الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهاك حقوق الطفل في العراق... واختلال البنية المجتمعية - 3

علي وتوت

2006 / 12 / 19
حقوق الاطفال والشبيبة


وقد يستغرب البعض أن استعمال العنف والقسوة مع الطفل بعمر (4-12) سنة، ولكننا جميعاً نعرف بأن المدارس الابتدائية العراقية والعربية بعامة تتعامل بالضرب مع الأطفال الذين يرتادونها وهم في السادسة من عمرهم، كما أن عدداً من الأسر العراقية (وحتى العربية بشكلٍ عام) قد تستخدم العنف، وبقسوةٍ شديدة بض الأحيان (الضرب بشدة وفي أماكن خطرة كالرأس أو الظهر على سبيل المثال) للتعامل مع تصرفات أطفالهم الذين تقل أعمارهم حتى عن الثلاث سنوات. (وما ينقص الباحثين في هذا المجال هو الإحصائيات التي يمكن أن تدلل على مدى شيوع هذه الحالات، والمعروف أننا أقل المجتمعات قبولاً لإعطاء معلومات حول حياتنا الاجتماعية المنزلية لكوننا نؤمن بشدة بالخصوصية أو الستر كما تصف ذلك المنظومة القيمية، ولذلك لا تجد إحصائيات حول العنف المنزلي الذي تتعرض له النساء أو الأطفال، مثلما لا تجد إحصائيات أو استبيانات عن الثقافة الجنسية التي لاشك أنها تشكل أحد الأعمدة التي تنخر في بنية المجتمع العراقي والعربي، فهي تشكل انجراحاً آخر في الذات العربية وفصلاً آخر مما هو مسكوت عنه).
ثانياً : الظروف الاستثنائية التي يعيشها المجتمع في العراق مما يزيد من انتهاكات حقوق الطفل في العراق
إذا كان سمات الشخصية العائدة من حرب واحدة تتمثل بالعبثية والقدرية والمزاج السوداوي الحزين، فكيف يمكن أن تكون سمات الذين أصبحت الحروب هي كل حياتهم. فخلال الـ (26) عام الماضية مر أفراد المجتمع في العراق بثلاثة حروب كبرى، وقد توسط الحربين الأخيرين حصار اقتصادي وسياسي عالمي ضد العراقيين استمر طوال أكثر من ثلاث عشر عاماً، وأكل الأخضر واليابس.
بكل هذه المآسي سار العراقيون نحو القرن الحادي والعشرين، فانقطعوا عن التواصل مع العالم اقتصادياً وتقانياً، والأهم من ذلك كله ثقافياً (إذ ظل العراقيون لسنوات طويلة مثلاً محرومين من رؤية موديلات حديثة من السيارات أو تقنيات حديثة كالهاتف الخلوي أو أجهزة الساتلايت أو الأجهزة الكهربائية في سنوات الحصار المرعبة، التي كان الطعام فيها شحيحاً ومبالغاً بارتفاع أسعاره، فما بالك بالأدوات والتقنيات). وإذا ما كانت حصة البالغين من هذه المآسي ما لا يتحمله أي فرد في أي مكان آخر، فإن حصة الطفل العراقي من مآسي هذه الحروب كان كبيرةً بحيث أن آثارها لن تزول حتى بعد عقود طويلة. إذ وبفعل دوامة العنف اليومي التي عاشها (ولا يزال يعيشها) أفراد المجتمع في العراق، يفقد الكثير من الأطفال العراقيين حياتهم أو حياة آباءهم أو أمهاتهم أو كليهما، وبصورةٍ عامة فإن الأطفال يفقدون من يعيلهم.. وبذا تنفتح بوابة المستقبل الأسود على مصراعيها بانتظار مايتهدد هؤلاء الأطفال في ظل أوضاع لا يُحسَد أي بلد عليها، فالأمن المفقود والاقتصاد المترنح والمليشيات وحركات المسلحين التي تعيث الفساد في البلاد تقدم صوراً مظلمةً عما ينتظر مستقبل الطفولة المستلبة في العراق.
فالطفل العراقي اليوم اعتاد رؤية الموت والقتل في الشارع، والحزن في البيوت، والشاش الأبيض يغطي أجساد الجرحى، فيما أصبح يتحدث هو بكل مفردات لغة العنف والقتل (أدمرك وأحطمك وأكسر أسنانك و... ما إلى ذلك من المفردات التي اعتادها العراقيون والتي تقطر عنفاً) ويغني بأغانيه (تتساوى في هذا الأغاني العاطفية وتلك التي تنتجها المليشيات والمجموعات المسلحة، والتي تطبل لثقافة العنف والموت).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة


.. مقتل عدنان البرش أحد أشهر أطباء غزة نتيجة التعذيب بسجون إسرا




.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