الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثقافتنا بين القدامة والحداثة
صبري فوزي أبوحسين
2024 / 8 / 1الادب والفن

هذا العنوان يدل على حالتنا الحضارية المضطربة، ويستدعي الوقوف بصدق أمام هذه الأسئلة:
من نحن؟
هل نحن أصلاء أو غرباء؟ قُدَماء أو حُدَثاء؟
هل نحن ذوو هوية وثوابت في هذا الزمان؟
أين نحن من الآخر؟
ما هويتنا؟
ما ثوابتنا؟
ما حدود تعاملنا مع الآخر؟
هل إنتاجنا الثقافي العربي بخير ويؤدي في رسالته الفكرية والثقافية على أحسن ما يُرام، أو أنه يعيش أزمة تتعدّى قضية الحديث عن جدواه وفعاليته إلى الحديث عن أصالته واغترابه عن جذوره وتراثه؟
وهل تحوّل الأخذ عن الغرب في المجال الفكري والثقافي، في سياق الحدود الطبيعية في التكامل بين الثقافات والحضارات الإنسانية، إلى حالة من "الهوس" الذي أحدث قطيعة مع الأصالة والتراث وحتى الواقع الراهن؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة نقول: نحن عرب ومسلمون. أصالتنا في عروبتنا وإسلامنا، في التزامنا بسيما العروبة والإسلام في قلبنا وعقلنا ولساننا وقلمنا ومجريات حياتنا. فمن راعى ذلك كان من الأصلاء، ومن خالف ذلك وانحرف عنه كان من المتفرنجين المتغربين، ليس تعاملنا مع الآخر قائمًا على الانغلاق التام في الماضي وهو ما أسميه(القَدامة)، أو على الانسحاق التام في الغرب وهو ما يسمى(الحداثة) أو (التغريب). أما السؤال عن حالة إنتاجنا الثقافي فإجابته تستعصي على باحث واحد في مقالة موجزة كهذه، ولكن أستدعي في الإجابة عنها قول الدكتور زكي نجيب محمود: إن الحياة الثقافية عندنا عقيمة..وإننا ما زلنا نعيش فكريا على أصداء النهضة الأدبية التي كانت في العشرينيات، وما زلنا نسير في النقد الأدبي على ضوء العقاد وطه حسين، وعندما نذكر المدارس النقدية مثلا نجد في مقدمتها المدرسة النفسية التي أوجدها العقاد، والمدرسة الاجتماعية التي ـأوجدها طه حسين"، نعم لقد استوردنا الأفكار والمناهج وحتى تقنيات التعبير الغربية وكأننا "يتامى التاريخ"، واستغرقنا في إبداع عوالم أخرى لا تنتمي إلينا. وصرنا كما قال الشاعر:
إن شرَّقوا فالشرق أقدس قِبْلةٍ أو غرّبوا فالغرب نعم الموضعُ
يـجــري مع التـيار يعـرف طبْعَه وعلى لحــون العازفين يُوَقِّعُ
يمضي إِلى المأوى الحرام مُلَبِّيًا
و يَؤُمُّ حانات المساء ويكرَعُ
وهذا الأمر-لا ريب - من مظاهر التزوير في الفكر والأدب العربيينِ! لكن حساب درجته في وطننا العربي وأمتنا الإسلامية لا يمكن الوصول فيها إلى حكم نهائي مقبول عقلا ومنطقًا. إنه طرح فيه درجة من التّهويل، فما زال في الأمة الآن علماء أصلاء، محافظون على عروبتهم وأصالتهم، ويكاد يوجد في كل قطر عربي جامعة أو كلية أو معهد أو مجمع، يمثل الأصالة العربية والإسلامية.
وكوني أنتمي إلى جامعة الأزهر يجعلني أحافظ دائمًا على هويتنا العربية والإسلامية، وآخذ بهذه الهوية وهذه الثوابت في كل ما أكتبه من مقالات وأبحاث، وكل ما ألقيه من محاضرات وخطب، وفي متابعة الإبداعات الفكرية والأدبية والثقافية الماضية والآنية!
إننا في معضلة التعامل الفكري والأدبي مع التراث والثقافة لا يمكن أن نعتمد على (القَدامة) فقط، ولا على(الحداثة) فقط، ولكن على (الحداثة العربية الراشدة) أو كما يقرر العلامة سعد مصلوح على: (أصالة عربية معاصرة)! وقد قلت في بحثي(نقد النقد في كتاب خداع المرايا للدكتور عيد بلبع): إن ثنائية التراث والحداثة تكاد تكون حاضرة في كل عقل عربي منذ مطلع العصر الحديث، وهو حضور جدلي، مر النقد الأدبي الحديث في حضارتنا العربية بطورين اثنين: طور النقد الأدبي الكلاسيكي (التقليدي)، وطور النقد الأدبي الرومانتيكي (التجديدي)، وحدث بعدهما ما يعرف بمرحلة الحداثة(modernism) ثم ما بعدها! وهو في ذلك التطور متابع أو تابع لحركة النقد الأدبي العالمي! وقد تعددت المواقف من هذه الثنائية بين: (فريق أول يمثل القُدامى) محافظ على التراث، يعمل على إحيائه ويدعو إلى الحياة به، وينقم على الحداثة ويرفض كل وافد غاز! و(فريق ثان يمثل الجُدادى): داعية للحداثة، ناقل إياها، مقاطع للتراث، ويراها سبب ضعفنا ورجعيتنا!. و(فريق ثالث يمثل الوسطيين المغربلين): يمثل الرؤية الوسطية التوفيقية أو التلقيفية: تأخذ من التراث ما يناسب العصر ويفيده، وتأخذ من الحداثة ما يناسب هويتنا وأيدلوجيتنا!
لسنا في صراع مع أحد، ولا نريد الصراع مع أحد، ولكننا أمة الحوار، نحرص على هويتنا وثوابتنا وتراثنا، ننطلق من ذلك بعقل واع مبدع؛ لنحاور كل جديد وافد، ونعلن عن حضورنا وأثرنا الفاعل المنتج! نعم لأصالة عربية حديثة بانية مضيفة! ليست الحداثة شرًّا مطلقًا، وليست القدامة خيرًا مطلقًا، ولكن الوسطية في الفكر والقدرة على إعمال العقل وعلى الغربلة والانتخاب، هي الأساس وهي المرجع، وهي الوسيلة إلى طريق مستقيم، وإنجاز(الأصالة العربية المعاصرة) و(الحداثة العربية الراشدة)..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أحمد فهمي أحمد وأحمد فيلم صعب جداً وحتى المنتج والمؤلف اسمهم

.. باسم سمرة يوجه رسالة لفهمي والسقا بعد «أحمد وأحمد»: الفيلم م

.. كريمة منصور: الرقص مفيد في التمثيل ولا أحب عمليات التجميل

.. بعد الفوز على مانشستر سيتي.. شاهد توقعات الناقد الرياضي عاطف

.. كلمة أخيرة - لميس الحديدي : أنغام عندها حق.. بلاش تقارنوا ال
