الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيكتريا أرشاروني أم الأيتام الأرمن في مصر

عطا درغام

2024 / 8 / 7
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


باحثة وكاتبة كرَّست حياتها لتاريخ الأرمن في مصر ،وأيضا لخدمة الأيتام في مصر والقدس ولبنان، واستمرت في هذا العمل التطوعي من عام 1915حتي عام 1943.وكتبت أرشاروني هذا العمل بصيغة أدبية رائعة وبمعاني حميلة خففت كثيرا من جمود الأسلوب السياسي الجاف عند سرد الحقائق والوثائق.
ورغم تناسي الجالية الأرمنية في مصر لمجهودات هذه السيدة الرائعة ؛ بأنها عملت في صمت ورحلت في صمت ،ورحلت عن عمر يناهز 85 عامًا في 1 ديسمبر 1971 بمدينة الإسكندرية ؛ لتدفن إلي جوار زوجها الطبيب الأرمني المصري ينفارت أرشاروني.
والسيدة فيكتريا أرشاروني (1881-1971) من مواليد مدينة يرزنجا التركية من أب أرمني وأم نمساوية. بدأت قصتها مع منتصف القرن التاسع عشر عندما هبت موجة من الحركات الثورية علي أوربا كانت نتيجتها ظهور تنظيمات ثورية مسلحة؛كان جد فيكتوريا أرشاروني (والد والدتها) عضوًا في أحد تلك الحركات بالنمسا، وفي أحد الأيام أبلغه أحد الأصدقاء أن اسمه أصبح علي قائمة المشتبه فيهم،وبالتالي فإنه بات تحت تهديد خطر الاعتقال.
في تلك الحقبة كانت الدولة العثمانية قد خرجت لتوها من حرب القرم (1853-1856) بخسائر فادحة ، وكانت في حاجة ماسة إلي علماء من الغرب، وتقدم جد فيكتوريا النمساوي بطلب إلي السلطات العثمانية،ويتم قبول طلبه لتنقل الأسرة كلها للإقامة والعبش بمدينة يرزنجا ،حيث كان يعيش والد فيكتوريا الأرمني القادم من مدينة الآستانة واسمه الحقيقي ( توماس بيشديمبالجيان) ومن أجل التخلص من اسمه العثماني يغير اسمه ليصبح ( هيتوم توماسيان) ويتعرف هيتوم بعده بوالدة فيكتوريا (روزي) ويتزوجها عام 1880.
واعتقل والد فيكتوريا لانتمائه إلي نشطاء الهنشاك، وصودرت جميع أملاكه،وتذهب الأم المكلومة بأطفالها الثلاثة الصغار للعيش عند شقيقة زوجها، وتترك الأم أطفالها وراءها لتذهب للعمل بمدينة كوزانسنوبوليس،ومنها تنتقل إلي مصر لتُرسل طلب استدعاء أبنائها بعد أن توفي أصغرعم سنا أثناء انتشار وباء الحصبة.
أما زوجها الذي أُطلق سراحه في ذلك الحين من المعتقل يُقتل أثناء فترة معارك المقاومة الشعبية الأرمنية للدفاع عن قرية شابين- كاراهيسار.
تبدأ فيكتوريا في الذهاب إلي مدرسة الراهبات الفرنسيات بمصر، وبعد التخرج فيها ترحل إلي باريس لتعود مرة أخري وهي تحمل إجازة التدريس سنة 1904 ؛ومع ذلك لم تتح لها الفرصة أبدًا للعمل في تخصصها ؛لأنها تزوجت عام 1905 من الطبيب الرائع الحاصل علي إجازة ممارسة الطب من باريس (يتفارت أرشارةني)،وجاءت لتعيش معه في مصر ،وتنشغل بمساندة زوجها في أعبائه ومسئولياته للعمل بالخدمات الطبية مابين الأقصر وأسوان وأسيوط ثم بيروت،والعودة بعدها إلي بني سويف وأخيرًا الاستقرار في بورسعيد سنة 1910.
وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولي، يصل أرمن جبل موسي إلي بورسعيد بعد أن ظلوا يقاومون القوات العثمانية النظامية لمدة أربعين يومًا في صراع غير متكافيء ؛ لتنقذهم بعد ذلك بارجة حربية فرنسية ،وتأتي بهم إلي بورسعيد.
