الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحو دراسة جدية لواقع ودور أقليّتنا القومية الكفاحي
احمد سعد
2006 / 12 / 19اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
تكتسب دعوة المكتب السياسي للحزب الشيوعي الاسرائيلي بعقد يوم دراسي فكري – سياسي في الثاني والعشرين من شهر كانون الاول الجاري، وبمشاركة قيادات الحزب والشبيبة الشيوعية على مختلف الصعد المحلية والمنطقية والقطرية، تكتسب هذه الدعوة اهمية خاصة. وتنبع اهمية هذه الدعوة من حقيقة ان ما يطرح على اجندة اليوم الدراسي هو الرؤية الاستراتيجية العلمية الكفاحية لواقع وموقع ودور الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل على ساحة الصراع والتطور فيها. ولم يكن من وليد الصدفة ربط هذا الموضوع بمناسبة مرور ثلاثين سنة على مؤتمر الحزب الشيوعي الثامن عشر الذي عقد في الواحد والعشرين من شهر كانون الاول الستة والسبعين من القرن الماضي. ففي المؤتمر الثامن عشر المذكور، الذي جاء بعد "يوم الارض" الخالد، اثرى الحزب الشيوعي وجهة نظره الفكرية – السياسية بالنسبة لواقع تطور الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل وموقعها الكفاحي في المجتمع الاسرائيلي ودفاعا عن حقوقها القومية والمدنية في المعركة ضد سياسة التمييز القومي العنصرية السلطوية. فبشكل علمي حلل الحزب الشيوعي التغييرات الكمية والنوعية التي حصلت بين المواطنين العرب، ولم يقتصر التغيير في الناحية الكمية حيث اصبح عدد هذه الاقلية القومية في اواسط السبعينيات من القرن الماضي حوالي سبعمئة الف نسمة بعد ان كانت حوالي مئة وستين الف نسمة فقط بعد النكبة والتشريد في الثمانية والاربعين، بل الشيء البارز كان انه رغم سياسة التمييز القومي السلطوية والعراقيل التي تضعها هذه السلطة في وجه تطور الجماهير العربية مستعينة بالاحكام العسكرية الجائرة، رغم كل ذلك حدثت تغيرات نوعية هامة في البنية الاجتماعية للاقلية القومية العربية في اسرائيل، بدأت تبرز معالم شرائح اجتماعية جديدة شبت على الطوق التمييزي السلطوي، بدأت تبرز معالم طبقة عمالية كادحة ومهنية انفصلت عن الزراعة اثر مخططات نهب ومصادرة الاراضي العربية، واصبحت تتبلور فئة الاكاديميين والبرجوازية التجارية الصغيرة والمتوسطة. ولهذه الشرائح الاجتماعية قضاياها ومطالبها العينية اضافة الى القضايا العامة في مواجهة سياسة التمييز والقهر القومي السلطوية.
والحزب الشيوعي الذي كان منذ النكبة وما بعدها حاضنة قضايا وهموم الاقلية القومية العربية وحادي مسيرتها الكفاحية، استطاع بشكل علمي ان يستخلص النتائج الصحيحة من التغييرات والمستجدات الحاصلة بين صفوف هذه الاقلية القومية وان يبني تصوراته الكفاحية الاستراتيجية والتكتيكية على الساحة الكفاحية. وقد رأى الحزب ان اوساطا واسعة من مختلف الاوساط الاجتماعية تنجذب الى المعترك الكفاحي ومستعدة للمشاركة في العملية النضالية دفاعا عن قضاياها العينية وقضايا شعبها وجماهيرها. ففي اواسط السبعينيات شهدت ساحة التطور والصراع وبمبادرة الحزب الشيوعي، اقامة الآليات الكفاحية المحلية والقطرية، اقامة جبهة الناصرة الدمقراطية وجبهات وحدة الصف الكفاحية في العديد من المدن والقرى العربية والتي في مركزها الحزب الشيوعي، في كفر ياسيف ويافة الناصرة والطيبة وابو سنان وغيرها. كما اقيمت اللجنة القطرية للطلاب الثانويين العرب، واتحاد الطلاب الجامعيين العرب، ولجنة المتابعة العليا للقضايا الاجتماعية، ولجنة المتابعة العليا للقضايا الصحية ولجنة المتابعة العليا لقضايا التعليم العربي، واللجنة القطرية للدفاع عن الاراضي العربية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ولجنة المبادرة العربية الدرزية. وقد توّج الحزب الشيوعي ابداعه الكفاحي الخلاق بالمبادرة الى اقامة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة بعد عام من مؤتمره في سنة السبعة والسبعين، كاطار سياسي كفاحي يهودي – عربي يؤلف الحزب الشيوعي عموده الفقري .
أهمية المؤتمر الثامن عشر من حيث المدلول السياسي انه استخلص امرين جوهريين اساسيين: الاول، ان التحولات في البنية الاجتماعية للجماهير العربية قد اتسمت بطابع تقدمي كفاحي يحتاج الى بلورة آلياته الكفاحية في المعركة من اجل المساواة والدمقراطية والسلام العادل والتقدم الاجتماعي. والمؤتمر الثامن عشر لم يقتصر في تقييمه للحقوق الاقلية القومية بالتأكيد على حق هذه الاقلية بالمساواة القومية والمدنية، هذا الموقف الذي يتبناه الحزب الشيوعي منذ، النكبة وقيام اسرائيل، بل اضافة الى ذلك اكد على اهمية النضال لجعل اسرائيل دولة جميع مواطنيها، بمعنى الغاء ودفن سياسة التمييز القومي والمدني المنتهجة كشرط لا بد منه لبناء مجتمع المساواة والعدالة الاجتماعية الدمقراطية بعيدا عن التمييز العنصري. والثاني، ان الطابع المميز للاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل بصفتها جزءا عضويا من الشعب العربي الفلسطيني الاصيل وفي نفس الوقت كمواطنة في دولة اسرائيل تستطيع ان تسهم ومن خلال الكفاح المشترك اليهودي – العربي في المعركة من اجل السلام العادل الذي في مركزه تجسيد الحق الوطني الفلسطيني بالحرية والاستقلال الوطني، وفي نفس الوقت في المعركة من اجل المساواة والدمقراطية والعدالة الاجتماعية.
