الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية في ورطة استراتيجية بعد اغتيال القائدين إسماعيل هنية وفؤاد شكر

عليان عليان

2024 / 8 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


بقلم : عليان عليان
بعد فشله في تحقيق أي هدف من أهداف الحرب الصهيوأميركية على قطاع غزة ، ومن ضمنها إنقاذ الأسرى الصهاينة بالقوة العسكرية، والقضاء على حركة حماس وبقية فصائل المقاومة ، وبعد الأزمات المركبة التي وقع فيها الكيان الصهيوني جراء معركة طوفان الأقصى ، وبعد هزيمة قوات الاحتلال في الحرب البرية في مراحلها الثلاث على مدى (300) يوم من الحرب على يد فصائل المقاومة ، لجأ نتنياهو إلى نهج الاغتيالات في عملية هروب إلى الأمام ، فكان أن نفذت استخبارات العدو بتعليمات منه، وبدعم استخباري أمريكي عمليتي اغتيال فؤاد شكر -رئيس أركان المقاومة الإسلامية في لبنان- في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
لقد أراد مجرم الحرب نتنياهو من عمليتي الاغتيال ، أن يحقق صورة نصر أمام مجتمع المستوطنين الذين يطالبونه بالاستقالة ، وقد حقق لبرهة هذه الصورة في سياق إنجاز تكتيكي لا يخدم استراتيجية الكيان في إدارة الصراع ، لكن هذه الإنجاز التكتيكي الذي أفرح مجاميع المستوطنين ،ودفعهم إلى توزيع الحلوى في الشوارع ، سيتحول بالتأكيد وفق المعطيات الحسية إلى فشل استراتيجي كبير ، يكشف حقيقة غباء نتنياهو وعدم قراءته الدقيقة لخارطة ردود فعل محور المقاومة ، التي ستصيب الكيان الصهيوني ومجاميع المستوطنين في مقتل ، وما جاء في خطاب نصر الله أفزع هذه المجاميع وأفزع المستويين السياسي والأمني في الكيان الصهيوني حين قال لهم : " افرحوا واضحكوا قليلاً وستبكون كثيرا" .
لقد أراد نتنياهو من عميلة الاغتيال تحقيق ثلاثة أهداف، (الأول) محاولة جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية، تمكنه من البقاء في سدة الحكم لأطول فترة ممكنة ، والهدف الثاني إفشال صفقة تبادل الأسرى ، لا سيما وأن القائد الرمز إسماعيل هنية هو الذي يدير ملف المفاوضات مع الوسيطين المصري والقطري بشكل مباشر ومع الجانب الأمريكي بشكل غير مباشر ، والهدف الثالث توظيف اغتيال القائدين إسماعيل هنية فؤاد شكر كإنجاز لمن يتهمونه بالإخفاق.
المعطيات على الأرض، تؤكد أن أمريكا لن تنجر إلى فخ نتنياهو في الدخول في فخ حرب إقليمية ، إذ إنها في الوقت الذي أعلنت بأنها ستدعم ( إسرائيل) بقوة في مواجهة هجوم محور المقاومة وخاصة الهجوم الصاروخي الإيراني ، لكنها لم تكشف عن استعدادها لدخول القوات الأمريكية في الحرب مباشرة ارتباطاً بعدة عوامل أبرزها:
أولاً: أن إدارة بايدن الديمقراطية لن تغامر الدخول في حرب إقليمية وهي على مسافة ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية ، قد تضرب فرص فوز مرشحة الرئاسة " كمالا هاريس" في الفوز بالانتخابات في مواجهة الرئيس الأسبق دونالد ترامب.
ثانياً : لأنها تدرك ، أن مشاركتها في الحرب ستعرض مصالحها الاستراتيجية في المنطقة للخطر ، وأن قواعدها في غرب آسيا ستتعرض لضربات صواريخ المقاومة ، ولعل ضربات المقاومة العراقية الصاروخية للقواعد الأمريكية في شرق سورية لمؤشر أولي ، تشكل أول الغيث في استهداف الوجود الأمريكي في سوريا والعراق وعموم المنطقة.
وبهذا الصدد نتوقف أمام ما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخراً لشريكه في الحرب على غزة نتنياهو "أن الولايات المتحدة ستساعد (إسرائيل) في هزيمة أي هجوم إيراني، ولكن بعد ذلك لا يتوقع المزيد من التصعيد من الجانب الإسرائيلي ،والتحرك الفوري نحو صفقة الرهائن"...وفي ذات الوقت حذر نتنياهو أيضاً من أنه إذا صعّد مرة أخرى، فلا ينبغي له الاعتماد على الولايات المتحدة لإنقاذه" في إشارة إلى عدم استعداد الولايات المتحدة للانجرار إلى حرب إقليمية تضر بمصالحها.
ورطة استراتيجية
لقد أوقع نتنياهو نفسه في ورطة استراتيجية ، جراء تهوره وعدم تقديره لموقف محور المقاومة وجاهزيته على الصعيد العسكري والسياسي ، وجراء عدم قراءته الدقيقة لموقف الإدارة الأمريكية التي ترتجف خوفاً من مسألة الحرب الإقليمية ، وجراء رهانه على الأنظمة العربية المطبعة، بأن تلعب دور حائط الصد في مواجهة صواريخ المقاومة، التي باتت معنية بتدوير الزوايا ، خشية على نفسها في حال تطورت الأمور باتجاه حرب شاملة .
