الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثامن

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 12 / 19
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نظرا لما للحركة التي يقودها الفلاحون الفقراء بأوزيوة من أهمية في الصراع الطبقي ، بين الطبقات البورجوازية و الكومبرادور و الملاكين العقاريين و المافيا المخزنية ، و بين الطبقات الشعبية من طبقة عاملة زراعية و فلاحين فقراء و صغار و كادحين ، إرتأيت تقديمة دراسة مستفيضة حول منطقة سوس التي تعتبر فيه تارودانت مركزا حضاريا هاما ، تأسس عبر التاريخ الطويل للإنسان بالمنطقة ، و هي اليوم تعيش تهميشا ممنهجا نتيجة السياسات التبعية للرأسمال المركزي ، إستمرارا لما تم تخطيطه خلال مرحلة الإستعمار المباشر لطمس تاريخ المدينة و تحويلها إلى مرتع للعاملات الزراعيات ، اللواتي يتم استغلالهن بالضيعات الفلاحية و معاملة التلفيف التي أقامها المعمرون الجدد على أراضي الفلاحين الفقراء بسوس.


النتائج الكارثية للرأسمال على البيئة بسوس :

كل ما تم تحليله فيما سبق له تأثير كبير على البيئة بمنطقة سوس و بتارودانت خاصة و ذلك من خلال ما تتميز به من مناخ شبه صحراوي ، الشيء الذي يتطلب احترام مكوناتها الخصوصية في مجال البيئة و خاصة منها الغطاء النباتي من شجر و عشب عند إدخال أي تغيير أثناء استغلال الموارد الطبيعية :
أولا باحترام شجرة أركان باعتبارها من خصوصية المنطقة لتوفرها بكثافة بالسهل لما لها من دور هام في الحفاظ على التوازن الطبيعي للفرشة المائية ، لما تتمتع به من مقاومة لمواسم الجفاف بامتصاص المياه من أعماق الأرض مما يساعد على ارتفاع مستوى المياه الجوفية ، و بالتالي تلطيف الجو وتوفير الرطوبة و سهولة سقوط الأمطار بما توفره غابة أركان من بخار المياه و تطرحه من أوكسجين و امتصاص ثاني أكسيد الكربون ، دون أن ننسى أنها تساهم في المحافظة على المياه و تدبيرها حيث أن هكتارا واحدا من الحوامض يحتاج من الماء ما يحتاجه 25 هكتارا من شجرة أركان .
ثانيا باحترام معايير استغلال المياه الجوفية التي يتم تدميرها من طرف المشاريع الفلاحية الرأسمالية للملاكين العقاريين الكبار ، في الوقت الدي يعجز فيه صغار الفلاحين و الفلاحين الفقراء عن الوصول إلى المياه الجوفية بعد هبوطها نتيجة الأستغلال المفرط من طرف الملاكين العقاريين.
ثالثا باحترام مبدأ الأرض للفلاحين الفقراء الذين ورثوها أبا عن جد و هم اليوم يفتقدونها بعد هجوم الرأسمال عليها .
رابعا باحترام كرامة الفلاحين الفقراء أصحاب الأرض الذين يتم تهجيرهم يوما عن يوم و ابتلاع أراضيهم من طرف الملاكين العقاريين الكبار ، الذين يقومون مشاريعهم الرأسمالية على حساب عرق و دم الفلاحين الفقراء ، الذين تم تحويلهم إلى عمال و عاملات الزراعيين ، يتم استغلالهم بالضيعات و معامل التلفيف.
خامسا باحترام الخصوصيات الثقافية بسوس و التي تتجلى في اللغة و الثقافة الأمازيغية التي يتم الإستمرار في تهميشها رغم التشهير بسياسيات النظام الحاكم في هذا المجال ، و ذلك سعيا إلى فصل الإنسان / الفلاحين الفقراء عن هويتهم و ثقافتهم لتسهيل استغلالهم.

