الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مات بينوشت تاركا الغصّة في قلوب أحرار العالم

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 12 / 20
حقوق الانسان


مات حبيب قلب المحافظين والديمقراطيين والفدراليين ، دكتاتور شيلي السايق في اليوم العالمي لحقوق الإنسان. ومثلما كان في حياته مبعث سعادة وسرور لقادة الإمبريالية في العالم ، تركهم بموته أيضا وهم أسعد ما يكونون،فيتنفسفون الصعداء وقد زال دليل دامغ على جرائمهم البشعة بحق الإنسانية . قادة الرأسمال الإمبريالي الذين صنعوا هذا الدكتاتور كانوا سيرون أنفسهم في محاكمته المتوقعة ، جالسين في قفص الإتهام . لقد كان الموت حقا نجدة لمصاصي دماء المحرومين في هذه المرة ، إذ أنقذ عزيز المحافظين الجدد الريغانيين والتاتشريين والبوشيين من المساءلة عن الجرائم التي ارتكبوها بالارتباط بالانقلاب الفاشي الذي قاده صنيعم بينوشت ضد الحكومة الشعبية في شيلي عام 1972. وقد كانت مثل هذه المحاكمة ستفتح الباب أمام محاكمات أخرى لجرائم أرتكبت في اندونيسيا وراح ضحيتها مليون شيوعي ، وحلفاؤهم القوميون بدعم مباشر من السي آي أي عشرات الالاف من الشيوعيين والناس الذين لم يرق للبعث ومبادئهم العنصرية الفاشية.
وقد عبرت ابنة الرئيس الشيلي السابق سلفادور اليندي عن حزن أحرار العالم بقولها: " مشاعرنا جيّاشة .لكننا ينتابنا الحزن لأنه لم تتم محاكته ، ولم ينل جزاءه العادل."
كما كتب مارك كوير الكاتب والصحفي البارز في جريدة نيشن المتخصص في شؤون شيلي وكان لفترة مترجما للرئيس آلندي: " موته خدع العدالة، وسرقها من العالم المادي الذي كان يتهيأ لمحاكته."
وقال المدافع عن حقوق الإنسان جفري روبرتسون:" إن الموت اختطف المحاكمة العادلة ، و سرق حقوق ضحاياه"

ولا يسعني في هذا السياق إلا أن أحيي المحامين الاسبانيين الذين حطموا الحصانة التي كان يحظى بها الدكتاتور ضد المساءلا والمحامات، إذ اضطر حماة بينوشت بعد النجاح الذي حققه رافعو الدعوى ضد الدكتاتور العجوز أن ينقلزه من مكان إلى آخر ومن مستشفى إلى آخر ، حاملين عارهم وعار أسيادهم ، حائرين اين يخفونه ، وهم ينتظرون على أحر من الجمر ملاك الموت الذي انقذه وأنقذهم من جحيم هار المحاكمة والعقاب.

إن حكةمة بلير العمالية الاشتراكية الديمقراطية كانت تتذرع بشيخوخة الدكتاتور لأنقاذه من المحاكمة، لكن أي مهتم بقضايا الإنسانية، وأبسط مراقب سياسي يدرك إن المحامة ليست محاكمة فرد معين ، إنها كما يسعى أحرار العالم اليه ، كان ستكون محاكمة النظام الرأسمالي والإمبريالية . وإن من عارض محامته ، لأي سبب كان، لم يكونوا يعارضون ذلك حبّا لبينوشت، بل كانوا قلقين على سلطاتهم ورأسمالهم الدموي. كانوا يخشون من محاكمة تاريخية لفترة من التاريخ المفجع للبشرية ارتبطت ببينوشت، رمز الجشع الرأسمالي.
لقد كان الدكتاتور صادقا حين وصف انقلابه الفاشي بأنه أنقذ شيلي من الإنتحار . والمقصود ليس بجماهير شيلي في كلام الدكتاتور الذي هو منطق البرجوازية في كل مكان، بل سلطات رأس المال والقيم البرجوازية الفاسدة. وأخيرا ، مأساة البشرية الشريفة تكررت ، حين أُجْبرت ْ حكومة شيلي والسلطات القضائية على الحكم غير السياسي على الدكتاتور كونه سارق ومختلس ، وليس مجرم وعميل المخابرات الأمريكية.
لا أريد هنا ان أكتب عن جرائم بينوشت في القتل والخطف والتعذيب ، فكلها معروفة اليوم . لكن إلى يومنا هذا لا تكف الميديا البرجوازية عن كيل المديح له ، فإن لم تثن ِ صراحة على جهوده في محاربة الشيوعية والاشتراكية، فأنها تثمن خططه الإقتصادية لتنمية شيلي ، و تدعي أن الإقتصاد الشيلي ازدهر في عهده . أية وقاحة! فكل الشواهد والأرقام تدل على الفقر و العوز ، حتى الجوع للشرائح الأوسع في تلك الفترة. وقد منعت الأحزاب السياسية والنقابات في عهده الذي هو جزء من العصر البرجوازي اللبرالي.
لقد كان بينوشت كاثوليكا تقيّا ، وكان يرتكب جرائم القتل حبا في الله والوطن وانجيله لا يفارقه ، وكان يتلقى بركات بابا الفاتيكان صديقه الحميم ، مثله في كل ذلك مثل ابن لادن ، وصدام وسيّافي الجزيرة والخليج المدافعين عن حياض العروبة والاسلام و الوطن.

لقد ترك بينوشت بموته في اليوم العالمي لحقوق الإنسان بدون أن يحاكم وأسياده محاكمة
عادلة خيبة كبيرة ، وألما في قلوب أحرار العالم ، و جعل موته أسياده فرحين مثلما كانوا في فترة ارتكاب جرائمه.
ومن المحزن أيضا أن صداما وأعوانه سيلقون ذات المصير ، إذ لا نرى في القفص معهم لا رامسفيلد ولا شوارتسكوف ولا بلير ، ولا أعوانه الذي انقلبوا عليه فور سقوطه ، أو في ساعات قبله إذ تيقنوا من نهايته.
لكن الأمل لا يزال يحدو كل المظلوين والمحرومين ، فليس العالم خاليا من الشيوعيين والتحررين ومناصري الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تعلن توسيع خطتها لمساعدة اللاجئين السودانيين ا


.. كاميرا الجزيرة ترصد معاناة النازحين من داخل الخيام في شمال غ




.. قلق بين اللاجئين والأجانب المقيمين في مصر بعد انتهاء مهلة تق


.. أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم في العاصمة كييف.. واعتقال




.. احتجاجات في الشمال السوري ضد موجة كراهية بحق اللاجئين في ترك