كما اعتقد نتنياهو أن اغتيال القائد هنية سيضعف المقاومة الفلسطينية ، وأنه في حال اضطر للعودة للمفاوضات جراء الضغوط الأمريكية ، سيفرض على المقاومة شروط الاستسلام ، لكن معطيات المعركة على الأرض في قطاع غزة ، تؤكد أن فصائل المقاومة وجدت في استشهاد القائد هنية رافعة لتصعيد المقاومة ، حيث ضاعفت فصائل المقاومة من عملياتها المركبة والنوعية ونفذت عمليات إطلاق صواريخ من مدينة رفح التي يتبجح نتنياهو بالسيطرة عليها.
وما جاء في بيانات فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي والشعبية والديمقراطية ، يؤكد أن المقاومة لن تتأثر من عمليات الاغتيال الجبانةـ وستزداد قوة ، كما أن البيان المشترك الصادر عن اجتماع حركتي حماس والجهاد الإسلامي في ظل مرور (300) يوم على العدوان على قطاع غزة وضع النقاط على الحروف ، بتأكيده "أن جرائم الاغتيال الغادرة ضد قادة المقاومة، وفي طليعتهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والقائد الجهادي في المقاومة الإسلامية، فؤاد شكر، لن تفتّ في عضد المقاومة"..." وأن المقاومة تعاهد الله أولاً، ثم شعبها وأمتها، على القيام بواجب الدفاع عن أرضها، والذود عن المقدسات، مهما بلغت التضحيات"..." وأنّ المقاومة حق مشروع في مواجهة الاحتلال، وأنها باقية ومستمرة ما بقي الاحتلال، حتى نيل الشعب الفلسطيني كل حقوقه في التحرير، والعودة وإقامة الدولة المستقلة على كامل التراب الفلسطيني، وعاصمتها القدس"..." وأنّ ما يسميه الاحتلال والإدارة الأميركية (اليوم التالي للحرب) هو يوم فلسطيني خالص، والقرار فيه للشعب الفلسطيني، وقواه الحية ومقاومته الباسلة"
واللافت للنظر أن نتنياهو كسابقية في رئاسة حكومة العدو ، لم يستفيدوا من تجاربهم مع المقاومة ، حين اعتقدوا أن اغتيال القادة الفلسطينيين سيضعف المقاومة ويحبطها ، إذ أن اغتيال كل من القادة فتحي الشقاقي ، وأحمد يسن وعبد العزيز الرنتيسي ، وغسان كنفاني وأبو علي مصطفى وأبو جهاد (خليل الوزير) والقائمة تطول وتطول ، لم يضعف المقاومة الفلسطينية بل زادها قوةً وإصراراً على مواصلة الكفاح من أجل تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني.
كما أن اغتيال أمين عام حزب الله السابق عباس الموسوي ، والقائدين عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وغيرهما ، لم يضعف حزب الله ، بل زاده قوة على الصعيدين العسكري والتقني وبات قوة إقليمية رئيسية في المنطقة يحسب له الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ألف حساب.
الرد الموسع عنوان المرحلة
لقد تصدر حزب الله والمرشد العام في جمهورية إيران الإسلامية المشهد في الحديث عن الرد النوعي على عمليتي الاغتيال ، فآية الله خامنئي أعلن بصريح العبارة أنه سيرد بشكل موسع على الكيان الصهيوني بقوله "إنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي المجرم الإرهابي أعدّ لنفسه عقاباً قاسياً" عبر اعتدائه على العاصمة طهران، واغتياله إسماعيل هنية - رئيس المكتب السياسي لحركة حماس - في حين توالت التصريحات الصادرة عن رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية وعن رئيس الحرس الثوري وعن وزير الاستخبارات وقائد فيلق القدس " بأن الرد الإيراني سيتجاوز الرد الصاروخي في نيسان الماضي الذي جاء في إطار الرد على الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق ،لأن الاحتلال ارتكب حماقة الاعتداء على الأراضي الإيرانية وعلى السيادة الإيرانية ، واغتال القائد إسماعيل هنية الذي جاء ضيفاً على أرضها لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد".
أما الأمين العام لحزب الله سيد المقاومة " حسن نصر الله " فقد وضع خارطة طريق بعناوين محددة لضرب الكيان الصهيوني، في ثنايا خطابه المحسوب بدقة في كل كلمة من كلماته مشيراً إلى أن الرد مرتبط أولا باستهداف الكيان الصهيوني للضاحية الجنوبية ،ومرتبط ثانياً باستهداف مباني في الضاحية ومرتبط ثالثاً بقتل المدنيين واغتيال القائد المقاوم فؤاد شكر -السيد محسن-
وأكد في خطابه " أنّنا أمام معركة كبرى، تجاوزت فيها الأمور مسألة جبهات إسناد"، معلناً "أنّنا في معركة مفتوحة في كل الجبهات، ودخلت مرحلةً جديدة وأن تصاعدها يتوقف على ردات فعل الاحتلال " كما حذّر الاحتلال ومن خلفه "انتظار ردنا الآتي حتماً"، مؤكداً "أن لا نقاش في هذا، ولا جدل"، ومكرراً أنّ "بيننا وبينكم (الاحتلال وقادته) الأيام والليالي والميدان"............ "القرار في يد الميدان، ونبحث عن ردّ حقيقي ومدروسٍ جداً، وليس رداً شكلياً "..." لن نقول أننا سنرد في الزمن المناسب والمكان المناسب بل سنرد والقرار في الميدان في إطار مرحلة جديدة" ... " محور المقاومة يقاتل بغضب لكن بحكمة وشجاعة"

