الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حديث عن الصهيونية أو التصورات الخاطئة عنها
رشيد غويلب
2024 / 8 / 2القضية الفلسطينية
نشر موقع Die Freiheitsliebe (عشاق الحرية) الألماني في 21 حزيران 2024 حوارا مع بيير ستامبول، المتحدث باسم الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام. تناول فيه طبيعة الصهيونية والتصورات الخاطئة عنها. لقد احتوى الحوار على موضوعات هامة، ارتباطا بحرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة وعموم الأراضي المحتلة. وقبل عرض محتواه الحوار نقدم تعريفا مختصرا بالمتحدث.
ولد بيير ستامبول في فرنسا بعد الحرب لعائلة يهودية، ولقي الكثير من أفراد عائلة والدته حتفهم في معسكرات الاعتقال النازية. كان والده ناشطًا في المقاومة المسلحة في فرنسا النازية. وفي عام 1967، عندما كان عمره 16 عامًا، سافر إلى إسرائيل، وعاش تجربة الكيبوتس وتلمس واقع الاحتلال والمشروع الاستعماري الصهيوني، وبدأ ينأى بنفسه عنه. وقد كتب حتى الآن العديد من الكتب التي تنتقد الصهيونية. نُشر كتابه «ضد معاداة السامية ومن أجل حقوق الشعب الفلسطيني» باللغة الألمانية عن دار «بوخماخراي» في عام 2023.
الصهيونية
على عكس ما تدعيه مؤسسات البحث والاعلام التي ينفق عليها اللوبي الصهيوني المليارات في جميع أنحاء العالم لترسيخ الاعتقاد العام بأن الصهيونية هي أيديولوجية مرتبطة بتحرير «الشعب» اليهودي، الذي لا يستطيع تحقيق ذاته، إلا من خلال السيطرة على دولة خاصة به تضمن له العيش بأمان. والتحرر من الاضطهاد الذي عانى منه لعدة قرون في أوروبا المسيحية. يرى بيير ستامبول، ان الصهيونية مثلت رد فعل على معاداة السامية (التي كانت مهيمنة في أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر)، ولكنها الأسوأ على الإطلاق. إنها نظرية الفصل التي تعلن أن اليهود وغير اليهود لا يستطيعون العيش معًا، لا في بلد المنشأ ولا في الدولة اليهودية المزمع إنشاؤها. إنها رواية قومية قاتلة تدعي أن اليهود يعودون إلى وطنهم بعد ألفي عام من المنفى. في الواقع، اليهود هم أحفاد المتحولين دينيا من مناطق وعصور مختلفة، وان أحفاد اليهود القدماء هم في الأساس الفلسطينيون.
إنه نوع خاص من الاستعمار الذي لا يهدف إلى استغلال السكان الأصليين، بل إلى طردهم واستبدالهم.
إنها القومية التي اخترعت الشعب واللغة والوطن. «الشعب اليهودي» هو مصطلح ديني. لقد كان لدى مختلف شعوب الديانة اليهودية لغتها الخاصة، لكنها لم تكن عبرية. بالنسبة لليهود المتدينين، كانت «العودة» إلى الأرض المقدسة محظورة حتى مجيء المسيح، وبالنسبة لليهود العلمانيين، كانت الأولوية للتحرر في بلدانهم الاصلية.
في نهاية المطاف، اعتمدت واشتركت الصهيونية مع جميع المعادين للسامية الأوروبيين بفكرة مشتركة مفادها أن اليهود يجب أن يغادروا أوروبا. ولم يكن لهذا أي علاقة بالتحرر، وحتى عام 1940، كان مقرر أن تظل الصهاينة أقلية صغيرة (جدًا) في الديانة اليهودية. ومنذ البداية، احتوت هذه الأيديولوجية التخطيط للتطهير العرقي الذي حدث في عام 1948.
