الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هواجس أدبية 249
آرام كربيت
2024 / 8 / 4الادب والفن
في بداية الثمانينات كنت في الجيش، خدمة العلم، في مديرية الأشغال العسكرية.
تم فرزي إلى دير الزور بناء على رغبتي، ثم ندمت، طلبت الأذن للدخول على مدير الثكنة فوافق، قلت له:
ـ أرجو الموافقة على نقلي إلى مدينة حلب. رفع رأسه ونظر إلي وقال:
ـ ولماذا؟
ـ أريد الانتقال إلى مدينة حلب لأني أحب أن أعمل في مكتب هندسي ما، في أوقات الفراغ وأساعد أهلي ماديًا، أو في مجال الطبوغرافيا.
ـ قدم طلب نقل.
الإدارة العامة مقرها في دمشق بجانب الجمارك العامة، بيد أنها لم تقبل نقلي، فبقيت في هذه المدينة الجميلة الطيبة بأهلها وناسها.
في نيسان العام 1982 استدعاني المقدم إلى مكتبه، قال لي:
ـ عليك الذهاب للإشراف على بناء الفيلة التابعة لنا، وستكون منزلًا لرئيس فرع المخابرات العسكرية في دير الزور، ليسكن فيها.
طبعًا اللغة لم تكن بهذا الجمال، أنما بلغة عسكرية أوامرية تسلطية قميئة مثل وجوه العسكر القذرة.
ضربت التحية العسكرية بقدمي والتفت إلى الوراء التفاتة عسكرية مقيتة ومقرفة وخرجت، ثم دخلت مكتب الديوان، وسألت أين يقع موقع الفيلا، وبعد البحث والتدقيق استهديت إليها.
في بلادنا المنكوبة، البلاد العربية والإسلامية، يساهم المجتمع قديمًا وحديثًا في اغتيال الإنسان، استقامته، عزة نفسه، كبرياءه، جماله الداخلي والخارجي بالتعاون مع الدولة على غرز الذل والهزيمة والقهر في بنية الفرد، مثلما نغرز جذر الوردة في قلب الأرض. أقول قولي هذا حتى يجف الماء في الخلايا:
ـ سعيد من لم يعش في الدول الاستبدادية.
المجتمع يعلم أفراده أن يتحمل شطف العيش، أن يتحمل الإهانة، البصق، الضرب، الإذلال الممنهج، يقول أن لا عيب في الجيش، أن الإهانة هي الرجولة بعينها هي القوة، هذا الذل شموخ للعسكري ليتعلم القسوة لأننا في حالة حرب مع العدو؟
المهم، ذهبت إلى موقع الفيلا للإشراف على بناءها، ليسكنها عبود قدح رئيس فرع المخابرات العسكرية في هذه المدينة.
الشارع الذي كان مقيمًا فيه كان بجانب الفيلا الجديدة، وفيه جميع الضباط أو أغلبهم مقيمين فيه، كرئيس الشرطة العسكرية، الهجانة، بقية الفروع، وأمام كل بيت مفرزة من الجيش لحراسة هؤلاء.
في كل صباح كان يستدعيني هذا القدح ابن الغسانية ويسألني السؤال نفسه:
ـ شو يلزمك لمتابعة العمل؟
ـ نحتاج إلى إسمنت، رمل بحص، حديد، سيرميك بلاط، بورسلان، حديد مبروم. يقول لي:
ـ عليك الذهاب إلى شركة الرصافة، تلتقي بمديرها وتطلب منه تأمين احتياجاتك.
أذهب مشيًا على الأقدام، أعرض عليه ما طلبه مني. يرد علي:
ـ تكرم.
ثم أطلب آليات من الهجاناه، أو من الإسكان العسكري أو أي قطعة مدنية أو عسكرية لتأمين حاجة البناء للمواد. يقول لي:
ـ أجلب عساكر من الهجانا، أذهب مع السيارة، مع الذين معك معك ليحملوا بقايا مقالع أو أسمنت أو سيرميك، لجلبها للفيلا.
يجتمع الضباط كل أسبوع ليتفقوا معًا على السرقة والاختلاس والتسلية والضحك والسخرية من المجتمع.
كنت أتساءل في نفسي:
هل هؤلاء الحثالة في حالة حرب مع إسرائيل؟
معقول هذا الديوث حافظ الأسد لديه ذرة شرف ليفكر في سوريا؟
وهل هؤلاء اللصوص، رجاله، الأحذية في قدمه يفكرون في غير مصالحهم؟
كانت الأشغال العسكرية مكفلة بتأمين المواد كلها لأي بناء عسكري، لكن اللص رئيس فرع الأشغال العسكرية كان يجبر رئيس فرع المخابرات لتأمين المواد من شركات الدولة أو الخاصة، ثم يتقاسم المرابح معه.