انتهت فترة الفرح وجاءت ساعة الحساب العسير
العدو بات الآن ينتظر الهجمات الصاروخية ، التي قد تأخذ الشكل المتزامن ، من أطراف محور المقاومة ، من إيران ومن حزب الله ومن المقاومة الفلسطينية في الضفة والقطاع ومن حركة أنصار الله والمقاومة العراقية ،التي ستدك عمق الكيان الصهيوني ومنشآته الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية ومنشآت البنية التحتية من مطارات وشركات كهرباء واتصالات وغيرها ، في حيفا وتل أبيب والمدن المحيطة بها والقدس وبئر السبع ألخ .
لقد أعلنت حكومة العدو حالة الاستنفار القصوى في أسلحة البر والبحر والجو ، والجبهة الداخلية طلبت من مجاميع المستوطنين الحذر والدخول إلى الملاجئ ، كما رُفعت الجهوزية في المؤسسات الصحية، وأصدرت السلطات المحلية تعليمات وتحذيرات للمستوطنين بإلغاء التجمعات والبقاء قرب الأماكن المحصنة، فيما شهد قطاع الطيران حالةً من الفوضى ، بسبب إلغاء أو تأجيل رحلات عديدة إلى "إسرائيل".
كما ازدحمت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالمقالات والتقارير ، التي تحدثت عن ثمن هذه الاغتيالات على الصعد العسكرية – الأمنية، الاجتماعية، والاقتصادية، بعد الفرحة التي عمت الشارع الصهيوني بعد اغتيال القائدين الكبيرين هنية وشكر .
وما يقلق حكومة العدو أنه لن يكون بوسع منظومات الدفاع الجوي التصدي لآلاف الصواريخ التي سيطلقها حزب الله كل يوم على بنك الأهداف التي بحوزته ، خاصةً الصواريخ الدقيقة وذات الطابع النقطي التي لا تخطئ الهدف.
من جانبها بدأت الإدارة الأمريكية بحشد السفن الحربية وحاملة الطائرات تيودور روزفلت قرب شواطئ لبنان وفلسطين المحتلة، وبإرسال أسراب جديدة من الطائرات المقاتلة للمنطقة لدعم الكيان الصهيوني في مواجهة الهجوم الإيراني المرتقب والمؤكد ، لكن الإدارة الأمريكية في ذات الوقت- وفق موقع أكسيوس نقلاً عن مسؤولين أمريكيين- "تشعر بالقلق" من أنّه قد يكون من الصعب حشد التحالف، دولياً وإقليمياً، من الدول التي دافعت عن (إسرائيل) خلال عملية "الوعد الصادق"، والتي جاءت رداً على العدوان الإسرائيلي، الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق.
المعركة ستبدأ في غضون ساعات أو أيام ، ولا يمكن التنبؤ بمداها ، هل تستغرق أياماً معدودات في إطار الرد والرد المضاد ، وهل تتحول إلى حرب مفتوحة في سياق حلزوني تقود إلى حرب شاملة ، وهذا يتوقف على سلوك العدو الصهيوني وردود فعله – كما أشار نصر الله ، الذي أكد إن إلزام الكيان الصهيوني بوقف الحرب على غزة هو السبيل الوحيد لعودة الهدوء إلى المنطقة
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة البريطانية تعتقل ناشطتين بعنف خلال مظاهرة أمام مصنع ع


.. نادي بالستينو التشيلي يستذكر غزة بلافتة تدين عاما من الإبادة




.. في الذكرى الأولى لحرب -7 أكتوبر-.. نتنياهو يهدد بتوسيع القتا


.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر




.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة