الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الكتابة والارتزاق
الهيموت عبدالسلام
2024 / 8 / 7الصحافة والاعلام
لمجرد حفنة من المال يا صاحبي ، أصبحت الأقلام تكتب بحجم الهدايا و الأظرفة التي يتصدقون بها عليهم، أصبحت الأقلام قابضةً للدرهم بدل القبض على الجمر، أصبحت الأقلام المرتزقة سلاحاً فتاكا مثل باقي الأسلحة مثل المدافع والذخائر والأسلحة الكاتمة الصوت وأجهزة الاستشعار والمروحيات ، يشبه دور القلم المرتزق الطائرة بدون طيار ، كلاهما مسيران بجهاز تحكم عن بعد، كلاهما يمارسان عقيدة "اقتل بدلا من أن تعتقل" ، هي عملية صيد تتعقب البشر ثم تطارده ثم تقتله وانتهى الأمر، فلا حاجة لأن تبني الدولة السجون وتشغل الحراس وتشتري وسائل التعذيب وتكلف من يصوغ الردود على "صداع" التقارير الحقوقية والصحافية حول أوضاع المعتقلين السياسيين والمدونين ومعتقلي الرأي وغيرهم .
للأقلام المرتزقة قدرة هائلة على تلوين الوجه والجلد ، والبيانات والأوضاع والاستطلاعات والكوارث، والتقارير التي تضعنا في مؤخرة التنمية البشرية والصحة والتعليم، يلعبون في كل المسرحيات، حين يطلب منهم أن يجعلوا الناس يضحكون أو يبكون أو يصرخون فإنهم يفعلون ، يميلون مع الريح حيث مالت، يصفقون للغالب بقدر ما يبذله من عطايا ،وحين يتطلب الوضع البكاء يبكون ،حين يتطلب الوضع الكذب يكذبون ، حين يتطلب الوضع الوطنية يصبحون وطنيين ، وحين يتطلب الأمر أن يصبحوا شهود زور فإنهم يحولون النزيه إلى عميل وناهب المال العام إلى وطني والمناضل إلى خائن....
يقول "ميكيا فيلي في كتابه "الأمير" : "ما يجب أن نخافه من قوات المرتزقة هو جبنهم، مجموعات المرتزقة غير موثوقة وغير مخلصة وخطيرة، ومن دون الارتباط الصادق بالقضية التي يقاتلون من أجلها، فمن المرجح أن يكون المرتزقة دائما مترددين في تقديم التضحية، إنهم على استعداد لأن يكونوا جنودك طالما أنك لا تذهب إلى الحرب؛ ولكن بمجرد أن تأتي الحرب فإنهم يريدون فقط الفرار أو الرحيل.
الدافع الرئيسي للأقلام المرتزقة هو المال ولا شيء غير المال، التمويل هو سيد اللعبة ، واليد التي تعطي هي التي تأخد والمال ليس له وطن والممولون بلا وطنية ولا أخلاق وهدفهم الوحيد هو الربح كما يقول "نابليون بونابارت " الأٌقلام المرتزقة دورها أن تستحمر القراء وتصرف انتباههم عن معاناتهم الحقيقية وتشغلهم بقضايا تافهة رديئة وتسلب وعيهم وتخدره ، تقنع الجمهور أن من يستعبدهم وينهبهم هم من يخدمهم، هم كذلك من يتكلفون بالأقلام التي تكون صدى لقضايا المواطنين الحقيقية، وهم من يسارعون قبل غيرهم في فبركة التهم والتشهير والولغ في الأعراض وتوزيع صكوك الوطنية على المعارضين والمحتجين .
الأقلام المرتزقة في إطار المهمة المكلفين بها والمأجورين عنها بسخاء تريد لكم أن تكون:
لكم أفواه ولا تتكلم*
لكم أعين ولا تبصر
لكم آذان ولا تسمع
لكم أيادي ولا تلمس
لكم أرجل ولا تمشي
لكم حناجر ولا تنطق
* القصيدة يستشهد بها الكاتب "نيكولا ىس كار" في كتابه "السطحيون ما تفعله شبكة الأنترنيت بأدمغتنا" .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تغطية خاصة: قيس سعيد رئيسا لتونس لولاية ثانية بـ90.69% من ال
.. التداعيات الكبرى.. كيف غير 7 أكتوبر المشهد الجيوسياسي في الش
.. أتراك يحيون ذكرى مرور عام على طوفان الأقصى بإسطنبول
.. مراسل الجزيرة يرصد اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مخيم
.. مسيرة داعمة لفلسطين ولبنان في شوارع ميونخ الألمانية