وكان أيضًا، عبود قدح يحصل على أغلب مواد البناء باستخدام نفوذه ووظيفته وسطوته ويرسلها بشاحنات عامة أو خاصة ليبني فيلته الخاصة في الغسانية.
كل صباح يزرع عبود قدح رجاله، مافيته في الشوارع من بيته إلى فرعه، يقفون على طرفي الشارع يراقبون الناس، مثل أية دولة عسكرية محتلة من قبل المستعمر، وفي كل يوم يبدل سيارته، وأغلبها أمريكي، شيفروليه، بويك، أولدزموبيل، بونتياك، ومرات مرسيدس أو بيجو 504.
حياة هؤلاء الضباط شيء فوق الخيال، رفاهية لا يمكن أن يحلم بها أي رئيس أوروبي أو أمريكي.
مرات كثيرة كان يطلبني قدح في بيته، أقف أمامه كالصنم، وهو في ثياب الرياضة يلعب بالدراجة البيتية، ويتكلم معي دون أن يلتفت إلي.
قبل أيام حدث انقلاب عسكري في النيجر، أسمع وأتابع أخوتنا في العروبة والإسلام كيف يفرحون ويؤيدون هذا الحدث تحت تبريرات سخيفة مثل قلوبهم وأنفاسهم المكسورة.
حكومة النيجر جاءت بالانتخابات الديمقراطية، وهذا الانقلاب الساقط جاء للانقلاب على الدستور والقانون، ليعاد إنتاج نظام عسكري مثلما حدث ويحدث في أغلب الدول التي ذكرتها، نظام حافظ الأسد، صدام، وعبد الناصر والسيسي وتبون والقذافي والنميري، الذين ذلونا وسرقونا وجردونا من إنسانيتنا، بيد أننا لا نتعلم أن العسكر مجرد فيروسات كبيرة تأكل العظام والحياة.
ستبقى ملحمة جلجامش مملوءة بالرموز والإشارات الغامضة، التي تحتاج إلى التفكيك وإعادة القراءة بين الفترة والأخرى.
جلجامش الوحش المتمدن، وأنكيدو الوحش الطبيعي الغر، والمرأة الطعم الرابط بينهما، بين المدنية المتوحشة والطبيعة المتوحشة.
من منهما كان أكثر سعادة، الأول أم الثاني أم المرأة البغي المستلبة التي تؤخذ للإيقاع بالطبيعة وتدميرها لمصلحة التوحش التمدني؟
هل المرأة كانت الفاعل، راغبة في تحويل أنكيدو إلى كائن ضعيف خاضع، وأن يتحول إلى متمدن من خارجه؟
هل لدى المرأة المستلبة القدرة على تغيير أنكيدو وتسييره إلى المكان الذي أراده جلجامش؟
أيهما أقرب إلى التوحش الرجل أم المرأة، ولماذا وضعت المرأة في هذا الفخ لتصبح الفخ، أن يتحول جسدها الجميل إلى جسر يعتليه الرجل المتمدن من خارج، للإيقاع بالرجل الطبيعي، داخل؟
جلجامش القوي، خارج، المستلب داخل، يريد الخلود، رحل من أجل البحث عن الخلود، بيد أنه لم يدر أنه كان يتجه إلى الخلود المزيف عبر أدوات عاجزة.
كما هو معروف أن الخلود هي الطبيعة عبر انتماءها للكون، إذا من انتصر على الأخر، ومن هزم؟
انكيدو كان سعيدًا في وجوده تكوينيًا مع الطبيعة وعندما دجن في الحضارة، في عري المرأة المسوق، فقد اللذة اللذيذة، لذة الانتماء، لكنه فاز بالشهوة السريعة.
انبهر هذا الرجل العاقل، أنكيدو، بيد أنه استدرج، خارج، ففقد الانتماء، أضحى دون انتماء، عاش اللهو للهروب إلى الأمام من العزلة والوحدة الوجودية والوحشة، بيد أن هذه الحضارة قدمت له الإغراءات، خارج، كبديل عن الحقيقة، في المقابل هي بخيلة في المشاعر والعواطف.