معاداة السامية
التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (المحرقة النازية) يعتمد تعريفا يساوي معاداة السامية بأي انتقاد لإسرائيل. وأصبح واضحا الآن كيف يتم استخدام هذا التعريف لقمع الحقوق الأساسية لفلسطيني للشتات، وأي معارضة ديمقراطية للمشروع الصهيوني في أوروبا وفي جميع أنحاء العالم.
هذا التعريف هو ممارسة مخزية، فمعاداة اليهودية ومعاداة السامية العنصرية والإبادة الجماعية النازية هي جرائم أوروبية. ولا علاقة للعالم العربي والفلسطينيين بهذه الجرائم. وليس لإسرائيل الحق في استخدام ذاكرة الاضطهاد. كانت المقاومة اليهودية للنازية في الأساس شيوعية أو بوندية (كان البوند حزبًا ثوريًا يهوديًا في أوروبا الشرقية حينها). قادة إسرائيل اليوم هم امتداد إلى الصهاينة «التحريفيين». وكان مؤسس هذه الحركة فلاديمير جابوتنسكي فاشيًا ومعجبًا بموسوليني. وقد تم تدريب ميليشيا البيتار التابعة له، في أواخر الثلاثينيات، في إيطاليا الفاشية. وكان والد نتنياهو سكرتير جابوتنسكي. إن أفكار وأساليب القيادة الإسرائيلية اليوم أقرب إلى الذين نفذوا الإبادة الجماعية النازية من ضحاياها. واليوم، يدعم كل اليمين المتطرف العنصري وحتى المعادي للسامية إسرائيل. ويتم تمويل بناء المستوطنات من قبل المسيحيين الصهاينة، المعادين للسامية.
ولا علاقة لانتقاد دولة استعمارية عنصرية ترتكب إبادة جماعية (إسرائيل) بمعاداة السامية.
محاولة لتغييب الوعي
يجري إسقاط مفهوم معاداة السامية الأوربي على الشرق الأوسط، في محاولة لتغييب الوعي بطبيعة المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين.
إن محاولة تجريم دعم حقوق الشعب الفلسطيني لا علاقة لها بمكافحة معاداة السامية. لقد كان الفلسطينيون دائمًا حراسًا للأماكن المقدسة للديانات السماوية الثلاث. وعاشوا في وئام جيد حتى وصول المستوطنين الصهاينة الأوائل. ومعاداة السامية هي حكاية أوروبية. وإن الدعم غير المشروط الذي يقدمه الساسة الغربيون لحكومة الإبادة الجماعية الإسرائيلية لا علاقة له بشعور الغرب بأي ذنب تجاه اليهود. الغرب يدعم إسرائيل لأنها دولته، وهي نموذج لإعادة الاستعمار. تجسد إسرائيل كيفية مراقبة وسجن وقتل السكان الذين يعتبرون خطرين. إنها عبارة عن شركة تكنولوجية ناشئة تنتج أحدث الأسلحة وتبيعها بحجة: «هذه الأسلحة ممتازة، لقد اختبرناها ضد الفلسطينيين». وتضرب إسرائيل مثالاً للقمع الشديد الناجح. إن أي مراجعة للتفكير في ماهية الاستعمار أو التفوق مفقود في سلوك الساسة الغربيين ووسائل الإعلام السائدة.
بعيدا عن التبسيط
إن الجذور التاريخية للصهيونية تعود نظريا إلى العنصرية والعدوانية القومية في القرنين التاسع عشر والعشرين. إن الصهيونية هي أيديولوجية نشأت في أوروبا وطورها الأوروبيون. كان أواخر القرن التاسع عشر هو الوقت الذي سيطرت فيه أوروبا على العالم. وبما أن تقاسم الثروة كان أمراً غير مطروح، فقد ساهم المثقفون في تطوير نظريات عنصرية من خلال اختراع مفهوم العرق.
واستنادا لذلك، كان ينبغي أن تكون الأعراق الأدنى، في المستعمرات، هي السود والهنود والعرب. وفي أوربا كانت الأعراق الأدنى اليهود والغجر. وبالمناسبة، فإن «معاداة السامية» هي مفردة العدو (صاغها الألماني فيلهلم مار، أحد المثقفين العنصريين الأوائل)، لأن الآريين أو الساميين أسطورة قاتلة.
