهران




.. 52 شهيدا في قصف إسرائيلي على مناطق عدة في القطاع بينهم 17 من


.. ترمب يرفض الإجابة عن سؤال حول -طلبه من إسرائيل وقف الحرب على




.. مشاهد تظهر مقتنيات مقر خلية تابعة للموساد