أضعف نقطة في الملحمة أن أنكيدو لم يحن إلى الطبيعة، ولم يفكر برفاقه، ببقية الكائنات، لقد طلق أو أدار ظهره للجمال والحرية والحقيقة، وانتقل نقلة نوعية إلى مكان ليس مكانه دون ندم، بل تحول إلى كائن ناكر للذات والأخرين وسهل تسويقه بسرعة كما يحدث في عصرنا الظالم
الإنسان المعاصر ملول، متذمر، لم يعد ينتمي إلى أي شيء، لم تعد القناعات أو المبادئ أو الفكر أو القيم تعني له أي شيء، انحرافات النظام العالمي أخذنا إلى موقعه.
نريد الوصول إلى الرغبات والشهوات بسرعة، جنس سريع، عشق سريع، حب سريع، علاقات سريعة، أكل سريع، خراء سريع.
عندما تنظر في عيون الناس تراها زائغة تبحث عن شيء مجهول، تراه كائن ضائع ويبحث عن نفسه في هذا الضياع
إنه في حالة هروب من كل شيء ومن لا شيء، يريد أن يقطف الجمال من خارجه. الجمال الشكلاني يغريه، الاستهلاك يغريه، التبعية دون تفكير تغريه، ويكره التفكير أو المعرفة. بل لا تهمه المعرفة.
بعضهم يذهب إلى أقصى الماضي وبعضهم يعيش في الحاضر كجسد من أجل التوازن المهزوز.
البعض يتعلق بالواجهات الخارجية، والفاترينات والأضواء اللأمعة الساحرة، كرمز للانتماء إلى ما تنتجه هذه الحضارة، دون أي انتماء، ولنسمه انتماء خارج.
مات الحب، مات الجمال في داخل الإنسان، أنه يركض وراء السراب ليمسكه، مع علمه ويقينه أنه سراب.
فقد الناس أي إحساس بالامتلاء أو العطاء، الكل يريد أن يأخذ ويأخذ، شهوته لم تعد له، لم تعد تعطيه الثقة بالنفس، لم تعد تملأ عقله وقلبه بالحقيقة، يريد الجديد والجديد والأجداد، لهذا يذهب للبحث عنها في الاستهلاك المنظم عبر أجهزة تعمل على تمييع تكوينه العقلي والنفسي وتحول إلى شيء نافل.
يذهب إلى المكان الذي تحوله إلى واحد تافه ورخيص.
الصين وضعت نفسها في موقع حرج جدًا عندما صعدت سياسيًا وإعلاميًا وعسكريًا.
الصين تدرك جيدًا أنها ليست بالقوة الكافية للدخول في صراع عسكري مع الولايات المتحدة.
ما زالت دولة جنينية في أغلب مجالات الحياة بالقياس للغول الأمريكي.
كنت الدولة التي تشتغل على التكنولوجية والاقتصاد، تدخلين في المناطق المتطورة، فليس أوانه موضوع تايون، أكملي طريقك الاقتصادي حتى لا يضيع منك الانجازات التي قمت بها.
الدخول في صراع عسكري سيدمرك، ولن تجني منه الا سواد الوجه والأطراف.
اليوم سمعة الصين في الوحل، خسرت كل ما تعبت عليه، بعد أن قدمت نفسها للعالم كله أنها دولة ضعيفة عاجزة.
هل بقى تميز في عصرنا، هل هناك خصوصية؟
نحن في هذا العصر متشابهون، نمطيون، يتناسل أحدنا الأخر، نركب السيارة بالمواصفات ذاتها، نستخدم الهاتف ذاته، المدن وهندستها، الشوارع والبيوت، السلاح ذاته، الأكل ذاته والشرب.
الثقافة لعبت أكبر الأدوار في تنميط حياة الإنسان كالسينما والمسرح والتلفزيون.
من منّا كان يعرف القبلة، ممارسة الجنس على الضوء الهافت، من هي المرأة التي تعرت أمام زوجها، أو وصلت للاوركازم؟
عندما تلتقي مع الصيني أو الهندي أو الباكستاني أو السويدي أو البرازيلي تشعر انك تفهم عليه بسرعة، تعرف ثقافته وطعامه وأنهاره مدنه ومشاكله السياسية والاجتماعية.
في السجن، بعد سنتين أو ثلاثة أصبح جميع السجناء متشابهين، نمطيين بالرغم من الثقافة الهائلة التي كانوا يزودون عقولهم بها، بيد أن السلوك والممارسات والأمزجة أصبحت شبه متطابقة.
عالمنا بشعوبه، يتجه نحو التداخل، العائق الوحيد أمام هذا التداخل هي الدول.
فالدولة رجعية في تكوينها، تركض وراء الاقتصاد، وهذا الأخير يركض وراء تحقيق ذاته:
الربح.
الربا حرام في الدين لأن المال الكامن فيه يدور مع دوران الزمن، ليلَا نهارًا.
والزمن من اختصاص الله.