ان الهدف اليوم من الاستشهاد بما ميز ابحاث وقرارات المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي ليس ابدا دغدغة الذاكرة الجماعية لتأكيد موقف تاريخي اتخذه الحزب فيما يخص الاقلية القومية، واقعها ودورها الكفاحي، بل للتأكيد بانه بعد مرور ثلاثين سنة من المؤتمر الثامن عشر حدثت تغييرات هائلة ان كان ذلك في المجتمع الاسرائيلي او في المنطقة او في طابع السياسة السلطوية او في البنية الاجتماعية للاقلية القومية، تغييرات تستدعي من الحزب ان يدرسها علميا وبعمق حتى يطرح وبشكل صحيح افقا استراتيجيا لكفاح هذه الاقلية، دفاعا عن وجودها وتطورها وقضاياها وعن الدور الذي نستطيع ان تسهم به في المعركة على المجتمع الاسرائيلي الذي يؤلف هذه الاقلية جزءا منه، في المعركة من اجل السلام العادل ومواجهة مخاطر الفاشية والترانسفير، وصيانة الدمقراطية والنضال من اجل المساواة والعدالة الاجتماعية.
ما نأمله ان يكون اليوم الدراسي الذي ينظم المكتب السياسي للحزب الشيوعي الطلقة الاولى في الاتجاه الصحيح لدراسة جدية حول الاقلية القومية العربية في اسرائيل، موقعها ودورها في المعركة على التغيير الدمقراطي العميق، دراسة تندرج في اطار التحضيرات لمؤتمر الحزب الخامس والعشرين الذي سيعقد في الربيع القادم. دراسة تستدعي عملا جماعيا من طواقم مختصة تدرس وبعمق العديد من القضايا مثل وضع البنية الاجتماعية للجماهير العربية اليوم مدعوما بمعطيات واحصائيات عن حالة الشرائح الاجتماعية، التغيرات الحاصلة في الواقع الاسرائيلي وتناقضاته، قضية التحالفات والكفاح المشترك اليهودي العربي.
ان ما ميز موقف الحزب الشيوعي من القضية القومية للاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل هو وضوح الرؤية وصحة الموقف انطلاقا من موقفه المبدئي الاممي دفاعا عن الحقوق الوطنية القومية للاقلية وعدم فصلها عن المعركة العامة من اجل الدمقراطية والعدالة الاجتماعية. وللحزب الشيوعي الفضل في فضح ومواجهة السياسة الصهيونية الممارسة ومختلف التيارات الصهيونية فيما يتعلق مواقفها الديماغوغية المعادية لحق الاقلية القومية بالمساواة القومية والمدنية. فالطابع العنصري للتحريض الصهيوني في "دولة اليهود" مدلوله السياسي الانتقاص من حقوق غير اليهود، والمقصود الاقلية العربية الفلسطينية الاصلية. ففي قاموس التعامل الصهيوني الرسمي يمارس مع اقليتنا القومية والذي تتبناه مختلف تيارات الصهيونية من يمينها الى يسارها.
يجري التنكر المطلق وعدم الاعتراف بحقوق قومية ومن ثم بمساواة قومية للاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل. وعدم الاعتراف بحقوق قومية يعني من حيث المدلول السياسي عدم الاعتراف بحق هذه الاقلية بالمواطنة الكاملة وحقها بالمشاركة في صياغة القرار المتعلق بادارة شؤون المجتمع الذي تعيش بين ظهرانية ان كان سياسيا او اجتماعيا اقتصاديا او تضامنيا. وعدم الاعتراف بالحقوق القومية شرعن عمليا درجات نهب ومصادرة الاراضي العربية ويؤلف الحقيقة لمختلف نظريات الترانسفير العنصرية التي تدعو الى ترحيل العرب من وطنهم الذي لا وطن لهم سواه. وفي ظل غياب مساواة قومية فان الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل تعاني ايضا من غياب المساواة المدنية حيث تواجه سياسة تمييز عنصري. وهذا ينعكس بالتمييز الصارخ في شتى مجالات الحياة المدنية، في الصحة والتعليم والسلطات المحلية والصناعة والتصنيع ومناطق التطوير وغيرها.
نحن ندرك جيدا المخاطر الجدية التي تنطوي عليها السياسة العدوانية التمييزية وما يرافقها من فاشية واسعة ودعوات ترانسفيرية سافرة، ولكننا تعلمنا من تجاربنا الكفاحية اننا لن نعدم حقل آلياتنا الكفاحية لمواجهة مختلف المخاطر والتغلب عليها. وما نأمله ان يساهم الاعداد للمؤتمر الخامس والعشرين في رفع مستوى مواجهة المخططات التآمرية ضد جماهيرنا.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الدبلوماسية الأمريكية: أي أمل لغزة ولبنان؟ • فرانس 24
.. هاريس - ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي والمنطقة؟
.. تونس: ماذا وراء حبس -صنّاع محتوى- بتهم أخلاقية؟ • فرانس 24 /
.. ما أسباب توقيف طالب فرنسي في تونس بقرار من القضاء العسكري؟
.. تونس: السجن أربع سنوات ونصفا لناشطة تونسية على إنستغرام بتهم