إن القوميات التي ظهرت في أوروبا في حينها، بعد انهيار الإمبراطوريات الروسية والنمساوية والعثمانية، كانت جميعها معادية للسامية واقترحت نموذج دولة نقية عرقياً. وقادت القوميات العالم إلى الحربين العالميتين والإبادة الجماعية النازية. لقد نسخت الصهيونية هذا النموذج بالكامل، بالإضافة إلى حقيقة عدم وجود مكان في أوروبا يشكل فيه اليهود أكثر من 10 في المائة من السكان. وهكذا توازت هذه القومية مع سياسة الغزو الاستعماري. لقد كان الاستعمار في حينها، اختراعاً مهيمناً إلى حد كبير في أوروبا، لقد ولدت القومية والاستعمار الصهيوني في أوربا الامبريالية، وأدت هذه الأيديولوجية إلى الفاشية. ولكن الأوربيين أغمضوا عيونهم.
رؤية مستقبلية
قبل ظهور الصهيونية لم يكن «الشعب» الإسرائيلي موجودا، وإسرائيل نتاج تطهير عرقي متعمد. وبهذا المعنى، فإن دولة إسرائيل غير شرعية ولم تتوقف أبدا عن انتهاك القانون الدولي. لكن التطهير العرقي لا يمكن علاجه بتطهير عرقي مضاد. ما الذي ضمن بقاء البيض في جنوب افريقيا؟ نهاية الفصل العنصري أم استمراره؟ بالتأكيد اتفاقهم على إنهاء الفصل العنصري. ما الذي دفع معظم الفرنسيين واليهود الجزائريين (الذين كانوا مواطنين وليسوا مستوطنين) إلى مغادرة البلاد؟ هل لأنهم قبلوا الاستقلال وتمكنوا من إيجاد مكانهم في الجزائر المستقلة؟ لا، بل حقيقة أن فرنسا منعت الاستقلال حتى النهاية، بواسطة «الجيش السري» الذي كان منظمة فاشية ارتكبت جرائم مروعة، أدت إلى مغادرة هؤلاء. وفي السلطة الإسرائيلية يوجد رديف «الجيش السري»، وهؤلاء ليسوا مجرد أشخاص يمارسون الإبادة الجماعية. من وجهة نظر يهودية، بل أن الصهيونية حركة انتحارية تمامًا. وفي النهاية لا أحد يستطيع الاعتقاد باستمرار هذا القتل إلى الأبد. إن السبيل الوحيد للخروج من هذه الحرب هو تطبيق القانون الدولي لحل القضية الفلسطينية:
– الحرية وتعني، إنهاء الاحتلال والاستعمار، تدمير الجدار، إنهاء الحصار على قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى.
- حقوق سياسية واقتصادية متساوية لجميع سكان المنطقة، بغض النظر عن هويتهم أو أصلهم أو دينهم أو اي شيء آخر.
- العدالة: بما أن الجريمة التأسيسية هي الطرد المتعمد للفلسطينيين، فهذا يعني حق العودة للاجئين. وإدانة مجرمي الحرب أيضا.
إن الحل الوحيد هو تفعيل القانون الدولي وجعله أساس كل حل. وكل هذا يعني بطبيعة الحال نهاية الدولة اليهودية والصهيونية. ولا بديل عن «العيش معاً بحقوق متساوية»، هنا و هناك.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تقارير عن نقل صواريخ إيرانية إلى روسيا...أية عواقب؟
.. الحرب تحرم ا?طفال غزة من أبسط حقوقهم في التعليم وحماس تندد
.. أهم ما يجب معرفته عن دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل وقرارات ال
.. مشاهد متكررة للشرطة وهي تعتدي ضربا على داعمي غزة في ألمانيا
.. بعد 40 يوماً على اغتيال هنية.. إيران تعيد نشر تصريحات خامنئي