وإن التمرد على إرادة الله وزمنه حرام.
هكذا يقول الدين.
لماذا أطلق الله قوانينه في الهواء الطلق، وجلس على العرش مكتوف اليد ينظر إلى الأوباش يعبثون في كل شيء، ولا يحرك ساكنًا؟
ما زال الشرق يقتات على الماضي.
لم ينتج فكرًا ينسجم مع عصره منذ مئات السنين، وأكثر. إنه يكرر ذاته في كل شيء، إلى أن أضحى عالة على نفسه، ولقمة سائغة بأفواه الأخرين.
إن الماضي له شروطه وعلاقاته وفكره وأدبياته.
إن إعادة إنتاج الماضي بشكل دوغما، حولنا وما زال يحولنا كمجتمع ودولة وبلدان ضعيفة إلى مجرد مسخ، يتحكم بنا الذي يسوا والذي لا يسوا.
حتى الله، لديه شروط على كل مجتمع، يتأقلم مع الظرف الموضوعي له.
ولا يتعاطف مع الجهلة والأغبياء.
الله المعاصر يختلف موضوعيا وذاتيًا عن الله قبل ألف سنة أو ثلاثة آلاف سنة.
لسنا نخب فكرية وسياسية، وليس لدينا نخب سياسية وفكرية.
لدينا أسماء كبيرة صنعناها مثلما صنع النظام أسماءه الفارغة.
صنعنا الأصنام وعبدناها لأن هذه العبادة جزء من التكوين النفسي للإنسان المتدين. نحن متدينين، مؤمنين دون إيمان.
نمارس التقية والتورية من وراء أو خلف عقلنا الباطن. نكذب على أنفسنا وغيرنا على أننا مناضلين ومكافحين ضد الاستبداد، بيد أن هذا الاستبداد جزء منّا، نحن وقوده، ولم يخرج منّا. القليل من الحوار أو النقاش الذي لا يتوافق مع ما هو سائد في تصوراتنا، سنرى جنون العظمة يخرج من مخبأه ويقاتل بالادوات الموجودة بحوزته.
نحتاج إلى تغيير البنية الفكرية والنفسية القائمة على اساس الدين كمدخل للتغيير.
لننظر إلى روسيا وتركيا والباكستان والهند والصين سنرى أغلبها منتج متقارب.
تركيا وروسيا تحولتا إلى دولة الرجل الواحد، والهند تريد سحب الجنسية من أربعة ملايين مسلم، وبورما فعلت الشيء ذاته، والمذابح مستمرة لأسباب دينية وطائفية ومذهبية وعرقية في الباكستان وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وغيره.
الأرضية الدينية منتج لزعماء ومجتمع لديهم عقدة الاضطهاد أو البارانويا.
إذا اختلفت مع أحدهم يبدأ بشتمك ولا يهدأ. طبعًا لا أعفي نفسي من هذه الأمراض. هذا كله نتاج بيئة مريضة تنتج مجتمع وزعماء لا يكبرون في العمر.
أغلبنا مؤمن بصنمه ولا يقبل الاقتراب منه، وإذا اقتربت سيعضك.
. الاسئلة صعبة للغاية، لماذا المرأة هي من ستنقل مع انكيدو إلى الحضارة الذكورية أو الابوية أو المدنية؟ هذا السؤال المحير. لماذا؟
ي الأزمات الخطيرة والقاسية يخرج العفن من مكمنه، وتتعرى الأشياء ويخرج المستور والمخبأ إلى السطح.
العري رائع لأنه يدللنا على مكامننا الحقيقية. يدلنا على أننا غوغاء لا نر إلا أصواتنا في المزاد السياسي والفكري والاجتماعي.
لقد خبئنا وسخنا مدة طويلة جدا إلى أن جاءت الثورة وكشفت هشاشتنا، هشاشة قدراتنا السياسية والفكرية.
وعرت الأحزاب التقليدية والشخصيات الوطنية والانتماءات السياسية والاجتماعية السطحية التي كانت قائمة على القشور.
الفضائح ضرورية لأنها تخرج كل التركمات العفنة النائمة تحت القشرة أو الطبقة السطحية.
كتبت مرات كثيرة أن جميع الدول والمجتمعات مرغمين على العيش في ظل النظام الراسمالي بكل تحولاته وتغيراته. بمعنى لا توجد دولة أو شعب خارج هذا النظام.
إذا نحن في داخل هذا النظام لا نستطيع ان نزحزحه من مكانه ولا نستطيع أن نكون خارجه, ولا نستطيع تغييره لأنه قائم على قانون السوق واقتصاد السوق الذي حول الجميع إلى مجرد سلعة في مكنته يباع ويشترى.