إنها مفارقة طبيعية حقا حيث حماقة الرأسمال و الرأسماليين التي استهدفت شجرة أركان كخصوصية وطنية منذ فجر الإستعمار المباشر ، و ذلك بتدميرها المباشر لتوفير الفحم للتدفئة خاصة خلال الحربين الأمبرياليتين الأولى و الثانية ، و تؤكد بعض الدراسان أن غابة أركان كانت تمثل في بداية القرن العشرين مليون هكتار و هي اليوم أقل من 800 ألف هكتار و آخذة في تراجع دائم بما قدره 300 هكتار في السنة ، كما تحاك ضدها مختلف المآمرات بدءا بابتداع ما يسمى ب"تعاونيات أركان" التي. كانت تمولها الشركات الألمانية :
أولا من أجل تجار زيت أركان و تصنيعها و استغلالها في تصنيع الأدوية و و مواد التجميل.
ثانيا من أجل الوصول إلى تصدير ثمارها اليوم لتصنيعها بالخارج و لا غرابة إن نجد اليوم في السوق الأوربية زيت أركان من صنع هذه الدولة أو تلك و هذا واقع معاش .
ثالثا و هو أخطر ما يهددها و هي التجارب التي تقيمها الشركات الإسرائيلية على إنتاج براعيم شجرة أركان ، و لا ننسى ما لحق زراعة الطماطم التي أصبحت اليوم مرهونة باستيرادها من الشركات الإسرائيلية نتيجة زرع فيروس يحطم خصوبتها الطبيعية ، و يقال أن إحدى الشركات الإسرائيلية أنشأت معملا بإحدى الضيعات قرب أولوز لإجراء التجارب حول بعض أنواع الأغراس و لا يستبعد أن تشمل هذه التجارب شجرة أركان .
و ما يمارس ضد شجرة أركان نشاهده اليوم يجري على نبتة الزعفران بتالوين حيث تم إنشاء ضيعة للتجارب على هذه النبتة من طرف شركة إسبانية منذ 2001 ، و نفس الشيء بالنسبة لنهب نبتة الشيح التي يتم تدميرها لتصنيعها و تصديرها دون قيد و لا شرط يحفظ البيئة و يصون الحقوق الطبيعية للفلاحين الفقراء ، كما هو الشأن كذلك بالنسبة لشجرة العرعار التي تتعرض للنهب من طرف تجار الخشب و غيرها من الثروات الطبيعية كل ذلك بتواطؤ مع المسؤولين .
إذا كانت الأشجار و الأعشاب الطبيعية لم تسلم من الإستغلال الوحشي للرأسمال فإن الأرض كذلك لم تسلم من مخلفات المعمرين و المعمرين الجدد :
أولا بتدمير خصوبة الأراضي بسوس بقوة استغلالها التي استمرت لأزيد من 60 سنة خاصة في سبت الكردان التي تأثرت بفعل المواد الكيماوية للأسمدة ، و تعتبر مشاريع الموز من أخطر ما يهدد خصوبة الأراضي بسوس و التي نراها اليوم في تزايد مستمر في الوقت الذي يتم فيه التحذير من خطورتها.
ثانيا عبر المواد السامة التي تطرحها المعامل و التي تحول الأراضي التي تتعرض لنفاياتها إلى أراضي قاحلة و تلوث المياه الجوفية ، و يعتبر معمل فريما سوس من بين المعامل الأوائل بسبت الكردان التي حولت الأراضي الخصبة المجاورة لها إلى صحراء ، كما تعتبر اليوم معامل كوباك بأيت إيعزا من أخطر ما يهدد البيئة الطبيعية بتارودانت نتيجة طرح نفاياتها على سطح الأرض مما يهدد حياة السكان بالتجمعات السكنية القريبة منها كما يحرض المياه للتلوث ، كما أن جل معامل التلفيف المنتشرة بالإقليم لا تحترم مواصفات المحافظة على البيئة الطبيعية مما يهدد الأرض و المياه الجوفية و الإنسان .
إن بشاعة استغلال الأرض بسوس و تدمير الفرشة المائية و القضاء على شجرة أركان في السهل و الإستيلاء على منابع المياه ، و سن قوانين مجحفة تستهدف حرمان الحق الطبيعي للفلاحين الفقراء في الأرض و الماء و استغلال الثروات الطبيعية ، و تهميش ثقافتهم المحلية التي ترتكز إلى تاريخ عريق أسس خلاله الإنسان بسوس حضارة عريقة بكل المقاييس ، كل ذلك من أجل إذلال الإنسان و السطو على ممتلكات الفلاحين الفقراء ، و أمام الهجوم الشرس للرسمال لا بد من بناء حركة نضالية يتزعمها الفلاحون الفقراء و العمال الزراعيون تتشكل محاورها في الدفاع عن الحق في الأرض و الماء و أركان و تنمية اللغة و الثقافة الأمازيغية.
تارودانت في : 16 دجنبر 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا


.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة




.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا


.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار




.. اللغة والشعرعند هايدجر - د. دعاء خليل علي.