وأصبحت هناك الحاجة ملحة إلي المتطوعين والمال وكل أنواع المساعدات من أجل رعاية اللاجئين، وينجح البروفسير هوڤانيس كايان في إقناع ڤيكتورأرشاروني لكتابة سلسلة من المقالات للصحافة الأرمنية في مصر، وتكتب فيكتوريا أرشاروني باللغة الفرنسية سلسلة من المقالات تحت عنوان "خطابات مفتوحة للأمة الأرمنية" التي ترجمها البروفسير كايان إلي الأرمنية ويرسلها لجريدة "آريڤ" ،ويلقي النداء صدي واسعا عند الجالية الأرمنية في مصر التي تكثف في الحال نساعدتها لأبطال موسي داغ.
وماتلبث أن تنتهي الترتيبات الخاصة بهذه المسألة حتي ترحل ڤيكتوريا أرشاروني إلي القدس بناء علي توصية من توركورم كوشاكچيان مطران الجالية الأرمني في مصر من أجل تولي مسئولية رعاية 200 من الأيتام الأرمن الموجودين هناك بالدير.هنا تكتب أول اعمالها الأدبية،عندما كتبت سلسلة طويلة من المقالات بالفرنسية عن حال الأيتام وانطباعاتها عن القدس ،وعما قامت به من أعمال في خدمة الأيتام لترسلها إلي جريدة "آريڤ" بمصر.
يصلها بعد ذلك بشهورخطابًا من ميخائيل چيفردچيان الذي تحدث عن زوجها كثيرا معها قائلًا:" أنه كان يسميه في الأستانة الوردة المقطوفة من سية ورود الكتاب".وهكذا عن طريق چيفردچيان بدأ تسليط الضوء علي كتابات ڤيكتوريا أرشاروني.
وفي سنة 1922 تتوجه ڤيكتوريا أرشاروني إلي لبنان بتكليف من إدارة دار الأيتام في مصر؛ لرعاية 150 من أيتام الأرمن تم نقلهم هناك عقب صدور الأوامر بإخلاء منطقة قيليقية من المدنيين.
وفي سنى 1923، تقوم بالسفر إلي الفاتيكان، وبهذه المناسبة تكتب دراسة عن القوانين الكنسية للفاتيكان لتري النور بعد ترجمتها إلي جريدة "آريڤ" علي هيئة مقالات مسلسلة.
وفي سنة1929، تؤسس أرشاروني فريقًا من السيدات المتطوعات لحماية اليتيمات ،ويستمر الفريق حتي سنة 1934 لتوفير الحماية ل379 من الفتيات اليتيمات.
في سنة 1945، تكتب رواية تاريخية بعنوان" نوبار باشا " لتحصل عنها بعد ذلك علي جائزة مسابقة " الصداقة المصرية- الفرنسية"من باريس وكانت تهدي باسم جائزة واصف بطرس باشا غالي.
ويصدر لها في عام 1932، دراسة بعنوان" المدارس داخل جاليتنا "- وكان موضوعها يتناول العملية التعليمية من خلال مدارس " كالوسديان ونوباريان وبوغوصيان وبربريان" وتقديم بعض المقترحات غير التقليدية من أجل رفع مستوي العملية التعليمية.
وفي عام 1951، يرحل زوجها عن الدنيا والذي يرجع إليه الفضل في إكسابها الروح الأرمنية، وبرحيله فقدت الملهم والمشجع لها علي الاستمرار في الكتابة الأدبية ؛لترحل عن مصر سنة 1958، وتظل بعيدة لعدة سنوات ؛ لتعود إلي الإسكندرية للاستقرار بصفة نهائية بعد عودتها خلال ستينيات القرن الماضي.
وتوفيت ڤيكتوريا أرشاروني في1من ديسمبر عام 1971، بدار المسنين التابعة للراهبات الإيطاليات بباكوس، ويتم دفنها إلي جوار زوجها في مقابر القديس بوغوص بيدروس بالإسكندرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الأخرس: الاحتلال فشل في تدمير البنية الاجتماعية الفلسطي


.. ترمب: في إيران جرى تفجير كل شيء وكان تدميرا يفوق الوصف ولا أ




.. إيلون ماسك يطلق أقوى تهديد سياسي للجمهوريين.. وترمب يرد


.. هتافات -معادية لإسرائيل- تهز بريطانيا وتفجّر أزمة سياسية




.. ماكرون يبحث مع بوتين الملف النووي الإيراني وحرب أوكرانيا في