جل ما نفعله في ثوراتنا على دوله أو أنظمته أن نحاول أن نحسن شروط وجودنا في هذا التابوت الذي حنطنا.
لا تظن نفسك أنك خارج هذا التابوت سواء كنت إله أو إنسان, فقير أو غني.
كلما قاومته تزداد خضوعا له, ففي شرائك للسلاح فإنك تدور عجلته أسرع.
وكلما اشتريت سلعة جديدة كلما انغمست فيه أكثر, هذا يجب أن تتذكره جيدا.
في البلدان الاوروبية لا يوجد مصطلح العنوسة أو العانس. جميع النساء جميلات, مرغوبات, مجربات. عاشوا تجربة, تجارب في الحب والجنس والعلاقة مع الرجل
لا يوجد ابن حرام يحلل ويحرم في عذرية المرأة في الوقت الذي يضع تحت عباءة خصيتيه أكثر من امرأة يتسلى بهن باسم الله والقيم والدين.
لهذا هو مجتمع منفتح. يبدأ من المرأة وينتهي بالمرأة
في عرفنا, وتاريخنا لا يوجد محاكم أو قوانين وضعية. ومن زمن بعيد نأخذ حقنا بذراعنا, عدا ونقدا. ولا نحترم دولة ولا مؤسسات لأنها لم توجد عبر تاريخنا الطويل. نحن مجرد تبع, نمشي وراء طويل العمر. ولا اعتقد اننا متسامحون. الذي لجمنا هو الخوف من المستبد. واليوم المستبد الصغير سقط, وعلى وشك الموت. وطارت اجنحتنا الصغيرة التي لا تقوى على الطيران. وأمامنا العقل الابوي الرمزي المشكل في ذاكرتنا الجمعية ما زال قائمًا. الدين, الطائفة, العشيرة والقبيلة.
في ملحمة جلجامش يثيرنا السؤال:
لماذا تواطأت المرأة مع الرجل ضد ذاتها؟
لماذا فعلت المرأة، هذا الفعل الشنيع المخجل، أي أنها نقلت انكيدو من الطبيعة إلى الحضارة البطريركية أو المدنية المزيفة؟
والسؤال المحير:
لماذا تنازلت طوعًا عن وجودها وقيمها ومبادئها وحضارتها، من أجل حضارة أبوية ذكورية متسلطة فيها سلطة، وتراتبية اجتماعية واقتصادية، ومدنية شكلانية، خارج، ورجل حاكم متسلط، مريض بالدونية ولديه خصاء نفسي وعقلي؟
أليس إقحام المرأة في هذه النقلة النوعية فيه ظلم وحقد وكره لها ولتجربتها الأمومية الناجحة؟
أم أن الرجل روض المرأة، حولها إلى مسخ من أجل الإيقاع بها وبالطبيعة والإنسان من أجل كسب حضارته وتسيده وتفوقه البدني؟
العقل، المرأة يختلف جذريًا عن العقل، الرجل
المدنية مغرية، فخ، فيها الجمال الباهر والجذاب من الخارج، بيد أنها تبتلع الإنسان وتشيئه وتحوله إلى كائن مرموز، مستلب، يضيع في خضمها، خارج. وبدلا من أين يكون كائن رمز، فاعل، أضحى كائن مفعول به.
الصراع بين الطبيعة والمدينة انتهى لمصلحة هذه الاخيرة.
الطبيعة خالدة بذاتها، الوعي لاحق عليها، جاء من خارجها، يريد له حصة من هذا الخلود، لهذا يشعر الإنسان بالغربة والضياع في ظل الاستمتاع، الخارج، والسعادة، الخارج.
لا يشعر المرء العاقل بالانتماء، هذا الانتماء البعيد عن الطبيعة فرض عليه عبر عقل لا نعرف عنه الكثير.
لا شك لا يوجد إجابات جاهزة، قلنا الطبيعة هي الاساس، هي الأول، جزء من الكون، العقل دخيل على الوجود، غير أصيل، لهذا فإنه غريب
ويتعامل مع الكون من خارجه، وغير مؤتمن عليه.
يشعر المرء كأن الإنسان غازي لعالمنا
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيلم تسجيلي بعنوان -بوابة الحضارة-
.. إبداع المخرجة نانسي كمال وتكريم من وزير الثقافة لمدرسة ويصا
.. المهندس حسام صالح : المتحدة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى الع
.. الفنان لطفي بوشناق :شرف لى المشاركة في مهرجان الموسيقى العر
.. خالد داغر يوجه الشكر للشركة المتحدة في حفل افتتاح مهرجان الم